الطريق
الخميس 2 مايو 2024 10:17 صـ 23 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

خاص… العجز عن وقف الحرب يوازي العجز عن ربحها.. أين تتجه الأزمة الروسية الأوكرانية مستقبلًا؟

100 يوم على العمليات الروسية العسكرية في أوكرانيا
100 يوم على العمليات الروسية العسكرية في أوكرانيا

بتجاوز الحرب الروسية الأوكرانية يومها المائة، معطيات كثيرة تبدلت، وخسائر جمة على كافة المستويات امتدت إلى العالم أجمع، فيما الثابت هو إصرار روسيا على تحقيق أهدافها وإصرار أوكرانيا على التصدي لها.

وتمر الحروب بحالات مد وجذر وغزو فلاديمير بوتين لأوكرانيا ليس استثناء، في البداية سادت مخاوف من أن تحقق روسيا انتصارا سريعا، لكن المقاومة الأوكرانية والانسحاب الروسي بدد تلك المخاوف، فحولت روسيا تركيز هجومها إلى الشرق.

ويتبدل الزخم صعودا وهبوطا بين الطرفين، ويحقق كلا الجانبين مكاسب أحيانا ويمنيان بخسائر أحيانا أخرى، لا يرغب أي طرف بالاستسلام، ويرى الرئيس الروسي بوتين أنه يمكن أن يكسب الحرب من خلال إظهار الصبر الاستراتيجي والمراهنة على أن الدول الغربية ستشعر بـ «إرهاق أوكرانيا» وستركز أكثر على أزماتها الاقتصادية والتهديد الصيني.

حرب استنزاف طويلة

وبشأن ما تتجه إليه حرب روسيا على أوكرانيا مستقبلا، أوضح المحلل السياسي رفيق خوري، أن الحرب كانت في تصور الكرملين حربا خاطفة سميت «عملية عسكرية خاصة» تحولت إلى «حرب استنزاف» طويلة، احتلت فيها القوات الروسية بعد 100 يوم، إضافة إلى شبه جزيرة القرم، خُمس مساحة أوكرانيا، بعد أن عجزت عن احتلال كييف.

وقال خوري، لموقع «الطريق»، إن حرب روسيا على أوكرانيا ستغير العالم، فبعد 100 يوم أحدثت أزمة غذاء في العالم، ودفعت أوروبا إلى «العسكرة»، وجعلت المستشار الألماني أولاف شولتز يلتزم بناء «أكبر جيش بري» في أوروبا بعد عقود من القيود على تسليم ألمانيا.

إعادة الحلف الأطلسي

وأضاف أن هذه الحرب أعادت الحلف الأطلسي «الناتو» إلى شبابه بعد أن شاخ، من حيث كان هدف بوتين دفع الحلف إلى الوراء وتحييد أوكرانيا ونزع سلاحها، أجبرت أوروبا على أن تكون «أمريكية» في حين أن الهدف كان توسيع الانقسام في أوروبا والخلاف مع أمريكا.

وتابع خوري أن الحرب الروسية الأوكرانية زادت من حدة الاستقطاب الاستراتيجي والجيوسياسي في العالم، بحيث تكوكبت القوى الدولية حول أمريكا، وبقيت الصين حذرة في دعم بوتين، كذلك فعلت دول «منظمة الأمن الجماعي» التي كانت ضمن الاتحاد السوفيتي، وكان على بوتين الباحث لروسيا عن دور الشريك الكامل في النظام العالمي أن يحذر من أنه «لا أحد يستطيع عزل روسيا».

العجز عن وقف الحرب

وأكد المحلل السياسي، أن العجز عن وقف الحرب يوازي العجز عن ربحها، فالمعادلة الصعبة التي اصطدم بها الجميع هي «ثنائية» الحرب والتسوية السياسية، فرنسا وألمانيا والنمسا وإيطاليا وتركيا التي تؤمن بأنه لا مخرج من الحرب إلا بتسوية سياسية حاولت القيام بمبادرات وفشلت حتى في ترتيب وقف للنار، موسكو سخرت من المبادرة الإيطالية الأخيرة لأنها تريد تسوية سياسية تكرس المكاسب العسكرية على الأرض، لا تسوية سياسية للعودة إلى ما قبل الحرب، وترتيب حلول مرنة لمسألة القرم ودونباس ضمن حكم ذاتي في إطار السيادة الأوكرانية.

ومن جانبه، قال السفير محمد بدر الدين زايد، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، وأكاديمي متخصص في المفاوضات الدولية وإدارة الأزمات، إن حرب روسيا على أوكرانيا قد تستمر لشهور إن لم يكن سنوات وتخوض خلالها القوات الروسية والأوكرانية حرب استنزاف مديدة.

