الطريق
الخميس 28 مارس 2024 11:33 مـ 18 رمضان 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
تحرير سعر الصرف وتأثيره على سوق العقارات.. جمعية رجال الأعمال: تكلفة الوحدات السكنية الجديدة سترتفع مصر والأموال الساخنة.. فرص استثمارية وتحديات اقتصادية في مواجهة الحكومة عضو المجلس القومي للمرأة في حوار لـ«الطريق»: المرأة شهدت العصر الذهبي في عهد الرئيس السيسي مصر أول دولة في العالم تضع استراتيجية... سيدات الأهلي يحققن الثنائية المحلية للموسم الثاني على التوالي ”الحشاشين”.. مسلسل يكشف استخدام الإخوان لمفاهيم السمع والطاعة المطلقة 6 جنيهات.. حملة لتثبيت سعر تعريفة التوك توك داخل سمالوط رئيس الوزراء يؤكد ضرورة وضع أجندة تنفيذية لمخرجات المرحلة الأولى للحوار الوطني رسالة جديدة من نتنياهو لعائلات المحتجزين البترول تسدد 30 مليون دولار جزء من مستحقات شركة كابريكورن إنرجي مصرع شاب على يد آخر في مشاجرة بالمنيا مواد غذائية شائعة يحظر تناولها أثناء تفاقم التهاب المعدة جي بي مورجان يتوقع ارتفاع برميل النفط إلى 100 دولار بسبب روسيا

”حبوب حفظ الغلة” ..  قاتل سريع يحصد الأرواح خلال ساعتين فقط!

حبة الغلال تحصد الأرواح.. خبير دوائي: تباع بجميع الصيدليات البيطرية والزراعية وسعرها 2 جنيه

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

جنيهان فقط كافيان لإنهاء حياة شخص، جنيهان هما ثمن القرص الواحد من حبة حفظ الغلال المميتة والتي أصبحت الأداة الرئيسية المستخدمة حاليا في العديد من حالات الانتحار، خاصة وإنها لا تترك أي أثر على جسم المنتحر، حبوب يكثر انتشارها في معظم قرى ونجوع مصر.. وتباع بدون رقيب ولأي شخص يرغب في شرائها.. حبوب شديدة السمية القرص الواحد يحتوى على أضعاف مضاعفة من الجرعة المميتة المحددة من مادة فوسفيد الألومنيوم، وهذه الحبوب محذور استخدامها عالميا في العديد من الدول ومن بينهم دول عربية.

حالات انتحار متعددة

محافظة البحيرة أكثر المحافظات التي تم فيها استخدام قرص الغلة في الانتحار ولعل آخر الحوادث هي انتحار 3 فتيات من أسرة واحدة لمرورهن بظروف نفسية سيئة نتيجة بعض الضغوط الأسرية عليهن، بينما في محافظة الإسكندرية وصل إجمالي عدد الحالات المنتحرة باستخدام قرص الغلال إلى حوالي 200 حالة العام الماضي، وفق مركز السموم بكلية الطب جامعة الإسكندرية.

وتأتي محافظة الدقهلية ضمن قائمة أكثر المحافظات التي شهدت حالات انتحار بواسطة قرص الغلة بإجمالي 80 حالة، وشهدت محافظة أسيوط حادثة مروعة حيث لقى طفلان مصرعهما عقب تناولهما أقراص حفظ الغلة والتي اشتراها أحدهما من الصيدلية على إنها أقراص مسكنة لآلام الأسنان.

وفي دمياط كانت أغلب الحالات بين الطلبة والطالبات التي يعانوا من مشاكل نفسية سيئة نتيجة رسوبهم أو صعوبة المواد الدراسية.

الحبة المميتة

بداية حدثتنا الدكتورة صفاء عبدالظاهر آمين مدير مركز الطب الشرعي الاكلينكي وعلاج التسمم بمستشفيات جامعة المنوفية، عن حبوب حفظ الغلال قائلة " إنها حبوب تتكون من مادة فوسفيد الألومونيوم السامة، وأن الحبة الواحدة منها تحتوى على أضعاف الجرعة المميتة المحددة من المادة، موضحة أن لها تأثيرات خطيرة وسامة على كافة أعضاء الجسم وخاصة القلب والتي تعمل على إيقاف عمله كما إنها تؤدي إلى هبوط حاد في الدورة الدموية".

