الطريق
الجمعة 17 مايو 2024 12:55 صـ 8 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

في ذكرى ميلاد عبد الرحمن الرافعي.. ماذا كتب حفيد عمر بن الخطاب عن نفسه؟

عبد الرحمن الرافعي
عبد الرحمن الرافعي

في مثل هذا اليوم الموافق ٨ فبراير، ولد المؤرخ المصري الكبير عبد الرحمن الرافعي عام ١٨٨٩، وهو أحد المؤرخين المصريين الذين حفر التاريخ اسمه، إذ يعرض لكم الطريق خلال السطور التالية حكاية حفيد عمر بن الخطاب الذي تزعم المعارضة في برلمان مصر.

من هو الراحل عبد الرحمن الرافعي؟

يعتبر"الرافعي" الثالث بين إخوة أربعة أشقاء، لمع منهم أمين الرافعي أحد نوابغ الصحفيين في الثلث الأول من القرن العشرين، تلقى عبد الرحمن الرافعي تعليمه في المدارس الحكومية، حيث التحقي بمدرسة الزقازيق الابتدائية سنة 1895م، ثم مدرسة رأس التين الابتدائية سنة 1898م عندما انتقل والده إلى الإسكندرية حيث عمل مفتيًا للمدينة، وفي هذه المدينة أمضى الرافعي سني الدراسة حتى أنهى المرحلة الثانوية سنة 1904م.

مذكرات الرافعي

كتب عبدالرحمن الرافعي، مذكراته بشكل مستقل في كتاب بعنوان "مذكراتي 1889-1951" وقال في مقدمته: "كنت معتزماً أن أخصص فصلاً من كتاب في أعقاب الثورة المصرية لتدوين خواطري ومذكراتي أتحدث فيها بشيء من التفصيل عن نفسي، ثم وجدت أن هذا الفصل يمكن أن يطول وليس من حقي وأنا أؤرخ الحركة القومية أن أقحم فيها حديثاً طويلاً عن نفسي...".

حياته الشخصية

وفي السياق ذاته، كتب الرافعي عن حياته الشخصية بعنواني "النشأة الأولى" و"الحياة العلمية"، ففي عطفة أبو داوود بشارع درب الحصر قسم الخليفة ولد الرافعي في منزل جده لأمه، هكذا بدأ الرافعي حديثه من منزل جده وعن أمه والتي خصص لها الصفحات الأولى من كتابه ليحكي عنها وعن خصالها، ويقول عنها: "والدتي مصرية صميمة وقد توفيت سنة 1893 غير متجاوزة 35 سنة، إثر التهاب رحمي أصابها عقب الولادة وكنت لا أزال طفلاً إذ كان سني لا يزيد على 4 سنوات وبضعة أشهر، ورغم صغر سني فإني أذكر صوتها جيداً وحنانها، وكانت سيدة كاملة الصفات والأخلاق عرفت بطيبة القلب وصفاء النفس ولم أجد بعدها من يحبوني بحنو الأمومة...".

ثم انتقل للحديث عن والده فيقول: "يرجع أصله البعيد إلى الحجاز إذ هو من سلالة عمر بن الخطاب ولذلك سمي الفاروقي وهو من علماء الأزهر وتولى مناصب القضاء الشرعي، كان عالما تقياً تلقيت عنه نشأتي الدينية فكان يعودني وإخوتي على الصلوات والقرآن".

ثم تحدث عن الدراسة الابتدائية ومرحلة الثانوية بإيجاز، وعن اختلافه مع والده في مكان الدراسة: "أراد والدي أن يدخلني الأزهر ولكني اعتذرت بصغر سني وبأني تعودت على المدارسة النظامية ولم آلف نظام الدراسة في الأزهر وإذ كنت أخجل مراجعة والدي فقد وسطت لديه بعض الأقارب لإقنعه بالعدول عن فكرته".

أما مرحلة دراسة الحقوق، فهي المرحلة التي نشأ فيها الوعي السياسي للرافعي وبدأ في قراءة الصحف وإدراك الأحداث، وتم اختيار قهوة في شارع عماد الدين اسمها قهوة الحقوق لتصبح منتدى القراءة المخصص له ولزملاءه لتصفح ما ينشر في الصحف، مثل اللواء والمؤيد والأهرام.

ويحكي عن لقاءه الأول بمصطفى كامل: "أما أول مرة قابلته فيها في فبراير 1906، أثناء إضراب طلبة الحقوق، فقد تاقت نفسي إلى رؤيتهم وكان اللواء يناصر الطلبة في مطالبهم، فذهبت مع لفيف من زملائي إلى دار اللواء بشارع الدواوين وقابلت الزعيم لأول مرة وسمعت حديثه وشعرت بتأثيره الروحي ينفذ إلى أعمال قلبي وصار لي بمثابة أبي الروحي في المباديء".

