الطريق
السبت 14 يونيو 2025 02:46 صـ 17 ذو الحجة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب

أيمن رفعت المحجوب يكتب: العضو البشري ووظيفته

من أهم مشاكل علم الحياة المركبة هو التوافق العجيب بين "العضو ووظيفته" ويعد هذا من معجزات المولى عز وجل وقدرة القوة الحيوية.
وكثير من الناس يظنون أن الوظيفة خلقت العضو الذي يؤديها على هذا النحو من الكمال.

والحق أن هذا التحليل القائم على قوام "العلة الغائية"
لا يمكن قبوله عقلاً مهما يكن التوافق عجيباً ، وقد أثبت عكس ذلك علمياً من قبل.
وإنما هو تركيب العضو الذي حدد الوظيفة ، وهذا التركيب يقوم على أصول كيميائية وفيزيائية ، بل قد تكون الكترونية أيضاً. وهذه الأصول تتكيف بما يحيط بها من ظروف تجعل تركيبها يوافق ما سيؤديه العضو من عمل في هذه البيئة وتختلف
صفاته مع اختلاف البيئة على مر العصور. ولكن ليس معنى ذلك أن البيئة والوظيفة هي التي خلقت العضو على الهيئة التي هو عليها.

فالقدم الإنساني يؤدي وظيفته وهو مهيأ لها بشكل غريب ، ولكن لو أن الطبيعة كانت حرة في خلق قدم الانسان ، ولم تكن مقيدة بالتاريخ الحيوي لخلية الانسان الأوليَ ، لكان من السهل عليها أن تخلق قدماً أكثر ثباتاً وأقل تعرضاً للخلل وأكثر ملائمة لوظيفته من القدم الانساني.

والواقع أن القدم الانساني على وضعها الحالي
(كما خلقها الله سبحانه في أحسن صورة) مواءمة بين ضرورات التركيب الحيوي للخلايا وضرورات الوقوف عليها.
وقد تبين من قبل أن التوافق بين العضو ووظيفته ليس
من قبيل السببية المباشرة بل هو نتيجة بعيدة الأصول.
كما تكون العلاقة مثلاً بين غزارة الأمطار والحبشة ومحصول القطن في مصر ، ولا يمكن أن يقال أن زيادة محصول القطن
في مصر سبباً لغزارة الأمطار في الحبشة (مصدر نهر النيل).

وننتهي إلى أن محور التفكير البيولوجي الحديث وجميع نظرياته كلها هو "نظرية التطور" وهي في جملتها صحيحة من غير شك والمشاهدات التي تقوم عليها عجيبة والعلاقات المنظمة بين أنواع الكائنات المختلفة رائعة التكوين من خلق الله عز وجل ،
ولم يزدها الزمن إلا قوة على قوتها.

فتجد في التشريح المقارن وعلم الأجنة وعلم الأجنة التجريبي ، إن كل هذا أثبت أن الكائنات الحية تتشابه على نحو عجيب وأن تركيبها يزداد تعقيداً على نظام واضح ، ثم ظهرت علاقات دقيقة بين الكائنات تزيد في ثبوت نظرية التطور ، وكلنا يعلم الشبه الواضح بين القرد والانسان ، وإن كان البعض ينكره خشية المقارنة الموضوعية ، وهذا ما سوف نفرد له مقالاً أخر.

موضوعات متعلقة