الطريق
الإثنين 29 أبريل 2024 07:45 مـ 20 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

دور الشركات الناشئة فى ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة وسبل القفز بالإقتصاد المصري

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

مع تزايد الاهتمام العالمي بالسوق المصرية، تبرز الشركات الناشئة كعنصر أساسي في تشكيل ملامح الاقتصاد المستقبلي للبلاد، فتجد هذه الشركات ملاذًا للابتكار والتطور، مستفيدة من الرؤية السياسية الساعية نحو الإنفتاح الاقتصادي، فتعتبر الشركات الناشئة في مصر أحد أهم محركات النمو الاقتصادي، وتمثل نقطة التقاء بين الطاقة الشبابية والتكنولوجيا الحديثة، مما يخلق بيئة خصبة للابتكار وريادة الأعمال، ويوضح دكتور محمد أبو سريع الخبير المتخصص فى الشأن الاستثماري والشراكة بين القطاع العام والخاص فى حوار لجريدة الطريق عن دور وأهمية الشركات الناشئة فى تحقيق قفزات ايجابية للإقتصاد المصري

س / كيف تري مستقبل الشركات الناشئة فى مصر فى ظل التطور التكنولوجي
ج/ في تقدير الشركات الناشئة في مص، يكمن السر في التطور التكنولوجي، فمصر تحظى بتقدير دولي لبنيتها التكنولوجية، مما يعزز الاهتمام بالابتكار والتطوير.
فالشركات الناشئة التي تعتبر غالبًا شركاتٍ تكنولوجية جديدة، تساهم في التقدم الاقتصادي وتبني تطبيقات مبتكرة، ويتمثل أساس نجاح هذه الشركات في مجموعة من المبرمجين، الذين يعملون على تطوير التكنولوجيا وابتكار ملاحظات للتحديات الحديثة، فوصف شركة ناشئة يطلق على الشركة التكنولوجية الجديدة وهي ما تطلق بعد أو منتج ابتكاري جديد ولم يمضي على إقامتها فترة زمنية طويلة تحديدا تتراوح من 4 الي 8 سنين


لماذا الشركات الناشئة ممكن تؤدي الي قفزة فى الاقتصاد المصري ؟ وما هو تأثيرها وما هو الدور الذي يجعلها عامل جذب للأستثمار فى مصر ؟
أولاً، يمكن للشركات الناشئة أن تسهم في إحداث قفزة في الاقتصاد المصري، حيث تقدم منتجات جديدة تسهم في فتح أسواق عالمية وتعزز الصادرات المصرية.
ثانياً، تحمل الشركات الناشئة منتجات ذات قيمة عالية، وهي تستهدف الأسواق العالمية مما يعزز تحقيق عوائد مالية هامة، يتسم هذا النهج بكفاءته في زيادة حجم الصادرات المصرية، خاصةً في المقارنة بين المنتجات الزراعية والصناعية ومنتجات الشركات الناشئة التكنولوجية ذات القيمة العالية.
على سبيل المثال، يبرز تجربة دولة الإمارات في عام 2022، حيث جذبت 20 مليار دولار من خلال إطلاق 20 شركة ناشئة. وقد جاءت الإمارات في المرتبة الثالثة عالميًا في قائمة أفضل الدول لتأسيس الشركات الناشئة، وحصلت على المرتبة الأولى عربيًا في استقطاب رواد الأعمال من مختلف دول العالم. يظهر ذلك أهمية الشركات الناشئة كبوابة لتحقيق قفزات في الاقتصاد المحلي.

أنواع الشركات الناشئة
تتعدد التقسيمات، حيث يمكن تصنيف الشركات حسب حجم الاستثمار إلى نوعين:
شركات اليونيكورن (Unicorn): وتشير إلى الشركات التي بلغ حجم استثماراتها مليار دولار.
شركات الديكاكورن (Decacorn): وتشير إلى الشركات التي بلغ حجم استثماراتها 10 مليار دولار.
ومن حيث التخصص، يوجد عدة مجالات مثل:
الشركات التكنولوجية: التي تعمل في مجال التكنولوجيا، مثل البرمجيات وتطبيقات الهواتف الذكية.
الشركات الاجتماعية: التي تسعى لحل مشاكل اجتماعية أو تحسين جودة حياة الناس.
الشركات البيئية: التي تركز على حلول بيئية واستدامة البيئة.
الشركات الصحية: التي تعمل على تطوير حلول صحية جديدة وتحسين الرعاية الصحية.
الشركات الثقافية والإبداعية: التي تشمل الفنون والثقافة والإبداع.