ويسجل أثناء مرحلة الشباب الأولى له، حوادث مهمة مر بها ووقعت في هذه الفترة، مثل إضراب سنة 1906، والذي كان الأول من نوعه في مصر، وموجه ضد سياسة التعليم التي وضعها الاحتلال على حد وصفه، وسجل أيضاً حادثة دنشواي ووفاة الزعيم مصطفى كامل عام 1908.

حياته العملية

ثم انتقل للحديث عن حياته العملية، سواء في المحاماة، ثم الصحافة، والعودة للمحاماة مرة أخرى، إذ عمل فترة تدريب قصيرة بأحد مكاتب المحاماة، ثم قبل دعوة محمد فريد للعمل في الصحافة والكتابة بجريدة اللواء وقبل الدعوة، وتحدث في هذا الصدد بزيادة صلته بمحمد فريد وقربه منه، وعاد للمحاماة عام 1910 وظل يكتب بالتوازي معها.

تتداخل حياة الرافعي العملية، تداخلاً شديداً مع الأحداث في مصر وقتها، فقد كان عضو في الحزب الوطني وبالتالي يحضر ويرتب للمؤتمرات الوطنية السنوية، ويشارك في غيرها، مثل مؤتمر بروكسل، كما أنه صحب محمد فريد في رحلته إلى أوروبا.

في فصل كامل سرد الرافعي، ذكرياته مع ثورة 1919، ويقول في مقدمة حديثه عنها: "كنت سنة 1919 لا أزال في الثلاثين من عمري أزاول مهنتي المحاماة في المنصور، وكانت تغلب علي نزعة الشباب وأتوق إلى أن تسلك الأمة سبيل العنف في جهادها أما الآن فإني أميل إلى مبدأ عدم العنف وبعبارة أخرى لست من دعاة الثورة".

وأكمل: "تتبعت منذ نوفمبر حركة تأسيس الوفد المصري وسعيت جهدي مع الساعين في التوفيق بين الوفد والحزب الوطني... وكنت منذ اشتداد الحركة أقضي معظم الأيام بالعاصمة وشهدت وقائع الثورة الأولى وامتدادها إى الأقاليم فرأيت بعثاً جديداً للأمة ورأيت روح الإخلاص والتضحية تعم طبقاتها بعد أن كانت من قبل محصورة في دائرة ضيقة"، ثم انتقل لوصف الأحداث واتساعها ومشاركة الناس فيها وردود الفعل عليها وتصرف البوليس معها.

الحياة النيابية

يحكي عبدالرحمن الرافعي في مذاكرته عن نجاحه في الانتخابات التي أجريت في مصر بعد وضع دستور عام 1923، وكان فوزه بصدفة رواها: "كان من بين الأصوات أحد المندوبين وكان متقدم في السن دخل ليعطي صوته فسأله رئيس اللجنة عمن ينتخبه فأجاب على الفور عبدالرحمن الرافعي، ثم سكت هنيه وتلعثم، بل أريد على عبدالرزاق، ورفض رئيس اللجنة عدوله عن رأيه، واعتمد صوته لي، وأخبرني الذين شهدوا هذا أنهم سألوا الرجل فاعترف لهم بأنه كان يريد إعطاء صوته لعلي بك عبدالرازق ولكن اسمي جرى على لسانه عفواً دون تفكير.. وتحدث الناس كثيراً عن نجاحي بصوت واحد، وقال لي بعض الصوفية إنه صوت الله فحمد لهم هذا التعبير...".

ويقول الرافعي عن حياته النيابية: "إن المثالية التي جعلتني اختار المعارضة في البرلمان الأول فقد شعرت أن من واجبي كنائب أن اتخذ من الحياة النيابية أداة للكفاح الوطني، وأن تكون استمراراً لكفاحي الماضي وهذا يقتضي مني أن أكون على شيء من الاستقلال عن الوزارة القائمة -وزارة سعد زغلول- فأؤيدها فيما تحسن وانتقدها فيما تخطيء فيه وأعبر عن مباديء وأفكار قد لا تدين بها الأغلبية".

وتحدث عن سبب تأخيره للحركة القومية في كتبه قال: "أحببت التاريخ منذ صباي وكنت ولا أزال أراه مدرسة لتقويم أخلاق الشعب والنهوض بتربيته السياسية والقومية وزاد تعلقي به أني رأيت فيه على ضوء التجارب وسيلة ناجحة لتثقيف العقول ورفع مستوى الوطنية والوعي القومي في النفوس...".

اقرأ أيضًا:تتخطى الـ 50 ألف جنيه.. خبير سياحي يكشف لـ «الطريق» أسباب ارتفاع...