سفير أوكرانيا في مصر: الحرب الروسية ”شرسة” وبوتين يريد إعادتنا لما قبل الاستقلال
أشاد السفير الأوكراني في القاهرة، ميكولا نهورني، بموقف مصر الرافض للحرب، وطالب بزيادة الدعم العربي والإفريقي؛ كما اعتبر أن الهدف الروسي الحقيقي هو ضم أراضي أوكرانيا كاملة إلى روسيا.
وأكد السفير الروسي وصول ملايين الأطنان من صادرات الحبوب الأوكرانية إلى العالم، لمنع وقوع أزمة في الغذاء.
السفير ميكولا نهورني، تسلم قبل أقل من شهر منصبه سفيرًا مفوضًا فوق العادة لأوكرانيا في القاهرة، وهو يجيد اللغة العربية بطلاقة، ويرجع السر في ذلك إلى تخرجه من كلية اللغات الشرقية في موسكو، كما أنه أمضى أكثر من 20 عامًا في الشرق الأوسط، وفي آخر عشر سنوات كان سفيرًا لبلاده في تشاد وتونس وليبيا ومؤخرًا في مصر.
في بداية اللقاء الصحفي من مقر السفارة بالقاهرة، أبدى السفير ميكولا نهورني، تحفظًا شديدًا على وصف الصراع المستمر منذ 24 فبراير بالأزمة أو "العملية الخاصة" وفق التسمية الروسية، وذكر أنه يفضل وصف "الحرب الشرسة"، وهو أقل ما يمكن وصفه -بحسب السفير-، لـ دخول مئات الآلاف من الجنود الأجانب المدججين بالسلاح إلى الأراضي الأوكرانية، في هجوم من مختلف الجبهات.
أوكرانيا تنتظر دعمًا عربيًا
بشأن ما تتوقعه أوكرانيا من حلفائها بالمنطقة العربية، قال السفير ميكولا نهورني، لجريدة "الطريق" في أول لقاء مع الصحافة المصرية: إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مهمة جدًا لأوكرانيا على الصعيد السياسي والاقتصادي والإنساني، وأوكرانيا تنتظر الدعم على جميع الأصعدة، للحفاظ على استقلالها الذي نالته عام 1991.
وفي هذا السياق أشار السفير الأوكراني إلى أن هذا الأسبوع تشهد الجمعية العامة التصويت على القرارات المتعلقة بضم المناطق الأوكرانية للأراضي الروسية، ونحتاج دعم الدول العربية والإفريقية، بشأن ضمان سيادة الأراضي الأوكرانية.
السفير ميكولا نهورني، أشاد بالموقف المصري والعربي في دعم أوكرانيا، وقال: منذ البداية، استنكرت مصر والدول العربية الغزو الروسي لأوكرانيا، في شهر فبراير الماضي، وكان لمصر مبادرة بعقد جلسة طارئة في الجامعة العربية خلال شهر أغسطس لمناقشة الحرب على أوكرانيا، كما أسست في الجامعة مجموعة الاتصال الوزاري لمتابعة الوضوع في أوكرانيا وإيجاد الحلول.
الحبوب الأوكرانية وصلت إفريقيا
حول مصير اتفاقية تصدير الحبوب برعاية الأمم المتحدة، والمخاوف من تعطلها، قال السفير ميكولا نهورني، إن اتفاقية الممرات الآمنة لتصدير الحبوب تم التوصل إليها في أغسطس الماضي، وبفضلها نجحت أوكرانيا خلال شهرين في تصدير ما بين 4 إلى 5 ملايين طن المنتجات الزراعية إلى العالم.
وحول التصريحات الروسية بأن الاتفاقية استفادت منها دول أوروبا على حساب الدول محدودة الدخل، قال سفير أوكرانيا في القاهرة إن 60 بالمئة من الصادرات الزراعية الأوكرانية في إطار اتفاقية تصدير الحبوب، تم توجيهها إلى الدول الإفريقية والآسيوية في الشرق الأوسط، وحتى الآن وصلت 350 ألف طن من الحبوب إلى مصر، من بينها 90 ألف طن من القمح و250 ألف طن من الذرة.
https://www.facebook.com/AltreeqNews/videos/486977460011631
كما لفت السفير نهورني، إلى أنه رغم ظروف الحرب التي تعانيها أوكرانيا، كان هناك مبادرة من الرئيس الأوكراني، بإرسال مساعدة إنسانية عبارة عن 50 ألف طن من القمح إلى دول القرن الأفريقي.
وتعليقا على رفض مصر استقبال شحنة حبوب أبلغت أوكرانيا قبل أشهر أنها مسروقة من صوامعها، قال السفير الأوكراني: نحن نقدر موقف مصر، التي تحترم الشرعية الدولية، كما أشار إلى أن هناك عدة دول أخرى في الشرق الأوسط رفضت الحصول على الممتلكات الأوكرانية المنهوبة مثل القمح والحديد، ما عدا دولة عربية واحدة، وصفها السفير بأنها "خاضعة للسيادة الروسية".