تأثير الشركات الناشئة على الاستثمار
جذبت الشركات الناشئة في مصر، خلال عام 2022، استثمارات بقيمة 796.5 مليون دولار، بارتفاع نسبته 116% مقارنة بعام 2021 الذي شهد جذب 368.2 مليون دولار. يُلاحظ أن عدد الشركات الناشئة ازدادت خمس مرات خلال فترة الخمس سنوات الأخيرة، حيث بلغت 177 شركة خلال عام 2022 فقط، تعمل في أكثر من 14 قطاعًا فرعيًا.
وتشير التقارير المختصة بهذا الشأن إلى أن 30% من تلك الشركات قامت بالتوسع إقليميًا وعالميًا. كما تحتل مصر المرتبة الرابعة على مستوى قارة أفريقيا في جذب الاستثمارات للشركات الناشئة، حيث بلغت هذه الاستثمارات 710 مليون دولار خلال الفترة من يونيو 2022 حتى يونيو 2023.
وفي الوقت الحالي، تعمل 677 شركة ناشئة في مصر، وتقدم هذه الشركات متوسط 45,955 فرصة عمل. ومن بين الشركات المميزة في المشهد المصري، تبرز شركة النقل الجماعي "سويفل" التي جذبت استثمارات بقيمة 42 مليون دولار. بدأت هذه الشركة في القاهرة عام 2017 ونجحت في التوسع على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
تُظهر هذه الأرقام أهمية الشركات الناشئة كأداة لجذب استثمارات جديدة في الدول التي تحتضن نشاطًا قويًا للشركات الناشئة.

هل تعتقد ان مصر بها بيئة مناسبة للشركات الناشئة
بالتأكيد، تُعَدُّ مصر بيئةً مناسبةً للعمل والانطلاق للشركات الناشئة، ويعود ذلك إلى عدة أسباب، منها:
1. القدرات الابتكارية للشباب المصري: يُؤكد فوز العديد من الشباب المصري في المسابقات العالمية، التي تعتمد على عنصر الابتكار، في مجالات التكنولوجيا والرياضة والفيزياء.
2. تبني الجهات المسؤولة للبحث العلمي: تتبنى الحكومة المصرية العديد من البرامج والخطط التي تدعم الاستفادة من منتجات البحث العلمي وتحويلها إلى شركات ناشئة، مثل برنامج "إنطلاق" بأكاديمية البحث العلمي.
3. البرامج الحكومية لدعم الشركات الناشئة: تقدم جهات حكومية، مثل هيئة الاستثمار، برامج مثل "شركتك فكرتك" ومركز "تك" في هيئة تكنولوجيا المعلومات بوزارة الاتصالات، إلى جانب برامج جهاز تنمية المشروعات.
4. برامج جامعية لرواد الأعمال:توجد برامج داعمة للشركات الناشئة في جامعات مصرية حكومية وخاصة، مثل حاضنة أعمال فيبس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وكذلك الجامعة البريطانية والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا.
5. التسهيل في الحصول على التمويل: تُعَدُّ الإجراءات الميسرة للحصول على التمويل أمرًا هامًا جدًا، ويوجد العديد من الجهات في مصر التي تمول الشركات الناشئة، مثل صندوق بداية بالهيئة العامة للإستثمار وشراكات مع الدول الشريكة في تمويل هذه الشركات، كما في صندوق السعودي للتنمية.

6. دعم القيادة السياسية: تُظهر توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي دعمًا كبيرًا للشركات الناشئة، من خلال إعفاء هذه الشركات من الضرائب لمدة خمس سنوات وتأسيس شركات افتراضية دون وجود مقر فعلي لها.
7. التمويل والشراكات:يلعب التمويل دورًا هامًا، وتُيسَّر جهات متعددة في مصر الحصول على التمويل، مثل صندوق بداية بالهيئة العامة للإستثمار والشراكات مع دول شريكة في تمويل الشركات الناشئة.


هل هناك قطاعات محددة فى مصر ستشهد انطلاقة قوية للشركات
بالتأكيد، يُتوقع أن يشهد قطاع الشركات الناشئة في مصر انطلاقة قوية في عدة قطاعات، من بينها القطاع المالي الذي سيشهد تطورًا ملحوظًا خلال السنوات القادمة، وقد يكون من بين الشركات الناشئة الرائدة في هذا المجال شركات مثل إنستاباي وفوري، بالإضافة إلى شركات أخرى مبتكرة، كما يُتوقع أيضًا انطلاق الشركات الناشئة في قطاعات أخرى مهمة، مثل القطاع الصحي والتعليمي، حيث قد تظهر شركات ناشئة تقديم حلول مبتكرة في هذين القطاعين، أما فيما يتعلق بقطاع النقل، فمن الممكن أن يشهد تطويرًا كبيرًا، وشركات ناشئة مثل شركة تريلا التي أصبحت أحد الرواد في هذا المجال، فهذه القطاعات الاستراتيجية تعكس تطلع الاقتصاد المصري نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الابتكار والتقنية في مختلف القطاعات الحيوية.

