الطريق
الخميس 25 أبريل 2024 11:56 مـ 16 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

توقيت جولة لافروف.. ما يبحث عنه وزير خارجية روسيا في إفريقيا؟

الرئيس عبد الفتاح السيسي يستقبل وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بقصر الاتحادية
الرئيس عبد الفتاح السيسي يستقبل وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بقصر الاتحادية

بعد قرابة الأشهر الخمسة من اندلاع الحرب في أوكرانيا، نجحت خريطة واسعة من دول العالم التي تقع خارج نطاق القتال في الحفاظ على حياد نادر في صراع تنخرط فيه قِوَى عظمى بشكل مباشر أو غير مباشر، من ضمنها دول تعد حليفة لأحد المعسكرين.

تبرز في الواجهة دول عربية عدة وأخرى شرق أوسطية، حليفة تقليدية للولايات المتحدة، إلا أنها نجحت مع أنّ الضغوط الغربية تلعب دورا فاعلا في العقوبات على روسيا في أن تعتزل الأزمة وتلعب دوراً أكثر حيادية، منها دول إفريقية، يطير إليها وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف ضمن جولة بالقارة السمراء، تستغرق 5 أيام بدأها من مصر اليوم الأحد ويزور خلالها الكونغو وأوغندا وإثيوبيا.

تنمية العلاقات

وفي وقت سابق، أعلن لافروف أن القمة الروسية الأفريقية المقبلة ستعقد في عام 2022 على أراضي دولة إفريقية، في الوقت الذي أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن التعاون مع الدول الأفريقية استراتيجي وطويل الأجل، وأن تنمية العلاقات مع دول القارة ومنظماتها الإقليمية إحدى أولويات السياسة الخارجية الروسية.

ويبحث وزير الخارجية الروسي مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، تعزيز التعاون بين روسيا ومصر، التي تعد الشريك التجاري الأول لموسكو في القارة الإفريقية.

وبحسب المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، فإن لافروف سلم الرئيس عبد الفتاح السيسي رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، تناولت بعض موضوعات التعاون الثنائي بين البلدين، والإعراب عن الأهمية التي توليها روسيا تجاه ترسيخ العلاقات الثنائية في إطار اتفاق الشراكة والتعاون الاستراتيجي بين البلدين بواسطة المشروعات التنموية المشتركة الجاري تنفيذها حالياً.

وتضمنت الرسالة الإعراب عن التقدير تجاه مبادرة مصر لتشكيل لجنة الاتصال الوزارية في إطار جامعة الدول العربية سعياً لتسوية الأزمة الأوكرانية وما تم خلالها من زيارة للعاصمة الروسية موسكو من قبل وزراء الخارجية المعنيين.

وتأتي زيارة لافروف إلى القاهرة بعد أكثر من أسبوع على الجولة الأولى للرئيس الأمريكي جو بايدن في الشرق الأوسط، التي زار خلالها إسرائيل والأراضي الفلسطينية والسعودية، حيث شارك في قمة تجمع الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى مصر والأردن والعراق.

تشابك المواقف

وتعقيبا على جولة لافروف، قال السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية الأسبق، والخبير في العلاقات الدولية، إن القاهرة إحدى المحطات المهمة لجولة وزير الخارجية الروسي في أفريقيا، في ضوء تشابك المواقف الدولية في الوقت الراهن.

وأضاف هريدي في تصريحات لموقع «الطريق»، أن زيارة لافروف للقاهرة تأتي في إطار العلاقات المصرية الروسية الاستراتيجية، ومن ناحية أخرى في إطار الموقف المصري الرصين بالنسبة للحرب الروسية الأوكرانية إذ لا ينحاز ضد أي طرف من طرفي الحرب، ولا يمثل أي جهة في الاستقطاب الدولي الحاد حول الحرب الراهنة.

