الطريق
الخميس 9 مايو 2024 10:58 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

بطولة وشرف وخيانة.. كيف تناولت الشاشة العربية قصة ”قطز وبيبرس”؟

كيف تناولت الدراما العربية قصة "قطز وبيبرس"؟
كيف تناولت الدراما العربية قصة "قطز وبيبرس"؟
من بين سلاطين المماليك الذين حكموا مصر، هناك من حفر اسمه بحروف من نور في صفحات التاريخ، مثل المظفر "سيف الدين قطز، الظاهر ركن الدين بيبرس وطومان باي"، ونخص بالذكر في السطور التالية الأول والثاني، فهناك ارتباط كبير في التاريخ بينهما جسدته الدراما بأشكال مختلفة.
المتابع لقصة الأمير محمود بن ممدود الملقب بالمظفر قطز وصديقه ركن الدين بيبرس، يجد الارتباط بينهما بدأ منذ التقيا في حلب بعد اختطافهما، كل من وطنه، وبيعهما في سوق الرقيق، وهو ما ذكره الكاتب الراحل علي أحمد باكثير في قصته الشهيرة "وا إسلاماه"، ثم بعد ذلك أصبح الأول من أقوى رجال عز الدين أيبك، والآخر هو الذراع اليمنى لمنافسه الشديد فارس الدين أقطاي، وبعد ذلك سارت القصة كما يعلم معظمنا وانتهت بمقتل أيبك وأقطاي وتولي قطز حكم مصر قبل المواجهة المصيرية مع جيش التتار الغاشم.
ألهمت قصة الحرب مع التتار والانتصار عليهم في معركة عين جالوت الكثير من صناع الدراما في مصر والطن العربي، فنجد البداية مع الفيلم المقتبس عن رواية "وا إسلاماه" والذي حمل نفس الاسم، وفيه جسد أحمد مظهر شخصية الملك المظفر قطز، وقام رشدي أباظة بدور ركن الدين بيبرس، ثم بعد ذلك جاء مسلسل "الفرسان" للمخرج الراحل حسام الدين مصطفى، وبطولة نجم الشاشة الصغيرة وقتها أحمد عبد العزيز، وأخيرا المسلسل السوري "الظاهر بيبرس"، والذ قام بدور قطز فيه باسل خياط، بينما جسد شخصية بيبرس الممثل عابد فهد.
من أشهر مشاهد فيلم "و إسلاماه" -بعد إنتي فين يا جهههههههههههاد طبعا- هو مشهد تمزيق قطز لرسالة ملك التتار وطرده لرسله، وكلنا نذكر منه الجملة الشهيرة "أكلم مين لما أحب أخاطب الشعب المصري؟"، وفي ذلك المشهد كانت رسالة ملك التتار لأمير مصر مختلفة تماما عن الرسالة الأصلية والتي جاء ضمنها "عليكم بالهرب، وعلينا بالطلب، فأي أرض تؤويكم، وأي طريق تنجيكم، وأي بلاد تحميكم؟ فما لكم من سيوفنا خلاص، ولا من مهابتنا مناص فخيولنا سوابق، وسهامنا خوارق، وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، فالحصون لدينا لا تمنع، والعساكر لقتالنا لا تنفع، ودعائكم علينا لا يسمع"، وبالطبع كان رد قطز مختلفا عن الرد الأصلي المذكور في كتب التاريخ.
أما في مسلسل "الفرسان"، فكانت رسالة السلطان قطز لملك المغول مختلفة هي الأخرى عن الرسالة الأصلية التي جاء فيها " نحن المؤمنون حقا لا يداخلنا عيب، ولا يصدنا غيب، القران علينا نزل وهو رحيم بنا لم يزل، تحققنا تنزيله وعرفنا تأويله، إنما النار لكم خلقت، ولجلودكم أضرمت، إذا السماء انفطرت، ومن أعجب العجب تهديد الليوث بالرتوت، والسباع بالضباع، والكماة بالكراع، خيولنا برقية، وسهامنا يمانية، وسيوفنا مضرية، وأكتافها شديدة المضارب، ووصفها في المشارق والمغارب، فرساننا ليوث إذا ركبت، وأفراسنا لواحق إذا طلبت، سيوفنا قواطع إذا ضربت، وليوثنا سواحق إذا نزلت".

أما في مسلسل "الظاهر بيبرس" فجاء خطاب الملك المظفر قطز أقرب إلى المعنى الذي جاء في الرسالة الأصلية يشدد على عدم خوف المسلمين من الموت في سبيل الله، وإن كان نصه مختلفا هو الآخر.


مقتل السلطان قطز يعتبر هو الآخر من الأحداث التي اختلف المؤرخون على أسبابها، لكن المرجح عندهم أن قاتله هو ركن الدين بيبرس مع ثلة من أمرء المماليك، وتلك الواقعة أيضا لم تقدمها الدراما كما ذكرتها كتب التاريخ.
 فها نحن نرى مشهد مقتل قطز في "الفرسان" على يد بيبرس بطعنة خنجر، رغم أن أغلب الروايات تذهب إلى مقتله على يد الأمراء مجتمعين، ومنها رواية الإمام ابن كثير التي جاء فيها "كان الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري قد اتفق مع جماعة من الأمراء على قتله، فلما وصل إلى هذه المنزلة ضرب دهليزه، وساق خلف أرنب، وساق معه أولئك الأمراء فشفع عنده ركن الدين بيبرس في شيء فشفعه، فأخذ يده ليقبلها فأمسكها وحمل عليه أولئك الأمراء بالسيوف فضربوه بها، وألقوه عن فرسه، ورشقوه بالنشاب حتى قتلوه"، ويختلف المشهد الدرامي في "الفرسان" عن رواية ابن كثير في أن الأمراء هم من بايعوا بيبرس بعد قتلهم السلطان، فنرى قطز هنا هو من يولي بيبرس الأمر قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
مشهد مقتل السلطان قطز كان مختلفا في المسلسل السوري "الظاهر بيبرس" عن نظيره المصري، وأيضا عن رواية ابن كثير، فنرى فيه مقتل السلطان بسهم من أمير مملوكي غير ركن الدين بيبرس، وهو ما يتفق مع بعض من ينفي عنه تهمة القتل، ثم نرى قطز ينازع الموت في مشهد أقرب إلى الملاحم، حث قام من سقطته إلى أن وصل لبيبرس وأمسك به وهو يزأر كما الليث الجريح.