الطريق
الثلاثاء 6 مايو 2025 10:50 مـ 9 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
سجون الاحتلال .. هنا المكان الذي يعجز فيه الذكاء الاصطناعي عن مجاراة وسائل التعذيب ضياء رشوان: ”الإخوان.. إعلام ما بعد السقوط” يناقش ماكينة الدعاية للجماعة بعد انهيارها إسرائيل تدمر مطار صنعاء ومرافق حيوية دون إصابات شاهد| وزير الزراعة: خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح وتعزيز الصادرات الزراعية إطلاق اسم الشيخ عبد الحميد الأطرش على معهد بني هلال الابتدائى الأزهرى تخليدًا لذكراه وزير الثقافة يستعرض مشروع القرار الوزارى بفتح باب الترشح لمنصب رئيس أكاديمية الفنون الأهلي يفوز على سبورتنج ويتأهل لنهائي كأس مصر لكرة السلة منى الشاذلي تحتفي بأبطال منتخب مصر للجودو غدًا كشف ملابسات واقعة التعدى بوحشة على فتاة بالعاشر من رمضان وزير التربية والتعليم يترأس اجتماع المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي لمناقشة خطة العام الدراسي 2025 / 2026 وزيرة التنمية المحلية تتابع مع قيادات الوزارة سير العمل في 16 مركز تكنولوجي بـ9 محافظات على مستوى الجمهورية ︎”الصحة” توقع بروتوكول تعاون مع ”ميرك ليميتد” لتصميم برامج تدريبية للأطقم الطبية

حوار| الأديب باسم فرات: فوزي بجائزة قابوس يُلقي الضوء على أدب الرحلات

الشاعر باسم فرات
الشاعر باسم فرات

باسم مرهون محمد فرات، الشهير بـــ"باسم فرات"، شاعر ورحال عراقي، ولد في عام 1967 بكربلاء بالعراق، لعائلة عريقة الجذور في المدينة.
بدأ كتابة الشعر في سن مبكرة جدًا، مات والده وهو صغير فعاش حياةً حزينة في طفولتهِ، في عام 1988 ترك مقاعد الدراسة، وفي ذات العام أدى خدمة العلم، حتى عام  1992.
بعد ذلك بدأ في الترحال والتنقل بين بلدان العالم في رحلة خَلّدَ معظم أحداثها في كتبه، وخاصة ما كتب في أدب الرحلة.
حصل مؤخرًا على جائزة من أكبر الجوائز في الوطن  العربي، وهي جائزة قابوس لأدب الرحلات.

صدر للشاعر دواوين: "أشد الهديل" 1999، "خريف المآذن" 2002،  "أنا ثانية" 2006 ، "بلوغ النهر" 2012، "أشهق بأسلافي وابتسم" 2014، "أهزّ النسيان"  2017، "محبرة الرعاة" 2017 ، و"فأس تطعن الصباح" 2018، وديوانه الأخير الذي صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بعنوان "مُبكرًا في صباح بعيد" هذا العام.

وصدر له في أدب الرحلات: "مسافر مقيم.. عامان في أعماق الإكوادور" و"الحلم البوليفاري.. رحلة كولومبيا الكبرى" و"لا عُشبة عند ماهوتا.. من منائر بابل إلى جنوب الجنوب" و"طواف بوذا.. رحلاتي إلى جنوب شرقي آسيا" و"لؤلؤة واحدة وألف تل.. رحلات بلاد أعالي النيل ".

 وفي حوار خاص لـ"الطريق"، طرحنا عليه بعض التساؤلات:

 في البدءِ أريد أن أسألك سؤالاً أظن أن إجابته ستكون معزوفة من الشجن، وهو ماذا يمثل العراق للشاعر والأديب والإنسان باسم فرات؟

 إنني مثل كل إنسان سويّ يعتز بوطنه ، الإنسان غير السوي هو الذي لا يعتز بوطنه، ولا يدافع عنه من الخطر الداخلي، مثل هيمنة مجموعة قومية أو إثنية أو دينية عليه، أو على نصفه أو عُشره أو أي جزء منه، غير ملتفتة لبقية العراقيين، أو من استبداد السلطة وسلطة الاستبداد، أو من الخطر الخارجي.

العراق هو الرحم، هو الكتابة الأولى، والرقيم الأول، والقانون الأول، والقصيدة الأولى، والملحمة الأولى.

