الطريق
الخميس 2 مايو 2024 01:57 مـ 23 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

وزير الثقافة الأسبق لـ«الطريق»: وزارة الثقافة بائسة.. ونصيب المواطن المصري من الثقافة جنيه واحد في العام

جابر عصفور للمعترضين على فوزه بجائزة النيل: إنك لا تهدي من أحببت

نحتاج إلى «المجموعة التثقيفية» التي توازي المجموعة الاقتصادية داخل مجلس الوزراء

التعامل مع التراث ينبغي أن يكون في ظل علاقته بتغيير الأزمنة والأمكنة

الثقافة المصرية في مراحل كثيرة كانت تميل إلى الإظلام.. والتعليم يحتاج إلى ثورة جذرية في كل مراحله

الرواية دخلت في عوالم مختلفة منها الرقمنة

بعد محمد المخزنجي لم أتابع أحدًا ولا أقرأ للأجيال المعاصرة

«فودة» هو بشير التقدم في العصر الحالي.. و«مندور» ضيق حدود التراث النقدي

ولد فى المحلة الكبرى 1944، تخرج فى قسم اللغة العربية كلية الآداب 1965 ليصير رئيسًا له فى 1990، كما عمل رئيسًا للمجلس القومى للترجمة وأمينًا عامًا للمجلس الأعلى للثقافة، من مؤلفاته: غواية التراث، زمن الرواية، هوامش على دفتر التنوير، قراءة التراث النقدى، رؤيا حكيم محزون، حصل على العديد من الجوائز، منها: الوسام الثقافى التونسى وجائزة العويس، وآخرها جائزة الدولة للتفوق، هو رجل موسوعى الثقافة، متعدد الرؤى، لا يقبل إلا بمنهجية العقل، يدرك حساسية التعامل مع التراث، شاغله الأول هو التنوير، وطموحه أن يرى مصر دولة مدنية ديمقراطية حديثة، هو آخر من ينتمى إلى نمط معين من الأستاذية، ذلك النمط الذى أطلقت عليه د.هالة فؤاد، وهى من تلامذته «أستاذية المظلة»، أى متعددة التخصصات والحقول المعرفية، يخرج عليك بتجليات ثلاث، هى «المثقف والأستاذ والناقد»، صحيح أنه جلس على كرسى الوزارة مرتين، لكنه لم يرتح سوى على  كرسى كلية الآداب، ذات الكرسى الذى جلس عليه عميد الأدب العربى د. طه حسين.. هو الناقد الدكتور جابر عصفور فى أحدث حواراته - بعد حصوله على جائزة النيل - مع جريدة الطريق.

«محنة التنوير1993م - التنوير يواجه الإظلام 1993م - دفاعاً عن التنوير1993م - هوامش على دفاتر التنوير1994م - من أعلام التنوير 1995م» وغيرها من الكتب.. لماذا التنوير هو شاغلك الأول؟

هو شاغلى الأول، لأن بلدى يحتاج إلى التنوير أكثر من غيره، خصوصًا أن الثقافة المصرية فى مراحل كثيرة كانت تميل لعوامل عديدة إلى عكس التنوير وهو الإظلام الذى يعنى التعصب والجهالة والتخلف، فكان لابد أن أؤكد ثقافة التنوير وفلسفته التى بدأها رفاعة رافع الطهطاوى، وإننا لابد أن نحيى هذه الثقافة ونشيعها فى الأذهان.

العقل النقدى المصرى الآن.. هل ينتج قدر ما يستقبل أو يبدع أكثر مما يأخذ؟ أو بمعنى آخر متى نستبدل جمود النقل بغنى العقل؟

لن يتحقق ذلك إلا إذا كان لدينا دولة مدنية ديمقراطية حديثة، نحن إلى الآن لم نصل إلى مرحلة الدولة الديمقراطية الحديثة مئة فى المئة، وإنما نحن فى الطريق، لذلك تحدث عندنا كوارث لجيوب إخوانية موجودة وسلفية جهولة شائعة تؤدى إلى التمييز ضد الأقباط مثلًا وكوارث أخرى من هذا النوع، فعندما نتخلص من كل هذه المظاهر ومنها تدخل الأزهر فيما لا يعنيه وما لا ينبغى أن يتدخل فيه وفيما يتصور أنه يعطيه سلطة، ولا سلطة دينية فى الإسلام، عندما نتخلص من مثل هذه السلبيات ستتحقق الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وعندئذ نستطيع أن نقول عن أنفسنا بأننا دولة متقدمة.

