الطريق
الأربعاء 29 مايو 2024 05:23 صـ 21 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

صغيرات على ”فراش المتعة”.. حكايات من العالم السرى لزواج القاصرات

زواج القاصرات
زواج القاصرات

تولد الأنثى بالألم ويرافقها طيلة حياتها، وتتفاقم الألام في المجتمعات المنغلقة التي ترى الأنثى وصمة عار ومسئولية، يريد الجميع التخلص من عبئها؛ لذا يغتنمون أول فرصة لإزاحة الحمل فيقمعون حريتها ويرسخون أفكار مغلوطة في ذهنها ويسلبون حقوقها حتى فى إختيار شريك حياتها، فالإجبار دائماً هو سيد الموقف، والأكثر قسوة هو سن الزواج، فما زال هناك هاجس يعكر صفو كل أنثى لم تصل للسن الإنساني والقانوني للزواج، فسمه كيف تشاء "زواج القاصرات - الزواج المبكر - زواج الأطفال".

 في النهاية جريمة بشعة علي المجتمع المصري، فمعظم الأباء في المناطق الريفية والعشوائية يحكمون علي بناتهم بالإعدام وهم أحياء ويزوجهن وهن صغار و في اعتقادتهم تحمل المسئولية، ولكن ترهيب بناتهن من "شبح العنوسة"، للإرتباط سريعاً بأي رجل دون مراعاة للتوافق الفكري والسلوكي بجانب بعض الأفكار والمعتقدات والموروثات البالية المتعلقة بالبنت بأنها هي من تجلب لأهلها العار..؟

وتزال هناك بعض المناطق الريفية تُقيم زفاف الموت، وهناك صرخات للأنثى تُنتهك برائتها، ومستشفيات ملئية بجثث فتيات فقدن حياتهن نتيجة ذلك، وأطفال فقدوا حياتهم أو أصيبوا بإعاقات جسمانية نتيجة عدم أكتمال جسم الأم، وفتيات أصابتهن الشيخوخة المبكرة، ورجال تركوا زوجاتهم وتزوجوا بأخريات لعدم قدرتهن على مواكبة ظروف المعيشة وفهم الحياة الزوجية، هذا وأكثر نتيجة "زواج القاصرات"

اقرأ أيضا: «النصب على عينك يا تاجر».. ريان المطرية جمع 120 مليونًا من ضحاياه على الفيسبوك وخلع

ويرصد "الطريق" في هذا التحقيق فتيات لم يرن من الحياة سوى قسوتها، أباء ظالمون وزوج قاسٍ، أناث ناقمات على حياتهن وعلى العادات والتقاليد التي جعلتهن يُقطفن قبل أوانهن؟ في البداية روت " أ،أ "20 عامًا، مأساتها مع زواج القاصرات قائلة: "في الحقيقة لم أكن أرغب في إستكمال تعليمي، و أيضا لم أرغب في الزواج، فقد تركت المدرسة في عمر 15 عامًا، وعندما تقدم ابن عمتي لخطبتي رفضت بشدة، ولكن سوء معاملة عائلتي لي وقسوة أبي جعلتني أن في أعتقدتهم أن الزواج هو طريق الحل، فوافقت بشخص أخر تقدم لي وتزوجته".

وأضافت: "أنبهرت بأشياء تافهة، وفرحت اني لبست الفستان الأبيض وغوايش الذهب في ايدي، ولكن حُرمت من كامل حريتى التي كنت اتمتع بها في بيت والدي". وتابعت الزوجة :" كنت فاكرة الحياة وردي أو سهلة جدا، لكن توقعاتي كانت غير ذلك، ملقيتش بيت خاص، ولا زوج يحبني ويعطف عليه، وحياتي تحولت لهدر"، "أكتشفت أن زوجي بلا شخصية وأن والدته هي الحاكم الناهي في كل شئ ففكرت كثيرًا في الطلاق، ولكن كيف أطلب الطلاق وأنا لم أتزوج رسمي بمأذون.!

