الطريق
الجمعة 26 أبريل 2024 01:54 صـ 16 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

حوار| أحمد فضل شبلول: أتمنى تحويل «الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد» لفيلم سينمائي

الكاتب أحمد فضل شبلول
الكاتب أحمد فضل شبلول

حصل على جائزة الدولة التشجيعية وجائزة الدولة للتفوق في الآداب، استطاع أن يخترق حاجز الزمان وصنع أسلوبا تميز به عن الباقين، نال عديدا من التكريمات من هيئة قصور الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة وجوائز عربية أخرى من لبنان والسعودية، ألف مجموعة كبيرة من الكتب، آخرها الليلة الأخيرة في حياة نجيب محفوظ، ووصلت روايته الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد إلى القائمة الطويلة لجائزة العالم العربي.

«الطريق» أجرى حوارًا مع الكاتب والشاعر والروائي أحمد فضل شبلول، صاحب رواية «الحجر العاشق».

في البداية كيف ترى حال الرواية في مصر؟

الرواية في مصر الآن في أفضل حالاتها من ناحية الكم والكيف، وواضح أن الإرث الروائي قد أسهم في بلورة مفهوم الرواية لدى الأجيال الحالية، وما تركه لنا نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وطه حسين ويوسف السباعي وإحسان عبد القدوس وفتحي غانم، ثم بهاء طاهر وإبراهيم عبد المجيد وجمال الغيطاني ويوسف القعيد ومحمود عوض عبد العال، وغيرهم، قد أثرى الساحة الأدبية بروايات كثيرة ومختلفة الشخصيات والتوجهات والطبائع والأماكن والأحداث.

الآن لدينا تراث روائي كبير، على عكس ما كان موجودًا وقت أن بدأ نجيب محفوظ وجيله مشوارهم الأدبي، فلم يكن هناك إنتاج كبير قبلهم. ناهيك بحركة الترجمة في الفن الروائي وما ورد إلينا من ترجمات الأعمال الروائية المشهورة والمشهود لها بالروعة من الأدب الفرنسي والإنجليزي والروسي والأمريكي والإسباني والبرتغالي وأيضًا من الأدب الياباني والصيني والهندي والإفريقي، أي من معظم بلدان العالم.

كل هذا أسهم في خلق حالة روائية متميزة سرعان ما شارك فيها الشباب بالتأليف، ووجدنا المرأة الكاتبة أيضا تدخل عالم الرواية بكل ثقة واقتدار وامتلاك لأدواتها ورؤيتها وعالمها الخاص، مما زاد من حركية الرواية داخل مجتمعنا الأدبي والثقافي، وعلى سبيل المثال حصلت الروائية المتميزة ريم بسيوني هذا العام على جائزة الدولة للتفوق في الآداب، وقد قدمت إنتاجا روائيا ناجحا من خلال أعمالها "أولاد الناس" و"ثلاثية المماليك"، ولدينا أيضا روائيات أخريات متميزات مثل سلوى بكر وهالة البدري ورشا سمير وصفاء عبد المنعم وميرال الطحاوي وغادة نبيل ومي التلمساني وسهير شكري وسهام بيومي وميرفت العزوني، وقبلهن كانت هناك د. رضوى عاشور وفوزية مهران ونعمات البحيري ونجوى شعبان وغيرهن.

وإذا تتبعنا خريطة الإصدارات الروائية فسنجد على الأقل رواية واحدة تصدر كل يوم في مختلف أنحاء مصر، من دور النشر الحكومية والخاصة، لذا أعتقد أن الرواية حاليًا في أزهى فترات عصورها مقارنة بعقود أخرى سابقة.