وتابع أن هذه الجولة تتعلق بالسياسة الخارجية الروسية في أفريقيا، إذ يحاول لافروف توضيح وجهة نظر بلاده بشأن أنشطة مجموعة «فاجنر» في شرق أفريقيا، مشيرا إلى ضرورة النظر إلى توقيت الزيارة خاصة أنها الأولى منذ 24 فبراير الماضي أي موعد بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتستهدف تعزيز التنسيق بين موسكو والعواصم الأفريقية.

العلاقات العربية الروسية

وذكر هريدي أن لافروف سيلقي خطابا أمام مجلس الجامعة العربية، بعد مبادرة الوفد العربي الذي زار موسكو في أبريل الماضي، واستهدف تقريب وجهات النظر بين موسكو وكييف.

ومن المقرر أن يلقي لافروف كلمة أمام مجلس جامعة الدول العربية الذي ينعقد على مستوى المندوبين، خلال زيارته إلى القاهرة، يتطرق خلالها لتطور العلاقات العربية الروسية.

ووفق ما أعلنت الجامعة، فإن لافروف يلتقي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وممثلي الدول الأعضاء الـ22.

وطرق وفد من وزراء الخارجية العرب، أبواب روسيا وأوكرانيا عبر بولندا، ضمن «وساطة عربية» برعاية الجامعة العربية؛ لتعزيز ودعم التوصل إلى حل سياسي للأزمة الحالية، التي ضريت تداعياتها دول العالم وفي القلب منها المنطقة العربية، بسبب الأضرار التي تلحق بأمنها الغذائي، وتهدد اقتصادها.

توازن عربي

واعتبر مساعد وزير الخارجية الأسبق أن زيارة لافروف ستكون فرصة لتبادل وجهات النظر حول المسارات المستقبلية لهذه الحرب، وما يمكن أن تقوم به مصر والدول العربية في المساعدة والمساهمة لإطلاق عملية تفاوضية بين روسيا وأوكرانيا.

وشدد هريدي على أن الدول العربية اتخذت موقفا متوازنًا من الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ولم تنحاز لطرف على حساب آخر، مؤكدا أن روسيا لها وجود في المنطقة، والدول العربية والأفريقية لها علاقات بموسكو وحريصة على تعزيز تلك العلاقات، لكن على الرغْم من ذلك فدول المنطقة أعلنت أنها لن تنحاز لأي طرف من طرفي الحرب، بل تدعو الدول العربية إلى وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا.

التعاون المصري الروسي

وبالنسبة للتعاون المصري الروسي، أكد هريدي، أن مسار العلاقات الثنائية المصرية الروسية مستقل تماما عما يحدث بشأن الحرب في أوكرانيا، فالعلاقات مستمرة ومتطورة، والدليل على ذلك سير المشروعات المشتركة بين البلدين وفق جدولها الزمني دون تأثير، فالعمل في محطة الضبعة يسير بشكل طبيعي وكذلك باقي المشروعات.

وأعطت مصر الضوء الأخضر للبدء في إنشاء أولى وحدات المحطة النووية بمدينة الضبعة، وهي المحطة النووية الأولى من نوعها في مصر، والتي تنفذها شركة روس أتوم الروسية.

تسوية الأزمة الأوكرانية

وشدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، على أهمية تغليب لغة الحوار والحلول الدبلوماسية للأزمة الروسية الأوكرانية، مؤكدا دعم مصر لكافة المساعي التي من شأنها تسوية الأزمة سياسيا للحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين، من خلال اتصالاتها وتحركاتها الدولية مع جميع القوى الفاعلة سواء في الإطار الثنائي أو متعدد الأطراف.

وبدوره، أكد وزير الخارجية سامح شكري، خلال مؤتمر صحفي جمعه بنظيره الروسي سيرجي لافروف الذي يزور القاهرة، ضرورة التوصل لتسوية سياسية ودبلوماسية للأزمة الأوكرانية.

وقال شكري: «علاقتنا مع روسيا قائمة على المصلحة المتبادلة ونتطلع لاستمرار التعاون الوثيق بين البلدين، وتناولت مع نظيري الروسي الأوضاع الدولية وفي مقدمتها الأزمة الأوكرانية».