واستطردت: أتجوزت بعقد عرفي تم بين أهالي في جلسة عرفية ولكن لم يتم عقد قراني بواسطة المأذون الشرعي لعدم وصولي للسن القانوني للزواج، إلا أن زوجي كان يبتزني ورفض أن نتمم الزواج بشكل قانوني بعد إتمامى السن القانوني. وتابعت:" قضيت معاه عدة سنوات، وبعدها انفصلنا، ولكن مازلت أعاني جسديًا ونفسيًا مما حدث لي من إنتهاك لطفولتي التي لم اكتملها وأصبحت أعاني وكأني أمراة مسنة ولم أغفر ابدًا لأهلي.

"بيعايروني علشان جبت بنات"..!

" أ - ج " في العقد الثاني من عمرها، تقص لنا حكايتها مع زواج القاصرات فتقول: "أخرجني والدي من التعليم بعد إتمام الشهادة الابتدائية، وبعدها بعامين أجبرني على الزواج، لم تكن الحياة الزوجية أمرًا سهلًا علي، فقد تزوجت في بيت عيلة وكنت ملزمة بمهام منزلية كثيرة، دون مراعاة لصغر سني وزادت المعاناة أكثر بعد إنجابي مرتين متتاليتين لبنتين. وأضافت عشت حياة صعبة بين الحمل والأنجاب فكنت اقترب من حافة الموت البطيئة، إلا ان الأمر لم يرضي زوجي وأسرته وكأني اختار ان انجب بنات، فدائما كانوا يسيئون معاملتي ويعايروني بسبب عدم انجابي أولاد".

تابعت: "حملت للمرة الثالثة رغبة في إنجاب الولد واملًا في أرضاء زوجي وعائلته، ولكن الصدمة حين أنجبت بنت للمرة الثالثة وهنا انقلبت الامور وقرروا الأنتقام مني على ذنب لم اقترفه، وأعلن زوجي رغبته في الزواج من أخرى وما كان عليه إلا أن تركت المنزل وذهبت لعائلتي وطلبت الطلاق ولكن استغلوا سلطتهم وأخذوا بناتي مني وساوموني على الطلاق مقابل التنازل عن كافة حقوقي".

واستطردت:" أنا ندمانه اني سبت تعليمي علشان الزواج، أنا مكنتش عارفة إن أبويا وأمي حكموا عليه بالإعدام وانا على وش الدنيا، وزاد الهم اكتر لمه تخليت عن ضنايا وهما لسه صغيرين، أنا بتحسر من جوايا كل يوم لمه اشوف البنات اللي في سني وهما رايحين الكليات واللي رايح شغله، .. "حاربوا فكرة زواج القاصرات.. لا لموت البنات".

العقوبة القانونية

فزواج القاصر جريمة جنائية يقع فيها الأب والمأذون الذى يقوم بعقد الزواج بين الطرفين، حيث نصت المادة رقم 227 فقرة 1 من قانون العقوبات: "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد عن ثلاثمائة جنيه، كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانوناً لضبط عقد الزواج أقوالاً يعلم أنها غير صحيحة، أو حرر أو قدم لها أوراقاً كذلك، متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق"، بحيث يتم اعتبار السن من البيانات الجوهرية وتشديد العقوبة بالسجن على المأذونين ويتم معاقبتهم على أساس كونها جناية.

اقرأ أيضا: ”آباء بلا رحمة”.. تفاصيل مرعبة بقصة اغتصاب طفلة على يد والدها بالدويقة

 كما نصت المادة 116 مكرر من قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 على أنه: "يزاد بمقدار المثل الحد الأدنى للعقوبة المقررة لأي جريمة إذا وقعت من بالغ على طفل، أو إذا ارتكبها أحد والديه أو من له الولاية أو الوصاية عليه أو المسئول عن ملاحظته وتربيته أو من له سلطة عليه، أو كان خادماً عند من تقدم ذكرهم، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من استورد أو صدر أو أنتج أو أعد أو عرض أو طبع أو روج أو حاز أو بث أى أعمال إباحية يشارك فيها أطفال أو تتعلق بالاستغلال الجنسى للطفل، ويحكم بمصادرة الأدوات والآلات المستخدمة فى ارتكاب الجريمة والأموال المتحصلة منها، وغلق الأماكن محل ارتكابها مدة لا تقل عن ستة أشهر".

