يحيى خير الله يكتب: أنا وطبيب القلب
وهو يتجول في المكان.. في زاوية تعج بالسكوت والانتظار.. يقف خلف تلك النافذة..يراقب السماء.. يتحسس الستائر بأنامله.. يلامس أهدابها الرقيقة.. لتقفز من دواخله عبارات متناثرة... تجمع بين الخوف والرأفة:
يا طبيب القلب مهلا..
لا أملك سوى قلبا ربما منكسر قليلا ولكنه محب كثيرا..
يا طبيب القلب أمهلني قليلا..
لأن الله يعلم القلب النقي، ويسمع الصوت الخفي
فأنا بالطهر توضأت وشربت كأس الهوى..
وفي محراب روحي توسلت الكلمات..
تسابقت عبارات نبضي في الأرجاء...
بكل ما تحمله من صلاة وتسبيح وذكر وقرآن ..
قولي يا طبيب.. كيف تستبدل قلبي العليل وتزرع بين أضلعي قلبا جديدا؟
قلبي المريض عامر بشهادتين تملآن الميزان.. خفيفتان على اللسان..
وفي قلبي حبيب.. ويا له من حبيب.. ما عرفه إنسي إلا وذاب عشقا في ذاته.. تمنى رفقته.. واستأنس بذكره ونهل من حبه لحد الارواء ..
أصلي عليه وعلى ّآله في كل صلاة.. أشتاق إليه فيأتيني.. كما أتى بلال الحبشي
لا يا طبيب القلب .. رويدك.. ..إن لي ربا رحيما .. لا يخبو برجائه أملي.. يشرق أنوار فؤادي.. أخاطبه مرارا.. فتطيب روحي.. وتلتئم جروحي.. ويفيض الاطمئنان بدواخلي.. سبحانك ربي يرتوي قلبي وأنا أرتشف حبك ذكرا.. تلك الذرر الثمينة .. آيات الله في المصحفه الشريف.. سبحانك قلت وقولك الحق: "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" .. تتناثر الكلمات من كتاب الله العزيز سلسبيلا.. يبقى نبض القلب متلهفا..
يا طبيب القلب لحظة من فضلك.. أجيب.. هاتفي يرن..
نعم حبيبتي.. أنا بخير.. كلمت طبيبي للتو.. تسألين ماذا قال لي؟ ...قال .. أنه: "فَعّالٌ لِما يُرِيدُ" سبحانه..
صدقت حبيبتي.. ونعم بالله.. طرق على الباب.. دخل الطبيب.. اعتدل هو في جلسته قائلا: صدق الله العظيم.. لا رد لقضائك. اللهم إني أسلمت إليك نفسي.. فإن أخذتها فارحمها وإن تركتها فاحفظها.. توكلت على الله..