دور الشركات الناشئة فى توفير فرص عمل
المفتاح لتوفير فرص عمل تتميز عن نظائرها يكمن في توفير فرص ذات دخل مرتفع للفرد، وقد برزت هذه الرؤية في تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث أعلنت الدولة عن فرص عمل في مجال البرمجة برواتب تصل إلى 20 ألف دولار. كما أشار الرئيس إلى وجود برنامج تأهيلي للشباب يكلف الدولة 30 ألف دولار لكل طالب من خريجي الهندسة والحاسوب، بهدف تعزيز قدراتهم وتأهيلهم لسوق العمل بأفضل كفاءة، فمن خلال هذه الشركات الناشئة يمكن تحقيق ذلك.


هل للشركات الكبري يمكن أن تلعب دوراً فى تنمية الشركات الناشئة
تستطيع الشركات الكبرى في مصر دعم التوسع في الشركات الناشئة من خلال مساهمتها في المسؤولية الاجتماعية للشركات، فيأتي ذلك ضمن مفهوم دعم تنمية ريادة الأعمال، الذي يجده القانون الاستثماري مهمًا، وهذا الدعم يعود بالنفع من خلال زيادة عدد الشركات الناشئة، وتشير الحاجة إلى تعزيز هذا الدور من قِبَل الشركات الكبرى وتبني المزيد من البرامج لريادة الأعمال كجزء من مسؤوليتها الاجتماعية، فيُشير القانون أيضًا إلى أن ما يُنفق على برامج ريادة الأعمال المدعومة من قبل هذه الشركات لا يُحتسب ضمن الضرائب. كما يمكن الاستفادة من نتائج أعمال رواد الأعمال الذين تم دعمهم في تطوير منتجات تلك الشركات الكبرى، وهذا يُعرف بريادة الأعمال الموجهة المرتبطة بأنشطة هذه الشركات.

أبرز التحديات التي تواجه الشركات الناشئة بمصر فى ظل الأزمة الأقتصادية الراهنة
1/ عدم وجود استراتيجية وطنية لتنمية ريادة الأعمال في مصر، وهذا يدفعنا إلى أهمية قيام الجهات المعنية بريادة الأعمال في مصر بإصدار استراتيجية وطنية لريادة الأعمال تتضمن ترتيب أولويات الدولة المصرية في مجال ريادة الأعمال.
2/ عدم توزيع الأدوار بين الجهات المعنية بريادة الأعمال وغياب التنسيق بينهم.
3/ أزمة الدولار لها تأثير لأنها تحتاج إلى مستلزمات سواء في توفير مستلزمات تطوير منتجاتها، وبالتالي يؤثر ارتفاع سعر الدولار على الأسعار.
4/ الأوضاع الراهنة في المنطقة تؤثر تأثيرًا كبيرًا، وهو ما يؤدي إلى عزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في الشركات الناشئة وخاصة في مصر.
5/ ضعف منظومة البحث العلمي في مصر، ولحل ذلك يتطلب تحقيق ترابط فعلي بين المؤسسات الأكاديمية وأصحاب المشروعات الاستثمارية، وهو ما يعني ربط الأكاديمية بالسوق لتعظيم الاستفادة من منتجات البحث العلمي.

كيف تستفيد الشركات الناشئة من الأزمة الراهنة
تستطيع الأزمة الراهنة أن تشكل منحى إيجابيًا للشركات الناشئة في تعزيز دورها في الاقتصاد المصري. يمكن أن تكون الأزمة فرصة لزيادة الإنتاجية في الاقتصاد، مما يساهم في تعزيز القدرة التنافسية للشركات الناشئة، بالإضافة إلى ذلك، قد تشجع الأزمة على دعم المنتج المصري وتقليل الاعتماد على الواردات الخارجية، مما يفتح المجال لتعزيز حصص الشركات الناشئة في السوق المصري، ويمكن لهذا التحول أن يسهم في تحقيق فوائد اقتصادية من خلال زيادة الإنتاج المحلي وتوفير المزيد من العملة الصعبة.

ما هي النصائح التي تود تقديمها لرواد الأعمال
1/ العمل على الاستمرار في تنمية قدراتهم الإبداعية والثقة في هذه القدرات.
2/ إدراك أهمية الجانب التجاري لأعمال رواد الأعمال والتعامل مع أفكارهم الإبداعية من منظور تجاري، أي العمل من البداية على كيفية تحويل المنتجات إلى سلع وخدمات يتم توفيرها في السوق، مما يمكنهم من تحقيق عائد وقيمة مضافة للأقتصاد الوطني.
3/ الاهتمام بالاطلاع على كل ما هو جديد في مجال ريادة الأعمال، وتحديدًا تنظيم الدورات المختلفة من حاضنات الأعمال ومسرعات الأعمال التي تنظمها الجهات الحكومية المختلفة. لأن المشاركة في هذه الدورات يحقق الجاهزية التي تمكن رواد الأعمال من تأسيس شركات ناشئة على أسس علمية وتجارية رصينة.