الطريق
الجمعة 19 أبريل 2024 05:22 مـ 10 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

الجمهورية الجديدة.. تونس تطوي صفحة الإخوان باستفتاء حاسم على الدستور

قيس سعيد وزوجته بعد الإدلاء بصوتيهما في الاستفتاء
قيس سعيد وزوجته بعد الإدلاء بصوتيهما في الاستفتاء

فيما شرع التونسيون، اليوم الإثنين، بالتصويت في الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد، في استحقاق انتخابي يطوي عقدا من حكم جماعة الإخوان، تُحيي البلاد ذكرى مرور عام على إطلاق مسار عزلة التنظيم الإرهابي.

وقبل عام في 25 يوليو 2021 كان التونسيون على موعد مع إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد سلسلة إجراءات استثنائية في مسعى لإنقاذ البلاد من تغول الجماعة.

وقرر سعيد تعليق عمل البرلمان الذي هيمنت عليه حركة النهضة الإخوانية بزعامة راشد الغنوشي الذي كان يتولى حينها رئاسة المجلس، كما أعفى رئيس الحكومة هشام المشيشي.

وتحتفل تونس اليوم الإثنين بالذكرى الأولى على «ميلاد الجمهورية الجديدة» بالتزامن مع عيد الجمهورية التونسية التي تأسست عام 1957 ومع إجراء الاستفتاء على الدستور الجديد.

ومنذ إعلان إجراءات 25 يوليو الاستثنائية، تسارعت الأحداث السياسية في تونس، وقادت إلى سلسلة إصلاحات تنفيذية وتشريعية واسعة في انتظار التوافق على عقد اجتماعي جديد.

وأغلقت قرارات سعيد جميع المنافذ أمام الإخوان للعودة للحكم وكانت بمثابة الخطوة لإنقاذ تونس من مخلفات العشرية السوداء الأخيرة التي عانت في تونس خلالها من الإرهاب والفساد المالي والسياسي وأزمات اقتصادية واجتماعية.

الجمهورية الجديدة

وفي سياق تلك الظروف، قال حسن التميمي المحلل السياسي التونسي، إن عاما مر منذ إشهار سعيد البطاقة الحمراء في وجه الإخوان وتطهير البلاد من حركة النهضة وأذرعها في انتظار الدستور الجديد الذي سينسف جميع أحلامهم بالعودة من جديد لسدة الحكم.

وأضاف التميمي في تصريحات لموقع «الطريق»، أن صفحة الإخوان في تونس طويت بعد أن انتفض عليها الشعب يوم 25 يوليو الماضي، مشيرا إلى أن الساعات القادمة ستكون مفصلية في مصير الإخوان في تونس.

وأكد أن مشروع الدستور الجديد الذي يتم التصويت عليه اليوم الإثنين يقطع مع المنظومة السابقة ويؤسس لبناء جمهورية جديدة ويضمن الاستقرار للبلاد ويدفع بنسق النمو من أجل إخراج تونس من عنق الزجاجة.

تسلسل الأحداث

عاشت تونس على وقع العديد من الأحداث خلال العام الماضي منذ 25 يوليو، حيث شملت الإجراءات الاستثنائية إقالة الحكومة وتعيين أخرى، وحل كل من مجلس القضاء الأعلى وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية والإعلان عن تبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر المقبل.

وجاءت هذه الإجراءات الاستثنائية كخطوة أجراها قيس سعيد بعد خروج الآلاف من التونسيين في مظاهرات جابت جميع محافظات ومدن البلاد، وصلت حد حرق مقرات حركة النهضة الإخوانية للمطالبة بحل البرلمان نتيجة استيائهم من عمله ورفضهم حكم منظومة الإخوان الفاسدة.

وبعد إعلان الرئيس عن قراراته خرجت مظاهرات تأييد في العاصمة ومدن أخرى رغم حظر التجول الليلي، وبعد تجميد البرلمان قال سعيد إنه لا رجوع إلى الوراء، وأمر الجيش بتطويق مقر المجلس، وأوقف رواتب النواب ورفع الحصانة عنهم.

