الطريق
السبت 27 أبريل 2024 04:11 صـ 18 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

نجيب محفوظ يحاكم كتاب عصره على صفحات ”الطريق”

محفوظ: لويس عوض فضح أسرته بدون داعٍ

الشاعر العراقى مهدى الجواهرى.. رمز للنضال الفكرى والسياسى

محفوظ عن سلوى بكر: كلما قرأت لها بحثت عن مزيد من أعمالها

يرد على نزار قبانى: مصر تعتز بقادتها المثقفين كما يعتز جمهورها بعدوية

صاحب نوبل: يوسف السباعى جبرتى العصر الذى أسعد جيلين أو ثلاثة من بنى قومه

تعجب كثيرون من المتابعين للحياة الثقافية المصرية من تصريحات الروائى الشاب أحمد مراد الذى نفى تلك التصريحات وصرح بأنه لم يقل أى كلمة تخص أديب نوبل، فهو مثله الأعلى وأكد على أن التصريحات لا تمت للواقع بصلة، لكن على غرار ذلك يعتقد البعض أن أديب نوبل «نجيب محفوظ» لم يكن يبدى آراءه إلا متحفظًا، هذا إن صرح بها من الأساس، لكن فى حقيقة الأمر كان نجيب محفوظ فى بعض الأحيان يخرج عن ذلك ويبدى آراءه كما هى لا متحفظًا ولا كاتمًا، بل مصرحًا بما يملأ صدره.. ففى هذه الصفحة نرى نجيب محفوظ آخر، حيث يبدى آراءه وأفكاره فى كل من «لويس عوض، مهدى الجواهرى، سلوى بكر، نزار قبانى، يوسف السباعى »، ونريد أن نشير هنا إلى أننا لم نعتمد على مقالات أديب نوبل أو آراء مباشرة له، بينما كان اعتمادنا بالشكل الأساسى على تحقيقات صحفية أجراها زملاء لنا «بالصور» وفيها جاءت آراء محفوظ كالتالى:

محفوظ: لويس عوض فضح أسرته بدون داعٍ

ينقل لنا د. شكرى محمد عياد رأى نجيب محفوظ فى كتاب «أوراق العمر» للويس عوض فى مقاله المعنون بـ«لويس عوض.. فى مرآة لويس عوض» فى مجلة الهلال عدد ديسمبر عام 1990 صـ43.

فيقول: (قرأت رأيًا لنجيب محفوظ فى «أوراق العمر» نقله عنه أحد الصحفيين، أنه لم يسترح إلى هذا الكتاب لأن لويس عوض فضح أسرته بدون داع).

ويعلق د. شكرى عياد على رأى نجيب محفوظ فيقول: ونجيب أول من يعلم أن الفن كله فضيحة، ولكنه فى الأغلب فضيحة ماكرة. إن الحقيقة تغيب فى ثناياه، تتغير ملامحها وتفقد شخصيتها وتصبح شيئًا آخر، يمكنه أن يتبجح بأنه أكثر حقيقة من الحقيقة نفسها، وقد يكون صادقًا فى هذا الادعاء، ولكنه على كل حال يكفيه محنة الحرج مع الأهل والأصدقاء (وهل الفنان فى حاجة إلى مزيد من المحن)؟.

الشاعر العراقى

رحل الشاعر العراقى الكبير محمد مهدى الجواهرى فى أول يناير عام 1997، بعد حياة مديدة حافلة، منها ثمانون عامًا فى كتابة الشعر الذى أحبه ونظمه وهو بعد لم يبلغ العشرين، فاشترك الصحفيان عماد الغزالى ونادر ناشد فى كتابة موضوع بعنوان «رحيل الجواهرى شاعر العرب الكبير» وكتبا فى عنوانه الفرعى «اختار الحياة فى المنفى 41 عامًا بلا مهادنة».

