الطريق
جريدة الطريق

قطر تحاصر عمال مونديال 2020 وتضعهم في مواجهة ”كورونا”

الأمير تميم بن حمد
عواطف الوصيف -

لم يكتف نظام الحمدين في قطر بممارسة الذل والتعسف ضد العمال المهاجرين بما يخالف قوانين العمل الدولية والحقوق الإنسانية، فهو الآن لا يمانع في جعلهم فريسة سهلة للموت، بتركهم تحت قبضة الحصار في خندق محاط بفيروس كورونا المستجد دون توفير أي مساعدات تدعمهم لمواجهة هذا الهلاك.

العفو الدولية تفضح قطر

فضحت منظمة العفو الدولية الانتهاكات التي تمارسها ضد الفقراء من العمال المهاجرين الذين وبسبب ظروفهم القاسية توجهوا لقطر بحثا عن الرزق.

وأكدت المنظمة، أن النظام القطري بدأ في إجراءات حصار أجزاء من المنطقة الصناعية، التي في الأساس عبارة عن مخيمات سكنية يقطنها عدد كبير من العمال المهاجرين، والكارثة أن هذا الإجراء تم إتمامه بعد ثبوت إصابة المئات من عمال البناء بفيروس كورونا.

ففي الوقت الذي يدخل العالم في صراع مع الزمن لمواجهة خطر هذا الوباء، تركت قطر العمال المهاجرين محاصرين في خندق واحد مع هذا الوباء المميت، وفقا لـ"العفو الدولية".

اقرأ أيضا: قطر تغلق المساجد وتمنع التجمعات بسبب كورونا

معسكرات مكتظة ونقص مياه

ووفقا للتقارير الذي قدمته "العفو الدولية" وصحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن المعسكرات التي حاصرتها قطر مكتظة بشكل غير عادي بالعمال والأزمة أنها ينقصها المياه والصرف الصحي، وهو ما يؤكد أن هؤلاء العمال حتما أقل قدرة على حماية أنفسهم من هذا الفيروس الخطير.

عمال قطر

تجاهل قطري

وعلى الرغم من البيانات التي أعلنت عنها الصحة القطرية، والتي تؤكد ارتفاع عدد إجمالي المصابين بفيروس كورونا في قطر إلى 470 حالة، إلا أنها تتعمد تجاهل الدعوات التي وجهتها العفو الدولية لها، بضمان عدم تهميش العمال المهاجرين خاصة في ظل هذه الأزمة، مع توفير رواتب مرضية لهم خاصة عندما يكونوا غير قادرين على العمل، وأن ينالوا حقهم من الرعاية الصحية.

الصندوق الأسود في قطر

صحيفة "الجارديان" البريطانية، ألقت الضوء على ما أكده العديد من العمال المهاجرين الأجانب، حيث كشفوا عن معاناتهم في ظل تفشي كورونا، وأكدوا إهمال السلطات القطرية عن توفير الرعاية اللازمة منعا لانتشار هذا الفيروس بشكل كبير، فقد تحول معسكر العمال المهاجرين في قطر لسجن افتراضي بعد إصابة مئات من عمال البناء بالوباء.

اقرأ أيضا: انتهاكات تميم مستمرة.. عمال مونديال قطر في مرمى ”كورونا”

قتل الأبرياء

وشاركت الشرطة القطرية في عملية القتل الممنهج للعمال الضعفاء بالبطئ، فهي تحرس محيط منطقة ضخمة داخل "المنطقة الصناعية" وهي المعسكر العمالي، وفقا للصحيفة البريطانية.

وأوضحت الصحيفة، أن السلطات القطرية، تركت آلاف العمال محاصرين في مخيمات مزدحمة، ومن السهل جدا أن ينتشر فيها الفيروس بوتيرة سريعة.

ويقول أحد العمال الذين يعيشون في المنطقة للصحيفة البريطانية، عن عمل الكثير منهم في مشاريع البنية التحتية لكأس العالم 2022: إن "بعضهم كانوا في إجازة بدون أجر حتى إشعار آخر".

