الطريق
الأحد 5 مايو 2024 08:29 مـ 26 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

مصادرة الأصول الروسية.. السلاح الغربي الأكثر خطورة

الرئيس الروسي
الرئيس الروسي

نشرت مجلة "الإيكونومست" تقريرا سلط الضوء على العقوبات التي لا تزال الولايات المتحدة والدول الأوروبية تفرضها على البنوك والشركات الروسية رغم مرور أكثر من 100 يوم على الأزمة الروسية-الأوكرانية، وانضمت "واشنطن" وبريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي في فرض حظر جزئي على صادرات النفط الروسية وعزل أكبر مقرض روسي "بنك سبير"عن نظام سويفت الدولي للمدفوعات يوم الجمعة 3 يونيو 2022.

فتح أسواق جديدة لبيع النفط

وأوضح التقرير أن تلك العقوبات قد تسببت في اضطراب الاقتصاد الروسي، وإذا تم الإبقاء عليها، فمن المحتمل أن تؤدي إلى ضعف الأداء الاقتصادي لسنوات، لكن روسيا من ناحية أخرى تحاول تعويض تلك الأضرار عن طريق فتح أسواق جديدة لبيع النفط، وتجاوز سعر خام برنت 120 دولارًا للبرميل، لذا، يتوقع العديد من المحللين أنه بحلول العام 2023، سينخفض إنتاج روسيا من النفط بنحو 20% فقط من مستواه قبل بداية الصراع مع أوكرانيا.

إعادة الأعمار وإصلاح القاعدة الصناعية في أوكرانيا

وتابع التقرير أن روسيا ستظل تحصل على إيرادات وفيرة مقابل بيع النفط لعملاء جدد، بخلاف بعض الدول الأوروبية والآسيوية التي تفرض العقوبات، كما أن العقوبات لن تضر باقتصادها بشكل كبير، على عكس أوكرانيا التي تدهور اقتصادها، وبحسب بعض التقديرات، فإن تكلفة إعادة الأعمار وإصلاح القاعدة الصناعية في أوكرانيا ستبلغ نحو 600 مليار دولار، وفي هذا السياق، تساءل العديد من المحللين السياسيين عما إذا كان يجب على الغرب التحول من مجرد تجميد الأصول الروسية مؤقتًا إلى مصادرتها بشكل دائم، لدفعها مقابل إعادة الإعمار في أوكرانيا.

وفي هذا الإطار، أظهر التقرير أن روسيا تمتلك 300 مليار دولار من الاحتياطات في الدول الغربية، كما تبلغ أصول القطاع الخاص الروسي في الخارج نحو تريليون دولار، وفي 19 مايو الماضي، قالت "أورسولا فون دير لاين" رئيسة المفوضية الأوروبية، إن الاتحاد الأوروبي يبحث في مصادرة الأصول الروسية، وتناقش "مجموعة السبع-G7" الآليات القانونية التي تتمكن بها دول الغرب من مصادرة الأصول الروسية دون الإضرار بمصالحها.

مبرر قانوني لتحميل روسيا ثمن الضرر

ولفت التقرير الانتباه إلى أن دول الغرب تبحث عن مبرر قانوني لتحميل روسيا ثمن الضرر الذي وقع على أوكرانيا بسبب تلك الأزمة؛ نظرًا لأن فرض العقوبات لا يعني مصادرة أموال الدولة، لكنه يعوق قدرة الدول على الاستمرار في النهج غير المقبول دوليًا ويجبرها على تغيير سلوكها، وبمجرد تغير سلوك الدول يتم الإفراج عن الأصول، لذا، فمن الصعب على الدول الأوروبية إيجاد مبرر قانوني للتحول من نهج فرض العقوبات إلى الحجز الدائم على تلك الممتلكات.

وتطرق التقرير إلى أنه في الولايات المتحدة الأمريكية، يتمتع الرئيس الأمريكي بسلطة تجميد أصول الحكومات الأجنبية لحين انتهاء النزاع بين طرفين، ولا يحق للرئيس مصادرة الأموال ما لم تكن أمريكا طرفا في الصراع مع الدول الأخرى، كما يحق للسلطة التنفيذية السيطرة على أصول أجنبية معينة في حالة أنها لم تعد تعترف بحكومة دولة ما، لذلك أكد الرئيس الأمريكي "جو بايدن" منذ بداية الصراع الروسي الأوكراني أن بلاده ليست طرفًا في الأزمة، وأنها لا تسعى لتغيير النظام في روسيا.

مفاوضات تسوية

وبموجب القانون الدولي، عندما تتم معاهدة سلام بين طرفين، فإن التعويضات يجب أن تتم بموافقة الدولة التي تسببت في تلك الخسائر، ولا يحق لأي طرف إجبارها على دفع التعويضات، وفي ظل الوضع الراهن، لا تتوقع الدول الغربية أن تعقد روسيا وأوكرانيا مفاوضات تسوية في وقت قريب، كما أن مصادرة الأصول المملوكة للأفراد في روسيا، أمر يصعب تنفيذه إلا إذا كانت هناك إدانة قضائية، وفي بعض البلدان تعتبر مصادرة الأصول المملوكة للأفراد انتهاكًا للدستور، مثل: ألمانيا.

ونوه التقرير إلى أنه على المدى القصير، فإن مصادرة الأموال الروسية لن توقف روسيا عن تمويل صراعها في أوكرانيا، لأن الكرملين لا يعتمد على الأصول الأجنبية التي تم تجميدها، وعلى المدى الطويل، فإن مصادرة الأموال الروسية دون أساس قانوني واضح قد يعرض جميع الأصول بما في ذلك الأصول الغربية للمصادرة من حكومات أخرى بالمثل في المستقبل، كما أن ذلك سيكون حافزًا للدول التي لديها علاقات مضطربة مع الولايات المتحدة لتجاوز النظام المالي الذي تقوده "واشنطن" ويعد حجر الأساس للقوة الغربية.

مصادرة الأصول الروسية

ختاما، أشار التقرير إلى أنه يتعين على الدول الغربية بدلاً من اللجوء إلى مصادرة الأصول الروسية، تعزيز جهود أوكرانيا الحربية، وتوفير المزيد من الأسلحة الثقيلة وتسريع انتشارها وتدريب القوات الأوكرانية على استخدامها، كما أنه يجب عليها أيضا وضع خطط بديلة لإعادة إعمار أوكرانيا، نظرًا لأنه على الأرجح لن توقع روسيا على اتفاق سلام ولن تدفع أي تعويضات.

اقرأ أيضا: البنك الدولي: «اقتصاد أوروبا وآسيا الوسطى في خطر بسبب الحرب الأوكرانية»