أخذ الاثنان في موضوعهما العديد من الآراء، منها على سبيل المثال رأى الشاعر اللبنانى تقى الدين شمس الدين، لكن يبقى أهم رأى فى ذلك السياق هو رأى أديب مصر العالمى نجيب محفوظ الذى قال عن الجواهرى: «هو رمز للنضال الفكرى والسياسى وكفاحه فى منفاه أكد صموده ووعيه بقضايا أمته العربية».

سلوى بكر.. كلما قرأت مجموعة قصصية بحثت عن أعمال سابقة لها

فى مجلة الهلال عدد نوفمبر 1990 ينقل لنا جلال أمين فى مقال له بعنوان «سلوى بكر وأدب الإحباط» رأى الروائى الكبير نجيب محفوظ فى كتابات الروائية الشابة وقتها سلوى بكر، فيقول محفوظ: «لست أديبًا ولا ناقدًا، ولكنى قرأت مجموعة قصصية نشرت حديثًا للكاتبة سلوى بكر، فتنت بأفكارها وبطريقتها فى الكتابة فبحثت عن أعمال سابقة لها، ووجدت لها مجموعتين أخريين فإذ قرأتهما لم يتغير رأيى بل زاد تعلقى بأدبها، وخطر لى أن أجلس لأكتب تفسيرًا لهذا الإعجاب. آملًا أن يغفر لى تطفلى باقتحامى ميدانًا ليس ميدانى».

تعليق نجيب محفوظ على نقد نزار قبانى لميراثنا الثقافى: مصر تعتز بقادتها المثقفين كما يعتز جمهورها بعدوية وغيره من أمراء الترفيه الشعبى

من المعروف لدى الكثيرين أن قصيدة «متى يعلنون وفاة العرب»؟ المكتوبة أواسط التسعينيات قد أثارت ضجة كبيرة، وهذا ما تكرر فى قصيدة أخرى شهيرة للشاعر نزار قبانى عنوانها «هوامش على دفتر النكسة» التى نشرت فى «الآداب» البيروتية بعد هزيمة 1967، فصودرت المجلّة فى مصر، ولكن القصيدة عرفت طريقها إلى المثقفين المصريين، وأشعلت معركة بدأها الشاعر صالح جودت بعنوان «امنعوا أغانى نزار قبانى». وكتب جودت يومها: «لقد انتهى نزار كشاعر وانتهى كعربى وانتهى كإنسان»، وفى مقالته التالية طالب الشاعر نفسه بوضع نزار قبانى على القائمة السوداء لأنه «يحطم معنويات قومه بمثل هذه القصيدة»، وبذلك ظل نزار قبانى مشاغبًا فى شعره وخارجه.

لذلك فى مقال معنون بـ«نحن نهاجم ثقافتنا وفنوننا.. فلماذا نلوم الآخرين»؟ بجريدة الأخبار بتاريخ 24\1\1985 يتصدر الكاتب الصحفى مدحت عاصم لعدة تصريحات وقصائد للشاعر الكبير نزار قبانى، وعلى الرغم من اعتراف مدحت عاصم بمكانة نزار قبانى الشعرية، إلا أنه يستنكر دخوله إلى عالم السياسة ونقده لميراثنا الثقافى فيقول: «نزار قبانى له مكانته بين شعراء العالم العربى، له مدرسة ذات مذاق خاص، يعجب بها الكثيرون وقد يرفضها البعض كشاعر فنان من المحدثين، أما إذا شاء لنفسه أن يصبح صاحب شخصية سياسية يصول بها ويجول، فرحم الله الإمام محمد عبده عندما قال: لعن الله السياسة وساس ويسوس».

ويستعين مدحت عاصم فى مقاله بأكثر من رأى، منها رأى كاتبنا الكبير موسى صبرى الذى صرح فى انفعال عاطفى ثائر: «الشاعر الجاحد المتقلب، ولم يكن نزار شاعرًا عندما جحد، بل شبه سياسى متقلب، خلع رداء الشعر المتألق ليرتدى ثوب السياسة المرتزقة المهلهل داكن الزرقة والأزرق عندنا لون الحداد».