كيف ترى الجوائز الأدبية في مصر؟

شهادتي ستكون مجروحة في هذا الأمر لأنني حصلت على جائزة الدولة التشجيعية عام 2007 وجائزة الدولة للتفوق في الآداب عام 2019، وأنشأت جائزة باسمي وهي "جائزة أحمد فضل شبلول للنص الشعري المكتوب للأطفال"، وشاركت في تحكيم الكثير من الجوائز الأدبية مصريا وعربيا، آخرها كنت رئيسا للجنة تحكيم جائزة الدولة للمبدع الصغير في فرع الشعر هذا العام، فضلا عن أنني حاليا رئيس لجنة الجوائز بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، وسنعقد قريبا ندوة يعقبها مؤتمر عن الجوائز الأدبية يتحدث فيها متخصصون ومحكمون تحت عنوان "الجوائز الأدبية ما لها وعليها"، وربما يشاركنا في هذا المؤتمر مؤسسات عربية تطلق عددا من الجوائز الأدبية.

وتابع: عموما فإنه لا توجد جائزة يتفق الجميع على نزاهتها المطلقة، فكل المتقدمين لنيل الجوائز يريدون الفوز بها، وفي النهاية لا بد أن يكون هناك فائز أو اثنان أو ثلاثة على الأكثر، ودائما لا يرضى غير الفائزين بالجائزة لأنهم لم يحصلوا عليها، فتبدأ الشكاوى والاعتراضات والطعن في نزاهة الجائزة والتحكيم، وأنها تختار من على مزاج المحكمين أو تُملى عليهم أسماء بعينها، وغير ذلك من صور عدم الرضا، غير أن هؤلاء الطاعنين والمعترضين يعودون للتقدم ثانية وثالثة لنيل الجائزة. وكل جائزة لها شروطها الخاصة التي يجب أن يلتزم بها أولا المتقدم لها، ومن الأمور العجيبة التي عاصرتها أن هناك أديبا لم يتقدم للجائزة، ويسأل لماذا لم يمنحوه الجائزة!

كما أن زوجة أحد الأدباء سألتني ذات مرة لماذا لم يحصل زوجها على جائزة الدولة مثل فلان وفلان، فسألتها هل تقدم لنيل الجائزة، فسألتني سؤالا غريبا: هو لازم يتقدم للجائزة كي يحصل عليها؟

متى كتبتَ أولى قصائدك؟

كتبت أولى كلماتي التي كنت أظنها شعرًا في المرحلة الإعدادية، وكنت أخلط فيها بين العامية والفصحى وبين كلمات الأغاني التي أسمعها في المذياع، وما كنت أدرسه من قصائد شعرية في المدرسة، ونبهني مدرس اللغة العربية إلى هذا الأمر، لكنه أقر أن هناك موهبة تحتاج إلى صقل. وكذلك الحال في المرحلة الثانوية، وقد دلَّني مدرس اللغة العربية هناك على قصر ثقافة الحرية، فذهبت وانتظمت في نادي الشعر، وبدأت أكتب كتابة صحيحة، وكنت أراسل بعض المجلات والجرائد، وكان يرد عليّ الشاعر الكبير فؤاد حداد المشرف على صفحة "قال الشاعر" في مجلة صباح الخير، إلى أن أرسلت له قصيدة بعنوان "إضاءة الكلمة" فنشرها كاملة في مجلة صباح الخير مع تنويه جميل، ومن هنا بدأت المسيرة الحقيقية في عالم الشعر والنشر، فنشرت في كبريات المجلات والجرائد المصرية والعربية وأنا في المرحلة الجامعية بكلية التجارة جامعة الإسكندرية.


حدثنا عن التجريب في أعمال أحمد فضل شبلول؟

مسألة التجريب قضية كبيرة، وأعتقد أن كل عمل يأتي بشكله المناسب لمضمونه، ولعلي بدأت مسيرة التجريب في الشعر بديوان "تغريد الطائر الآلي" حيث خضت تجارب وعوالم شعرية لم يسبق الكتابة فيها من قبل، حيث الحاسب الآلي هو بطل القصيدة، وقد التفت الناقد الدكتور بهاء حسب الله إلى هذا الجانب، فكتب بحثًا ضمن بحوثه للترقية لدرجة الأستاذية في كلية الآداب جامعة حلوان، عنوانه "القصيدة الحاسوبية في شعر أحمد فضل شبلول" وربما يصدر هذا البحث في كتاب قريبًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. أيضا تحدّث الناقد الراحل الدكتور عبد القادر القط عن قصيدتي "عتاب إلى سوالب الأسلاك" ووضعها مع أهم قصائد القرن العشرين في كتاب صدر عن مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري.