وأضاف زايد، لموقع «الطريق»، أن مواصلة الغرب في تصميمه في تزويد أوكرانيا بالأسلحة تنشأ خطوط معركة شبه ثابتة وتتحول الحرب الى صراع دائم بوتيرة منخفضة وتصبح «حربا إلى الأبد»، مشيرا إلى أن هناك احتمال ضئيل لتحقيق نصر عملي أو استراتيجي ساحق من قبل أي من الطرفين على المدى القصير، لم يُظهر أي من الطرفين المتحاربين القدرة على توجيه ضربة استراتيجية حاسمة.

وقف إطلاق النار

وتابع المتخصص في المفاوضات الدولية، أن من الممكن أن يفاجيء الرئيس بوتين العالم بوقف لإطلاق النار من طرف واحد، ويكتفي بما حققه من مكاسب على الأرض ويعلن «النصر»، ويمكن أن يدعي أن عمليته العسكرية قد اكتملت: فالانفصاليون المدعومون من روسيا في دونباس باتوا يتمتعون بالحماية، وأقام ممراً برياً إلى شبه جزيرة القرم، ويمكنه بعد ذلك السعي لكسب موقف أخلاقي والضغط على أوكرانيا لوقف القتال.

وأوضح زايد أن هذه حيلة يمكن أن تستخدمها روسيا في أي وقت، إذا أرادت الاستفادة من الضغط الأوروبي على أوكرانيا للتنازل والتخلي عن بعض أراضيها مقابل سلام افتراضي، وراجت مثل هذه الحجج بالفعل في باريس وبرلين وروما ومفادها: لا حاجة لإطالة أمد الحرب، حان الوقت لوضع حد للآلام الاقتصادية العالمية، دعونا نضغط من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار.

ونوه إلى أن هذا التوجه ستعارضه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وجزء كبير من دول أوروبا الشرقية، حيث يرى ساسة هذه الدول أن الغزو الروسي يجب أن يفشل من أجل أوكرانيا والنظام الدولي، لذا فإن أي وقف أحادي لإطلاق النار من جانب روسيا قد يغير تبريرات الحرب، ولكنه لن ينهي القتال.

تسوية سياسية

وأكمل المتخصص في المفاوضات الدولية، أنه يمكن جمود خطوط القتال لو خلصت كل من أوكرانيا وروسيا إلى أنهما لا تستطيعان تحقيق المزيد من الناحية العسكرية ودخلا في محادثات من أجل الوصول إلى تسوية سياسية، وهذا صعب لأسباب ليس أقلها عدم ثقة أوكرانيا بروسيا، وقد لا يصمد أي اتفاق سلام ويمكن أن يعقبه المزيد من القتال.

انتصار أوكرانيا

وعن إمكانية انتصار أوكرانيا، قال زايد إن العقوبات الغربية توجه ضربة لآلة الحرب الروسية، وتشن أوكرانيا هجمات مضادة باستخدام راجمات الصواريخ الجديدة التي حصلت عليها وتستولي على الأراضي الواقعة في خطوط تمركز القوات الروسية وتمر عبرها خطوط إمدادها، وتنجح أوكرانيا في تحويل جيشها من قوة دفاعية إلى قوة هجومية، وهذا السيناريو محتمل ولكن عواقبه مقلقة لأنه من غير المرجح أن يقبل بوتين بهزيمة عسكرية تقليدية ويمكنه التصعيد.

انتصار روسيا

وفي حال انتصار روسيا، أكد المتخصص في المفاوضات الدولية، أن روسيا على الرغم من النكسات المبكرة التي منيت بها، لا تزال تخطط للاستيلاء على العاصمة كييف وفرض سطوتها على الكثير من أراضي أوكرانيا، وتحقيق هذه الأهداف القصوى لا يزال مطروحا، كما يمكن لموسكو الاستفادة من مكاسبها في دونباس وتحرير القوات لاستخدامها في أماكن أخرى وربما حتى استهداف كييف مرة أخرى.

ولفت إلى أنه انتصار روسيا قد يحدث انقسام الشعب الأوكراني إلى معسكرين، واحد يرغب في استمرار القتال والآخر يبحث عن مخرج للتوصل إلى السلام، وقد تبلغ بعض الدول الغربية مرحلة الشعور بالتعب من دعم أوكرانيا، لكن بالمقابل إذا شعرت أن روسيا في طريقها لتحقيق الانتصار فقد يرغب بعضها في التصعيد العسكري ضد روسيا.

اقرأ أيضا: كيف غيّرت حرب روسيا على أوكرانيا شكل العالم؟