الطريق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:11 مـ 10 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

في حوارها.. المغربية حبيبة زوكَي: الكتابة هي الخيط الذي يربطني بالحياة

الكاتبة المغربية حبيبة زوكي
الكاتبة المغربية حبيبة زوكي

حبيبة زوكي كاتبة ومترجمة مغربية، عضو اتحاد كُتاب المغرب، صدر لها عدد من المؤلفات، من بينها: رواية "غزل الحكي"، وديواني في شعر العامية هما، "عقدة ف عقدة شعر"، و"شيخ لعزاري".

وتكتب الشعر بلغة شفافة تمتاح من البوح الذاتي واليومي حسبما قال الناقد إبراهيم قهوايجي، خاصة في ديوانها " شيخ لعزارى"، الذي تحاول من خلاله أن تلملم جراح الجسد وتضمد خيبات العالم المحيط بها.

وكان لـ "الطريق" هذا الحوار مع الكاتبة والشاعرة والمترجمة المغربية حبيبة زوكي للحديث عن تجربتها الأدبية والروائية.

وهذا نص الحوار:

ماذا تعني الكتابة لحبيبة زوكَي؟

تعتبر الكتابة بالنسبة لي الخيط الذي يربطني بالحياة، فعبر الكتابة أفكر ومن خلالها أيضا أعبر عن تساؤلاتي بشتى تلاوينها، فالكتابة محرابي الذي أقصده كلما قست علي الحياة، إنها الماء الذي به أتطهر واليد التي تعيدني سيرتي الأولى.

للكتابة دور أكلينيكي، أهرب إلى حضنها كلما زارني الألم . أترجم الوجع كلمات وعبارات قد تصل ذبذباتها للقارئ وقد لا تصل.

فأنا أكتب لأعبر عن موقفي من الحياة ومن الواقع ومن نبض الشارع. أكتب عما أراه حتى عبر الشاشات، فالحرب مثلا تعنيني وإن لم أكن في بلد يعاني من رحى الحرب وويلاتها.

من هم الأشخاص الذين شكلوا مرجعيتك؟

المرجعية تشكل منذ الطفولة من خلال التربية، ثم المعلم وبعد ذلك يأتي دور الكتاب، ماذا قرأنا وكيف قرأنا؟.

ففي المراحل الأولى من الحياة نقرأ قصص الأطفال، حيث كنت مدمنة على قصص محمد عطية الإبراشي ثم بعد ذلك ولجت مغارة الروايات ودواوين الشعر .

قرأت كل كتب جبران خليل جبران، وفي عالم الشعر جرفتني معان الشاعر الفرنسي بودلير فانجذبت لعوالمه الشعرية. ثم تطورت على مر الأيام نوعية الكتب التي ولعت بحفر معانيها. وأنا في بدايات حياتي كنت أقرأ كل ما تقع عليه عيني. ولم أكن مستهلكة فقط، بل علمني خالي رحمه الله، مناقشة أفكار الكاتب وذلك بتدوين ملاحظاتي على هوامش الكتب بقلم الرصاص.

المرجعية لا تكون في أغلب الأحيان عبارة عن أشخاص ولا تكون أيضا عبارة عن أشخاص إيجابيين. المرجعية قد تكون انكساراتي المتكررة أمام باب الحياة وقد تكون سقوطي وَسَط طريق حسبتها مرشدي.

هل الرواية بالنسبة لك وسيلة من وسائل النقد؟

الكتابة ليست مجرد كلمات منمقة ومتراصة ولا استعارات ولا حتى انزياح، فالكتابة تعبير عن موقفنا من الحياة، من نبض الشارع، من الناس، والرواية تستوعب النقد الاجتماعي.

فكل حكاية تعبر عن مواقف الكاتب فتتقمص الشخوص الأدوار باعتماد عدة مواقف تعبر عن الراهن وتجسد التخوفات من المستقبل والتوجسات من الآتي. وبهذا تصبح الرواية آلية من آليات النقد الاجتماعي الذي يصبو للإصلاح وللتغيير.

ولم تعد الرواية هدفا للتسلية بل أضحت عملا فكريا وفنيا يتطلب من الكاتب جهدا خاصا ومن القارئ تفاعلا خاصا أيضا، وقد وصف نجيب محفوظ الرواية كونها الفن الذي يوفق ما بين شغف الإنسان الحديث بالحقائق وحنينه الدائم إلى الخيال.

ويقول ميلان كونديرا عن الرواية: أنها لا تمتحن الواقع بل الوجود والوجود ليس ما حدث بل هو حقل الاحتمالات الإنسانية، كل ما يستطيع الإنسان أن يصيره، وهي إلى ذلك من وجهة نظره ليست مجرد سرد للأحداث فقط، بل هي بعد فكري واستجواب لما يدور في الخفاء.

