الطريق
جريدة الطريق

التجارة الحرام… يستغلون ”الدم” في التربح.. والحكومة تشدد العقوبات لردع المخالفين

التبرع بالدم
محمد ناجى زاهى -

اعتاد المواطن المصري أن يكون عونا لغيره من المواطنين، فهو لا يتأخر عن نجدة جار أو قريب أو صديق، ولو كان الأمر بيده فإنه لن يتأخر أبدا لدرجة أنه لا يتردد في أن يساعد الآخرين بدمه، الأمر الذي استغله بعض الذين اعتادوا التجارة بكل شيء بما في ذلك دم المصريين أنفسهم.

وفي الآونة الأخيرة انتشرت السيارات التي تجمع الدم من المواطنين وتحثهم على التبرع، لكن هذه السيارات تتبع قطاعات ومستشفيات خاصة، وبدلا من منح هذا الدم – الذي حصلوا عليه مجانا – إلى المستحقين، إلا أنهم لا يتورعوا عن بيعه وبأسعار باهظة.

وبحسب الدستور المصري، فإن القانون حظر من تجميع البلازما أو تجميع الدم دون الحصول على التراخيص اللازمة، كما حظر إدارة مصنعا لتصنيع أيا من مشتقات الدم والبلازما دون ترخيص، علاوة على أن القانون حظر أن يتم الحصول على الدم من متبرع يعاني من أي مرض، أو جمع التبرع من مواطن غير لائق طبيا، كما حدد القانون غرامة مالية تتراوح ما بين 100 ألف جنيه إلى مليون جنيه لأي شخص يرتكب تلك المخالفات.

وفي نفس السياق، حذر مراقبون ومتابعون من تحويل التبرع بالدم إلى عملية ربح وخسارة، وجعل التبرع بالدم وسيلة للتربح من قبل البعض، كما طالبوا الحكومة باتخاذ تدابير أكثر حسما في تنظيم عملية التبرع، مقترحين أن يتم قصر عملية التبرع على الحكومة وحدها والمؤسسات التابعة لها، على أن تتولى هذه المؤسسات عملية تجميع الدم من المتبرعين ثم توزيعه ومنحه لمن يستحق، موضحين أن هذه الآلية سوف تحمي المريض من الابتزاز عند حاجته للحصول على أكياس الدم، كما أن تلك العمليات من شأنها الحيلولة دون تحول الأمر إلى تجارة وبيزنس.

من جانبه، حذر الدكتور وائل سمير، استشاري الجراحة بوزارة الصحة، من ترك عملية تجميع الدم من المتبرعين من دون تنظيم، موضحا أن هذا الأمر قد يحول المسألة إلى تجارة هدفها الربح والتربح، مشيرا إلى أن تحول عمليات التبرع إلى تجارة هو أمر شديد الخطورة، وقد يعرض حياة العديد من المصريين إلى الخطر.

ويرى سمير في تصريحات لـ "الطريق" أن الأفضل للجميع في هذا الشأن، هو قصر عملية تجميع الدم من المتبرعين على الحكومة ممثلة في وزارة الصحة، موضحا أن الوزارة لديها العديد من المستشفيات والهيئات الطبية التي يمكنها أن تتولى عملية الإشراف على التبرع بالدم، ومن ثم يجب أن تتولى هي دون غيرها الأمر نظرا لخطورة، مؤكدا أن هذا القطاع يحتاج إلى رقابة دقيقة.

وشدد سمير على عدم الاستهانة بالموضوع، مؤكدا أن الإتجار بالدم خطر كبير يهدد الجميع، لاسيما إذا صاحبت عملية التبرع مخالفات وعدم مراعاة معايير السلامة التي تنص عليها البروتوكولات الطبية، مطالبا بمراعاة كافة المعايير الطبية اللازمة، وأن تقتصر عمليات التجميع على سيارات التبرع التابعة للحكومة، وعلى بنوك الدم المركزية، وأن يتم ذلك تحت إشراف ورقابة وزارة الصحة.

ونوه أستاذ الجراحة على أن الأمر لا يقبل الاستهانة، خاصة في ظل الأبحاث الطبية التي تتحدق عن استخدام مشتقات الدم والبلازما في علاج العديد من الأمراض، الأمر الذي يؤكد أهمية وجود ضوابط حاسمة ورقابة صارمة لعمليات التبرع بالدم وتجميع الدم والبلازما من المتبرعين.

وهو ما أيده الدكتور محمد محمود أبوجاد، مستشار توافر ومأمونية الدم بمكتب منظمة الصحة العالمية بالقاهرة، مؤكدا أن الدم لا يباع ولا يمكن أن يخضع لسياسة الربح والتجارة، مرحبا بتشديد العقوبات المنظمة لعمليات التبرع بالدم.

ويرى الدكتور محمود في تصريحات لـ "الطريق"، أن القانون المنظم لعمليات تجميع الدم والبلازما قديم للغاية، حيث أنه صدر عام 1960م، ومن ثم أصحبت العقوبات والغرامات الواردة فيه غير رادعة وغير مناسبة، موضحا أن أقصى عقوبة مالية في هذا القانون القديم كانت 200 جنيه فقط، وبالتالي فإن تشديد العقوبات هو أمر جيد ونرحب به.

وبين محمود أن الأمر لا يجب أن يكون مجرد نصوص فقط، بل إن الأمر يحتاج إلى تطبيق فعلي على أرض الواقع، موضحا أننا إذا أردنا أن نفعل القانون بشكل جيد، يجب علينا أن نربط بين هذه النصوص وبين النصوص الأخرى، كما نحتاج إلى تفعيل الدور الرقابي المتمثل في مجلس مراقبة عمليات الدم.

وأفاد محمود أن هذا المجلس يتولى العديد من الاختصاصات، وفي مقدمة تلك الاختصاصات تحديد أسعار خدمات النقل، موضحا أن تحديد ذلك السعر يكون من خلال معرفة تكاليف تجميع وحفظ سلامة الدم ومشتقاته، محذرا من ترك عملية التبرع دون رقابة حتى لا يتحول إلى تجارة، مؤكدا أن القانون منع التربح وتحقيق الربح من خدمات نقل الدم.

وتوافق معه الدكتور أحمد رشوان، متخصص الرعاية المركزة، مؤكدا أن عمليات نقل الدم تحتاج إلى مزيد من الضبط والحسم، وأن يتم قصر عمليات تجميع ونقل الدم على المراكز الحكومية، مع اشتراط أن يتم منح عبوات الدم للمرضى بشكل مجاني، أو بسعر رمزي على أقصى حد.

وأشار رشوان في تصريحات لـ "الطريق"، إلى أن المواطن الذي تبرع بدمه هنا أو هناك، كان هدفه الأول والأخير هو مساعدة المريض المحتاج وإنقاذ حياته بعدما شعر أن هذا المريض في أزمة صحية تحتاج المساعدة.

اقرأ أيضًا: السيسي يتابع استعادة الوجه الحضاري.. و”المصرية للتخطيط”: متابعة الرئيس كانت السر في نجاح عملية التخطيط