الطريق
الأربعاء 1 مايو 2024 04:22 مـ 22 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

الكتابة للطفل ليست بالأمر السهل لأنها تحتاج للموهبة

الناقد الأدبي وجيه يعقوب في حواره مع ”الطريق”: الرواية العربية تعبر عن تطلعات الشعوب”

الناقد الأدبي وجيه يعقوب
الناقد الأدبي وجيه يعقوب

بدأ في الكتابة للأطفال منذ ما يقرب من 30 عامًا حين التقى حمدي مصطفى رئيس المؤسسة العربية الحديثة وعرض عليه الكتابة للطفل في سلاسل تصدر عن المؤسسة العربية الحديثة، ونظر مصطفى للأوراق التي منحها له الدكتور وجيه يعقوب ودون بعض الملاحظات ووافق على النشر، ومن هنا بدأت المسيرة لتستمر حتى تصل إلى 200 قصة للأطفال خلال 30 عاما، وبخلاف ذلك كانت له العديد من الكتب مثل كتابه "فإني قريب" وغيرها من الكتب التي دشنت مسيرته من خلال قراءات كثيفة، وعن كل هذه الأمور التقت جريدة الطريق الدكتور والأكاديمي وجيه يعقوب السيد أستاذ النقد الأدبي ورئيس قسم اللغة العربية بكلية الألسن جامعة عين شمس وكان هذا الحوار..

فإني قريب.. كيف جاءت هذه السلسلة عن المؤسسة العربية الحديثة؟

كتاب (فإني قريب) عبارة عن خواطر دينية وتربوية وأدبية تناقش عددا من الموضوعات والأفكار المهمة التي نحتاج إلى الحوار بشأنها مثل: مفهوم السعادة والحب والصداقة وصراع الأجيال وصورة الزواج في الدين وفي الواقع وفلسفة الابتلاء وكيفية التعامل مع المحن والشدائد التي نُمتَحن بها وغيرها من الموضوعات، وقد بدأت كتابة هذه الخواطر في زمن تفشي وباء كورونا الذي حصد أرواح مئات الألوف من البشر وكان من المرشح أن يحصد أرواح المزيد لولا لطف الله تعالى وتسخيره للعلماء والباحثين الذين تمكنوا من السيطرة على هذا الوباء، وكان الجزء الأول من هذه السلسلة يدور في هذا الفلك وحول هذه المعاني التي تمنح الإنسان الأمل والقدرة على مواجهة هذه المحنة والطاقة الإيجابية التي تعينه على تقبل أقداره واللجوء إلى الله والتعامل بصورة مختلفة مع الطبيعة التي خلقها الله لنا لنستمتع بها فحولناها نحن إلى سجن وساحة قتال وبدلنا في سنن الله فكانت النتيجة ما رأيناه، وهذا العنوان هو جزء من آية كريمة أحبها كثيرا وهي تمثل لنا نحن البشر طوق نجاة حقيقيا حيث يقول المولى عز وجل: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون"، وحين تتأمل الآية الكريمة وطريقة نظمها وما ذكره العلماء في هذا الصدد خاصة الإمام القشيري رضي الله تعالى عنه توقن أن الله تعالى لن يتخلى عنك ولن يتركك فريسة للمحن والشدائد مهما كانت شراستها؛ فخلف كل محنة منحة عظيمة ولطف خفي حتى وإن لم ندركه في حينه، فقد تكررت في الآية الكريمة حروف اللين والمد بصورة لافتة لتناسب الدعاء والخشوع والتذلل إلى الله تعالى ورغبة العبد في إطالة الوقوف بين يديه سبحانه، وأضاف الله تعالى العباد إلى نفسه تشريفا لهم ورفعا لأقدارهم فكل شرف حقيقي للإنسان إنما يستمده من انتسابه وقربه من ربه، كما أن كاتب المصحف راعى المعنى في كتابة كلمتي: الداع ودعان بدون ياء - كما قيل - حتى لا يكون هناك فاصل بين الدعاء والإجابة ولو بحرف، وفي الآية الكريمة من مظاهر التشريف للإنسان أيضا أن الله تعالى هو الذي تولى الإجابة بنفسه على سؤالهم عنه فلم يقل: وإذا سألك عبادي عني فقل لهم كذا وإنما قال: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب، وهو ما يعني انتفاء الوسائط بين الله وعباده، وأن الله تعالى يتولى بنفسه الإجابة على سؤال عباده الراغبين في معرفته والتقرب إليه، وفي الآية الكريمة وفي كلام الله تعالى كله أسرار عظيمة لا تتكشف إلا لمن يمعن النظر ويطيل الوقوف أمامه.

