حوار| محمود بسيوني: سلالة كورونا تشكل خطورة اقتصادية على بريطانيا.. و”الصيد” أكبر عائق أمام البريكست

تزداد أزمة البريكست تعقيدا كل يوم بسبب التعنت البريطاني من جانب والاتحاد الأوروبي من جانب أخر، حيث أصبحت قضية الصيد البحري محور رئيسي في الخلافات بين الطرفين، ويحاور "الطريق" الكاتب الصحفي والباحث السياسي في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية محمود بسيوني، ليكشف عن مدى الصعوبة التي يشكلها الصيد البحري وأبرز التبعات المتوقعة في ظل الإصرار البريطاني على الانفصال دون الوصول لإتفاق.. فإلى نص الحوار..
أهمية قضية الصيد البحري
يقول الباحث السياسي محمود بسيوني إن قضية الصيد البحري بالنسبة لبريطانيا تشكل أهمية خطيرة في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي، مؤكدا أنه من الصعب أن تتنازل عنها بريطانيا في مفاوضاتها بأي شكل من الأشكال.
وأضاف بسيوني أن قضية الصيد البحري ليست المحور الوحيد الذي يشكل معضلة في قضية البريكست فهناك محاور أخرى تتعلق بالشركات الأوروبية التي تعمل بنظام معين داخل بريطانيا، مشيرا إلى أن هذه الشركات كانت تتمتع بمميزات، خاصة حينما كانت بريطانيا جزء من الاتحاد الأوروبي، لكن الآن نسبة كبيرة من هذه الشركات إن لم يكن أغلبها ستقرر الخروج من السوق البريطاني، لكي تظل محتفظة بمميزاتها في أوروبا، وهناك نقاط أيضا تتعلق بعبور الحدود أمام العمالة.
اقرأ أيضا : بعد قرار العزل العام.. جونسون يبحث عن حلول لانتشار كورونا في اجتماع طاريء
السلالة الجديدة من كورونا
وأشار محمود بسيوني إلى أنه في الوقت الذي تدخل فيه بريطانيا في قضايا خلافية مع الاتحاد الأوروبي تجد نفسها في مواجهة مفاجأة غير متوقعة، وهي سلالة كورونا الجديدة التي ظهرت في بريطانيا، وهو ما يشكل مخاطر اقتصادية كبيرة عليها، بالتزامن مع موجة الانقسامات داخل المجتمع البريطاني، فلم تتفق الرؤى حتى الآن بشأن البريكست بين مختلف القوى السياسية والمدنية أيضا.
وحول سؤاله عن موقف الاتحاد الأوروبي من قضية الصيد البحري، أوضح بسيوني أن الاتحاد الأوروبي لا يريد أن يقلل من نسبة الخسائر التي قد يتعرض لها بعد خروج بريطانيا، منوها أن الأوروبيين حاولوا التوصل لتسوية مرضية لجميع الأطراف حول قضية الصيد البحري، بأن يتم ذلك دون رسوم جمركية أو حصص، مؤكدا أن هذا الحل غير مقبول من جانب البريطانيين الذين سيطالبون بدفع رسوم جمركية من الدول التي تنوي الصيد من البحار التابعة للنفوذ البريطاني، موضحا أن من أبرز الدول التي ستواجه أزمات هي :"فرنسا وهولندا" خاصة وأنهما يشاركان بريطانيا في بحر المنش الذي ستفرض بريطانيا سيطرتها عليه بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.
حدود بريطانيا البحرية
وفيما يتعلق بفيما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أكد الكاتب الصحفي محمود بسيوني أن ذلك سيساعدها على أن يكون لها حدود بحرية خاصة، مشيرا إلى أن تقسيم هذه الحدود سيكون ذات مخططات جديدة، لكن قضية الصيد في ظل التقارب الجغرافي مع الشواطئ ستعاني من إشكاليات عديدة، خاصة في ظل دول سوف تطالبها بريطانيا بدفع رسوم جمركية.
وعن سؤاله عن الأوضاع في حال أصر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على الخروج من الاتحاد الأوروبي، رغم عدم التوافق وفي ظل أزمة سلالة كورونا الجديدة، قال بسيوني إن جونسون لن يتخلى عن البريكست بسهولة ومن الصعب أن يصر على موقفه، ففي النهاية هو محكوم بإرادة الشعب البريطاني، وهو يعي جيدا أن الاتحاد الأوروبي بدون بريطانيا سيزداد ضعف، وهذا يفسر عجز الاتحاد الأوروبي عن تنفيذ اتفاق البريكست واستمرار المفاوضات حتى هذه اللحظة.
اقرأ أيضا : خاص | مستشار ”جنيف للدراسات”: الصيد البحري أكثر قضايا البريكست تعقيدا
ضعف الاتحاد الأوروبي
ورأى الباحث محمود بسيوني أن جونسون يراهن على ضعف الاتحاد الأوروبي الذي من الصعب أن يتخذ اي قرارات أحادية، منوها أن أكبر دليل على ضعف يتجسد في العقوبات التي تحاول أوروبا أن تفرضها على بعض الدول، فعلى سبيل المثال تدعي نيتها لفرض عقوبات على تركيا، لكنها في حقيقة الأمر لن تتمكن من القيام بذلك، بسبب العلاقات التي تربط تركيا بروسيا، وفي نفس الوقت تجنبا لأي استفزازات قد تقوم بها أنقرة للإضرار بأوروبا.
وبحسب محمود بسيوني فإن بريطانيا باتت على استعداد للانفصال من الاتحاد الأوروبي وبدأت في التعامل مع الأمر كما لو أنه حدث بالفعل، فقد أجرت العديد من اتفاقيات الشراكة مع العديد من الدول على مستوى العالم، وعلى الرغم من كل ذلك، هناك تحديات يواجهها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون خاصة بعد ظهور السلالة الجديدة من فيروس كورونا، وهناك احتمالات قوية برحيل الحكومة الحالية بالكامل.
الإصرار البريطاني على الخروج
وللكشف عن موقف الاتحاد الأوروبي في حال الإصرار البريطاني على الخروج قبل الوصول لاتفاق حول مختلف القضايا الخلافية، أكد الكاتب الصحفي محمود بسيوني أن الاتحاد الأوروبي لن يجد سبيل وقتها عن فرض العقوبات ضد بريطانيا، وسيكون ذلك بمثابة تحد صعب لبوريس جونسون، وسيعجل ذلك بعقد انتخابات مبكرة، لأن حكومته لن تتحمل كل هذه الضربات في آن واحد، وإذا تم اختيار حكومة بريطانية جديدة، حينها سيكون هناك اتفاق جديد وببنود مختلفة فيما يتعلق بالبريكست.