وسط هذه الأحداث المتلاحقة التى لا تكاد تترك لنا مجالًا لاستعادة الذكرى.. كيف يمكن أن نتواصل مع التراث؟ وفى نظرك ما سر هذه العلاقة الجدلية بين الأصالة والمعاصرة؟

التعامل مع التراث ينبغى أن يقوم على إدراك قوانينه الداخلية فى علاقته بتغيير الأزمنة والأمكنة، ومن هذا المنطلق ومنطلق موقفنا المعاصر وموقعنا المعاصر كذلك وإلى أى اتجاه نريد أن نذهب، هكذا ينبغى أن يكون تعاملنا مع التراث لنأخذ ما يستحق أن يدفعنا إلى الأمام ونترك ما يقودنا إلى الخلف، فعلى سبيل المثال نحن مجتمع يعانى أزمة حادة فى ارتفاع السكان، ما الحل؟، الحل أن يتم تجاهل نقيض ذلك فيما هو موجود فى التراث، مثلًا الحديث المشهور الذى يروى على النبى صلى الله عليه وسلم «تناكحوا تناسلوا فإنى مباه بكم الأمم يوم القيامة»، أنا أبرر هذا الحديث بأنه حديث قاله الرسول عليه الصلاة والسلام عندما كان المسلمون قلة، أما عندما يكون المسلمون الآن بالمليارات فلا وجود لهذا الحديث ولا فاعلية له.

لو كان «نعمان عاشور» حيًا يرزق بيننا الآن .. فى ظنك من يختاره «بشيرًا للتقدم» فى عصرنا الحالى؟

كان بالتأكيد سيختار فرج فودة.

لماذا فرج فودة بالتحديد؟

لأن فرج فودة هو الذى اتسم بالشجاعة التى جعلته وسط ثقافة شبه سلفية وشبه إخوانية أن ينادى بكل جرأة وصراحة بما يعادى هذه الثقافة، ولهذا السبب اغتالته الجماعة الإسلامية.

هل يحتاج التعليم إلى «على مبارك» جديد؟ وكيف ننهض بالتعليم فى ظل هذا التطور التكنولوجى الهائل؟

لا، التعليم يحتاج إلى ثورة جذرية وليست هذه الثورة فى المراحل السابقة على الجامعة فقط، وإنما فى المراحل الجامعية أيضًا، والحمد لله لدينا وزير تعليم ممتاز، لكن ليس عندنا وزير تعليم عال بنفس القدر من الجرأة، أما عن النهوض بالتعليم فى ظل التطور التكنولوجى فإننا نحاول بقدر الإمكان.

فى رأيك.. لماذا فرنسا هى القاسم المشترك بين كل أعلام التنوير فى عصرنا الحديث بدءًا من الشيخ حسن العطار وانتهاء بمحمد مندور مرورًا بعميد الأدب العربى طه حسين؟

بسبب تراثها الثقافى والفلسفى، أعلام التنوير فى القرن السابع عشر كانوا من فرنسا، والقرن السابع عشر يسمى بعصر الأنوار، وفى رأيى الشخصى الذى قد يصدم البعض أننا الأصل فى التنوير وحتى كلمة النور كنا الأسبق فيها عند الغزالى وابن سينا، وحتى أبوالحارث المحاسبى كان يستخدم النور للعلم والظلام للجهل، وكان العقل يوصف بأنه النور، لهذا فكل العقلانيين المسلمين فى التراث كانوا يستخدمون كلمة النور للدلالة على العقل، ولا تنس أن الغزالى هو صاحب مشكاة الأنوار.

بمناسبة الحديث عن محمد مندور.. ترى أنه «ضيق حدود التراث النقدى».. ألا يتعارض هذا مع اختيارك له علمًا من أعلام الاستنارة؟

إطلاقًا، محمد مندور ضيق حدود التراث النقدى لأنه اختصره فى عدد قليل من النقاد، وكان يميل إلى النقاد الانطباعيين أكثر، فمثلًا هو لم يكن يعرف ابن بطوطى العلوى ولا حازم القرطجانى مع أن كلا الاثنين، خصوصًا حازم القرطجانى، هو أهم ناقد عربى مزج بين الفلسفة وبين الأدب.