لابد أنه لكل شيء بداية، وهذا المنتج الأدبي الكبير أظنه مر بمراحل كثيرة، وخطوات متتابعة، لكن اللحظة الأهم التي أحب أن ننطلق منها، هي لحظة الانفجار الأولى، فمتى انفجرت بداخلك الموهبة، وكيف بدأ الأمر؟

 أتيت للشعر وأنا في المرحلة الإبتدائية، وكنتُ في العاشرةِ من عمري حين ذهبتُ إلى ابن عمتي وقلت له:  "أريد أن أصبح شاعرًا".

من هنا بدأت رحلتي مع الكتاب والقراءة والشعر، وهي رحلة إخلاص للشعر والكتابة، حتى إنني كرست حياتي للكتاب والكتابة.
أما كيف بدأ الأمر، حين كنتُ أعمل في محلٍ لصناعة الأحذية مع صديق المرحوم أبي،  كنت أسمعهم يقرأون الشعر، وكنت في الثامنة من عمري، في تلك اللحظات كنت أشعر بأن هذه الكلمات تلامس روحي، هنا عرفت الشعر، وأؤمن أنني شاعــر منذ الطفولة، لأنه لم يقودني للشعر عوامل ثانوية بل قادتني فطرتي كوني شاعرًا.


 ما أثر تغير الأماكن والترحال من بلد الى بلد على شخصية باسم فرات الإنسان أولًا.. ثم أثرها على المنتج الأدبي لك كشاعــر وأديب؟ ..وهل عانيت في التعامل مع الكثير من الحضارات والأفكار والعادات والتقاليد ام كان الأمر على خلاف ذلك ؟

 السفر والترحال والعيش في أحضان لغات وثقافات وأديان شتى، يترك تأثيره على الإنسان، لا سيما حين يكون هذا الإنسان شاعرًا وكاتبًا وعاشقًا لمعرفة ثقافات الأمم البعيدة عنا أو المهمشة، وهذا ترك تأثيره واضحًا في شعري وفي وعيي وكتاباتي.

تحصل معاناة بكل تأكيد نتيجة إختلاف المفاهيم والقِيَم ، لكنني عادة أتآلف مع الأمكنة وأتعايش معها وأشعر بحميمية مع المكان الجديد والثقافة الجديدة بكل يسر وبسرعة.

في أدب الرحلات كتبت  "مسافر مقيم.. عامان في أعماق الإكوادور"، "الحلم البوليفاري.. رحلة كولومبيا الكبرى"، "لا عُــشبة عند ماهوتا.. من منائر بابل إلى جنوب الجنوب"، "طواف بوذا.. رحلاتي إلى جنوب شرقي آسيا"، "لؤلؤة واحدة وألف تل.. رحلات بلاد أعالي النيل".

كل هذه الرحلات التي تبعد عن الوطن العربي في أغلب الأوقات، هل تخلو من الحس العربي أم تستحضر فيها ماضيك وحسك العربي بطريقة أو بأخرى؟

  الكاتب لا يستطيع أن يتخلص من ثقافته الأم، وكلنا يعرف أن المستشرقين حين درسوا تاريخنا وتراثنا استخلصوا نتائج أحيانًا كانت تغري بعلامات الاستفهام، أكتب بوصفي عراقي عربي محب للتنوع ويراه ثراءًا للبشرية، وما كتبت كتابًا إلّا وكان العراق حاضرًا، وثقافتي العربية واضحة فيه، رغم أن رسالتي في الكتابة مبنية عن فكرة أن أدب الرحلات يجب أن يكون حلقة وصل وجسر محبة بين الشعوب، ولهذا تخلو كتبي من إساءات لهذه الشعوب حتى لو استعرضت أحداثًا مؤلمة وقعت لي من قبيل النصب والاحتيال، لكن مذهبي في الكتابة هو إبراز جمال الشعوب وعقد مقارنات إنسانية وندية وليست تفضيلية بين الشعوب ومنهم العرب، إذ إنني أؤمن أن الشعوب والثقافات كلها متساوية وليس فيها صالحة وأخرى طالحة.


