الطريق
الأحد 12 مايو 2024 12:45 مـ 4 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

خنقت 18 شخصًا وبنت مسجدًا.. قصة الطمع والدم في بلاط الملكة صفية

جامع صفية
جامع صفية

«الملكة العروس» قررت أن تتخلص من أبناء زوجها خنقًا طمعًا فى الإرث

الأهالى: الجامع تحفة هندسية ومغلق بأمر الأوقاف منذ زلزال 92

«مئذنة اسطوانية الشكل على غرار المآذن العثمانية وسلالم دائرية ضخمة، وشرفة آذان واحدة محمولة على صفوف من المقرنصات الحجرية الدقيقة، وفى القمة تجد شكلا مخروطيا يشبه رأس القلم وهى من بواكير المآذن العثمانية ترتكز على أعمدة رخامية، أهمها الأوسط، له ثلاثة أبواب تؤدى إلى حيز مربع يبرز من جانبه الشرقى دخلة القبلة بصدرها المحراب وإلى جواره منبر رخامى، ويغطى هذا المربع قبة كبيرة فى الوسط تحيط بها قباب صغيرة محمولة على عقود حجرية ترتكز على ستة أعمدة من الجرانيت».. هكذا خرج للنور تحفة جامع الملكة صفية بمنطقة الدودية المتفرع من شارع محمد على بباب الخلق.

مسجد السيدة صفية مبنى مرتفع عن مستوى الطريق، يتسم بالبساطة التامة، ويحتل المسجد مساحة مستطيلة مقسمة إلى قسمين يعرف الخارجى منهما باسم الحرم، وهو يستخدم كمسجد صيفى بالأساس، أما القسم الثانى فيعرف بالمصلى أو المسجد، وتعد قباتها من القباب الكبيرة والنادرة، إذ يصل ارتفاعها إلى 17.6 متر .

المرأة الحديدية

ﺍلسيدة صفية تلك التى صورها التاريخ بأنها تلك «ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﻤﺘﺴﻠﻄﺔ»، ﺍﻟﺘى أﺭﺍﺩﺕ أﻥ ﺗﺒﻘى أﺛﺮﺍ ﻳﺬﻛﺮﻩ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻋﻠﻰ ﺟﺮﻣﻬﺎ ﻭﻓﻌﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﻨﻴﻌﺔ، ﻓﺄﻭﻓﺪﺕ أﺣﺪ ﻣﻤﺎﻟﻴﻜﻬﺎ إﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ، ﺣﻴﺚ ﻧﻘﺶ ﺍﺳﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﻮحة ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺧﺎﻡ الأﺣﻤﺮ فى ﺟﺎﻣﻊ ﺑﻨﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺠﺮ الأﺣﻤﺮ ﻟﻴﺒﻘﻰ ﻳﺬﻛﺮنا ﺑﻬﺎ.

إنها المرأة القاتلة «الملكة العروس»، التى قررت أن تتخلص من أبناء زوجها خنقا، البالغ عددهم ثمانية ﻋﺸﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﻈﻞ ﻭﻟﺪﻫﺎ ﺍﻟﻮﺭﻳﺚ الوحيد.

إنها ﺍﻟﺠﺎﺭﻳﺔ التى ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ ﺯﻭﺟﻬﺎ أﻟﻌﻮﺑﺔ ﻓى ﻳﺪﻳﻬﺎ، إنها ﺻﺎﺣﺒﺔ أﻭﻝ ﻣﺠﺰﺭﺓ ﻳﻘﺘﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺀ ﺳﻼﻃﻴﻦ ﺁﻝ ﻋﺜﻤﺎﻥ، ﻭﺫﻟﻚ ﺧﻨﻘﺎ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﻣﻦ أﺟﻞ ﺍﻻ ﻳﺮﺛﻮﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ.

تجولت «الطريق» فى شوارع الدودية، وقابلت أهلها ليرووا لها قصة هذا المسجد الذى يحمل فى تاريخه خبايا وأساطير لم تكن معروفة من قبل.

قال الحاج سمير أبوالعزم، من سكان المنطقة، إن صاحبة هذا المسجد الملكة صفية كانت فى الأصل جارية من بنات البندقية، وبعد ذلك تم بيعها إلى السلطان العثمانى الذى تعلق بها بعد أن انجبت له الولد، وحصولها على لقب السلطانة، وأنشأ هذا المسجد منذ 400 عام تقريبا.

زلزال 1992

أضاف «أبوالعزم»، أنه تم إغلاق هذا المسجد منذ سنوات مضت، وذلك بعد تدهور حالته بعد زلزال 1992، الذى نتج عنه تشققات داخل حوائط المسجد، وأيضا من المحتمل أن يكون تحت المسجد مياه جوفية، أدت إلى ظهور الرطوبة على جدرانه.

هندسة من إسطنبول

استطرد الحاج محمد عبدالعزيز، ليكمل لنا باقى القصة، قائلا إن مسجد الملكة صفية من أهم الجوامع العثمانية فى القاهرة، وهو ثالث جامع بمصر وضع تخطيطه على مثال الجوامع العثمانية فى اسطنبول.

مماليك صفية

أشار «عبدالعزيز»، إلى أن من قام ببناء المسجد هو «عثمان أغا»، أحد المماليك التابعين للملكة صفية وقتئذ، وكان قد انتقل إلى مصر لبناء المسجد لكنه توفى قبل إتمام بنائه.

ولفت إلى أنه يوجد داخل المسجد ﻧﻘﺶ باﺳﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﻮحة ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺧﺎﻡ، فوقه لوحة تذكارية، كتب بها أن هذا الجامع أنشأته والدة السلطان محمد خان على يد إسماعيل أغا ناظر الوقف سنة 1019 هجرية، مضيفا أن ﺍﻟﺤﺠﺮ أيضا أﺣﻤﺮ ﻟﻴﺒﻘﻰ ﻳﺬﻛﺮ ﺑﻬﺎ، ﻭﻳﺸﺪ ﺍﻧﺘﺒﺎﻩ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺰﻭﺭﻩ أﻭ يصلى ﻓﻴﻪ.

غلق من قبل هيئة الآثار والأوقاف

قامت هيئة الآثار ووزارة الأوقاف خلال السنوات الأخيرة، بغلق المسجد وذلك بعد تدهور حالته، ومن المؤسف الحالة التى وصل لها هذا الأثر التاريخى العظيم.