كيف ننجو بتراثنا التنويرى العظيم من إرهاب جعل أداته الرصاصة لا الكلمة؟

أن نشيع ثقافة الاستنارة فى المجتمع كله، وهذا لن يأتى إلا بتوسيع أفق الاستنارة فى كل المجتمعات، أنا شخصيًا اقترحت أن تكون هناك مجموعة داخل مجلس الوزراء تسمى بـ«المجموعة التثقيفية» توازي المجموعة الاقتصادية، وهذه المجموعة التثقيفية تتكون على الأقل من خمس وزارات، هى: الثقافة والإعلام والتعليم العالى والتعليم العادى ووزارة الأوقاف، لأن وزارة الأوقاف تشرف على أكثر من مليون واعظ وإمام موزعين على أنحاء الجمهورية، هؤلاء لو أنرت عقولهم أناروا عقول المصلين فى المساجد.

إذًا، حضرتك لا تعترض على دور وزير الأوقاف فى التأثير فى الخطاب الثقافى؟

بالطبع لا أعترض، بل على العكس تمامًا ينبغى أن يكون له دور فى التأثير فى الثقافة، وينبغى أيضًا أن تكون هناك خطبة موحدة وتصرف الخطيب فى ضوئها، أو على الأقل خطبة مستنيرة وألا نسمع هذه الجهالات التى نسمعها من بعض وعاظ المساجد.

عن الحديث عن رفاعة تذكر حسن العطار وعن طه حسين تذكر نقده لشوقى وعن زكى نجيب تذكر العقاد وعن على مبارك تذكر الخديو إسماعيل.. هل د. جابر لا يستطيع القبض على شخصية بعينها للحديث عنها؟ أم أنه لا  يكفيك أن تتحدث عن شخصية واحدة بصورة مستقلة؟

حينما تتحدث عن أى شخصية لابد أن تجد عوامل وشخصيات أثرت فى هذه الشخصية ودفعتها للأمام، فأنا على سبيل المثال كان مثلى الأعلى منذ الصبا أن أكون مثل طه حسين، واخترت القسم الأدبى فى الثانوية العامة وكان فى مقدورى دخول كلية سياسة واقتصاد فى عامها الأول لكن دخلت كلية الآداب، وحين دخلت إلى كلية الآداب لم أختر من الأقسام إلا قسم اللغة العربية بسبب أنه القسم الذى يدرس فيه طه حسين، وعندما دخلت القسم كان طه حسين يأتى فقط لطلاب الدراسات العليا، وعندما تخرجت ووصلت إلى مرحلة الدراسات العليا كان طه حسين قد بدأ يمرض ولا يأتى إلى الكلية وذهبت إلى زيارته بصحبة أستاذتى سهير القلماوى.

ما رأيك فى العالم الأكاديمى كبيئة للكاتب والناقد المبدع على حد السواء؟

أولًا، أنا لست أديبًا ومن الصعب جدًا أن تجمع ما بين الإبداع والعمل الأكاديمى فى نفس الوقت.

لكن أليس الناقد مبدعًا؟

بالطبع مبدع، لكن بطريقة أخرى، لأنه يخلق نصًا عقلانيًا يوازى النص الإبداعى، نص الناقد نص عقلانى أولًا، أما نص المبدع فهو نص شعورى، لذلك هما مختلفان تمامًا.

لكن لو تدخل الشعور فى النقد يفسده...

بالطبع، أنت كناقد تقوم بعمل تصورات، لكن المبدع يسير وراء أخيلة وتخيلات، ولو سار الناقد وراء تخيلاته سيصبح ناقدًا فاشلًا.

هل كان هناك أى نوع من أنواع الضرر من تدريسك فى الجامعة؟

إطلاقًا، هذه حياتى.

هل تفضل عالمك الأكاديمى أكثر من كتاباتك النقدية؟

لا فارق بين الاثنين، فمن حسن حظى أننى اخترت ما أحبه وهو تدريس الأدب وتذوقه، ولهذا الاختيار كنت ناجحًا، لذلك لا تدرس إلا ما تحب وسر فى الطريق لمنتهاه وسوف تنجح فى النهاية بالتأكيد. لذا كنت أفضل كونى دكتورًا جامعيًا على أننى كنت وزيرًا للثقافة، لأن دكتور الجامعة لا يمنحك إياها أحد إلا جهدك، إنما منصب الوزراة فمن الممكن أن يأتى اليوم وتغادره غدًا، فما الفائدة، أما منصب الأستاذ الدكتور فلا يمكن أن يتركك إلا بعد أن تموت.