وأوضحت أن حبوب الغلة خطيرة جدا لأنه لا يوجد حتى الآن أي ترياق شافي لآثارها السامة على الجسم مما يجعل الأطباء عاجزين على التعامل معها ولذلك فهم يطلقون عليها اسم "الحبة المميتة"، مشيرة إلى أن معظم حالات التسمم بها والتي وردت إلى المركز جاءت وهي تعاني من ضعف شديد بالنبض والضغط، حيث تبدأ هذه الحبوب عملها بمجرد تفاعلها مع الماء أو أي رطوبة فهي تتحول إلى غاز الفوسفين الذي يؤدي إلى فشل عمل كل أعضاء الجسم، مؤكدة أنه ورغم اتخاذ كافة الإسعافات الأولية اللازمة إلا أن جميع الحالات التي ثبت تناولها لقرص كامل من حبوب حفظ الغلال توفيت على الفور خلال ساعتين إلى 4 ساعات من تناولها.

وقالت مدير مركز السموم، إن إجمالى عدد حالات التسمم بأقراص الغلة في محافظة المنوفية والتى وصلت إلى مركز السموم خلال العام الماضي -وفق أحدث الاحصائيات التي أعدها المركز- بلغ 315 حالة توفي منهم 120 أي بنسبة 38% ، موضحة أن الحالات التي نجت من التسمم يعود ذلك لبعض الأسباب أهمها أن حبوب الغلال التي تم تناولها كانت منعدمة الفعالية أي أنها فقدت فعاليتها بسبب التخزين الخاطيء أو تعرضها للهواء والرطوبة أو انتهاء مدة صلاحيتها، أو أن الشخص قام بإبتلاع جزء بسيط من الحبة كربع أو نصف وليست الحبة بأكملها.

وأضافت: "المشكلة الحقيقية تكمن في سهولة العثور على هذا النوع من الحبوب والتي أصبحت متوفرة حتى في محالات البقالة العادية فى بعض القرى والنجوع ويستطيع أي شخص أو طفل شرائها بجنيهين فقط"، مطالبة بضرورة تقنين استخدام المبيدات شديدة السمية و حصر استخدامها على الصوامع ومطاحن الغلال الكبرى وأن يكون ذلك تحت إشراف المسئولين بالإدارات المركزية لمكافحة الآفات".

وأخيرا نصحت "لبيب" الأشخاص المحيطين والأطباء في مراكز الطوارئ والاستقبال بضرورة الانتباه إلى عدم محاولة اسعاف الشخص عبر إعطائه أي سوائل أو القيام بعمل غسيل للمعدة بالماء لأنها تزيد من فعالية المادة وسرعة تحولها لغاز الفوسفين، موضحة أن الأسلوب الأمثل للتعامل مع المرضى حتى نقلهم لمركز السموم هو غسيل المعدة بمادة بيكربونات الصوديوم والتي تعادل من حموضة الدم وتقلل من معدل ترسب المادة الفعالة بالحبوب، كما يمكن إعطائهم بعض الزيوت مثل زيت البارفين وزيت جوز الهند وذلك لمنع ترسيب المادة الفعالة بالمعدة وإيقاف وصولها للدم من خلال منع تحولها وعمل حاجز بينها وبين بطانة المعدة.

تدمر خلايا الجسم

ومن جانبها أكدت الدكتور أماني سعيد، الخبير الدوائي، أن أقراص الغلة واحدة من أشهر المواد المستخدمة لحفظ القمح والحبوب في مصر منذ مدة طويلة جداً، موضحة إنها تتكون من مادة الالومنيوم فوسفيد أو الزنك فوسفيد، والتي تكمن مشكلتهما عند تفاعلهما مع الماء حيث ينتجان غاز الفوسفين السام والذي يدمر الخلايا وحدة بناء الجسم الرئيسية وبالتالي فهو سيدمر كافة أعضاء الجسم المختلفة التي يصل إليها وخاصة القلب والتي تؤدي إلى فشله وبالتالي حدوث هبوط حاد في الدورة الدموية.