ماذا يمثل لك فوزك بجائزة من أكبر الجوائز على مستوى الوطن العربي وهي جائزة السلطان قابوس وخاصة أنها في أدب الرحلة؟

الجوائز أهم نقاطها أو حسناتها أنها تخفف من أعباء الديون، إلّا جائزة السلطان قابوس فقيمتها المالية العالية يجعلها تزيل الديون كاملة عن الكاتب، وإن إستطاع الكاتب أن يستثمرها فيمكن أن تؤمن له مستقبله لا سيما في شيخوخته، وبالذات لرجل مثلي لا وظيفة لديه ولا عمل، ومستقبله الاقتصادي مبهم؛ الأمر الثاني الانتشار الإعلامي الذي يحتاجه الكاتب فبفضل هذه الجائزة حتمًا إتسعت دائرة شهرتي وستتسع أكثر وأكثر، ووضعت خطوتي عميقًا بوصفي أحد أكثر الكُتّاب العرب اهتمامًا بأدب الرحلات، وربما أغزرهم إنتاجًا وأكثرهم تنوعًا، وسيتكرس هذا بعد صدور عدة كتب لي مختلفة منها عن تجربتي في هيروشيما وتجربتي في السودان وبقية الدول الإفريقية.

هل ترى أن الفوز بالجائزة سيكون له الأثر على إلقاء الضوء بشكل أكبر من الوطن العربي عمومًا، ومن العراق خصوصًا، على رحالة عـربي له باع في هذا الأمر، بشكلٍ خاص.. وهل يشغلك هذا الأمر؟

 حتمًا سَيُلقي الضوء أكثر على أدب الرحلات، وسيكون الإهتمام أكبر بكثير بعد فوزي، وستخرج عشرات الكتب في أدب الرحلات من دور النشر العربية، وهذا مدعاة لسروري أن أكون محفزًا للأدباء بخاصة وللناس بعامة بالتوجه إلى العناية والاهتمام بأدب الرحلات، مثلما لجائزة ابن بطوطة "مؤسسة ارتياد الآفاق" ولجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب دورهما الكبير والمحفز في هذا المجال.

وحتمًا سيتم الاهتمام بي أكثر هذا أمر طبيعي وأشعر أن الكتابة عني ستزداد، وإن لم يحدث فإنني لا أكتب وأنشر كي أصبح نجمًا بل لأن همي السفر والترحال والمعرفة والكتابة والشعر وأدب الرحلات. 
 

ما التجارب الشعرية (قديمة كانت أو حديثة)  الأقرب إلى ذائقة الشاعر باسم فرات ؟

هناك مئات الشعراء الذين أنجزوا قصائد تستحق القراءة، قديمًا عشرات الشعراء ما قبل الإسلام وأضعافهم ما بعده.

أميل للحداثة وأتبنى النص الحديث أو ما يُطلق عليه "قصيدة النثر" وأقرب الشعراء إلى ذائقتي الشاعر الراحل "سركَون بولص"، ولكن لا يعني هذا أنني لا أتذوق بقية الأنواع الشعرية، على العكس أنا المهووس بالحداثة أُقدّر كل عمل إبداعي وأحترم كل الشعراء الذين حاولوا التفرد بشعرهم وترك إضافة نوعية بالشعر العربي مثل السياب، وحسب الشيخ جعفر،  وسامي مهدي، ومحمود البريكان في مجال قصيدة التفعيلة مثالًا.
لا أحب التقليد والاتباع في كل شيء قراءة وكتابة وسلوكًا، من حقي أن أحاول التفرد في كل شيء، ما زال تفردي ليس فيه إساءة، بل كي ألبي همومي الشعرية والكتابية والمعرفية قبل كل شيء.

ما القادم في حياة الشاعر باسم فرات؟ وهل حان الوقت للعودة إلى الوطن بشكلٍ أو بآخر، أم ستستمر الرحلة؟

القادم مجهول دائمًا، لكن الأمنيات والتخطيط والأحلام تقول بأن فوزي بهذه الجائزة سيزيد من إصراري وفرص نجاح تفرغي للكتابة بلا هموم الحاجة المالية التي تربك معظم المبدعين وتسببت لي بمآززق عديدة يَكاد يجهلها معظم الناس حتى المقربين مني.

أما حلم العودة للعراق والإستقرار فيه فهو حلمي الأكبر، أحلم حقًّا أن ينجو العراق من العملاء والفاسدين والإنعزاليين العنصريين واللصوص والطائفيين وثورة تشرين (أكتوبر) ضَخَّت الدماء أكثر بأملي في العودة للعراق والاستقرار في بغداد الحبيبة.