كما استعان مدحت عاصم فى موضوعه كذلك برأى كاتبنا الكبير نجيب محفوظ ليعلق على ذلك بأدب جم فقال: «مصر تعتز بقادتها المثقفين، كما يعتز جمهورها بعدوية وغيره من أمراء الترفيه الشعبى».

جبرتى العصر الذى أسعد جيلين أو ثلاثة من بنى قومه

فى مقال للكاتب الصحفى «محمد صبرى السيد» بتاريخ 18 فبراير 2000 والمنشور بجريدة الأهرام تحت عنوان «فى ذكراه.. يوسف السباعى فى مرآة نجيب محفوظ» ينقل لنا ما كتبه نجيب محفوظ عن يوسف السباعى كما هو فيقول إنه وفى مثل هذا اليوم - يقصد بالتأكيد يوم نشر المقال - منذ اثنين وعشرين عامًا رحل عن عالمنا الفارس يوسف السباعى، فسألت الأديب الكبير نجيب محفوظ كيف عرفت يوسف السباعى؟

قال: عرفته قبل أن أراه، فقد كنت أقرأ قصصه التى ينشرها فى الصحف والمجلات حتى رأيته وكان ذلك قبل الثورة عندما زارنى إبان عملى سكرتيرًا برلمانيًا لوزير الأوقاف واكتشفت أنه يقرأ قصصى مثلما أقرأ قصصه وصارت بيننا صداقة وود جميل.

ويواصل نجيب محفوظ الحديث عن ذكرياته مع يوسف السباعى فيقول: لقد صحبت يوسف السباعى مشوار عمر قبل الثورة وسافرت معه إلى اليمن وزاملته فى نادى القصة وفى المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب وأخيرًا فى جريدة الأهرام حتى استشهاده، وقلت عن يوسف السباعى إنه «جبرتى العصر»، فقد سجل بكتاباته الأدبية أحداث الثورة منذ قيامها حتى بشائر النصر فى حرب أكتوبر المجيدة فى أعماله رد قلبى- جفت الدموع- ليل له آخر- أقوى من الزمن- العمر لحظة.

وظلت صداقتنا مودة طيبة جمعتنا تحت راية الثقافة والفكر حتى يوم استشهاده فى 18 فبراير 1978 عندما كتبت عنه: «ما أعجزنى عن التعبير، إنها مودة ثلاثين عامًا لن تبيد أبدًا، ولكن اعترضت مجراها العاطر رصاصة غادرة، وسوف يعيش معى دائمًا بطلعته المنيرة وابتسامته المشرقة وفرحته الصادقة بلقاء الأصدقاء، وسوف تصاحبنا دائمًا موهبته السخية وعطاؤه الجزيل وآثاره الحية، التى أسعدت جيلين أو ثلاثة من بنى قومه العرب فى المشرق والمغرب، وسوف يذكره معنا الأصدقاء مثلما نذكره، كما سيذكره الأعداء، إذ إنه لم يكن يفرق فى معاملته بين الصديق والعدو، وسوف يذكره إخوانه فى المهنة، فهو الذى أنشأ لهم نادى القصة وجمعية الأدباء واتحاد الأدباء، كما كان له الفضل وأى فضل فى إنشاء المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، وسوف يذكره الآسيويون والإفريقيون لنشاطه الدائب فى مجلس تضامنهم وسعيه النبيل لتكوين اتحاد أدبائهم، كان طاقة عظيمة من الإبداع والإنشاء والأمر بالمعروف وصنع الجميل والمشاركة المخلصة فى الواجب الوطنى والقومى، إن الغدر بمثل هذه الشخصية لآية ما بعدها آية على أن الشر أصبح له سدنة وعابدون وأن الإجرام بات طبيعة لقوم أضلهم الشيطان، وأن تضحيات مصر بالنفس والمال تلقى فى نهاية المطاف الجحود والإنكار والاعتداء على أعز أبنائها، ما أعجزنى عن التعبير وما أشد حزنى على فقد يوسف السباعى».