الطريق
جريدة الطريق

كلمة السر في البرلمان.. هل يجوز بثّ إعدام قاتل نيرة أشرف على الهواء؟

قضية نيرة أشرف تلقى اهتماما كبيرا من المجتمع المصري
محمد حامد -

أثارت مطالبة محكمة جنايات المنصورة، ببث تنفيذ حكم الإعدام بحق الطالب محمد عادل المتهم بقتل نيرة أشرف أمام بوابة جامعة المنصورة، على الهواء مباشرة، جدلا واسعا في المجتمع المصري ما بين مؤيد ومعارض.

في حين ترى المحكمة في مطالبتها للمشرع بإذاعة أحكام الإعدام على الهواء أو جزء منها «يحقق الردع العام»، ويؤيدها البعض في هذا الإجراء «غير الاعتيادي»، رفضه آخرون باعتباره «يشكل صدمة للجمهور» ويعد «شكلاً من أشكال التنكيل» وما يعرف بـ«العدالة الانتقامية».

تعديل تشريعي

أيد الدكتور إيهاب رمزي، عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، وأستاذ القانون الجنائي، مقترح إذاعة وإعلان تنفيذ أحكام الإعدام «لتمثل ردعًا لكل من تسول له نفسه ارتكاب الجرائم الوحشية بحيث يمكن إذاعة الإجراءات السابقة لتنفيذ حكم الإعدام مثل اقتياد المتهم للمقر الذي سينفذ فيه حكم الإعدام وتلاوة الحكم عليه وحضور الشيخ أو الكاهن وسؤاله عما يريد قبل تنفيذ الحكم على ألا تصور لحظة الإعدام ذاتها لما للمشهد من صعوبة على المواطنين كما أن تصوير اللحظات السابقة على تنفيذ الحكم تكفي لتحقيق الردع».

وأكد رمزى في تصريحات لموقع «الطريق»، أنه «يمكن أن يحدث تعديل تشريعي على المادة (473) من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص على أن «تنفذ عقوبة الإعدام داخل السجن، أو في مكان آخر مستور»، كما تنص المادة (474) من قانون الإجراءات الجنائية على أن «يكون تنفيذ عقوبة الإعدام بحضور أحد وكلاء النائب العام ومأمور السجن وطبيب السجن أو طبيب آخر تندبه النيابة العامة ولا يجوز لغير من ذُكر أن يحضروا التنفيذ إلا بإذن خاص من النيابة العامة، ويجب دائماً أن يؤذن للمدافع عن المحكوم عليه بالحضور»، بحيث توضع السلطة الاختيارية للقاضي في إذاعة اللحظات السابقة لحكم الإعدام من عدمه حسبما يتراءى للقاضي.

وتابع أستاذ القانون الجنائي، أن «بعض القضايا تتطلب إعلان اللحظات السابقة لإعدام بعض المتهمين مثل قضية هشام عشماوي، ففي إعلان اللحظات التي تسبق إعدامه انتصار للعدالة و للدولة المصرية مؤكداً أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة حدة الجرائم الدموية حيث يقوم المجرم بذبح ضحيته في وضح النهار أمام أعين المارة، ومن الغريب أن المجرمين من غير ذوي السوابق الإجرامية ما يزيد من التساؤلات حول التغيرات الكبيرة التي شهدها المجتمع.

وأشار رمزى إلى أن وسائل الإعلام والدراما مسؤولون عما حدث حيث تصور الأفلام والمسلسلات مشاهد كثيرة للبلطجية والدماء ويظهر البلطجي على أنه بطل محبوب مما سهل تقبل فكرة انتشار الدم في الشارع، مؤكدًا أهمية مراجعة المحتوى المقدم للمواطنين وتأثيراته على المجتمع.

الناحية القانونية

وبشأن قانونية إذاعة تنفيذ أحكام الإعدام على الهواء مباشرة، قال المحامي جميل سعيد، إن «ما تناوله الحكم القضائي ضد قاتل الطالبة نيرة أشرف في إعلان الرغبة في تنفيذ الحكم علناً لا يعد من أسباب الحكم لأنه ليس لازما لبناء الأسباب ولم يتضمنه منطوق الحكم ولكنها كانت وجهة نظر تبناها الحكم».