التهديد النووي الروسي
بشأن التهديد الروسي للغرب، باستخدام السلاح النووي، وكيف تنظر كييف إلى جدية هذا التهديد، قال السفير: إن موضوع التهديد باستخدام الأسلحة النووية خطير، لكن سببه هو أن دوافع الطرف الروسي من الحرب في أوكرانيا لم تتحقق، حيث أن القيادة الروسية كانت تعتقد أنها ستحتل أوكرانيا خلال 72 ساعة، وهو سيناريو كان الغرب أيضا لا يستبعد حدوثه.
وأضاف الدبلوماسي الأوكراني: لم يكن أحد يقتنع أن أوكرانيا ستصمد وتدافع عن نفسها، وتواجه الجنود الروس الذين أحضروا معهم في بداية الغزو زي احتفال الاستعراض العسكري، باعتبار أن الأمر سينتهي سريعًا.
الموقف المصري متوازن
حول موقف مصر من الأزمة بين أوكرانيا وروسيا، قال السفير ميكولا نهورني، إن القيادة المصرية اتخذت منذ البداية، موقفًا حياديًا متوازنًا.
وأضاف: مصر دولة ذات سيادة، ولديها مصالح اقتصادية وسياسية مع روسيا، لكنها في الوقت ذاته لديها احترام كامل للشرعية الدولية ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك احترام السيادة ووحدة الأراضي وعلاقات حسن الجوار بين الدول، وهو الأمر الذي انتهكته روسيا خلال الحرب.
https://www.facebook.com/AltreeqNews/videos/486977460011631
المفاوضات بين بوتين وزلينيسكي
بشأن فرص عقد مفاوضات مباشرة، بين الرئيسين زلينسكي وبوتين، قال السفير الأوكراني في مصر، إنه كانت هناك العديد من جهود الوساطة من أطراف مختلفة مثل تركيا والجامعة العربية.
ولفت السفير إلى أنه يجب أن النظر أولا إلى شروط وأهداف الطرفين من مفاوضات السلام، حيث أن الطرف الروسي لديه هدف واحد وهو الاستيلاء على كامل أوكرانيا وضمها إلى الإمبراطورية الروسية، وتأكيدًا على ذلك، تم مؤخرا عقد الاستفتاءات الزائفة الأخيرة وصدرت القرارات الحكومية بضم بعد المناطق المحتلة مؤقتًا في الشرق والجنوب الأوكراني.
اعتبر السفير أن الأهداف المعلنة من الطرف الروسي شيء، والأهداف الحقيقية شيئ آخر، والهدف الحقيقي ليس مجرد تدمير البنية العسكرية ولا منع تطوير القدرات النووية الأوكرانية.
https://www.facebook.com/AltreeqNews/videos/788849219010950
قال السفير ميكولا نهورني، إن روسيا غرضها من احتلال أوكرانيا وضع يدها على الموارد البشرية حيث يعيش 40 مليون نسمة، والموارد الزراعية حيث تعد البلاد من أكبر المنتجين عالميا للسلع الغذائية مثل القمح وزيت عباد الشمس، والثروة المعدنية مثل الحديد والمعادن الأخرى، بالإضافة إلى الطاقة الكهرونووية، وأبرز دليل على ذلك أن الرئيس الروسي لم ينتظر انتهاء الحرب ليعلن نقل ملكية محطة زاباروجيا النووية إلى الإدارة الروسية، وهذا قرار خطير وغير شرعي، لا تعترف به أي جهة دولية بما في ذلك وكالة الطاقة الذرية.
أوكرانيا محظوظة بشعبها
السفير ميكولا نهورني، ذكر أن المواطن الأوكراني لديه حس وطني يساعده على الصمود، وقال: الشعب الأوكراني يحب الحرية ولا ينتظر كثيرًا من الدولة، بل يعتمد على نفسه في مجالات عديدة، ولديه حب للبلد وليس للحكومة، لذلك يضحي بروحه من أجل الوطن.
أضاف: مع بداية الحرب، انضم عدد كبير من المتطوعين للجيش وجمع المواطنين التبرعات لدعم الجيش في شراء الأسلحة والذخائر والطائرات المسيرة، بل حتى تبرعوا لشراء حق استخدام الأقمار الصناعية لمساعدة الجيش في إدارة العمليات العسكرية، لأنهم يعلمون الهدف من وراء هذه الحرب، بعكس الوضع في روسيا حيث المواطن يعتمد على الحكومة المركزية في كل أموره والحكومة تفكر نيابة عن الشعب، ورغم ذلك لا نستطيع أن ننكر أن روسيا دولة قوية ولديها ثاني أقوى جيش بالمنطقة.
اقرأ أيضا: سفير أوكرانيا في القاهرة: موقف مصر متوازن ويحترم الشرعية الدولية
