الطريق
الجمعة 26 أبريل 2024 05:48 صـ 17 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

أفراح البعض أحزان للبعض للآخر

عاجل… «اللي يحبنا ميضربش نار».. إطلاق الرصاص في الأفراح طريق إلى الموت بـ«زفة بلدي»

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

"لا لضرب النار في المناسبات" و"اللي بيحبنا ميضربش نار عندنا" ، مبادرات مجتمعية تهدف إلى تغيير العادة السلبية القاتلة المتأصلة في الكثير من المناطق في مصر خاصة بعض محافظات الصعيد والقرى ومناطق البدو وهي عادة إطلاق النار في الأفراح والمناسبات واستخدام الأسلحة النارية تعبيرا عن الفرحة، كما أنها عادة لا يرتبط وجودها بالتعبير عن الفرح فقط بل بالرغبة في إظهار القوة والوجاهة الاجتماعية، وللأسف الشديد عادة ما تسببت في مقتل الكثير من الأبرياء أو إصابات البعض بعاهات مستديمة لا علاج لها ليتحول الكثير من الأفراح إلى مآتم.

حوادث الإصابات أو القتل الخاطئ أثناء الأفراح نتيجة ضرب النار منتشرة بشكل كبير في مصر، بل تعد مصر واحدة من أكثر الدول العربية التي تقع بها مثل هذه الحوادث ومنها ما شهدته محافظة الغربية حين فقد عريس عينه، نتيجة قيامه بإطلاق بعض الأعيرة الطائشة بشكل خاطئ والتي أدت إلى إنفجار مأسورة السلاح الآلى وتطاير الشظايا منها، وهو ما حدث سابقاً عندما أصيب عريسان بالعمي نتيجة إصابتهما بشظايا نارية في العين لنفس السبب ولكن الأعيرة أطلقت هذه المرة من قبل بعض المعزومين.

وفي الشرقية سقط الطفل عبدالله ذو الـ 14 عاماً قتيلاً بعد أن أصابته أحد الأعيرة الطائشة والتي أطلقها بعض أقارب العريس فى حفل الزفاف، وهو ما يذكرنا بما حدث في ميدان الحصري بأكتوبر عندما سقط الطفل يوسف سامح العربي ذو الـ 13 أعواماً غارقاً بدمائه بعد إصابته بطلق ناري عشوائي خرج من حفل زفاف، وهي الطلقات ذاتها التي أصابت الطالبة دعاء قاعود ذو الـ 22 عاماً بطلق ناري في الظهر، وحكم فيها على المتهمين الأربعة بالسجن المشدد لسبعة أعوام.

ويوجد إجماع كبير من المواطنين على ضرورة إلغاء مثل هذه العادة القاتلة التي تتسبب في موت الكثير دون سبب والتي تحول الأفراح إلى مآتم، وقالت هبة الجوهري مواطنة حضرت إحدى حوادث هذه الظاهرة، إنها عادة سلبية ويجب أن يتم إختفائها عن طريق فرض العقوبات اللازمة ونشر تنفيذ هذه العقوبات من خلال وسائل الإعلام لكي تكون تهديد ووعيد لأي شخص يقوم بها، مشددة على ضرورة أن يتم تنفيذ هذه العقوبات دون تقاعس أو عمل أي اعتبار لوساطة أو محسوبية.

مواطنون يطالبون بإلغاء إطلاق النار في الأفراح

وأكدت هدى خليل على ضرورة أن تختفي عادة ضرب النار فى الأفراح والمناسبات من المجتمع لكثرة موت الأبرياء بسببها نتيجة تصادف وجودهم فى المكان ذاته.

وقال ميشيل موريس إنها عادة سيئة جدا تسببت فى مقتل الكثير من الأشخاص دون أي ذنب، ويجب أن يكون هناك اهتمام كبير بإيقافها خاصة في مناطق الصعيد الأكثر حفاظاً عليها، موضحاً أنها تفاخر زائد لا أكثر ولا تعتبر مظهر من مظاهر الفرح.

وأشار محمد محمود إلى أن الكثير من الأشخاص يحرصون على إطلاق النار في المناسبات الخاصة بهم تعبيرا عن فرحهم ولأنهم يعتبرون هذه العادة شكل من أشكال الوجاهة الاجتماعية فهي لا يقوم بها إلا كبار الأعيان والقادرون، مطالبا بضرورة السيطرة عليها من خلال تشديد الرقابة في منح تراخيص الأسلحة وكذلك فرض قوانين صارمة تجرم هذه العادة وتعاقب المتهمين فيها أشد عقوبة أسوءة بما حدث في بعض الدول العربية.

عدم تفعيل القانون

ومن جانبها أكدت مروة قناوي رئيس حملة "لا لضرب النار في المناسبات" ووالدة الطفل يوسف العربي الذي سقط قتيلاً نتيجة رصاصة طائشة في أحد الأفراح، أن السبب الرئيسي لانتشار عادة ضرب النار فى المناسبات غياب العقوبات وعدم تفعيل القوانين الخاصة بتجريمها حتى الآن، كما أن هناك الكثير من التفاعل والتضامن من الفئات المختلفة وبعض المشاهير بالمجتمع مع أهداف الحملة التي بدأت بها بالمشاركة مع مجموعة من الأشخاص منذ أكثر من عامين، وإن دل هذا فهو يدل على رفض الكثير لها ولآثارها الجانبية الخطيرة، وعن صور هذا التفاعل أوضحت مروة استمرار شراء "كراسات يوسف" والتي يتم استغلال أربحاها في ورش تعليمية وتنموية للاطفال لتوعيتهم بمخاطر إطلاق النار واستخدام الأسلحة وغيرها، فضلاً عن أن بعض المؤسسات والفنادق أعلنت تضامنها مع الحملة من خلال منع دخول أي أسلحة بها أثناء الاحتفالات من بينها أحد الفنادق الشهيرة ببني سويف.

