الطريق
السبت 27 أبريل 2024 07:32 مـ 18 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

سر المنع الإيراني للعملية العسكرية «التركية» في سوريا| خاص

وجه مرشد الثورة الإيرانية تحذيرًا إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال زيارته مؤخرًا إلى طهران، من شن عملية عسكرية في سوريا؛ فيما أظهر أردوغان لاحقا ولأول مرة عدم إصرار على العملية العسكرية في الوقت الحالي، الأمر الذي يفتح بابًا للتساؤل حول سر معارضة إيران الداعم القوي لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، إطلاق عملية عسكرية تركية غرضها الرئيس القضاء على النفوذ الكردي شمال شرق سوريا، الذي يعد أيضا من أهداف دمشق.

-

قال خامنئي لأردوغان إن أي عمل عسكري في سوريا من شأنه زعزعة استقرار المنطقة، ويحقق لـ "الإرهابيين" غاياتهم، داعيًا إلى الحوار مع الأطراف الفاعلة إيران وروسيا وسوريا لحل الخلاف؛ ومن جهته قال أردوغان لاحقا في تصريحات للصحفيين الأتراك، إن قرار العملية العسكرية شمالي سوريا سيبقى مدرجًا على خطة الجيش التركي طالما لم تنتهي المخاوف التي تهدد تركيا، كما أكد البيان المشترك لقمة أستانا أن أنقرة تحترم وحدة الأراضي السورية، ما يشير إلى أنه على الأقل في الوقت الحالي، لن يتم تنفيذ العملية العسكرية الخامسة في سوريا التي يريد أردوغان من خلالها إحداث "منطقة آمنة" بعمق 30 كيلومترا على طول الحدود، لإنهاء النفوذ الكردي في المنطقة.

حل المشاكل العالقة

الباحث في الشأن الإيراني، مصطفى النعيمي، قال معلقًا على قمة أستانا التي أتت بالرئيس التركي أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران في أول زيارة له خارج دول دول الاتحاد السوفيتي منذ الحرب على أوكرانيا، إن الجميع بات يدرك أن روسيا وإيران يعانيان من عزلة كبيرة نتيجة لسلوكياتهما العدائية تجاه الدول المحيطة بهما، ولا شك أن القمة بحد ذاتها محاولة لإظهار العكس، ولمناقشة الملفات المشتركة والعالقة في سوريا وأوكرانيا.

أضاف الباحث المشارك في "المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية": "بخصوص الملف السوري أرى بأن ملف العملية العسكرية التركية كان حاضرًا على طاولة التفاهمات وبشدة خاصة وأن روسيا قد انسحبت من مناطق عسكرية تحمل أهمية استراتيجية كبيرة لا سيما في محيط العاصمة السورية دمشق وريفها -محطة البحوث العلمية-، وكذلك في المنطقة الوسطى مستودعات مهين بريف حمص إضافة إلى انسحابها من محيط محطة البحوث العلمية في محافظتي حماة وحلب، وما نجم من مخاطر جراء هذا الانسحاب والتحذيرات الدولية المعنية بالملف السوري، من إمكانية ملئ الفراغ الروسي من قبل إيران وهذا ما تحقق فعلا.

العملية التركية تهدد النفوذ الإيراني

وقال الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، إن طهران تدرك جيدا أنه في حال البدء بالعملية العسكرية التركية -شمال شرق سوريا- ستصبح المدن التابعة لها في حلب "نبل – الزهراء" بخطر، لأنها ربما قد تكون هدفا قادما في مراحل متقدمة من العملية، لذلك حاولت وبشكل حثيث تعطيل تلك العملية العسكرية وإجراء تفاهمات مع نظام بشار الأسد، في محاولة منها لتحقيق التواجد العسكري البري في محيط "تل رفعت – منبج"، المدينتين اللتين أعلنت تركيا بأنهما ستكونان الهدف الأول لعمليتها العسكرية الخامسة في سوريا.