وفي 29 سبتمبر كلف الرئيس الجامعية والمتخصصة في الجيولوجيا نجلاء بودن -غير معروفة لدى الطبقة السياسية وعامة التونسيين- بتشكيل حكومة في أسرع وقت.

وكانت هذه أول مرة في تاريخ البلد الرائد في مجال حقوق وحريات المرأة، يتم فيها تعيين امرأة على رأس السلطة التنفيذية.

وفي 5 فبراير، أعلن الرئيس سعيّد حل المجلس الأعلى للقضاء، وهو هيئة مستقلة أُنشئت عام 2016 للإشراف على الشؤون المهنية للقضاة، وذلك بعد أن اتهم أعضاء فيه بـ«الولاء» لجماعة الإخوان وبالسقوط تحت تأثير حزب النهضة.

في 13 فبراير، وقع الرئيس مرسوما يؤسس «المجلس الأعلى الموقت للقضاء»، ومنح نفسه صلاحية «طلب إعفاء كل قاض يخل بواجباته المهنية»، كما منع القضاة من الإضراب عن العمل.

وفي مارس الماضي تحدى نواب الإخوان سعيد من خلال عقد جلسة افتراضية لرفض جميع تحركاته، وبعد ذلك حل الرئيس البرلمان النهائي.

وطالب سعيد بالتحقيق مع النواب الذين شاركوا في الاجتماع عبر الإنترنت، متهما إياهم بالتمرد والانقلاب.

ويوم 30 يونيو الماضي، أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد مشروع الدستور الجديد الذي يتم التصويت عليه اليوم الإثنين.

أهم بنود الدستور الجديد

ودُعي نحو 9 ملايين و278 ألفا و541 ناخبا تونسيا، إلى الاقتراع على مشروع الدستور، من بينهم 348 ألفا و876 ناخباً مسجلاً بدوائر الخارج، و8 ملايين و929 ألفا و665 ناخبا داخل البلاد.

وتضمّن مشروع الدستور الجديد الذي يعرض، اليوم الإثنين، على الاستفتاء في تونس 142 فصلا و11 بابا، ينصّ الفصل الأول على «تونس دولة حرة مستقلّة ذات سيادة».

يفوّض الدستور التونسي المقترح للاستفتاء «الشعب صاحب السيادة الوظيفة التشريعية لمجلسين نيابيين هما: مجلس نواب الشعب، والوطني للجهات والأقاليم».

ويعد هذا الدستور بداية لمرحلة جديدة بعد تطهير البلاد من براثن الإخوان، وتأسيس الجمهورية الجديدة.

وتضمنت النسخة تعديلا شمل عدّة فصول من بينها الفصل الخامس الذي أثار الجدل والمتعلق بمقاصد الإسلام، ونصّ الفصل المُعدل على أنّ «تونس جزء من الأمّة الإسلامية، وعلى الدولة وحدها أن تعمل، في ظلّ نظام ديمقراطي، على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النّفس والعرض والمال والدين والحرية».

يذكر أنّ هذا الفصل ورد في نسخته الأولى الواردة في مشروع الدستور السابق كما يلي: «تونس جزء من الأمّة الإسلامية، وعلى الدولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النّفس والعرض والمال والدين والحرية».

ومن بين الفصول التي أثارت جدلاً أيضا، الفصل المتعلق بالحقوق والحريات، والذي طرأ عليه بدوره تعديل حيث نصت النسخة الأولى الصادرة يوم 30 يونيو الماضي على أنه لا توضع قيود على الحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور إلا بمقتضى قانون ولضرورة يقتضيها الدفاع الوطني أو الأمن العام أو الصحة العمومية أو حماية حقوق الغير أو الآداب العامة.

فيما نصت النسخة المعدلة على أنه لا توضع قيود على الحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور إلا بمقتضى قانون ولضرورة يقتضيها نظام ديمقراطي وبهدف حماية حقوق الغير أو لمقتضيات الأمن العام أو الدفاع الوطني أو الصحة العمومية.