ومن جانبه، أكد سيرجي لافروف أن علاقات روسيا مع مصر تتطور بشكل كبير، وبحثت مع نظيري المصري تعزيز التبادل التجاري بين البلدين ولدينا توافق في الرأي حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية.

ولفت لافروف إلى أن العقوبات المفروضة على روسيا تعيق تطوير العلاقات مع الدول الأفريقية، مؤكدا أن مصدرو الحبوب الروس يؤكدون التزامهم باتفاقيات التوريد للقاهرة.

ووصف السفير علي الحفني نائب وزير الخارجية السابق، العلاقات بين القاهرة وموسكو بـ«المتينة والتاريخية»، موضحا أنه حدث تغير نوعي في تلك العلاقات على امتداد الأعوام الأخيرة بمختلف المستويات سواء السياسي أو الاقتصادي والفني.

وقال الحنفي في تصريحات لموقع «الطريق»، إن لقاء الرئيس السيسي ووزير الخارجية الروسي تطرق لموضوعات شتى، على رأسها العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وهو الملف الذي يطرح نفسه بشدة وما يرتبط به من زيادة أسعار الطاقة والغذاء خاصة لشعوب المنطقة والعالم النامي على وجه الخصوص.

وأضاف أن القاهرة تتابع بكل اهتمام الاتفاق الذي جرى إبرامه تسهيل شحن تصدير الحبوب والأسمدة من الموانئ الأوكرانية، مشددا على سعي الرئيس السيسي إلى التأكيد على ضرورة تسوية هذا النزاع بالطرق الدبلوماسية في أقرب وقت ممكن، مع الوصول لاتفاق سياسي بين الجانبين حقنا للدماء ووقفا للأزمات الراهنة.

التعاون الاقتصادي

وتابع الحفني أن ملف العلاقات الاقتصادية والتجارية مع روسيا وغيرها من الموضوعات ذات الصلة بالعلاقات الثنائية، كان ضمن أجندة اللقاء بين السيسي ولافروف، بالنظر لكون القاهرة تعد الشريك التجاري الأول لموسكو في القارة الإفريقية.

وشهدت العلاقات التجارية بين مصر وروسيا تطورا ملموسا خلال الفترة الماضية، إذ ارتفع إجمالي التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2021 بنسة 5.1 بالمئة ليبلغ نحو 4.7 مليار دولار مقابل 4.5 مليار دولار عام 2020.

وأوضح مساعد وزير الخارجية السابق، أن تطور العلاقات بين مصر وروسيا توّج مؤخرا ببدء الأعمال الإنشائية في محطة الضبعة للطاقة النووية، بجانب العديد من المشروعات الأخرى كالمنطقة الصناعية الروسية في محور قناة السويس، إذ لم تؤثر الحرب في أوكرانيا على العمل بهذه المشروعات.

القضايا الإقليمية

وأشار الحفني إلى أن مباحثات لافروف في القاهرة تطرقت بالطبع إلى القضايا الخاصة بالإقليم، وعلى رأسها القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المحورية للدول العربية، والسعي لإيجاد حل عادل يضمن الحقوق الفلسطينية المشروعة.

وبشأن الوضع في ليبيا وتداعياته على أمن المنطقة، أكد الحنفي أن مثل ملفا مهما في مباحثات لافروف والسيسي، لافتاً إلى أن المباحثات أكدت ضرورة دفع الأطراف الداخلية للتوصل إلى التسوية السياسية المنشودة، ورحيل القوات الأجنبية والمرتزقة.

ونوه إلى أن الأوضاع في سوريا كانت محور اهتمام كذلك خلال زيارة لافروف، خاصة مع الحديث عن عودتها لشغل مقعدها بالجامعة العربية، وضرورة مواجهة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة.

وشدد الحنفي على أن التشاور في هذا التوقيت بين مصر وروسيا مهم للغاية، وفرصة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين الطرفين في خضم تعقيد الأوضاع الدولية على كافة المستويات.

اقرأ أيضا: صواريخ روسية تضرب أوديسا بعد اتفاق تصدير الحبوب