الطريق
الأربعاء 7 مايو 2025 01:31 صـ 9 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب

مقدرش عالنسيان.. غنوة للنسيان!.. كلمات عفا عليها الزمن..وصلت قمة الترند لأن الهضبة غناها

من جديد يفاجئنا الهضبة عمرو دياب بأغنية «سينجل» جديدة بعد مرور أقل من عام على صدور ألبومه الأخير «كل حياتى» الذى بمجرد صدوره فوجئنا أيضًا بصدور أغنية سينجل «جديدة» غير مدرجة فى الألبوم بعنوان «بحبك أنا»، وهى الأغنية التى استطاعت أن تحقق نجاحًا كبيرًا من حيث نسب المشاهدة على يوتيوب، إذ وصلت إلى أكثر من 40 مليون مشاهدة.

«مقدرش عالنسيان»، من كلمات تركى آل الشيخ وألحان عمرو مصطفى، هذا الثنائى الذى صنع لعمرو دياب فى آخر ألبومين مجموعة من الأغانى «الناجحة جماهيريًا»، مثل «برج الحوت»، «يا ساحر»، «ياملاك الحسن»، بالإضافة إلى سينجل «بحبك أنا».

من حيث التوزيع الموسيقى، فبلا أدنى أى شك أن عمرو دياب كان ولايزال هو واحدًا من أهم صناع الموسيقى فى تاريخنا الموسيقى العربى بأكمله، وحتى الآن يؤكد قدرته على صناعة الجديد فى الوقت الذى يلجأ فيه البعض لتكرار واستنساخ التجارب السابقة لعدم تمكنهم من إيجاد أشكال موسيقية مبتكرة، ففى هذه الأغنية استطاع «الهضبة» دمج الإيقاعات الخليجية مع الـLatin Pop باستخدام الجيتار ومجموعة الكمنجات، بالإضافة إلى استخدام مجموعة من الآلات التى قلما ما تستخدم فى أغانينا المصرية والعربية بشكل عام، مثل الـ«لوتار»،  والـ«بلالايكا» والـ«جمبش»، ومن حيث اللحن فقطعًا عمرو مصطفى هو واحد من أشطر ملحنى هذا العصر، ولديه قدرة فائقة تجعله قادرًا على تلحين «أخبار الجرائد» غير الموزونة وغير الملتزمة بالقوافى والأوزان والتقاسيم الشعرية، وهذه موهبة منحها الله له.

ولكن، هل كل ما ذكرناه فى السطور السابقة يقول بأن الأغنية على المستوى الفنى استطاعت تقديم النجاح؟. الإجابة لا، لأننا من المفترض أن نتعامل مع الأغنية كحالة عامة، فإذا كانت الألحان جيدة والتوزيع الموسيقى مبتكرًا والكلمات ضعيفة فستكون الأغنية فى مجملها بها خلل، فلابد من أن تكون أضلاع المثلث الغنائى «كلمات وألحان وتوزيع» على نفس الدرجة من الجودة لتخرج لنا فى النهاية أغنية ناجحة فنيًا، صحيح لم ولن نتحدث عن أداء عمرو دياب لأن هذه النقطة خارج التقييم!.

منهج الهضبة الذى بنى عليه أسطورته كواحد من أنجح مغنى الوطن العربي عبر التاريخ كان قائمًا على الجمل اللحنية البسيطة والقصيرة واستخدام الكلمات الواضحة والمباشرة سهلة النطق والدارجة لمخاطبة الشرائح الأوسع فى المجتمع للوصول إليهم بكل سهولة، وكل هذا فى إطار موسيقى نابع من ثقافتنا العربية، لكنه فى الوقت ذاته عصرى ومبتكر ومتماشٍ مع ما يقدم من جديد فى سوق الموسيقى العالمية، وبهذه الطريقة تربع عمرو دياب على عرش سوق الغناء لعشرات السنين.

ولكن فى أغنية «مقدرش عالنسيان» سنجد أن كلمات الأغنية بها مفردات عفا عليها الزمن ولا تستخدم من قبل الجمهور الذى يخاطبه عمرو دياب فى عام 2019 مثل «لهفة أشواقى»، و«دروبك مِشيت»!.

قد يقول البعض إن هذه الكلمات تعتبر كتجديد فى مفردات عمرو دياب الغنائية، ولكن هذا أمر غير حقيقى، فهناك فارق بين استخدام ألفاظ جديدة وجمل مختلفة، مثل «وجعتك انت توجع بلد»، و«انت مغرور انت معدوم الشعور»، و«بقى مش عارف ايه غيرنى يا برىء يا حنين يا ملاك»... إلخ، وبين «لهفة أشواقى»، و«فى دروبك مشيت»، و«نعيش أجمل فصول العمر»، و«ياللى انت صوتك عذب وملائكى»، و«تروى عطش روحى»، فكل هذه الكلمات غير دارجة ولم أستمع فى أى يوم من الأيام أثناء حديثى مع أصدقائى من  شباب جيلى لأى كلمة منها.

أما الحديث عن أن الأغنية استطاعت أن تصل إلى 5 ملايين مشاهدة فى 5 أيام فقط، ووصولها لقمة الترند العالمى فى وقت من الأوقات وأيضًا تربعها على ترند يوتيوب مصر فور صدورها، فهذا أمر طبيعى لأننا نتحدث عن عمرو دياب!. ونضع أيضًا فى الحسبان أن هناك «إعلانات ممولة» لدعم انتشار الأغنية، ولكن فى النهاية نحن نناقش أغنية لعمرو دياب حسب منهجه الذى وضعه من عشرات السنين ولا نقارنه مع أى مغنى آخر!.