الطريق
جريدة الطريق

دلالات توسع الغارات الإسرائيلية في سوريا وانعكاساتها على النفوذ الإيراني

تقرير- محمد أبو سبحة -

ضاعفت إسرائيل من الأهداف التي قصفتها جوًا في سوريا خلال عام 2021 المنصرم مقارنة بالعام السابق، فيما يعكس رغبة في القضاء على التهديد الإيراني بمباركة أمريكية، وقبول روسي.

سلاح الجو الإسرائيلي نفذ 28 غارة جوية في سوريا خلال عام 2021 المنصرم وفق مركز "جسور" للدراسات، طالت حوالي 187 هدفًا، في 11 محافظة سورية، من بينها 48 موقعا للحرس الثوري الإيراني ومليشيا حزب الله بعضها ضمن مطارات عسكرية، وأسفرت تلك الضربات عن تدمير معظم الأهداف. بينما في عام 2020 نفذت إسرائيل 27 غارة جوية ضد 80 هدفًا فقط.

كان من الملاحظ أن الشهر الأخير من عام 2021 شهد استهداف ميناء اللاذقية الذي يبعد 19 كم فقط عن قاعدة "حميميم" الروسية من قبل الطيران الإسرائيلي، مرتين الأولى في 7 ديسمبر والثانية في 28 ديسمبر.

حول دلالة زيادة الأهداف التي قصفتها الطائرات الحربية الإسرائيلية في سوريا خلال العام المنصرم، والتي ركزت على جنوب ووسط سوريا حيث النفوذ الإيراني والروسي بشكل أكبر بكثير من شمال وشرق سوريا حيث النفوذ الأمريكي والتركي، ومدى تأثير ذلك على النفوذ الإيراني، يحدثنا الباحث السوري مصطفى النعيمي المختص بتحليل تفاعلات الصراع الإيراني ـ الإسرائيلي في سوريا وتأثيره على كل من العراق ولبنان.

مصطفى النعيمي باحث مشارك في “المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ـ أفايب” يتركز بحثه حول العلاقات الإيرانية ـ السورية ودور إيران في سوريا.

إضعاف النفوذ العسكري الإيراني

 

يقول الباحث مصطفى النعيمي لجريدة (الطريق) متحدثا عن آثار القصف الإسرائيلي في سوريا: لاشك أن الضربات في نتائجها الاستراتيجية منعت تدفق السلاح النوعي إلى الميليشيات الولائية متعددة الجنسيات لاسيما من أبرزها حزب الله اللبناني والعراقي إضافة إلى حركة أنصار الله الحوثية في اليمن وتلك الميليشيات تعتبر حجر الأساس لمشروع ولاية الفقيه في الشرق الأوسط وظهر ذلك جليا من خلال الخطاب الرسمي الذي يتبناه زعمائهما عبر منابرهم الإعلامية.

تخشى تل أبيب من نقل السلاح إلى حزب الله في لبنان عبر سوريا، وتريد منع أي فرصة لتنفيذ عمل عسكري ينطلق من الجولان، ومنع وصول أسلحة متطورة وأي تمركز عسكري إيراني في سوريا.

التنسيق الإسرائيلي الروسي

 

وحول دلالة زيادة عدد الأهداف التي قصفتها إسرائيل وقربها من القاعدة الروسية، يقول النعيمي: الضربات الإسرائيلية لا يمكن أن تكون دون إخبار الجانب الروسي. منذ الإعلان الروسي الدخول المباشر في الملف السوري بعام 2015 وحتى ما قبله وهنالك تعاون وثيق بين الجيشين الروسي والجيش الحكومي السوري، وتصطف سوريا ضمن المعسكر الشرقي وهذا أكده السلاح المستخدم لدى الجيش السوري منذ نشأته إلى يومنا هذا فخطوط الملاحة الجوية تتطلب إخبار الجانب الروسي بالعمليات الجوية الإسرائيلية وقوات التحالف الدولي نظرا لأن منظومة الدفاع الجوي الروسية العاملة في الخارطة السورية تحتاج إلى تحييد إن كانت فعالة طبعا مع أسلحة الجو الغربية والأمريكية إضافة إلى عدم وقوع صدام أو تماس في خطوط الملاحة الجوية سواء على الصعيد المدني أو حتى العسكري لذا تطلب هذا الأمر توافق على ذلك جاء بعد الاجتماع الأمني الكبير لمدراء الأمن القومي لكل من أمريكا وإسرائيل وروسيا أبان التسوية الكبيرة التي جرت في المنطقة الجنوبية من سوريا في صيف 2018 والتي تم بموجبها اتفاق بين الأطراف كافة على إبعاد الميلشيات الولائية متعددة الجنسيات عن الشريط الحدودي لمرتفعات الجولان المحتل بـ 50 كم لكن لم تفي روسيا بتعهداتها.

القضاء على التهديد الإيراني

 

وأوضح الباحث السوري أن الغارات الإسرائيلية نفذت على خلفية دخول الميليشيات إلى المنطقة الجنوبية من سوريا تحت غطاء ما يسمى الفرقة الرابعة مما استدعى إجراء مناورات برية على مدى أربعة أعوام من قبل الجانب الإسرائيلي في محاكاة لإجتياح شامل للجنوب السوري واللبناني في حال وصول سلاح متطور إليها يتم التعامل معه إما بهجمات بقذائف المدفعية أو من خلال المروحيات إضافة إلى المقاتلات الحربية من نوع F16 عبر استخدامها لصواريخ دليلة الإسرائيلية من فئة جو بر والتي تتراوح مدياتها بين 250 إلى 300 كم وتدمر التحصينات داخل الجبال، واستهدفت الغارات بالفعل العديد من مستودعات السلاح في محيط مطار العاصمة دمشق والذي تتمركز فيه ميليشيا فيلق القدس الإيراني إضافة إلى منطقة القلمون والتي ينشط فيها حزب الله اللبناني في عملية تخزين ونقل الصواريخ إلى لبنان عبر أنفاق وبعض سيارات الشحن البرية إلى لبنان.

تزايد الغارات الإسرائيلية في 2022

 

ويتوقع مركز جسور للدراسات أن تتوسع الغارات الإسرائيلية وعدد الأهداف المطلوب تدميرها خلال عام 2022 في سوريا، في ظل ارتفاع مستوى التنسيق الإسرائيلي الروسي، وحاجة موسكو لمد نفوذها في سوريا بشكل أكبر، الأمر الذي يدفع إيران إلى تعزيز نفوذها غير العسكري، وعلى الأرجح من خلال صنع مجموعات محلية تدين بالولاء لها وتتغلغل في المجتمع السوري والمؤسسات الحكومية.

اقرأ المزيد: كازاخستان.. انتفاضة ضد حقبة ”نور سلطان” يشعل فتيلها الغرب