كيف يمكن وصف علاقتك كقارئ وناقد معًا بالوسط الأدبى المعاصر؟ وهل هناك كتاب معاصرون تتابعهم بمتعة؟

طبعًا، وهم كثر، فمنذ سنوات ولاأزال عاشقًا لصلاح عبدالصبور وأمل دنقل فى الشعر، وكنت ولاأزال عاشقًا لكتابات نجيب محفوظ ويوسف إدريس، والآن لاأزال معجبًا بروايات محمد المنسى قنديل، وفى القصص القصيرة أحب جدًا قصة زكريا تامر وأرى أنه فى القمة حتى الآن، القمة التى لم يصل إليها أحد من كتاب القصة القصيرة.

وماذا عن الكتّاب الشباب المعاصرين؟

بعد محمد المخزنجى لم أتابع الأجيال المعاصرة، ففى رأيى أن كل جيل لابد أن يخلق نقاده، فماذا يدرينى وأنا أملك من العمر 75 سنة؟، فأنا أكثر خبرة بجيل الستينيات ومؤكد السبعينيات، إنما الأجيال التالية فقد تباعد العهد بينى وبينها، ولابد أن تفرز نقادها، وأظن أن هذا قد حدث، فهناك نقاد ما بين هذه الأجيال.

بكتابك «هذا زمن القص».. هل أردت أن تخرج من ضيق الرواية كجنس أدبى إلى سعة القص؟

نعم، فلم لا، فى زمن القص أردت أن أتجنب بعض المزالق التى كانت موجودة فى الكتاب الأول، لأن زمن الرواية يضيق الرؤية، وعندما كتبته من عشرين سنة تقريبًا كان فى ذهنى الروايات، أما الآن بعد وجود المسلسلات وبعض ظهور السرديات الموجودة على الكمبيوتر أصبحنا فى زمن القص ولهذا فكرت فى تسميته بزمن السرد لأنه حتى الأخبار تكتب على هيئة السرد، لكنى فضلت القص على السرد.

البعض يشير إلى أسبقية الناقد العراقى «محسن جاسم» بالتنبؤ بزمن الرواية فى كتابه الصادر عام 1985م «عصر الرواية» أي قبل كتاب «زمن الرواية» الصادر لك عن الهيئة العامة للكتاب عام 1999م .. فكيف ترد على إشارات من هذا النوع؟

أشرت لهذا فى الكتاب، وعلى الراعى فى كتابه الرواية العربية أشار إلى بدأ الرواية وسماها ديوان العرب المحدثين معارضة لفكرة أن الشعر هو ديوان العرب.

بافتتاحك لمؤتمر الرواية هل أردت أن تعطى شرعية للإسهامات النقدية حول الأدب الرقمى خاصة أن هناك تشكيكًا حول الإبداع العربى النقدى بالأساس؟

كنت أريد أن أقول بأننا فى عالم مختلف وإن سبب هذا الاختلاف هو الرقمنة، فلم يعد أحد يستخدم القلم والورقة كما أستخدمهم أنا، فنحن فى عالم مختلف تمامًا، وهذه الأجهزة الاتصالية الحديثة قلبت الدنيا رأسًا على عقب لأننا لم نعد نعيش فى العالم القديم الذى كنا فيه، فلم نعد فى عصر الثورة الصناعية، نحن فى عصر ما بعد الثورة الصناعية، ألا وهى الثورة الاتصالية أو الإلكترونية، فما أردت أن أقوله إنه بما أننا فى هذا العصر وبما أن هناك أشكالًا جديدة بدأت تخرج علينا، فلنتحدث عنها وثق وتأكد أننا نتحدث الآن ولا نعرف ماذا سوف يحدث بعد 10 سنوات من الآن، نحن فى بدايات عالم مختلف، والرقمنة هذه سوف تدخل وتوجد بالفعل شئنا أم أبينا، فلماذا لا نستعد لها من الآن؟!.

