الطريق
الجمعة 26 أبريل 2024 06:28 مـ 17 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

نصر أكتوبر| قاهر خط بارليف.. اللواء باقي زكي يوسف صاحب فكرة المضخات

لحظة رفع العلم في نصر اكتوبر
لحظة رفع العلم في نصر اكتوبر

غير عقله مصير حرب أكتوبر، وردت فكرته السهلة البسيطة لجموع المصرين كرامتهم، وسجلت فكرته كبراءة اختراع وأصبحت تُدرس في الجامعات على مستوى العالم، كانت فكرته هي "استخدام مضخات المياه لفتح ثغرات في الساتر الترابي وخط بارليف، انه اللواء  باقي زكي يوسف الذي دك حصون العدو.

 

كان اللواء باقي زكي يوسف، رئيس فرع المركبات بالجيش الثالث الميداني، متواجدا غرب القنال في مايو 1969، وحين صدرت تعليمات بالاستعداد للعبور وكانت أكبر مشكلة أمام الفرقة هي التغلب على الساتر الترابي وفتح ثغرات فيه.

 

استعان الإسرائيليين بشركات متخصصة ودرسوا وبنوا خط بارليف وكلفوه ملايين، وظلوا يرفعوا منه ويزيدوا عليه سنوات متتالية على أساس أنه سيكون حدود إسرائيل ولا يمكن اختراقه، وكان الجيش المصري يبعث بعمليات خلف خطوط العدو فتجمع للجيش المصري كل المعلومات التي يحتاج إليها، وأكد الخبراء الروس أن خط بارليف يحتاج إلى قنبلتين نوويتين لاختراقه.

 

وفي عام 1969 صدرت الأوامر بالاستعداد للحرب، وأثناء اجتماع القادة برئاسة اللواء سعد زغلول عبد الكريم لدراسة الأفكار المقترحة للعبور، وجد اللواء باقي زكي أن كل الاقتراحات التي تم عرضها كان زمن فتح الثغرة فيها كبير، يتراوح بين 12 – 15 ساعة، وأن الخسائر البشرية المتوقعة لا تقل عن 20% من القوات

 

وحتى دخول اللواء باقي زكي الاجتماع لم يكن في ذهنه أي حل للمعضلة العسكرية والعائق الضخم المتمثل في خط بارليف، ولكن عندما شرح القائد طبيعة المانع فهم زكي أنه يغلب عليه الساتر الترابي وتذكر عمله بالسد العالي، ويعلم اللواء باقي أن مضخات المياه التي كانت تهزم التراب في دقائق معدودة، فاقترح فورا فكرته وقبل أن يحل دوره في الكلام.

 

فطلب منه القائد الانتظار حتى يحل دوره، ولكن زكي  أكد له أن ما سيقوله هام وعاجل، وقال: “انتو بتقولوا رملة .. وربنا أدانا الحل قدام المشكلة وتحت رجلينا وهو الميه .. وفي الحالة دي الميه حتكون أقوى من المفرقعات والألغام والصواريخ وأوفر وأسرع“، ثم فتح باب النقاش بين قادة كل الأسلحة، كل في تخصصه، ولم يكن هناك مشكلة مبدئية بالنسبة للفكرة، ولكن كان الأهم أن تكون مضخات المياه صغيرة، بحيث تركب على القوارب المطاطية ويمكن المناورة بيها لتأمين سلامتها وسلامة الجنود المسئولين عن تشغيلها

 

كلم قائد الفرقة اللواء سعد زغلول عبد الكريم، نائب رئيس العمليات اللواء أركان حرب محمود جاد التهامي، وأخبره أن ضابط برتبة مقدم في فرقته لديه فكرة يريد عرضها عليه، وبمجرد عرض الفكرة اللواء أركان حرب محمود جاد التهامي وافق عليها.


وخلال 12 ساعة، ما بين الساعة 12 ليلا وحتى الساعة 12 ظهر اليوم، التالي كانت الفكرة وصلت لأعلى مستوى في القوات المسلحة، وفي أقل من أسبوع كانت قد وصلت للرئيس جمال عبد الناصر، القائد الأعلى للقوات المسلحة.

 

انتقلت مسؤولية تنفيذ الفكرة إلى إدارة المهندسين، والتي درست الفكرة من كافة نواحيها وجربوا أكثر من نوع من أنواع المضخات، وقاموا بالعديد من التجارب العملية والميدانية للفكرة زادت على 300 تجربة اعتبارا من سبتمبر عام 1969 حتى عام 1972 بجزيرة البلاح بالإسماعيلية، حيث تم فتح ثغرة في ساتر ترابي أقيم ليماثل الموجود على الضفة الشرقية للقناة

 

تدرب الجنود على كل عمليات الحرب قبل الحرب، وكان كل جنود الجيش المصري في شوق شديد لاستعادة أرضنا وكرامتنا  وبذل سلاح المهندسين جهدا كبيرا في تحسين الفكرة في سرية تامة، واستيراد المضخات من ألمانيا باعتبارها وسيلة زراعية، وبفضل هذه الفكرة استطاع الجيش المصري عبور بعض الثغرات بعد 4 ساعات بدلا من 12 ساعة، وكانت جنود مصر يتدفقون على الضفة الغربية، بحلول الساعة 10 مساءا كان هناك 80 ألف جندي مصري موجودين في الجانب الآخر من الضفة، واستشهد منهم 78 جندي في موجات العبور الأولى، وأفقدت تلك الخطوة العدو توازنه.

 

حصل اللواء باقي زكي يوسف على نوط الجمهورية العسكري من الدرجة الأولى من الرئيس أنور السادات سنة 1974، وبه إشادة بأعمال استثنائية، كما حصل على وسام الجمهورية من الطبقة الثانية من الرئيس محمد حسني مبارك سنة 1984، وسجلت الفكرة باسم اللواء باقي زكي يوسف كبرائة اختراع.


ووصف اللواء باقي زكي يوسف في أحد اللقاءات الصحفية لحظة النصر وقال " شعور لا يوصف … الحمد لله .. أحنا الأرض بالنسبة لنا عرض لكن العدو مرتزقة .. وعندما انتقلت إلى الضفة الغربية مع رجالي … كانت الخنادق أشبه بالمجزر الآلي يوم العيد … كم الجثث والقتلى كان غير معقول، وفكرة مضخات المياه التي كانت أحد أسباب النصر قللت خسائر الأفراد والمعدات وكانت سبب رئيسي في النصر واستعادة الأرض، ويكفي أن يفتخر بي أبنائي وأحفادي على مستوى العالم، ويكفي أني كنت من عناصر هذا النصر، ويكفي أن ألتقي وقت وقف إطلاق النار بحاخامات يهود كانوا يجمعون جثث قتلاهم، فأسمع بأذني صوت أسنانهم يصطك خوفا مني أثناء تحدثهم معي، وأنا أؤكد أن أي إسرائيلي حضر حرب 1973 لا يمكن يدخل في حرب ثانية أمام مصريين، ولكننا نستطيع".

 

اقرأ أيضا نصر أكتوبر| صائد الدبابات.. محطات في حياة البطل الأسمر عبدالعاطي