وفيما يخص بالفصل المتعلق بدخول الدستور حيّز التطبيق، حيث نصت النسخة السابقة، بأن يدخل الدستور حيز التّطبيق ابتداء من تاريخ الإعلان النّهائي عن نتيجة الاستفتاء من قبل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات.

لكن النسخة المعدلة، تنص على أن يستمر العمل في المجال التّشريعي بأحكام الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلّق بتدابير استثنائية إلى حين تولي مجلس نواب الشعب وظائفه بعد تنظيم انتخابات أعضائه.

وبخصوص الفصل المتعلق انتخاب رئيس الجمهورية، نصت النسخة الأولى على أن رئيس الجمهورية ينتخب لمدة خمسة أعوام انتخابا عاما، حرا، مباشرا، سريا، خلال الأشهر الثّلاثة الأخيرة من المدة الرئاسية، وإذا تعذّر إجراء الانتخابات في الميعاد المحدد بسبب حرب أو خطر داهم، فإن المدة الرئاسية تمدد بقانون إلى حين زوال الأسباب التّي أدت إلى تأجيلها، ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يجدد ترشحه إلا مرة واحدة.

ونصت النسخة المعدلة على أن رئيس الجمهورية ينتخب لمدة خمسة أعوام انتخابا عاما حرا مباشرا سريا خلال الأشهر الثّلاثة الأخيرة من المدة الرئاسية وبالأغلبية المطلقة للأصوات المصرح بها.

يشترط أن يُزكِي المترشح أو المترشحة عدد من أعضاء المجالس النيابية المنتخبة أو من النّاخبين وفق ما يضبطه القانون الانتخابي.

وفي صورة عدم حصول أي من المترشحين على الأغلبية المطلقة في الدورة الأولى، تنظّم دورة ثانية خلال الأسبوعين التّاليين للإعلان عن النّتائج النّهائية للدورة الأولى، ويتقدم للدورة الثّانية المترشحان المحرزان على أكثر عدد من الأصوات في الدورة الأولى.

إذا توفي أحد المرشحين في الدورة الأولى أو أحد المترشحيْن في الدورة الثانية يُعاد فتح باب التّرشح وتُحدد المواعيد الانتخابية من جديد في أجل لا يتجاوز خمسة وأربعين يوما. ولا يعتد بالانسحاب لا في الدورة الأولى ولا في الدورة الثانية.

وإذا تعذّر إجراء الانتخابات في الميعاد المحدد بسبب حرب أو خطر داهم، فإن المدة الرئاسية تمدد بقانون إلى حين زوال الأسباب التي أدت إلى تأجيلها. ولا يجوز تولي رئاسة الجمهورية لأكثر من دورتين كاملتين متّصلتين أو منفصلتين.

وفي حالة الاستقالة، تُعتبر المدة الرئاسية كاملة، كما تمت إضافة فصل ينص على أن التونسية لها الحق في الترشح لرئاسة الجمهورية.

طي صفحة الإخوان

وفتحت، صباح اليوم الإثنين، مراكز الاقتراع أبوابها أمام التونسيين، للتصويت على استفتاء مسودة الدستور الجديد، في استحقاق تنشد فيه البلاد طي صفحة الإخوان.

أدلى الرئيس التونسي قيس سعيد، بصوته في الاستفتاء على الدستور الجديد.

وعقب الإدلاء بصوته، قال سعيد إن بلاده عاشت «في السنوات الماضية سيئة الذكر الكثير من المهازل والمسرحيات وكانت فصول القوانين تباع وتشترى وسالت الدماء وكانت النصوص توضع دون أن تجد طريقها للتطبيق».

وأكد أن «الحرية ليست مجرد بنود بالقوانين أو الدساتير وإنما ممارسة حقيقية، والمهم اليوم أن يكون المسؤول في هذا المشروع مسؤولا أمام ناخبيه، لا أمام الجهة التي رشحته للانتخابات».

ودعا سعيد التونسيين إلى حسم العلاقة مع عشرية الإخوان بالتصويت بـ«نعم أو لا» في هذا الاستفتاء.

اقرأ أيضا: الرئيس التونسي يدلى بصوته في الاستفتاء على الدستور الجديد