أما عن التجريب في الرواية، فلعل روايتي "الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد" اعتمدت تكنيكا جديدا وهو البداية من الفصل السادس عشر نزولا إلى الفصل رقم واحد، وهو تكنيك يتناسب مع كون بطل العمل الفنان التشكيلي محمود سعيد يسير على كورنيش الإسكندرية في أثناء لحظات احتضاره، ليُسلم روحه بالقرب من مسجد أبوالعباس المرسي، (حيث مكان ولادته) أي إن هناك عدا تنازليا من لحظات الحياة الأخيرة إلى لحظة الموت المحتومة. وقد فرض عليَّ هذا المنظور استخدام ذلك التكنيك في أثناء كتابة العمل. وقد ظن أحد القراء أن هناك خطأ في ترقيم الفصول فاتصل بي لينبهني، فذكرت له أنه لا خطأ هناك، وأن هذا الترقيم أو الترتيب التنازلي مقصود في العمل، ولعل هذا ما لفت أنظار المترجم التونسي منصور مهني، فقام بترجمة الرواية إلى اللغة الفرنسية وتحمَّست دار نشر لارمتان في باريس لنشر الترجمة الفرنسية، وصدرت منذ شهور عديدة.

هل تعتقد أن زمن الرواية سوف يدوم ولن يطغى فن آخر عليها؟

في ظل التطورات التكنولوجية التي تتسارع حاليا، لا نستطيع التنبؤ بما سوف يصير إليه عالم الأدب عموما، والرواية خصوصا، فهناك ما يعرف الآن بالرواية الرقمية، ربما تتسيد الموقف في المستقبل القريب، فنحن لا نستطيع أن نغض الطرف عمَّا تحدثه التكنولوجيا في حياتنا، وتأثيرها على إبداعنا الأدبي. والتكنولوجيا في عصرنا الرقمي تستطيع أن تقدم لنا حلولا إبداعية وبدائل غير مسبوقة، والأهم من كل ذلك وجود الإنسان الأديب المثقف الواعي الذي يستطيع أن يستثمر إمكانات التكنولوجيا وشبكة الإنترنت في صناعة نص أدبي مؤثر وفعّال.

ومن ناحية أخرى أرى أن المستقبل لكتابة السيناريو، وقد لاحظت أن عددا كبيرا من شبابنا الآن يتجهون لتعلم كتابة السيناريو وينتظمون في ورش لتعلم هذا الفن وأسراره، كما لاحظت رواج الكتب التي تتحدث عن فنيات وأسرار كتابة السيناريو. وتظل الموهبة هي العنصر الفارق بين كاتب سيناريو وزميل آخر له غير موهوب في الكتابة.

ما أقرب أعمال أحمد فضل شبلول إلى قلبك؟

في الشعر -وقد أصدرت ثلاثة عشر ديوانا حتى الآن- أقرب الأعمال إلى قلبي هو ديواني الأول "مسافر إلى الله" وقد صدر عام 1980، وفي الشعر المكتوب للأطفال حيث أصدرت سبع دواوين شعرية حتى الآن، فإن أقرب الأعمال إلى قلبي هو ديوان "آلاء والبحر"، وفي الرواية تظل "الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد" هي الأقرب إلى قلبي خاصة بعد أن ترجمت إلى الفرنسية، وإشادة محكمي جائزة الوطن العربي للرواية في باريس بها.