وأضاف سعيد في تصريحات لموقع «الطريق»، أن «وجهة النظر لا تحوز حجية ولا تتمتع بأي حصانة في شأنها، وقانون تنظيم السجون تناول تنفيذ عقوبة الإعلام وبعد انتهاء كل درجات التقاضي يخطر مدير مصلحة السجون بتحديد موعد للتنفيذ ويخطر النائب العام، وأي وجهة نظر لها مؤيديها ولها معارضيها؛ المؤيدون للتنفيذ العلني يعتقدون أنه سوف ينفذ ردعا، ولا بد من تعديل تشريعي من أجل القيام بهذا الأمر».

وأكد أنه «في ظل الوضع الراهن لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام بشكل علني، القاضي لم يحكم بهذا ولكنه أبدى رأي ويحترم، وقانون تنظيم السجون يحدد طريقة تنفيذ حكم الإعدام ولا يمكن للقاضي أن يحكم بشكل مخالف للقانون».

العدالة الناجزة

بدورها، أكدت نهاد أبو القمصان عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أنّ «إذاعة حكم الإعدام على الهواء قُتل بحثا في علم الإجرام، وهذا الأمر لا يؤدي إلى الردع، إذ أنه يشكل صدمة للجمهور عندما يذاع لأول مرة، وبعد ذلك يتحول إلى أمر معتاد ويصبح مثل مباريات كرة القدم، وهو ما حدث في دول كانت تنفذ العقوبات بشكل علني، حيث امتنعت عن هذا الأمر نتيجة تطور الدراسات ذات الصلة بعلم الجريمة».

وأضافت أبو القمصان في تصريحات لموقع «الطريق»، أنه «ربما يفيد نشر صورة قاتل نيرة أشرف وهو يرتدي البدلة الحمراء -زي الإعدام-، وذلك في إطار تنفيذ حكم الإعدام، لكن العدالة الناجزة أكثر ردعا من تنفيذ أحكام الإعدام على الهواء، وهي ما حققته المحكمة في قضية نيرة أشرف، حينما استمعت إلى جميع الأطراف، وبعدها أصدرت حكمها في سرعة وحسم».

تداعيات اجتماعية

وحول التداعيات الاجتماعية لبثّ تنفيذ أحكام الإعدام، قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، إن «بثّ تنفيذ الإعدام ينشر ثقافة التعود على العنف والقتل البدائية، فليس كل من سيشاهد سيرتدع».

وأكد صادق في تصريحات لموقع «الطريق»، أن «تنفيذ أحكام الإعدام علناً لا يصح، وإن كانت مطالبات البعض بذلك تعكس رغبتهم في المساواة بين قتلها علناً، وتطبيق الإعدام علناً».

وفي وقت سابق، قضت محكمة جنايات المنصورة بإعدام محمد عادل بعد إدانته بقتل الطالبة نيرة أشرف في قضية لاقت اهتماما كبيرا وأثارت مجتمعيا جدلاً واسعا.

رسالة المحكمة للمشرع

وطالبت المحكمة بأن يكون تنفيذ حكم الإعدام في المتهم محمد عادل، قاتل الطالبة نيرة أشرف، على الهواء مباشرة.

جاء ذلك في رسالة من المحكمة إلى المشرع بخصوص تنفيذ حكم الإعدام في المتهم، ضمن حيثياتها التي أودعتها بعد صدور حكمها.

وقالت المحكمة، برئاسة المستشار بهاء الدين المري، في حيثياتها: «والمحكمة في نهاية حكمها، تنوه بمناسبة هذه الدعوى، بأنه لما كان قد شاع في المجتمع -مؤخرا- ذبح الضحايا بغير ذنب جهارا نهارا، والمهوسون بالميديا يبثون الجرم على الملأ، فيرتاع الآمنون خوفا وهلعا، وما يلبث المجتمع أن يفجع بمثل ذات الجرم من جديد، فمن هذا المنطلق، ألم يأن للمـشرع أن يجعل تنفيذ العقاب بالحق مشهودا، مثلما الدم المسفوح بغير الحق صار مشهودا».

