الطريق
جريدة الطريق

الوجه القبيح للإنسانية.. أطفال اليمن يمرحون مع الموت أعلى الأبراج الكهربائية

مجموعة أطفال يمنيين يتسلقون أبراج الكهرباء
محمد حامد -

في مشهد انتحاري، أقدم مجموعة من الأطفال اليمنيين على تسلق أبراج الكهرباء الشاهقة بدون أي أدوات للسلامة بدافع اللهو والمرح مع الموت، واستعراض مهاراتهم في صعود سلالم أعمدة تيار ضغط عالٍ، تعد نسبة النجاة منه صفر.

وفي التفاصيل، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو يظهر فيها طفل يمني يصعد بخفة ورشاقة ليصل إلى أعلى قمة برج كهربائي في مدينة مأرب -الغنية بالنفط والكهرباء- في تصرف انتحاري واستهتار وتهور عبثي دون أي وعي بمخاطر السقوط أو الإصابة بماس كهربائي.

زمن الموت

وحمل نبيل عبد الحفيظ، وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمني، المسؤولية للوالدين وتساءل عن دورهم الأبوي في التربية والرعاية والرقابة على تحركات أبنائهم.

ورجح عبد الحفيظ، في تصريحات لموقع «الطريق»، أن يكونوا الأطفال الذين تناوبوا على تسلق أبراج الكهرباء كنوع من اللهو والتسلية، من النازحين في محافظة مأرب، وربما يكونون أيتاماً لا أهل لهم من ضحايا الحرب.

وتابع المسؤول اليمني أن هذا التصرف خطأ سواء بوجود كهرباء أو عدمه فإنه خطر السقوط وارد ومخاطرة التسلق محفوفة بالخطر والإصابة أو الهلاك المحتوم.

ونوه إلى أن الأطفال سواء يعلمون أنه لا توجد كهرباء في المدينة، وموثوقيتهم بأنهم لن يتعرضوا لأي صعقة كهربائية نتيجة انقطاع الكهرباء المتواصل في مختلف مدن اليمن، إلا أن خطر التسلق وحده ربما تكون نتيجته كارثية لأي أسباب محتملة يمكن حدوثها.

الكهرباء الساكنة

وكشف سعيد محمدي، مهندس كهرباء، خطر تسلق الأطفال أعمدة تيار ضغط عالٍ بأنه قد يكون هنالك كهرباء ساكنة لا تزال سارية في سلالم الأبراج الكهربائية.

وأوضح محمدي، في تصريحات لموقع «الطريق»، أنه حتى مهندسي الكهرباء عندما يقومون بأعمال الصيانة، وبعد أن يتم فصل التيار تماماً من المصدر يقومون بتفريغ الشحنات الساكنة ومن ثم تسلق البرج توخياً لحدوث أي صدمة أو صعقة نائمة في التيار الساكن.

الأطفال تدفع الثمن

وبدوره، قال فضل علي عبد الله، رئيس المنظمة اليمنية للدفاع عن حقوق الإنسان، إنه عندما توفى أديسون مخترع الكهرباء عام 1931 تم إطفاء جميع كهرباء العالم تكريماً له ومازالت اليمن حتى يومنا هذا تكرم هذا الرجل العظيم.

وأضاف فضل، في تصريحات لموقع «الطريق»، أن أرواح أطفال اليمن باتت رخيصة في زمن الموت والخوف وأهوال العيش، مآس كثيرة وجثث لمفقودين وضحايا بالجملة وأجساد بعمر الورد، حصدتهم آلة الحرب وفوهات القصف وعدسات القناصين من جهة، وقطفتهم حوادث سير وصعقات كهرباء وغرق في السيول من جهة أخرى، فضلاً عن أرقام مخيفة من الصغار طحنتهم المجاعات ونهشهم الفقر والجوع وويلات اليتم والنزوح».

وأشار إلى أنه منذ تصاعد النزاع في اليمن قبل حوالي 7 سنوات، وصل عدد الأطفال الذين راحوا ضحايا الحرب أكثر من 10 آلاف طفل ومن المرجح أن تكون الأرقام الفعلية أعلى بكثير.

إحصائية صادمة

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، فإن هناك مليون و600 ألف طفل يمني مشردين داخلياً بسبب تجدد المواجهات والعنف في جبهات عديدة، خاصة في مأرب والحديدة.

ويشهد اليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربية، نزاعا داميا منذ 2014 بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين.

وتسببت الحرب في اليمن بمقتل 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر، بعد 7 سنوات على اندلاعها، وأكثر من دفع ثمن الحرب والدمار هم مدنيون.

وتسبّب النزاع بانهيار في قطاعات الصحة والاقتصاد والتعليم وغيرها في البلاد، فيما يعيش أكثر من 3.3 ملايين نازح في مدارس ومخيمات حيث تتفشى الأمراض كالكوليرا بفعل شح المياه النظيفة.

وبات ما يزيد عن 2500 مدرسة في البلاد غير صالحة للاستخدام -بحسب يونيسف- إذ تم تدميرها أو تحويلها لأغراض عسكرية أو استخدامها كمراكز إيواء للنازحين.

اقرأ أيضا: الحوثي يضيع آخر فرصة للسلام في اليمن باجتياح خبزة البيضاء