هل الموهبة وحدها تكفي لخلق كاتب حقيقي أم أن هناك عوامل أخرى تسهم في تشكيل التجربة؟

الموهبة وحدها لا تكفي بطبيعة الحال، وهناك من يقول إن الموهبة تشكل 20 % فقط من العملية الإبداعية، فهناك – على سبيل المثال - زجالون وشعراء بالفطرة ولكنهم غير مثقفين، وبالتالي فهم غير مؤثرين، أما لو صقلوا موهبتهم واستكملوا موهبتهم بالاطلاع والتثقيف يكون لهم شأن كبير. الثقافة والقراءة وزيارة المتاحف ومشاهدة الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية ومتابعة أحوال المجتمع والتعمق في التاريخ والجغرافيا والسياسة، ومعرفة النظريات العلمية، ونظريات الاجتماع وعلم النفس وغيره، يسهم في زيادة وعي الكاتب بشكل كبير ويساعد في تطور إنتاجه الأدبي بصفة مستمرة، ولنا في كاتبنا الكبير نجيب محفوظ أسوة حسنة في ذلك الأمر، فهو كان يتطور بشكل دائم ومستمر، ولم يعتمد على موهبته فقط.

ما الرواية التي تتمنى أن تتحول إلى فيلم سينمائي؟

قام الشاعر الدكتور فوزي خضر بتحويل روايتي "الحجر العاشق" إلى سباعية تلفزيونية تحت عنوان "زمرد الولهان" ومؤخرا صدر سيناريو وحوار هذه السباعية في كتاب ليكون تحت أيدي من شاء إنتاجه، بدلا من الشكوى من عدم وجود سيناريوهات جاهزة، وبطبيعة الحال أتمنى تنفيذ هذا العمل ففيه مواقف وطنية مشرفة، بعد اكتشاف الوعي الفائق الذي عليه الحجر زمرد وهو يعيش في الخاتم الذي يزين إصبع بطلة العمل وهي الدكتورة منال عثمان أستاذة الفيزياء بكلية العلوم جامعة الإسكندرية، ومن السهل بطبيعة الحال تحويل هذا السيناريو والحوار التلفزيوني إلى عمل سينمائي يستغرق ساعتين مثلا على الشاشة، بدلا من سبع حلقات في التلفزيون.

أما العمل الذي أتمنى تحويله بالفعل فهو "الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد" خاصة أننا شاهدنا أفلاما درامية عن فنانين تشكيليين في العالم من أمثال جوجان وجويا وفان جوخ ولوتريك وفريدا كالو وبيكاسو ودافنشي ومايكل أنجلو وسلفادور دالي وغيرهم، أما على المستوى العربي فلم نشاهد عملا دراميا عن فنان تشكيلي وحياته الدرامية، ربما نتذكر فقط ناجي العلي الذي قام بأدائه الفنان نور الشريف، وناجي العلي كان فنان كاريكاتير ارتبطت حياته بالقضية الفلسطينية، وتم اغتياله في لندن عام 1987، لذا طغت الرؤية السياسية على فيلم ناجي العلي، أما محمود سعيد فهناك جوانب إنسانية درامية رائعة في حياته ما بين مصر وأوربا وفرنسا تحديدا، تتضح خيوطها في الرواية التي كتبتها عنه.

ما الذي لم يحققه أحمد فضل شبلول حتى الآن؟

كتابة المسرحية الشعرية، لم أكتب مسرحية شعرية بعد، ولكني أقوم الآن بتحويل رواية "الليلة الأخيرة في حياة نجيب محفوظ" إلى مسرحية نثرية. انتهيت من كتابة فصلين فيها حتى الآن. وقد أجرب مستقبلا – إن كان في العمر بقية – كتابة المسرحية الشعرية عندما أضع يدي على الموضوع المناسب لهذا الشكل الأدبي.

ما سر نجاح الكاتب من وجهة نظرك؟

الإصرار بعد أن تتأكد الموهبة، ومواصلة الطريق دون كلل أو تعب ثم الانفتاح على جميع الثقافات والنهل منها، وتوظيفها في مكانها الصحيح.

اقرأ أيضًا: الأكاديمية المصرية للفنون بروما تختتم موسمها الثقافي 2022

ما جديد حضرتك؟

هناك عمل شعري في انتظار الطبع تحت عنوان "الخروج إلى البحر"، وعمل للأطفال تحت عنوان "الكوكب الغضبان"، وعمل روائي فانتازي يتناول العلاقة بين الكائنات الحيوانية والكائنات المائية وأعتبره الجزء الثاني لرواية "الماء العاشق".