وقد لاقى الجزء الأول قبولا جيدا واستحسانا طيبا من القراء الكرام بفضل الله عز وجل، وهو ما شجعنا على الاستمرار في استكمال هذه السلسلة وتقديم المزيد من الخواطر الدينية والتربوية والأدبية، التي نرجو أن تأخذ بيد القارئ وتعينه على فهم وتدبر آيات الله تعالى، وأن تساعده على تجاوز العقبات والصعاب التي تواجهه من وقت لآخر!

لك أيضًا كتاب (عظماء رغم الإعاقة) ترجمت فيه لبعض الشخصيات التي نبغت في العلم، ما هي حكايته؟

يتناول هذا الكتاب موضوعا على قدر كبير من الأهمية؛ ألا وهو موضوع الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة أو أصحاب الهمم، الذين وُلدوا وعاشوا وهم يعانون شكلا من أشكال الإعاقة، لكن ذلك لم يمنعهم من مواصلة السعي والبحث عن التميز والنجاح؛ فلم تكن الإعاقة سببا في عجزهم أو تقاعسهم أبدا، بل خاضوا معركتهم بكل قوة وصبر وإيمان حتى حققوا النجاح والتفوق، وفاقوا في كثير من الأحيان أقرانهم الأصِحَّاء وتفوقوا عليهم، واستطاعوا بفضل الله ثم بفضل إصرارهم وعزيمتهم أن يتجاوزوا هذه المحنة العظيمة ويقهروا كل الصعاب، فحفروا لأنفسهم مكانة بارزة في شتى التخصصات والمجالات؛ فنبغ من بينهم أسماء لامعة في عالم الأدب والطب والفيزياء والكيمياء والموسيقا والفن والتدريس وغير ذلك من المهن الشاقة والصعبة، وهو ما يؤكد على لطف الله وعظيم فضله على الناس كافة، وعلى هذه الفئة من أصحاب الهمم بشكل خاص، ويثبت أننا نملك قدرات هائلة لكننا لا نحسن توظيفها أو استثمارها، كما أن الكثير منا قد لا يشعر بالنعم التي أنعم الله تعالى بها عليه إلا حين يفقدها، ولذلك فإن وراء تأليف هذا الكتاب أكثر من سبب؛ ومن تلك الأسباب أن نشكر الله على عظيم نعمه حتى تدوم وتستمر، وتسليط الضوء على مشكلات هذه الفئة المهمشة والمهملة من أصحاب الهمم، وكيف استطاعوا أن يتجاوزوا هذه المحنة وهذا الابتلاء، كما أنشد من وراء ذلك أن تكون هذه الشخصيات الناجحة والمبدعة حافزا لنا جميعا، خاصة هؤلاء الذين يتقاعسون عن القيام بدورهم في هذه الحياة لأسباب واهية وضعيفة ومتهافتة، فإذا كان فاقد البصر أو الشخص المولود بإعاقة حركية أو سمعية أو ذهنية، قد استطاع أن يقدم نموذجا ناجحا وفذا في كافة المجالات، فما الذي يمنع شخصا يتمتع بكامل صحته من السير على نفس الدرب وتحقيق النجاح؟ في الحقيقة لا يوجد سبب مقبول ومستساغ، ولا يمكن التماس العذر للمتقاعسين، الذين يَعزُون أسباب إخفاقهم وفشلهم إلى ظروف الحياة وتعقيداتها وغير ذلك من الحجج الواهية!