وأضافت أن أغلب المنتحرين يستخدمونها لأن نسبة النجاة منها تكاد تكون منعدمة فضلاً عن إنها لا تترك أي آثار يمكن ملاحظتها على جسم المنتحر، مؤكدة على أن خطورة حبوب الغلة لا تتوقف على استخدامها للانتحار فقط بل إن مجرد استنشاقها بنسب بسيطة من قبل المزارعين يؤدي إلى الاصابة بالسرطانات كسرطان الرئة والكبد وكذلك تؤدي إلى تليف خلايا المخ عند وصولها إليه، وفي حالة ما إذا تم استنشاقه بشكل خاطي من قبل السيدات الحوامل يؤدي إلى موت الجنين.

وأكد المهندس أنس لبيب، الاستشاري الزراعي ومدير عام المكافحة السابق بمديرية الإصلاح الزراعي بالدقهلية، أن حبوب الغلة هي نوع من أنواع المبيدات الزراعية التي تأتي في شكل أقراص على عكس المبيدات الأخرى وتستخدم لحماية جميع أنواع الحبوب والبقوليات كالفول والفاصوليا والعدس وكذلك الأرز والقمح من التسوس، ويتم استخدامها عن طريق وضعها في قطعة من القماش أو القطن، ومن ثم وضع 2 حبة في كل شوال يزن من 90 لـ 100 كيلو بحيث يتم وضع ثلت الكمية ومن ثم حبة وبعد ذلك ثلث الكمية ومن ثم حبة وبعدها الثلث الأخير، موضحا أن استخدامها بهذه الطريقة يجعلها تشع غاز يقضي على الآفات الحشرية ويمنع اقترابها من المحصول، ولا يضر بالإنسان نهائياً.

وأشار إلى أن النسبة العظمى من المزارعين يفضلون استخدام حبوب الغلال لسهولة استخدامها وتطبيقها فهي لا تحتاج إلى أي تحضير أو تجهيز مسبق كما أنها رخيصة الثمن، ويستطيع المزارع أن يشتري إحتياجه منها فقط على عكس المواد الأخرى التي تباع بكمية محددة قد تكون أكثر من احتياج المزارع فيتجنب شرائها للتوفير.

وبسؤاله عن البدائل أوضح أن هناك العديد من البدائل المتاحة التي يمكن استخدامها لحفظ الغلال منها بودرة الملاثيون 1% والتي يتم خلطها بطريقة معينة على الحبوب ولا تضر بصحة الإنسان لأنها لا تتفاعل مع الحبوب ويختفي أي آثار أو بقايا لها بمجرد غسيل الحبوب بالماء قبل طبخها، أو أن يتم حفظ الحبوب بواسطة عملية التبخير عن طريق تبخير المكان الموجودة فيه الحبوب بأنواع معينة من الغازات التي تحمى الحبوب وتمنع اقتراب الحشرات والسوس.

واستنكر "لبيب" زيادة حالات الانتحار بسبب استخدام حبوب الغلال، مطالباً بضرورة منع استيراداها أسوءة بما حدث في الكثير من الدول، أو أن يقتصر استخدامها على الصوامع والمخازن الكبرى فقط وتحت إشراف ورقابة شديدة مع منع بيعها فى الصيدليات البيطرية والزراعية التي يمكن أن يشتري منها أي شخص عادي، مطالباً بأهمية استخدام وسائل الإعلام والمساجد والكنائس في تجريم الانتحار وتوضيح أهمية النفس البشرية وتوعية الأهالى بالتقرب من الأبناء وحل المشكلات بطريقة بسيطة وتقوية الوزاع الديني والأخلاقي لديهم.