ما بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة.. هل يبشر بعهد جديد أم مجرد استراحة؟: محللين يعلقون
بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في قطاع غزة، ينتظر العديد من المحليين والخبراء تحليلات متعمقة حول تداعيات هذا الاتفاق على المستويات السياسية، الأمنية، والاقتصادية في المنطقة؛ فبينما يسود التفاؤل الحذر، تبقى العديد من التحديات التي قد تؤثر على مسار السلام والاستقرار في المستقبل القريب.
استراحة أم بداية مرحلة جديدة؟
بين التفاؤل والتشاؤم، يتساءل الخبراء: هل سيكون وقف إطلاق النار في غزة مجرد استراحة مؤقتة أم بداية لمرحلة جديدة نحو السلام؟
الدكتور «محمود الزهار»، الخبير السياسي، يقول في هذا السياق: «توقف العمليات العسكرية قد يخلق فرصًا جديدة، ولكن التحدي يكمن في كيفية تحويل هذه الفرصة إلى واقع دائم من الاستقرار. بناء الثقة بين الأطراف سيظل حجر الزاوية لتحقيق أي تقدم في المستقبل».
التحديات الاقتصادية بعد وقف إطلاق النار
العديد من المحللين الاقتصاديين يرون أن الوضع الاقتصادي في غزة سيظل هشًا لفترة طويلة، رغم اتفاق وقف إطلاق النار.
يوسف أبو هلال، الخبير الاقتصادي، يوضح: «القطاع يحتاج إلى ضخ استثمارات ضخمة في عمليات إعادة الإعمار؛ الحصار المستمر والدمار الذي لحق بالبنية التحتية سيجعلان من الصعب تحفيز النمو الاقتصادي دون دعم دولي فعال»، ويتوقع «أبو هلال»، أن يعاني سكان غزة من نقص في فرص العمل وزيادة في معدلات الفقر في المستقبل القريب.
التوقعات الأمنية: هل يمكن للهدوء أن يستمر؟
من الجانب الأمني، هناك قلق من أن وقف إطلاق النار قد لا يدوم طويلًا إذا لم يتم العمل على تعزيز الأمن الداخلي في القطاع.
اللواء ركن «سعيد أبو عبد الله»، الخبير العسكري، يعبر عن رأيه قائلاً: «مع وقف العمليات العسكرية، سيظل الأمن الداخلي في غزة من أكبر التحديات. الفصائل المسلحة قد تواصل نشاطاتها، مما قد يؤدي إلى تصعيدات جديدة. الوضع الأمني سيكون هشًا ما لم يتم تعزيز التنسيق الداخلي».
إعادة الإعمار: التحدي الأكبر بعد وقف إطلاق النار
إعادة إعمار غزة تعد من أبرز القضايا التي تشغل الأذهان بعد وقف إطلاق النار. هناك حاجة ماسّة لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة وتوفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه.
الدكتور «سعيد النمس»، المحلل في شؤون إعادة الإعمار، يقول: «العملية ستكون طويلة ومعقدة. غزة بحاجة إلى تمويلات ضخمة من المجتمع الدولي، ولن يكون بالإمكان تحفيز النمو دون دعم قوي من الأطراف الإقليمية والدولية؛ التحدي الأكبر يكمن في إدارة الموارد بشكل فعال».
دور المجتمع الدولي في إحلال السلام والاستقرار
يشير العديد من الخبراء إلى أن المجتمع الدولي سيكون له دور كبير في المرحلة المقبلة في دعم جهود تحقيق السلام والاستقرار.
الدكتور «محمد عابد»، أستاذ العلاقات الدولية، يوضح قائلاً: «وقف إطلاق النار يفتح الباب للمجتمع الدولي للضغط من أجل حل سياسي شامل للصراع، لكن هذا يتطلب ضغوطًا متواصلة على الأطراف المعنية لضمان استمرارية التهدئة والتحرك نحو حل نهائي».
التوقعات المستقبلية: هل سيصمد وقف إطلاق النار؟
رغم التفاؤل الحذر، يرى الخبراء أن العودة إلى التصعيد أمر وارد إذا لم تُبذل الجهود اللازمة لتحقيق السلام المستدام.
الدكتور «سامي أبو شقير»، محلل سياسي، يختتم قائلاً: «حتى مع وقف إطلاق النار، لا يمكن الجزم بأن الوضع سيبقى هادئًا. ما بعد الهدوء يتطلب استراتيجيات متكاملة تضمن الأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي؛ إذا تم الالتزام بهذه الاستراتيجيات، فقد يكون هناك أمل في فترة من الاستقرار، لكن الوضع لا يزال حساسًا».
المرحلة القادمة بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة ستكون محورية، وتتطلب جهودًا دولية ومحلية لاحتواء التحديات الأمنية والاقتصادية؛ الشكوك حول استدامة التهدئة تظل قائمة، ولكن الأمل في تحقيق استقرار مستدام قد يتحقق إذا توفرت الإرادة السياسية والموارد اللازمة لإعادة بناء غزة.