الطريق
جريدة الطريق

قصة كسوة الكعبة

كسوة الكعبة، أرشيفية
رباب الحكيم -

أصبحت الكعبة مقصداً للناس منذ أن وطأت أقدام خليل الرحمن إبراهيم -عليه السلام- وادي مكة، وقام هو وابنه برفع قواعد البيت، ومنذ ذلك الوقت كسا إبراهيم الكعبة، وحينها كان البناء صغيراً. بعد ذلك، جاء الملك "تُبَّع الحميري" ملك اليمن هو أول من كساها في الجاهلية بعد أن زار مكة .

ويذكر الرواة أن كسوة "تُبّع" كانت من الأديم، وهو الجلد الذي يتخذ اللون البني الفاتح، ويعتبر أول من جعل لها باباً ومفتاحًا.

في الجاهلية كساها الكثيرون وذلك بعد "تبع الحميري" حتى آلت الأمور إلى "قصي بن كلاب" الجد الرابع للرسول، والذي دعا القبائل أن يتعاونوا فيما بينهم على تنظيم كسوة الكعبة، حتى ظهر أبو ربيعة عبد الله بن عمرو المخزومي، حيث كان تاجراً ذا مال كثير وثراءٍ واسعٍ، فأشار على قريش إلى أن "اكسوا الكعبة سنة وأنا أكسوها سنة"، فوافقت قريش على ذلك، وظل كذلك حتى مات. وبعد موت "المخزومي" توارثت قريش القيام بكسوة الكعبة حتى فتح مكة.

فلم يغير الرسول -صلى الله عليه وسلم- كسوة الكعبة التي وضعتها قريش عندما دخل مكة فاتحاً إلا عندما احترقت الكعبة على يد امرأة كانت تبخر وتطيب الكعبة، فكساها الرسول بالثياب اليمانية المخططة بالأبيض والأحمر.

أما في عهد الدولة الإسلامية، ألبس الخليفتان أبو بكر الصديق ومن بعده عمر بن الخطاب الكعبة المشرفة ثياباً بيضاء تسمى القباطي، -أثواب بيضاء رقيقة تصنع في مصر- اشتهر عن عمر بن الخطاب أنه يكسو الكعبة مرتين بالعام من بيت مال المسلمين، ويزيل كسوتها السابقة ويسلمها إلى شيبة بن عثمان الحجبي. ثم كساها عثمان بن عفان بكسوتين إحداهما فوق الأخرى فكان هذا العمل الأول من نوعه في الإسلام.

وظهور الكتابة على الكسوة في عصر الدولة الأموية، حيث كسيت الكعبة كسوتين في العام كسوة في (يوم عاشوراء) والأخرى في (آخر شهر رمضان استعدادا لعيد الفطر). إلى أن جاءت فترة الخلفاء العباسيين، الذين اهتموا كثيرًا بكسوة الكعبة المشرفة اهتماماً فائقًا، نظراً لتطور النسيج والحياكة والصبغ والتلوين والتطريز. وتخصص في ذلك أهل بعض المدن المصرية التي منها (تنيس , وتونه , وشطا).

أما في عهد الخليفة المأمون، فقد كسا الكعبة المشرفة ثلاث مرات في السنة. ومنذ بداية العصر العباسي ظهرت الكتابة على الكسوة فكان الخلفاء من الأمراء يكتبون أسماءهم على الكسوة ويقرنون بها اسم الجهة التي صنعت بها وتاريخ صنعها.

إلى أن جاءت أول حلة (كسوة) تصنع في مكة في عام 1346 هجريًا وذلك عندما شرعت المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس أبواب الصناعة لكسوة الكعبة عبر دار خاصة بمحلة أجياد.

تفاوت عمر الكسوة وألوانها

ففي فترات معينة بقيت لسنوات، وكذلك في فترات أخرى كان يتم تغييرها بشكل سنوي، وقد كان تغيير الكسوة في بعض الأوقات ثلاث مرات في السنة. وتعد أشهر الأيام في التاريخ التي تغير فيها أثواب الكعبة يوم عاشوراء وأول رجب و27 رمضان ويوم التروية ويوم النحر.

بالنسبة للألوان كسوة الكعبة التي اختلفت في عصر الخلفاء والحكام والملوك، حيث تنوعت بألوان مختلفة، وكان من أبرز الألوان الأصفر الذي كساها أيام الفاطميين محمد بن سبكتكين ديباجاً أصفر، وألبسها الناصر العباسي ديباجاً أخضر، ثم ديباجاً أسود استمر حتى الوقت الحالي.

تصرف الكسوة القديمة للكعبة المشرفة لمتاحف أو تقديمها هدايا لضيوف الدولة، وذلك بعد أن تتم تجزئتها وفق معايير النسيج وفك المطرزات الذهبية والأحزمة والأجزاء الرئيسية من كسوة الكعبة المشرفة من ثم يتم تخزينها في مستودعات خاصة.

يتم استبدال كسوة الكعبة المعظمة في اليوم التاسع من ذي الحجة من كل عام، أي مرة واحدة كل عام وذلك أثناء فريضة الحج وبعد أن يتوجه الحجاج إلى صعيد عرفات، يتوافد أهل مكة إلى المسجد الحرام للطواف والصلاة، ومتابعة تولي الرئاسة تغيير كسوة الكعبة المشرفة القديمة واستبدالها بالثوب الجديد، استعدادا لاستقبال الحجاج في صباح اليوم التالي الذي يوافق عيد الأضحى. وهذا يعني أن تكسي الكعبة بعد صلاة فجر يوم التاسع من شهر ذي الحجة.

اقرا ايضا : قصة أضحية العيد مع سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل