الطريق
الأربعاء 24 أبريل 2024 02:32 مـ 15 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

الطروحات الحكومية تجدد دماء الحياة للبورصة المصرية.. وهذه عوامل نجاحها

البورصة المصرية
البورصة المصرية

حالة من التفاؤل اجتاحت البورصة المصرية خلال الفترة الماضية بتغيير قيادات سوق المال، والإعلان عن برنامج طروحات مرتقب وتنفيذ صفقات استحواذ، والتراجع عن بعض القرار التي أضرت بسوق المال، وإقرار حزمة محفزات لدعم وتحسين بيئة الاستثمار وفقًا لتوجيهات الحكومة، بعد نفق مظلم، ونزيف دامي من الخسائر منذ بداية العام الجاري 2022 أفقدت رأس المال السوقي بالبورصة ما يقرب من ربع قيمته، نتيجة لخروج الاستثمارات الأجنبية وهروب الأموال الساخنة تأثرًا بتداعات الحرب الروسية الأوكرانية وما ألقته بظلالها على اقتصاديات العالم، لذلك كان من الضروري البحث عن روشيته لاستمرار إنعاش سوق المال، وقواعد لضمان نجاح برنامج الطروحات المرتقب الذي أعلنت عنه الحكومة الأيام الماضية.

وللحديث عن هذه الأحداث، قالت الدكتورة حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، ورئيس مجلس إدارة شركة الحرية لتداول الأوراق المالية، إن أهم أسباب إنعاش البورصة المصرية، ونجاح برامج الطروحات المرتقبة، هو توضيح أن التداول في البورصة هو حق للجميع وليس فقط لأصحاب المالية العالية، ومتاحة لكل الثقافات والأعمار ابتداءًا من سن 16 عامًا بمبلغ 10 آلاف جنيه فقط، ولابد من التوسع في ثقافة التداول من خلال الندوات التثقيفية للمستثمرين الصغار لحماية أنفسهم من التضخم وإهدار المال والتفرقة بين الإستهلاك والاستثمار.

وأضافت محللة أسواق المال لـ«الطريق» أن الفترة الحالية موجة التضخم تضرب العام أجمع وانخفاض قيمة العملات، ومنها في مصر انخفاض لقيمة الجنيه مقابل الدولار، لذلك يعتبر أفضل طرق الاستثمار التي تحمي الجنيه المصري مقابل الدولار، هي تنشيط البورصة، وتعتبر أيضًا أولى أولويات الدولة، بدلا من الاتجاه إلى أدوات الدين التي ترفع من معدل الدين الخاجي وتتسبب في تصنيفات ائتمانية سلبية.

وأوضحت الخبيرة المالية، أن مصر لديها كنوز داخلية من شركات حكومية ناجحة لابد من استغلالها بصورة صحيحة من خلال طرح جزء من أسهمها في البورصة للاستثمار، أما شركات القطاع الخاص، لابد من تشجيعها على التحول للشركات المساهمة، ووفقا للقانون يمكن ذلك برأس مال 1000 جنيه فقط لا غير، لذلك لابد من داعمين لفكرة الطرح في سوق الأسهم الصغيرة والمتوسطة، «بورصة النيل» فضلا عن الدعم والتخفيضات والتشجيع لطرح هذه الأسهم في البورصة.

وأكدت رمسيس على أن من أهم البنود المطروحة لتنشيط البورصة ونجاح برنامج الطروحات المرتقبة هو إزالة جميع المعوقات التي تقف حائلا أمام عمليات التداول، ورأينا سياسات القيادات الجديدة في البورصة خلال الفترة الماضية تتجه إلى ذلك، بالتعامل بنظرية التداول بالعمليات العكسية بدلا من إيقاف الأكواد، ودعم قوي لعملية الهامش والتعامل بأريحية، وعدم التركز مع العميل أو الأسهم كما يحدث سابقا، ولا زال هناك المزيد من إجراءات التنشيط خلال الفترة المقبلة.

ونوهت خبيرة أسواق المال، على ضرورة وقف رفع أسعار الفائدة والتي بدورها تؤدي إلى مزيد من ارتفاع معدلات التضخم والركود الاقتصادي، والاتجاه داخليًا إلى تنشيط التداولات من خلال فتح شركات تستعين بالشباب كخبرات وضخ دماء جديدة وإتاحة الفرصة في شركات التداول والاستشارات المالية وصناديق الاستثمار لتكوين جيل بدماء جديدة.

وفي هذا السياق يقول الدكتور سعيد الفقي، محلل اسواق المال لـ الطريق، إن تولى قيادات جديدة لسوق الاسهم، بدأ ينعكس إيجابيًا على السوق من حيث النشاط والصعود التدريجي وعودة ثقة المستثمرين في تلك القيادات آملين أن يكون لديهم رؤية جديدة من خلال خبراتهم، ومع الظروف الاقتصادية الحالية هناك حالة من التفاؤل بشكل عام مع تغيير بعض القيادات الاقتصادية ويدعمها اجماع على تلك القيادات وخبراتها وقدرتها على عبور تلك المحنة الصعبة.

وأوضح الفقي، أن ارتباط نجاح الطروحات الجديدة بارتفاع القيم السوقية للأسهم الموجودة في البورصة، وهذا يعني أن المستثمر القديم يدرك جيدا أن أسعار الأسهم الموجودة على شاشة التداول اقل من قيمتها الاسمية والسوقية وبالتالي هي أنسب له من الدخول في طرح جديد، أما بالنسبة للمستثمر الجديد محتاج لدعاية وتسويق وهو غير متوافر حاليا.

ونوه المحلل المالي على أن البورصة من الضروري أن تهتم بالتسويق الجيد باعتباره أحد عوامل نجاح برنامج الطروحات، مطالبا بإدارة متخصصة من قبل محترفين لعملية التسويق داخليا وخارجيا والتي من خلالها نستطيع بيع أي شيئ، مشيرا الى أن البورصة خلال الفترة الماضية كان لديها أولويات أخرى غير التسويق، لذلك من الضروي مع بداية مرحلة جديدة أن نهتم بالتسويق الجيد.

وأكد الخبير المالي أن هناك ثلاثة محاور رئيسية لنجاح برنامج الطروحات، الأول والأساسي هو التسويق الجيد من قبل متخصصين محترفين، والمحور الثاني هو تحديد سعر عادل للسهم يحقق ربح للمستثمر من خلال ارتفاع قيمته أو للشركة يدعمها في توسيع نشاطها، والمحور الثالث التوقيت المناسب للطرح، ويكون فيه الاتجاه العام صاعد والرؤية إيجابية بشكل عام.

وفي نفس السياق، أكد الدكتور محمد عبد الهادي، محلل أسواق المال، أن فكرة إنعاش البورصة تتلخص في عده محاور أهمها، زيادة نسبه المؤسسات المصرية في السوق المصري وإتمام إنشاء عده صناديق لاستثمار في سوق المال المصري، وتفعيل صانع السوق بحيث يدعم البورصة في أوقات الانخفاض.

وتابع عبد الهادي، من الضروري وضع رؤية واستراتجية خاصة بالنهوض بالبورصة، وعقد مؤتمرات ولقاءات مستمرة في جميع أنحاء الجمهورية للتوعية ونشر الفكر الاستثماري وتعريف الأفراد بمزايا الاستثمار في البورصة، وزيادة عدد الشركات المقيدة، وإعطاء حوافز ومميزات ضريبية للقيد كما كان متبع مسبقا، ووضع خطة للشركات المطروحة خلال الفترة المقبلة بما يساعد في جذب سيولة ومستثمرين جدد.

وعانت بورصة مصر خلال الفترة الماضية وتحديدً منذ بداية العام الجاري 2022 من تراجعات وخسائر فادحه، تسببت في خسارة للمؤشر الرئيسي إيجي إكس 30 والمحدد النسبي لأكبر 30 شركة مقيدة في سوق المال 25% من قيمته خلال النصف الأول من العام الجاري، وخسر رأس المال السوقي لأسهم الشركات المقيدة ما يقرب من 119 مليار جنيه، وهوى المؤشر الرئيسي للبورصة من مستوى 11909 نقطة منذ بداية العام، حتى 9179 نقطة ، بمقدار يفوق الـ 2700 نقطة بنهاية النصف الأول من العام الجاري.

وبعد تراجعات حادة وخسائر فادحة في سوق الأسهم، نتيجة لخروج المستثمرين الأجانب، بعد أزمة روسيا وأوكرانيا، كلف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحكومة، بإعداد رؤية شاملة متكاملة للنهوض بالبورصة، حقق سوق المال عقب هذه التكليفات مكاسب خياليةوصلت إلى 21 مليار جنيه، وارتفع المؤشر الرئيسي إيجي إكس 30 بنسبة 3.07% نهاية أبريل الماضي.

وأعلنت الحكومة حزمة تحفيزات لتنشيط سوق المال ومواجهة التداعيات السلبية لنشوب الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وما تسببته في أزمة اقتصادية، لمست اقتصاديات العالم أجمع، تمثلت المحفزات الحكومة في عدة محاور، أهمها تعزيز قيمة المنتج والصناعة المحلية وتوطين الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتخارج الدولة من الشركات العامة لإتاحة الفرص أمام القطاع الخاص، وإعادة هيكلة الدين العام وخطة للنهوض بسوق المال المصرية، وأخيراً استمرار الحفاظ على البعد الاجتماعي.