الطريق
الإثنين 29 أبريل 2024 05:25 صـ 20 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

«الغسل الأخضر» خطر يهدد بفشل خطط أوروبا في الوصول إلى صفر انبعاثات كربونية

الغسل الأخضر - أرشيفية
الغسل الأخضر - أرشيفية

أشار تقرير كل من "ويل ماتيس" و"بيترا سورج" و"جوزفين فوكوهل"، بوكالة "بلومبرج"، إلى أن سعي المرافق الأوروبية إلى بناء محطات طاقة لحرق الغاز، ثم تحويلها إلى حرق الهيدروجين، يفتح باب اتهامات بممارسة ما يُسمى بـ"الغسل الأخضر".

ويُعرف "الغسل الأخضر Greenwashing" بأنه ظاهرة تُضلل المستهلكين بأنّ المُنتَج صديق للبيئة، وهو ليس كذلك، أو أن تسوق الشركات نفسها على أنّها صديقة للبيئة، بينما لا تُغير سلوكها على أرض الواقع.

وظهر "الغسل الأخضر" بشكل مقلق خلال السنوات الأخيرة وسط تزايد الضغوط لتحقيق أهداف اتفاقية "باريس للمناخ 2015"، ووفقًا لتقرير منتدى الاقتصاد العالمي، فمن الممكن أنّ يُنظر إلى الاستثمارات الخضراء - أحيانًا - على أنّها "غسل أخضر".

الاتحاد الأوروبي يعكف على دراسة إمكانية اعتبار الغاز استثمارًا أخضر

وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يعكف على دراسة إمكانية اعتبار الغاز استثمارًا أخضر، ما يعني أنه يتجاهل الآثار البيئية للميثان، الذي له تأثير مناخي يصل إلى 84 مرة أكبر من ثاني أكسيد الكربون.

اتصالًا، يظهر "الغسل الأخضر" على مستوى الدول؛ فعلى سبيل المثال، تعهدت المملكة المتحدة بخفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 78% بحلول عام 2035، ولكنّها قلصت حوافز السيارات الكهربائية، وتشهد اكتشافات جديدة للنفط والغاز، وغيرها من الإجراءات التي تزيد الانبعاثات، وكذلك الصين تستمر في بناء محطات كهرباء تعمل بالفحم رُغم تعهدات خفض الانبعاثات، ولا تزال اليابان واحدة من أكبر ممولي محطات الفحم في الخارج، كما أن النرويج تطوّر حقول نفط وغاز عملاقة جديدة.

التبادل بين الغاز والهيدروجين سيكون أمرًا سهلًا حال توفر الهيدروجين بسعر أرخص

وعلى الرُغم من أنّ شركات، "آر دبليو إي" الألمانية لخدمات الكهرباء و"إس إس إي" الأيرلندية، والنفط النرويجية "إكوينور"، أفادت أنّ التبادل بين الغاز والهيدروجين سيكون أمرًا سهلًا حال توفر الهيدروجين بسعر أرخص، فإنّه بحسب التقرير، ستتضاعف تكلفة حرق الهيدروجين بعد الغاز ثلاث مرات، الأمر الذي قد يصل إلى حد عدم وجود ما يكفي من التكنولوجيا النظيفة لإنتاج الهيدروجين، وزيادة الاعتماد على الوقود الأحفوري.

ومن جهتها، تقول "سارة براون"، المحللة في مؤسسة "إمبر" لأبحاث الطاقة، إنّ تحويل المرافق الأوروبية من حرق الغاز إلى حرق الهيدروجين، يفتقر إلى شروط مُحددة وواضحة؛ للتأكد من انتقال محطات الغاز الطبيعي تلك إلى هيدروجين أنظف بالسرعة الكافية.

ويضيف "كونستانتين زيرجر"، رئيس الطاقة وحماية المناخ في Deutsche Umwelthilfe، أنّ معظم التوربينات التي نشتريها اليوم، ليست قادرة حتى على استخدام الهيدروجين بنسبة 100٪.

الإنفاق على مزارع الرياح في أوروبا وصل إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من عقد

وفي هذا الصدد، أبرز التقرير عدم وجود خطة بديلة واضحة لخفض الانبعاثات حال تعرقل تحول محطات الطاقة من حرق الغاز إلى حرق الهيدروجين، مُضيفًا أنّ الإنفاق على مزارع الرياح في أوروبا وصل إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من عقد.

وسلّط التقرير الضوء على أنّ الحكومات تقود اقتصاداتها خلال أسوأ أزمة طاقة منذ عقود، من خلال سياسات لضمان الإمداد المحلي، ومضاعفة التقنيات منخفضة الكربون، فعلى سبيل المثال، تسعى ألمانيا، أكبر مستخدم للطاقة في أوروبا، إلى تحقيق إنتاج طاقة متجددة بنسبة 100٪ بحلول عام 2035.

إجمالي التمويل العام لقطاع الهيدروجين يبلغ 146 مليار دولار في جميع أنحاء العالم حتى عام 2030

ووفقًا لـ "Bloomberg NEF"، يبلغ إجمالي التمويل العام لقطاع الهيدروجين 146 مليار دولار في جميع أنحاء العالم حتى عام 2030، وتتصدر ألمانيا القائمة بـ 28.6 مليار دولار، فيما خصصت المملكة المتحدة 1.9 مليار دولار فقط، يُذكر أنّ استراتيجية الطاقة النظيفة البريطانية، التي تم الكشف عنها في 30 مارس المُنصرم، لم ترفع من قيمة التمويل المُخصص لذلك.

وأوضح التقرير أنّ ألمانيا لجأت إلى الفحم - الوقود الأحفوري الأكثر تلويثًا - خلال العام الماضي، عندما قطعت روسيا شحنات الغاز عقب الأزمة الأوكرانية، فيما تسعى ألمانيا - أكبر اقتصاد في أوروبا - تقديم الموعد النهائي لإغلاق جميع محطات الطاقة التي تعمل بالفحم حتى عام 2030.

وفي السياق ذاته، تهدف المملكة المتحدة إلى الحصول على 10 جيجاوات من طاقة إنتاج الهيدروجين منخفضة الكربون بحلول عام 2030.

وتجدر الإشارة إلى أنّ "إس إس إي" الأيرلندية، وشركة النفط النرويجية "إكوينور" تعملان معًا في مشروع في شرق إنجلترا يُعتبر الخطوة الأولى لتعزيز العمل بالطاقة الهيدروجينية.

ومن جهته، يريد "جرانت شابس"، وزير الطاقة البريطاني، إنتاج ما يكفي من الهيدروجين بحلول عام 2030، فيما صرّح "سوبنا سوري"، كبير مسؤولي التشغيل للهيدروجين في "آر دبليو إي" الألمانية، إنّ الخطط مُتاحة، فيما تحتاج الدول الأوروبية إلى دعم التنظيم والتمويل لتنفيذ تلك الخُطط.

وختامًا، أفاد التقرير أنّ الميزة الرئيسة للهيدروجين الأخضر هي أنّه وسيلة لتخزين الكهرباء، وعلى عكس البطاريات التي لا تصلح إلا لساعات قليلة، يمكن الاحتفاظ بالهيدروجين لأشهر، كما أنّه من المُرجح أن تنخفض تكلفة الهيدروجين المرتفعة بمرور الوقت.