كتبت كثيرا بخلاف كتبك النقدية في أدب الطفل، فما هي المعايير التي يجب على الكاتب أن يتبعها في هذه النوعية من الكتابات؟

الكتابة للطفل - كما هو معروف - ليست بالأمر السهل أو الهين؛ ذلك لأنها تحتاج - إلى جانب الموهبة - إلى تخصص، وممارسة طويلة، وقراءات متعمقة في علم النفس، وأصول التربية، واللغة، واطلاع واسع على الآداب العالمية، كما تحتاج إلى حس فني مرهف، وإيمان صادق بما يقوم به الكاتب. وكاتب الأطفال، بل وكل كاتب، عليه قبل أن يُقْدِم على الكتابة للطفل أن يسأل نفسه هذه الأسئلة: لمن نكتب؟ وماذا نكتب؟ وكيف نكتب؟

ولا شك أن الكاتب إن استطاع أن يجيب على هذه الأسئلة فسوف يراعي المراحل العمرية المختلفة التي يمر بها الطفل، والتفاوت الحاصل بين طفل وآخر، وبين بيئة وأخرى، حتى يضمن وصول رسالته إلى أكبر عدد من الأطفال بطريقة صحيحة، وسوف يختار من أشكال الكتابة وطرق التعبير الكثيرة ما يناسب الطفل: فهناك القصة، والمسرحية، والشعر، والأفلام الكرتونية، وصحافة الأطفال، والإذاعة والتلفزيون، وكلُّ وسيلة من هذه الوسائل لها ما يناسبها، ويجب أن يتسم المضمون بالتنوع، فلا يقتصر كاتب الأطفال على شكل واحد أو طريقة واحدة، حتى لا يمل الطفل، وفي كل الأحوال يجب أن تخضع الكتابة للأطفال إلى عدة اعتبارات، على الكاتب أن يُراعيها مهما كان شكل الكتابة؛ ومن ذلك: الاعتبارات التربوية والسيكولوجية، وهي تحتل مكان الصدارة، ولا يمكن التخلي عنها لمصلحة أي عنصر أو لأي اعتبار، ولا شك أن الكاتب المجيد والمتقن والمبدع لن يرى في ذلك عائقا له عن الإبداع، كما أن ذلك لن يَحُدّ من حريته وتحليقه في سماء الإبداع، وهناك الاعتبارات الأدبية والفنية؛ فكرة جيدة، رسوم مناسبة، تشويق، حبكة فنية، بناء سليم، ويجب أن تتفق هذه المعايير مع مستوى الأطفال الذين نكتب لهم ودرجة نموهم الأدبي. والذي يحدث على أرض الواقع: هو أن كثيرا من الكتاب يُغَلِّبون عنصرا، أو اعتبارا على آخر، فتكون قصصهم عبارة عن وعظ مباشر، أو خيال جامح، لا يعود بفائدة كبيرة على الطفل.

هل ترى أننا في حاجة لمسابقات أدبية على غرار مسابقة روايات مصرية للجيب التي دشنتها المؤسسة العربية الحديثة نهاية العام الماضي؟

دأبت المؤسسة منذ نشأتها على اكتشاف المواهب بطريقتها الخاصة؛ فهي لا تنتظر حتى يظهر كاتب هنا وهناك ثم تسعى لإبرام اتفاق معه، ولكن الأستاذ حمدي مصطفى رحمة الله عليه مؤسس هذا الصرح الكبير كان يكتشف المواهب بنفسه عن طريق المسابقات أو متابعته الدقيقة لمسيرة بعض الكتاب ورهانه عليهم وطلبهم بالاسم كما حدث مع الدكتور نبيل فاروق والدكتور أحمد خالد توفيق والأستاذ عبد الحميد عبد المقصود وغيرهم من أعمدة الكتاب بالمؤسسة، وقد حدث هذا معي شخصيا فقد قابلته لأول مرة وأنا خريج حديث عن طريق صديقي الفنان المرحوم عبد الشافي سيد، وكنت أظن أنني سأجد صعوبة في لقائه وفي نشر أعمالي بجوار هذه الأسماء الكبيرة في تلك المؤسسة العريقة، لكنني على العكس من ذلك وجدت كل ترحيب وتشجيع منه، فبمجرد أن أطلعته على عدد من كتاباتي للأطفال أبدى سعادته بها ووعد بنشرها وقد كان، فقد نشرت سلسلة نوادر أشعب في بداية تعاملي مع المؤسسة ثم توالى نشر أعمالي بعد ذلك حتى وصل إلى ما يقارب مائتي قصة وكتاب بفضل الله، وفي الأعوام الأخيرة وبعد أن تولَّت الكاتبة والصحفية النشيطة الأستاذة نوال مصطفى مسؤولية النشر في المؤسسة دبت الروح من جديد في قسم النشر وعادت المسابقات لتستقطب الشباب المجيدين الذين أتوسم فيهم أن يعيدوا للمؤسسة بعض وهجها، وأنا أنصح بمنحهم الفرصة الكافية ليثبتوا ذاتهم وعدم مقارنتهم بأحد من الكتاب السابقين، فلكل كاتب تجربته المختلفة عن الآخر.

قلت إن هناك اتجاها جيدا من الشباب للقراءة والكتابة.. كيف هو تقييمك لحالة الشباب الأدبية اليوم من نشر العديد من الكتب التي كان يجب عليهم التمهل في نشرها؟

أنا من المتعاطفين جدا مع الشباب ومن الداعمين والمشجعين لهم باستمرار، ومن الأمانة أن أنصحهم هنا بعدم استعجال النشر قبل إتقانهم لأدوات الكتابة والتعبير، وقبل أن تتأكد موهبتهم وتترسخ ويتأكدوا أنهم يسيرون في الطريق الصحيح، بعضهم ينشر لمجرد الشهرة، أو لأن لديه عددا كبيرا من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، أو لأنه يملك المال، أو لقلة وعيه بمنزلق التورط في الكتابة دون إعداد وصقل للموهبة، وأنا لا أذكر هذا الكلام ولا أقدم هذه النصيحة لأفت في عضد الموهوبين منهم أو للتقليل من شأنهم وشأن كتاباتهم، ولكن على العكس من ذلك فقد أردت تقديم النصيحة الصادقة والمخلصة لهم، حتى إذا جاءتهم الفرصة تشبثوا بها ولم يفلتوها من أيديهم، وما أجمل ما قاله ابن الرومي في هذا المعنى:

نارُ الرَّويَّة نارٌ جِدُّ مُنْضجةٍ ** وللبديهَةِ نارٌ ذَاتُ تَلْويحِ

وَقَدْ يَفضِّلُهَا قَوْمٌ لِعَاجِلِها ** لكنَّهُ عاجِلٌ يَمْضي مع الريحِ

كناقد كبير ما هو رأيك في دور النقد في توجيه النصوص الأدبية والشباب وغيرهم؟

أصبح للنقد في مصر والعالم العربي مكانة كبيرة ورصيد كبير بلا شك بفعل التراكمات والتجارب الكثيرة التي بذلها النقاد، ولدينا نقاد كبار ومؤلفات نقدية مهمة يصعب الاستغناء عنها التي بدأت مع الشيخ حسين المرصفي في وسيلته الأدبية وطه حسين وكتاباته المهمة ودعوته للتجديد واستعمال المنهج العلمي، وكذلك كتابات العقاد والمازني ومحمد مندور وأحمد أمين وجابر عصفور وصلاح فضل وعز الدين إسماعيل ومصطفى ناصف وشكري عياد وغيرهم من الأكاديميين المرموقين الذين يعدون بالمئات، والناقد لا يستطيع أن يفرض أسلوبا بعينه على الكاتب أو يرشده إلى اختيار طريقة معينة في الكتابة، ولكن حسبه أن يُطلِعه على أحدث وأهم الاتجاهات والتيارات الأدبية العالمية ليقارن تجربته بها، وأن يقوم بدوره في تحليل النصوص الأدبية تحليلا فنيا وعلميا يميز من خلاله بين النصوص الجيدة والنصوص الرديئة، والكاتب الجيد الحريص على التطور والتجديد هو الذي يسعى إلى ساحة الناقد ليستفيد من تجربته وتحليلاته ومنجزه النقدي وما قدمه في هذا المجال، المهم أن ينأى الناقد بنفسه عن المجاملات وعن النقد الانطباعي والذاتي والخطابي الذي يقوم فيه بدور القاضي والحكم والبهلوان أحيانا؛ فالنقد الذي ندعو إليه شيء آخر غير هذه المهاترات والمجاملات والمساجلات.