وتابعت مروة أن الحل الأمثل للتخلص من هذه العادة لا يقتصر فقط على التوعية بمخاطرها من خلال تسليط الضوء عليها إعلاميا، بل أيضاً بضرورة تغليظ العقوبات وتفعيل القوانين المجرمة لها لكي تكون الرادع للجميع حتى وإن استغرق الأمر سنوات فلابد لها أن تنتهي من المجتمع.

وأشار المستشار عبدالحكيم شداد الخبير القانوني إلى أن إطلاق النار في الأفراح والمناسبات عادة وموروث إجتماعي دميم موجود منذ القدم خاصة لدى البدو وبعض مناطق الصعيد والمناطق الشعبية والتي يعتبرونها رمزاً لاستعراض القوة والسلطة والجاه، ولا يمكن إنهائه بسهولة بل يحتاج إلى تضافر الكثير من الجهود وتوعية الناس بخطورته.

لا يوجد حظر واضح يحرم حمل الأسلحة المرخصة في الأفراح والمناسبات

وأضاف شداد أنه بالرغم من تجريم استخدام الأسلحة المرخصة في غير الأغراض المخصصة لها إلا أنه لا يوجد حظر واضح يحرم حمل الأسلحة المرخصة في الأفراح والمناسبات، كما أن العقوبة المقررة على أي شخص يحمل سلاحاً ويستخدمه في أي أغراض أخرى غير المخصصة لها وهي الحماية تختلف بناءاً على ترخيص السلاح هل هذا السلاح مرخص أم لا ، فإذا كان هذا السلاح مرخص تكون العقوبة هي غرامة أما إذا كان غير مرخصة فهي جريمة تصنف تحت اسم حيازة سلاح بدون ترخيص واطلاق للاعيرة النارية وترويع للآمنين وتكون عقوبتها هي حبس المتهم ومصادرة السلاح، وفي حالة ما إذا حدث أي ضرر نتيجة إطلاق النار سواء كان من سلاح مرخص أو غير مرخص فالعقوبة فيها واحدة وهي تتم بناءاً على نوعية الضرر الواقع وفق ما ورد في قانون العقوبات.

وناشد شداد الجهات المسئولة بضرورة التشديد فى منح تراخيص الأسلحة النارية، ومصادرتها فوراً من أي شخص يقوم باستخدامها استخدام خاطيء عن الهدف المحدد له وهو حماية النفس، وكذلك تنفيذ سريع وفوري للعقوبات المحددة فى القانون لجريمة حمل الأسلحة دون تراخيص وكذلك للقتل وغيرها، مطالباً وسائل الإعلام بضرورة التوعية بخطورة مثل هذه العادة المميتة التي تحول أفراح الكثيرين إلى أحزان والتركيز على عرض العقوبات المنفذة حتى ينتبه المتمسكين بها.

وعن رأي الدين في إطلاق النار في الحفلات والأفراح، أكد الشيخ أحمد عبد القادر خطيب وإمام بأحد مساجد حلوان على أنه لا يجوز إطلاق النار في الأفراح ابتهاجاً بها وهذا حرام شرعاً لأن فيه أذى وتخويف للمسلمين، مدللاً على ذلك بقول الله تعالي "من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فساداً في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً" ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف "لا يحل لمسلم أن يروع مسلما.

الدين بريء من هذه العادة القاتلة

وأضاف عبد القادر أن الفرح في الإسلام يخلو من أي مظاهر للتبذير والتفاخر ولذلك فالدين بريء من هذه العادة القاتلة والتي تؤدي إلى مقتل واصابات الكثير من الأبرياء كما أن صوت إطلاق الأعيرة يؤدي إلى ترويع الكثير من الآمنين وهو ما نهانا الرسول عنه والذي منع أيضاً حمل السلاح وكشف ذلك حتى لا يتعرض المسلمين للأذى حتى ولو عن طريق الخطأ، مشيراً أن ما يحدث يعد من مظاهر الإسراف والتبذير في الأفراح والتي تجعل من يقوم بها من إخوان الشياطين.

وعن الحل من وجهة نظره أشار عبدالقادر إلى ضرورة الاهتمام بتوعية النشئ منذ الصغر بأهمية النفس البشرية وعدم ترويع الآمنين وحرمة قتل النفس أو تعريضها للأذي وذلك من خلال المناهج التعليمية والحصص الدراسية خاصة حصص الدين والسلوك، وكذلك دور المساجد فى توعية المسلمين من خلال خطب الجمعة وحلقات العلم ودروس الوعظ بين الصلوات، مطالباً وسائل الإعلام والجهات المتخصصة بضرورة التصدي لمثل هذه الظاهرة وتجريمها وتنفيذ العقوبات الخاصة بها تنفيذ فوري.