الطريق
السبت 27 أبريل 2024 04:07 صـ 18 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

الغلاء يعصف بموائد الرحمن.. وأهل الخير: «هنكمل لآخر جنيه»

مائدة رحمن في شارع العشرين بفيصل (مواقع التواصل)
مائدة رحمن في شارع العشرين بفيصل (مواقع التواصل)

يعدّ الحاج محمد مختار وأبناء عائلته، يوميا طعام الإفطار على مائدة الرحمن بشارع العشرين في منطقة الملك فيصل بالجيزة، حيث يجتمع عليها العشرات من عابري السبيل والفقراء والمساكين، ومن داخل مطبخ المائدة توزع مئات الوجبات الساخنة على المحتاجين في منازلهم تجنبا لإحراجهم بالحضور.

تراجع عدد موائد الرحمن

وفي ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية، وهبوط الجنيه المصري أمام الدولار، ظهر تراجع فعلي آخر مرتبط بموائد الطعام، حيث قل عدد موائد الرحمن بالمناطق الشعبية على نحو ينذر باختفائها تماما، بعدما اعتاد المصريون تنظيمها منذ عشرات السنين.

الحاج محمد مختار، قال لموقع "الطريق"، إنّ تكلفة إعداد مائدة الرحمن باتت باهظة في هذه الأيام مع ارتفاع أسعار اللحوم وتخطيها حاجز الـ 200 جنيه للكيلو، وأيضا الفراخ، وغيرها من المستلزمات كالسمن والزيت والأرز والخضروات، هو ما جعل الكثيرون يتخلون عن تنظيم الموائد ويكتفون بإخراج الزكاة أو التصدق على الفقراء: "رغم الغلاء وارتفاع الأسعار هنكمل لآخر جنيه ومش هنبطل موائد الرحمن".

اختراع مصري

وأوضح مختار أنّ موائد الرحمن اختراع مصري ينم عن كرم المصريين وتكاتفهم، وحدث أن تراجعت أعدادها بالشوارع بسبب الأوضاع الاقتصادية، لكنها سرعان ما عادت من جديد لتحتل أماكنها في المناطق الشعبية والراقية على حد سواء.

وأشار إلى أنّ شارع العشرين بالجيزة كان ينظم نحو 10 موائد إفطار بينما العدد تقلص حاليا إلى 3 فقط، في حين اكتفى جزء كبير بتوزيع وجبات ساخنة على الصائمين في منازلهم للفوز بالأجر والثواب، لكن دون الدخول في تكاليف مائدة رحمن.

أصول موائد الرحمن

وفي منتصف شارع العشرين بمنطقة فيصل أحد أهم المناطق الشعبية في مصر، يقف شاكر العبد، وسط أبنائه الذين يسارعون برص الطعام على مائدة الرحمن استعدادا لاستقبال الوافدين للإفطار عليها، يقول لموقع "الطريق" إنّ تنظيم المائدة له أصول وعليه مسؤولية كبيرة، فيجب أن يستعد أصحابها لأي عدد قد يأتي إليهم وهو ما يجعل بعض فاعلي الخير يتخوفون من عدم مقدرتهم على تحمل الأعباء المالية للمائدة طوال شهر رمضان.

وأضاف "العبد"، أنّ بعض الإجراءات البيروقراطية التي فرضها الحي على من ينظم موائد الرحمن أدت إلى قلة أعدادها بشكل ملحوظ، مثل ضرورة التقدم بطلب للحي التابع له، والتي ستقام المائدة به للحصول على ترخيص قبل البدء في الإطعام.

موافقات أمنية

وأوضح أنه من بين الشروط الصعبة التي وضعتها محافظة الجيزة لإقامة المائدة: الحصول على موافقة أمنية، وتحديد المكان الذي ستقام فيه، بشرط أن تكون بعيدة عن الازدحام والميادين والشوارع الرئيسية، موضحا أن الشوارع تكون خالية من المارة في أثناء الإفطار وبالتالي لا تشكل المائدة أي زحام.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات يدعي ناشروها اختفاء موائد الرحمن من شوارع مصر خلال شهر رمضان المبارك، لكن في الحقيقة فإن هذه المنشورات تناولت الأمر بشيء من المبالغة والتهويل فموائد الرحمن قلت بالفعل لكنها لم تختف، حسبما أكد المعتصم بالله أحد منظمي موائد الرحمن لـ "الطريق".

وقال المعتصم بالله، إنّ موائد الرحمن لا يمكن أن تختفي من شوارع مصر مهما كانت الأسباب لأن المصريين أول من اخترعها وتعبر من السمات الشعبية التي ستظل باقية، لكن لا أحد ينكر دور الأوضاع الاقتصادية في انخفاض أعدادها.

وفي غضون ذلك، أوضح الدكتور أحمد المهدي أستاذ الاجتماعي بجامعة عين شمس، لموقع " الطريق" إنّ قلة عدد موائد الرحمن مؤشر طبيعي للأوضاع الاقتصادية التي تشهدها البلاد نتيجة الأزمة العالمية، مشيرا إلى أنّ الموائد تخرج عادة من أبناء الطبقة المتوسطة التي تأثرت بشكل كبير من تداعيات الغلاء.

وتوقع المهدي، عودة موائد الرحمن إلى سابق عهدها عندما تتحسن الأوضاع الاقتصادية، وتنخفض أسعار السلع، مشيرا إلى أنه في الفترة التي أعقبت حرب أكتوبر 1973 تراجعت أعداد الموائد لكنها عادت مرة أخرى أكثر من السابق.