شهود عيان

في حين أكدت عاملة نيبالية تعيش في محيط المنطقة التي يحرسها الشرطة القطرية، أنها ممنوعة من مغادرة المنطقة، مضيفة: "لا يُسمح لنا بالسير في مجموعات أو تناول الطعام في مقهى، ولكن لا يزال بإمكانك شراء الطعام وأخذه إلى المنزل.. وأنا قلقة بشأن عائلتي في المنزل، ولن يكون هناك من يعتني بهم إذا حدث لي أي شيء"، حسب الجارديان.

تصرف إجرامي

وتعمدت السلطات القطرية أن تقوم بتصرف إجرامي منافٍ للإنسانية، فبدلا من اتخاذ إجراءات حاسمة بعد الإعلان عن 238 حالة إصابة بالفيروس بين العمال الأجانب، قررت إغلاق مناطق المخيمات العمالية، والكارثة هو ما قاله بعض عمال البناء الذين لم تثبت إصابتهم بكورونا، وهو أنهم لا يزالون مجبرين على العمل، مع درجة حرارة عالية.

استهتار السلطات القطرية

الدكتور عمار علي حسن استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أكد أن السلطات القطرية لا تهتم بصحة أو حياة العمال المهاجرين لديها، فإذا فقدوا حياتهم لأي سبب سيكون من السهل عليها أن تأتي بغيرهم من فقراء العمال في أي وقت، لاستكمال عمل التجهيزات اللازمة لمباريات مونديال كأس العالم.

اقرأ أيضا: قتل وخطف ممنهج.. ميليشيا السراج تخرق هدنة طرابلس بدعم قطري

نظام متجرد من إنسانيته

وأوضح حسن في تصريحات خاصة لـ"الطريق"، أن ما يشهده العمال المهاجرين، دليل على عدم شعور نظام تميم بأي مسؤولية كما أنه لا يتمتع بأي ضمير، وتجرد من الإنسانية، لافتا إلى أن الدوحة مُصرة على ترك هؤلاء الفقراء دون أي غطاء صحي يحميهم من كارثة فيروس كورونا، أو اتخاذ أي إجراءات تؤمن سلامتهم.

سياسة الانتهاك

وأضاف استاذ العلوم السياسية، أن ترك هؤلاء العمال يعملون في ظل هذه الظروف، والإصرار على إنهاك قواهم بلا رعاية أو إجراءات حماية، فهذا عمل غير إنساني، مؤكدا أن قطر معروفة بأنها تتعمد انتهاك حقوق العمال ولا توفر لهم أي حقوق وهذه سياسة تتعمد ممارستها، موضحًا أنها لم تكتف بعدم توفير رواتبهم، فهي الآن تحرمهم من حقهم في العلاج من وباء خطير قد يودي بحياتهم، فإذا تعرض شخص واحد فقط للمرض فسوف يتعرض الباقية بسهولة للمرض والهلاك.

مسلسل الإرهاب والقمع

من جانبها، قالت الدكتورة سارة كيرة الباحثة المتخصصة في العلاقات الدولية: إن "قطر تستكمل مسلسل الإرهاب ومسيرة القمع والتعذيب ضد العمال والمهاجرين"، مشيرة إلى أن تقرير منظمة العفو الدولية ضد السياسة التي تتبعها قطر يأتي في وقت عصيب تتكاتف فيه الجهود من أجل مواجهة الخطورة التي يمثلها فيروس كورونا، والتي لا تفرق بين مواطن أو مهاجر.

نظام هش

وأشارت كيرة في تصريح خاص لـ"الطريق"، إلى أن قطر لا تكترث لحياة المهاجرين ولا لحياة مواطنيها، وأن الوجه الحقيقي لنظام الحمدين كشف الغطاء عن الذي يمثل القمع والنظام "الهش"، فعلى الرغم من أن نسبة السكان هناك ليست كبيرة، إلا أنها لا تكترث على الإطلاق لمساعدتهم في مواجهة الخطر وتلقي العلاج.

رسالة للمجتمع الدولي

وأكدت الباحثة المتخصصة في العلاقات الدولية، أن الاعترافات التي أدلى بها العمال المهاجرين لصحيفة "الجارديان" وشكوتهم مما يواجهونه يعد رسالة للمجتمع الدولي بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية هؤلاء الضعفاء، خاصة أن قطر فشلت في احتواء أزمة تتلق بحقوق الإنسان قبل احتواء الأزمة الصحية.