يبدو هناك اتجاه كبير للرواية التاريخية وهو ما يشكل ظاهرة حالية، ما هو تقييمك لهذا الامر وكيف تراه؟نشأت الحكاية من رحم التاريخ والواقع، وكثير من الكتاب والمبدعين بدأوا رحلتهم في الكتابة مع الرواية التاريخية مثل جورجي زيدان ومحمد فريد أبو حديد وعلي أحمد باكثير ونجيب محفوظ وجمال الغيطاني وغيرهم من الكتاب، لكن الذي يجب أن يعيه الشباب أن الرواية التاريخية وإن استمدت أحداثها من التاريخ فهي شيء آخر غير التاريخ وإلا سيتحول الكاتب إلى مؤرخ، لو نظرنا على سبيل المثال في تجربة جمال الغيطاني وجيل الستينيات سنجد أن التاريخ كان بالنسبة لهم مجرد مادة حكائية يقومون بتشكيلها وتطويعها للموضوع الذين يعالجونه، قد يستسهل بعض الشباب كتابة هذا النوع من الرواية لأنهم لا يجدون صعوبة في العثور على الأحداث والشخصيات الجاهزة، لكنهم - خاصة من ينوي الاستمرار منهم في طريق الكتابة - يجب عليهم أن يبحثوا عن الجديد وأن يسعوا إلى ابتكار موضوعات وأساليب خاصة بهم، وألا يتوقفوا عند معالجة الموضوعات التاريخية فقط، وإن تناولوها فعليهم أن يعرفوا أنها مجرد مادة حكائية يشكلونها ويوظفونها لخدمة هدفهم الأسمى وهو فن الرواية.

في رأيك هل عبرت الرواية العربية عن هموم وتطلعات الفرد العربي ومناقشة رؤاه وتصوراته عن كل شيء؟

نحن نعيش في زمن الرواية كما قال الدكتور جابر عصفور رحمه الله، وهذا الزخم له أسبابه المعروفة والمفهومة وعلى رأسها تطور تقنيات السرد في العقود الأخيرة وتنوعها، وملاءمة هذا الجنس الأدبي للتعبير عن القضايا الاجتماعية والإنسانية الشائكة، وفي رأيي فإن الشعر – المنافس الأول للرواية - فن نخبوي، ولهذا السبب ربما تحول عدد كبير من القراء والكتاب عنه إلى فن الرواية بوصفها فنا شعبويا رائجا، على أننا يجب أن نفرق بين الحكايات التي يدونها بعض الكتاب والرواية بمعناها الفني التي تخضع لمعايير ومقاييس فنية صارمة، ويمكن القول إجمالا: إن الرواية العربية استطاعت أن تعبر عن تطلعات الشعوب وأهم ما يشغلها في مختلف المراحل التي مرت بها؛ خاضت معركتها ضد الجمود والتقليد، وأدلت برأيها في كثير من المسكوت عنه دينيا واجتماعيا وسياسيا، وهي فن قابل للتطور والنمو بصورة لافتة، وقد تحولت كثير من الروايات إلى أعمال فنية وسينمائية وتركت أثرها في الأسرة المصرية بلا شك، لذلك أتصور أن الرواية قامت بدورها وهي مرشحة للقيام بالمزيد مع تطور أساليب الكتابة ونمو الوعي والانفتاح على الآخر.

في النهاية.. هل هناك أعمال أخرى تصدر قريبا عن المؤسسة العربية الحديثة أو دور نشر أخرى؟

أستعد بالتعاون مع المؤسسة العربية الحديثة لإصدار الجزء الثالث من كتاب فإني قريب بإذن الله تعالى وسأحرص في هذا الجزء على تلبية رغبات القراء الكرام في مناقشة موضوعات بعينها فأنا أعتبر القراء شركاء أصلاء في عملية التأليف، كما أنتظر صدور عدد جديد من نوادر أشعب الجديدة للأطفال نحو اثني عشر كتابا تقريبا، والمؤسسة بالطبع هي بيتي وأول دار نشر تفتح أبوابها لي ولذلك فإن التعاون بيننا مستمر ودائم بإذن الله، كما أن لدي عددا من المؤلفات الجديدة في أكثر من دار نشر منها: معجم يعقوب الميسر وهو معجم وضع خصيصا لطلاب المدارس لمساعدتهم في البحث عن معاني الكلمات الصعبة التي تتضمنها المناهج التعليمية وهو من إصدارات مكتبة الإسكندرية، كما أنتظر صدور طبعة جديدة ومنقحة من كتابي: فادعوه به تأملات في أسماء الله الحسنى، لكنني حتى الآن لم أتفق مع ناشر محدد وآمل أن يرى الكتاب النور قريبا بإذن الله تعالى، وسيصدر لي قريبا بدار البشير كتاب: أدباء منسيون وهو في الأصل مقالات نشر أكثرها في مجلة الديوان الجديد وتسلط الضوء على الأدباء المنسيين والمهملين والمغمورين الذين لم تسلط الأضواء عليهم لأسباب مختلفة.