تزويج 14 مليون قاصر سنويا حول العالم

 

 وحسب الإحصاءات 14 مليون فتاة قاصر يتم تزويجها سنويًا حول العالم وبحسب هيئة الأمم المتحدة تتصدر الهند عدد حالات زواج القاصرات، بما يقدر بعشرة آلاف حالة، حيث تنتشر حالات زواج القاصرات بشكل كبير في بعض البلدان الإفريقية، حيث تصل النسبة إلى 58% في دول النيجر وتشاد وإثيوبيا وغينيا.

-برغم من تجريم زواج القاصرات، وتخصيص مواد كاملة في الدستور تنص على ذلك إلا أن القوانين مازالت قيد الورق غير مطبقة في الواقع، فهناك أكثر من 39 ألف زيجة تتم كل يوم في مختلف بلدان العالم لفتيات لم تبلغ السن القانونية، حيث أثبتت دراسات أن هناك أكثر من 140 مليون فتاة قاصر تزوجت في الفترة ما بين 2011: 2020، وطبقاً للأمم المتحدة فإن مضعافات الحمل والولادة هي الأسباب الرئيسية للوفاة بين الفتيات اللأتي تتراوح أعمارهن بين 15 - 19 سنة في البلدان النامية.

خبير قانونى

 قال أيمن محفوظ المحامى والخبير القانونى أن زواج القاصرات من الظواهر السلبية التي اقتحمت حياتنا، حيث يسبب أعباء رهيبة علي اقتصاديات البلد من ظهور الأم المعيلة صغيرة السن ووجود أطفال منتهكي الصحة مما يؤثر على اقتصاديات الصحة و مئات المشاكل للقضاء وجهات التنفيذ من قضايا ناتجة عن زواج القاصرات.

اقرأ أيضا: ضربوها وسحلوها وهددوها بالاغتصاب.. النيابة تستكمل تحقيقاتها في واقعة ”سيدة الطالبية”

وأوضح محفوظ: أن المادة رقم 227 فقرة 1 من قانون العقوبات: وهى "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد عن ثلاثمائة جنيه، كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانوناً لضبط عقد الزواج أقوالاً يعلم أنها غير صحيحة، أو حرر أو قدم لها أوراقاً كذلك، متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق". ، بحيث يتم اعتبار السن من البيانات الجوهرية وتشديد العقوبة بالسجن على المأذونين ويتم معاقبتهم على أساس كونها جناية وعلى باقي المتهمين تكون جنحة ولكن ذلك في الزواج الرسمي.

واستكمل محفوظ: أن الزواج السائد للقاصرات فهو الزواج العرفي ولم يضع القانون عقوبات مباشرة على إثبات سن الزواج في العقود العرفية ولكن إذا نتج عن هذا الزواج ما يمثل جريمة أخرى مثل جريمة التزوير في محرر عرفي أو ما نتج عن الزواج من أضرار جسدية القاصرة أو كان من الزواج نتاج جريمة الإتجار بالبشر أو الأعمال المنافية للآداب والأمثلة لا حصر لها في هذا المقام.

وتابع محفوظ: أن هناك مشاريع قوانين يناقشها مجلس النواب لسن عقوبات مشددة وقاسية على جرائم زواج القاصرات وتجريم ذلك الفعل ولكن للأسف الشديد لم تخرج تلك المشاريع.

واستكمل: يجب علينا أن نسعى للخروج مشاريع القوانين التي تجرم زواج القاصرات ووضع عقوبات مشددة لمن يتزوج فتاة قاصرة سواء كان كاتب العقد مهما كانت وظيفته ومعاقبة الأب والأم وكل من يعلم بتلك الجريمة ولم يبلغ السلطات أو تسترعلى الجناة.