ووفق الباحث السوري المتخصص في الشأن الإيراني، تربط المدينتين "نبل – الزهراء" بعد مذهبي، نظرًا لأنهما ينتميان إلى الطائفة الشيعة والتي تتمتع برعاية ونفوذ كبير ضمن أولويات مشروع التغيير المذهبي القائم في سوريا منذ قرابة نصف قرن، وعلى ما يبدو أن إعطاء إيران هذا الحجم الكبير للمدينتين ينبع من أنها تستخدمهما كمصدات أمنية آمنة وأي متغير قد يعصف بالوجود الإيراني في سوريا لذلك ترى بأن الدفاع عن تلك المكتسبات في ركيزة مشروع التمدد الفارسي في المنطقة العربية بحاجة إلى وجود مثل تلك المدن، التي تكون بمثابة ركيزة لانطلاق مشروعها المذهبي في محافظة حلب إضافة إلى وجود العديد من المدن باتت تحت سيطرة ميليشيا إيران والتي تعمل اليوم على حملات من التغيير المذهبي من خلال استخدام السياسة الناعمة لكسب الكثير من مناصريها ومنحهم نفوذًا كبيرًا داخل وخارج سوريا، ليكونوا خدما مخلصين لمشروعها وليقوموا بجلب المزيد من المناصرين للانخراط في صفوفهم.

مشروع إيران المذهبي في سوريا

أضاف النعيمي: أنا أرى بأن المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة العربية يعتمد على مجموعة من الركائز ومن أهمها النظرة الإستراتيجية في بناء المدن بشكل أقواس تحاصر المكونات الأخرى التي لا تنتمي لمشروع إيران المذهبي، لتكون بوابة لها وأرضية خصبة لتمركز المشروع ومن ثم الإنتقال إلى استخدام الأدوات الخشنة المتمثلة بتوطين الميليشيات الإيرانية المذهبية متعددة الجنسيات في تلك المناطق ومن ثم يتم الانتقال إلى تقليص نفوذ الشخصيات الأكثر تأثيرا اجتماعيًا والذين تم استخدامهم بمثابة جسرًا لعبور المشروع ومن ثم يكشر عن أنيابه المشغلين الحقيقين للمشروع وتبدأ بتدريس المنتمين إلى المشروع ضمن الحسينيات التي تنشأ حديثا وتلقينهم الحقد على المكونات الأخرى في سوريا ومن ثم الانتقال إلى مشروع زرع بذور الحقد من خلال بث المفاهيم الإقصائية لكل من لا يؤمن بمشروعهم وإظهار القومية العربية بأنها أعراب وصولا إلى تكفير من لا ينتمي إلى مشروعها ومن ثم الإنتقال إلى ضرورة المواجهة معهم وذلك من اجل إحداث تغيير ديموغرافي وتوطين ميليشيات ولائية متعددة الجنسيات وتهجير السكان المحليين.

صدام غير مباشر بين إيران وتركيا

وقال الباحث المتخصص في الشان الإيراني: انطلاقا من تلك المفاهيم أعتقد بأن إيران تسعى للمحافظة على المكتسبات التي حققتها بعد الفراغ الروسي الكبير في الجغرافيا السورية وبنفس الوقت أرى بأن النظام الإيراني يتمثل برأسين حكم "المرشد – الرئيس" ومسار حكم الرئيس يكون عبر استخدام أدوات ناعمة سياسية، ويقابلها حالة كبيرة من التشدد من خلال تيار المرشد داخل مفاصل الدولة لذلك أرى بأن إيران وإن تعهدت بأنها لن تشارك في إي مواجهة مع تركيا، لكنها بنفس الوقت ستقوم بتقديم الدعم اللوجستي والذخائر لميليشيتها ذات الأهمية الأقل، والمتمثلة بمقاتلي ميليشيات "النجباء و زينبيون وفاطميون وحزب الله العراقي".

أضاف: وستشكل تلك الميليشيات عقبة أمام أي تفاهم سياسي لرؤساء الدول الثلاث، وستتنصل حكومة طهران في حال حركة تلك الأذرع لكن ستكون هنالك مقتلة لتلك الأذرع، وفقا لمعارك سابقة حصلت في مدينة سراقب بمحافظة إدلب، وكذلك عدة نقاط تماس حاولت تلك الميليشيات التغلب على التفاهمات الدولية، ووصل إلى حد قول أحد مقاتلي حزب الله اللبناني بتخوين الجيش الروسي لعدم تقديم الغطاء الجوي لهم، وأطلقوا عبارهم المشهورة "الأتراك حصدونا حصد"، أي بمعنى أن أي قوى عسكرية من جانب النظام السوري ستعمل منفردة خارج نطاق التفاهمات ستكون أهدافا حية خلال العملية العسكرية التركية، حال تنفيذها.

اقرأ أيضا: هل يخلق بوتين محورًا مناهضًا للغرب بقيادة موسكو وطهران؟