بمناسبة الروايات حدثينا عن روايتك الجديدة كاميليا؟

رواية "كاميليا" تعيدنا للماضي للزمن الجميل، لطفولة الراوية، نسافر عبرها إلى عدة مدن مغربية : مازغان، مراكش، الداخلة، الصويرة ... ونعيش أحداث شيقة بأزقة شعبية، نصادف شخوصا تجمعنا معهم وحدة الانتماء والمصير والمعاناة.

كما تزيح الراوية أيضا الستار عن ماهية الحب. ما هو الحب؟ الحب كما عاشته أمهاتنا وجداتنا والحب كما نعيشه وكما عاشته كاميليا وهارون.

قال الروائي الأردني أحمد أبو صبيح عن روايتك "غزل الحكي" إنها لوحات خلفيتها الإنسان والوطن.. فحديثينا عن ذلك؟

رواية "غزل الحكي" تتحدث في عمقها عن تجربة شباب عانى من البطالة وفي غمرة هذه التجربة بكل آلامها وآمالها يتنصر حب كوثر ونور ويسقط التمثال في نهاية الرواية. الرواية لا تكون فقط محاكاة للواقع بل تتعدى ذلك لطرح الأسئلة وإيجاد أجوبة طلائعية.

كيف ترين مسؤولية المبدع في صنع المستقبل؟

المبدع هو صانع الأمل وهو المهووس بطرح الأسئلة بغية تغيير الوضع الراهن. عايشنا جميعا تفاعل الشعراء والكتاب مع القضايا الوطنية، فالأديب بطريقة أو أخرى صانع القرار، بتفاعله مع الأحداث سواء على المحتوى المحلي أو العالمي.

لا شك أن الكاتب هو حامل رسالة وله دور ريادي في خلق مجتمع مثقف وحضاري، مجتمع يتفاعل مع الأحداث سواء على المستوى الاجتماعي أو السياسي.

هل نعاني من أزمة الكتابة أم من أزمة نقدية؟

لقد أصبح العالم الآن مجرد شاشة ولم يعد نشر الإنتاج الأدبي بالشيء الصعب، فيكفي أن يكون لشخص ما حساب على إحدى المنصات الرقمية ليعبر عما يخالجه وقد ينتشر إن وجدت أفكاره تجاوبا وتفاعل المتتبعين، فعل الكتابة والنشر أو الانتشار لم يعد بالشيء الصعب لكن النقد البناء هو الغائب أحيانا.

وفي الوطن العربي تغلب الشللية على مدونة النقد النصي، فالناقد أحيانا لا يتنصر للنص ولكن للعلاقات، الشيء الذي يجعل بعض الإنجازات الأدبية الجيدة لا تلق الاهتمام اللائق في غياب متابعة نقدية وفي غياب قارئ متابع للساحة الأدبية.

ما هي الرسالة التي تودين إيصالها للقارئ بواسطة أعمالك الأدبية؟

حينما نكتب لا نتحدث عن الذات وعن تجاربنا بل نحاول إيصال أصوات متعددة عبر صوت الراوي، حينما نكتب ننتصر للجمال وللقيم الإنسانية الخالدة، الكاتب في أغلب الأحيان يقرع ناقوس الخطر يحرك الثوابت، نعيش الآن مع الأسف أزمة أخلاق ودور الكاتب هو إيجاد قوالب جديدة وطرق حالمة لإعادة الأمور لنصابها.

يعد الكاتب حارس المجتمع وحينما يستشعر أن هناك انفلات ما فإنه يساهم من موقعه في استعادة ما انفلت أو ما اندثر.

رسالتي للقارئ بواسطة هذا الحوار:

القراءة ليست فقط هواية أو طريقة للترفيه والمتعة وتخفيف التوتر ولكننا بقراءة رواية أو كتاب ما فإننا قد نغير منهج حياتنا وذهنيتا وكذلك أفق انتظارنا.

ما هو جديدك الأدبي؟

رواية "كاميليا"، وكذلك ترجمة رواية "زريعة البلاد" للكاتب الحبيب الدائم ربي إلى اللغة الفرنسية، وكتاب "هكذا حكى الحكيم الأفريقي" حكايات أفريقية لفائدة الأطفال.

كلمة في حق حبيبة زوكي

حبيبة زوكي أم تعي معنى الحياة وكاتبة تشاكس الحرف، تهفو إلى القبض على نور المعنى وعن نبض الكلمات.

وفي الختام أتقدم لكم بوافر الشكر لمنحي هذه الفرصة حتى يتعرف علي القارئ المصري والعربي.

اقرأ أيضا.. «القومي للترجمة» يصدر الطبعة العربية لكتاب «السياسة»

موضوعات متعلقة