افتتاحك مؤتمر الرواية الأول ومؤتمر الرواية الأخير.. ما دلالة ذلك عندك؟

المؤتمر الأول كنت أنا من أنشأه وكنت أمينًا للمجلس الأعلى للثقافة، وكان نتيجة إحساسى بتصاعد أهمية الرواية، وبالمناسبة قرأت مقتطفًا من مقالة نجيب محفوظ فى الرد على العقاد والتى تنتهى بكلمة «القصة هى شعر الدنيا الحديثة»، فكان المؤتمر الأول تأكيدًا لأهمية الرواية، أما المؤتمر الثانى فلم يعد هناك محل لتأكيد أهمية الرواية، وإنما الرواية وجدت وثبتت وأصبحت أهم من أى من الفنون الأخرى، وهذه هى طبيعة العالم الموجود، أما الآن فنحن فى زمن مختلف والرواية نفسها دخلت فى عوالم مختلفة ومنها الرقمنة.

حجب 21 جائزة من جوائز الدولة التشجيعية هل هو مؤشر لانخفاض مستوى الثقافة فى مصر؟

أنا أظن ذلك، وفى نفس الوقت هى مسؤولية لجان الجوائز، الاثنان معًا حتى لا نكون ظالمين، هى مسؤولية اللجان وكذلك مسؤولية ضعف المستوى، الاثنان معًا، ضعف المستوى هو الذى نراه جليًا، فالآن مستوى الثقافة المصرية وخصوصًا عند الشباب هى فى حالة انحدار، لأن أدوات إنتاج هذه الثقافة هى فى حالة سيئة، فأدوات إنتاج الثقافة قد صدأت، هذه من ناحية، ومن ناحية أخرى أرى الآن من هم فى مرحلة الدكتوراه مازال هناك من يخطئ فى الهجاء، فالمستوى أصبح منحدرًا جدًا، ومع هذا مسؤولية اللجان أنها لم تبحث بالقدر الكافى، فلا تنس أن هناك شبابًا معتزين بأنفسهم وغير واثقين فى مؤسسات الدولة، فتراهم يترفعون عن التقديم لمثل هذه الجوائز، فعلى اللجان أن تعرفهم وتسعى إليهم.

البعض اعترض على فوزك بجائزة النيل؟

هم أحرار، إنك لا تهدى من أحببت.

كيف تنظر إلى الوضع الثقافى والسياسى فى مصر الآن؟

الوضع الثقافى فى مصر ينقصه الدعم والاهتمام بالثقافة، وعلينا أن نستوعب أن الثقافة ليست هى وزارة الثقافة وإنما هى مسؤولية خمس وزارات مجتمعة على الأقل، هى: الثقافة والإعلام والتعليم والتعليم العالى والأوقاف، ولابد أن يكون لهذه الوزارات مجلس خاص كما هو الحال مع المجموعة الاقتصادية، ينسقون فيما بينهم وفى هذه الحالة قد يكون هناك دعم ما للثقافة، لأن وزارة الثقافة هى وزارة بائسة، وأنا أشفق على كل من عمل وزيرًا للثقافة، لأن 85 % من ميزانية وزارة الثقافة يذهب إلى العاملين و15 % فقط يذهب إلى الثقافة، فتكون النتيجة فى النهاية أن نصيب الفرد الواحد من الثقافة جنيه مصرى واحد في العام بالكامل، فماذا تفعل وزارة الثقافة؟! لدينا 500 قصر ثقافة نعم، لكن كلها غير صالحة للعمل وبعضها عبارة عن شقق صغيرة فى عمارات متهالكة، أنا شخصيًا حزنت جدًا عندما رأيت فى إحدى العمارات فى المساكن الشعبية بقنا تحديدًا فى مركز أمل دنقل عبارة عن شقة صغيرة فى إحدى عمارات المساكن الشعبية ونحتاج إلى ميزانية مستقلة للعمل على الـ500 قصر ثقافة.

بعد هذه الرحلة الطويلة ما الكتاب الذى يتمنى د. جابر عصفور أن يكتبه؟

أهم شىء بالنسبة لى الآن هو كتاب بعنوان «بلاغة المقموعين»، قمت بعمل بحث يحمل نفس الاسم، فأتمنى تحويل هذا البحث إلى كتاب، خصوصًا أنه سيعود بى مرة أخرى إلى التراث.