وأضافت المحكمة: «الأمر الذي معه تهيب المحكمة بالمشرع أن يتناول بالتعديل نص المادة الخامسة والستين، من قانون تنظيم مراكز الإصلاح والتأهيل المجتمعي المنظمة لتنفيذ عقوبة الإعدام، لتجيز إذاعة تنفيذ أحكام الإعدام مصورة على الهواء، ولو في جزء يسير من بدء إجراءاتِ هذا التنفيذ، فقد يكون في ذلك، ما يحقق الردع العام المبتغى الذي لم يتحَقـق - بعد - بإذاعة منطوق الأحكام وحده».

وتنص المادة 65 من قانون تنظيم السجون، التي طالبت محكمة جنايات المنصورة بتعديلها لإتاحة إذاعة تنفيذ الإعدام، على أن «عقوبة الإعدام تنفذ داخل السجن، أو في مكان آخر مستور، بناء على طلب كتابي من النائب العام، إلى المدير العام للسجون يبين فيه استيفاء الإجراءات التي يتطلبها القانون».

وشهدت مصر قبل نحو 22 عاماً بثّ تنفيذ حكم بالإعدام للمرة الأولى، ففي صباح 21 أبريل عام 1998 بثّ التلفزيون المصري مشاهد من وقائع تنفيذ حكم الإعدام بسجن الاستئناف، بحق 3 متهمين، شقيقان وصديقهما، أدينا بقتل المهندسة تانيس، وطفليها هدير وأنس، داخل شقتهم بمدينة نصر، وسرقة الأموال والمصوغات الذهبية من المنزل، وهي الجريمة التي صدمت الرأي العام وقتها.

كما تضمنت الحلقة الأخيرة من مسلسل «الاختيار 3» مشاهد واقعية من تنفيذ حكم الإعدام بحق القيادي الإرهابي هشام عشماوي.

ضوابط تنفيذ الإعدام

وبحسب قانون الإجراءات الجنائية تنص المادة 474 على أن «تنفيذ حكم الإعدام يتطلب إجراء خاصا في أحد السجون العمومية، بحضور أحد وكلاء النائب العام، ومأمور السجن، وطبيب السجن أو أي طبيب آخر ينتدبه السجن».

ويتطلب إذاعة حكم الإعدام على الهواء، إصدار تشريع جديد من مجلس النواب بتصديق من رئيس الجمهورية لبث الإعدام عبر التليفزيون.

وحدد القانون 3 أشخاص فقط يحق لهم الحضور خلال تنفيذ حكم الإعدام، حَسَبَ نص المادة 474 من قانون الإجراءات الجنائية، ويكون تنفيذ حكم الإعدام إجراء خاصا في تنفيذ العقوبة في أحد السجون العمومية، بحضور أحد وكلاء النائب العام، ومأمور السجن، وطبيب السجن أو أي طبيب آخر ينتدبه السجن.

ومن المصرح لهم بحضور تنفيذ عقوبة الإعدام أيضًا، محامي المتهم، وممثل عن الجهة الدينية حسب ديانة المحكوم عليه.

ولا يجوز لغير الأشخاص الذين سمح لهم القانون حضور تنفيذ حكم الإعدام، إلا بعد إذن خاص من النيابة العامة، ويجب دائما أن يؤذن للمدافع عن المحكوم عليه بالحضور، وأن يُتلى الحكم الصادر بالإعدام منطوقا والتهمة المحكوم من أجلها على المحكوم عليه في مكان التنفيذ بمسمع من الحاضرين، وإذا رغب المحكوم عليه في إبداء أقواله حرر وكيل النائب العام محضرًا بها.

ومنع القانون تنفيذ إجراءات عقوبة الإعدام على المحكوم عليهم خلال الأعياد الرسمية أو في الأعياد الدينية.

وحث نص القانون على تأخير تنفيذ عقوبة الإعدام على المرأة الحبلى على أن ينفذ الحكم عليها بعد شهرين من وضعها.

ولا يُنفذ حكم الإعدام إلا بعد طعن محام عن المتهم والنيابة العامة على الحكم الصادر بحقه خلال 60 يوما من تاريخ صدور الحكم، وإن تأييد الإعدام لا ينفذ إلا بتصديق من رئيس الجمهورية خلال 15 يوما.

يشار إلى أنه صدر الحكم بإعدام المتهم محمد عادل بعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية، واعترافه أمام المحكمة وفي تحقيقات النيابة العامة بقتل الطالبة نيرة أشرف أمام بوابة جامعة المنصورة.

اقرأ أيضا: أشهر قصص تنفيذ حكم الإعدام على الهواء