الطريق
الإثنين 29 أبريل 2024 12:36 صـ 19 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

باحث سياسي: فرنسا تفتح السوق الأوروبية أمام المملكة.. وتنتظر حل أزمة لبنان من السعودية

قويدر شيشي توفيق الباحث الجزائري في العلاقات الدولية
قويدر شيشي توفيق الباحث الجزائري في العلاقات الدولية

تحظى المملكة العربية السعودية يوما بعد يوم بثقل أكبر على الساحة الدولية، وبات المقعد السعودي حاضرًا على طاولة المفاوضات، باعتبار الرياض طرفا يلتزم الحياد ومفاوضا نزيها؛ ومع زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى باريس، تنظر أوروبا إلى المملكة أكبر مصدر للبترول باعتبارها البديل الأكثر موثوقية للنفط الروسي، وفق قويدر شيشي توفيق الباحث الجزائري في العلاقات الدولية المقيم في باريس، الذي يرى في المملكة شريكا اقتصاديا موثوقا به بالنسبة لباريس وموردًا آمنا للطاقة بالنسبة لأوروبا، وطرفا يعتمد عليه المجتمع الدولي في التفاوض بين أطراف الصراع.

علاقة صداقة بين ماكرون وبن سلمان

بشأن أهداف زيارة ولي العهد السعودي إلى باريس، يقول الكاتب والباحث في الشأن الدولي قويدرشيشي توفيق، أن الأهداف سياسية بتوابل اقتصادية، مشيرًا إلى أن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وفرنسا علاقات وطيدة، وتكاد تكون علاقات شخصية بين الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون، وبالتالي هذه العلاقة الشخصية تتيح لكلا البلدين رفع درجة العلاقة إلى مستوى عال.

ومن وجهة نظر الباحث قويدرشيشي توفيق، فإن: هذه العلاقة الشخصية تسهل حل أزمات في منطقة الشرق الأوسط، وما يسمى بالتهديد الإيراني، وكذلك المسألة السورية، والحرب في السودان، وهذا من شأنه أن يعطي فكرة على مدى التوافق في وجهات النظر بين البلدين.

ووفق قويدرشيشي توفيق: المملكة العربية السعودية دولة صديقة لفرنسا ولديها استثمارات في عدة مجالات تشمل العقارات والفندقة والسياحة والرياضة، وهذا من شأنه أن يعكس الجانب الاقتصادي لهذه العلاقات، ومن جهتها تبحث فرنسا عن شريك موثوق فيه، ولن تجد ضالتها إلا في المملكة لأن السعودية لا تمارس سياسة ابتزاز الغرب.

ويقول: الرياض لديها سياسة حكيمة تقول إن الطاقة والبترول والغاز ملك للمجتمع الدولي، وبالتالي لا يجب تسييس هذا الملف واستخدامه من دولة ضد دولة أخرى، لذلك فإن ضالة ماكرون موجودة لدى الأمير محمد بن سلمان باعتبار المملكة أكبر منتج للبترول في العالم، وهذا من شأنه أن يحقق أمن الطاقة الذي تخشاه أوروبا بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، إذا البديل سيكون في المملكة العربية السعودية، الشريك الاقتصادي الموثوق به فيما يخص ملف الطاقة، كذلك تحاول فرنسا تصدير بعض الطائرات والأسلحة وخاصة طائرات الرافال التي تحاول جاهدة تصديرها، ولعلها تحقق ذلك خلال زيارة ولي العهد السعودي، كذلك يعتقد أن المملكة العربية ستشرح لفرنسا سبب إقدامها الفجائي على المصالحة مع إيران الدولة التي لديها ترسانة نووية وباليستية وتريد تطوير برنامجها النووي وامتلاك القنبلة النووية، كذلك الأمير سيشرح سبب التقارب الصيني السعودي ومدى تداعياته على المنطقة، وهل يعود على المملكة بالسلم والأمن مو وجهة نظر المملكة.

تأمين الطاقة لـ فرنسا وأوروبا

وحول أبرز ما تنتظره فرنسا من السعودية، يقول الباحث الجزائري، أن باريس تنتظر من المملكة تأمين ملف الطاقة وتحقيق الشراكة الاقتصادية، بعدما قامت روسيا بابتزاز الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول وقطعت عنهم الغاز، وبالتالي المطلوب من السعودية تأمين الطاقة لفرنسا ودول الاتحاد الأوربي، خاصة الدول التي ليس لديها منافذ بحرية والتي لا يمر بها أنابيب البترول من بحر الشمال خاصة دول أوروبا الوسطى.

ويقول قويدرشيشي توفيق: أن فرنسا تنتظر أن تخلف السعودية روسيا فيما يخص الطاقة، ويصبح البترول السعودي هو سيد الموقف في أوروبا، ويكون هناك استقرار من خلال عدم إغراق السوق، كذلك تنتظر باريس من الرياض الوساطة في الحرب الأوكرانية-الروسية، وأتوقع من ماكرون التلميح أو الطلب صراحة من الأمير بن سلمان أن يلعب دور الوسيط في الأزمة الأوكرانية، ويبعث رسالة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مفادها "كفى حربا"، وذلك لأن المملكة لديها أريحية في التعامل مع روسيا وأوكرانيا مما يمكنها من التفاوض الفعال.

كذلك قد يُطلب من المملكة العربية السعودية القيام بدور في المسألة السودانية بعد مفاوضات جدة الأخيرة التي استضافت طرفي الصراع، وسيكون مطلوبا كذلك من الرياض دفع اتفاق المناخ للامام، لأن المملكة السعودية لديها مشروع رؤية 2030 الذي يتناغم مع اتفاق باريس للمناخ في 2016، عن طريق تمويل الرياض اتفاق المناخ الذي هو امتداد لقمة المناخ في مصر، بما أن المملكة العربية السعودية لها باع طويل في التحول نحو الاستدامة والطاقة النظيفة، حيث قامت بتشجير الصحراء وقامت بتشييد شبكات الطاقة الشمسية والمتجددة، ولديها تجربة في الانتقال الأيكولوجي والمحافظة على البيئة والاستغناء تدريجيا على الطاقة التقليدية، وهذا يشجع ماكرون على التعاون مع السعودية في هذا الملف.

لبنان ينتظر تدخل ماكرون وبن سلمان

وحول إمكانية استعانة باريس بالرياض لإصلاح الأوضاع في لبنان، يقول قويدرشيشي: في الملف اللبناني هناك دولتان فاعلتان لا ثالث لهما، الأولى السعودية التي لديها نفوذ كبير في لبنان والثانية فرنسا، وكان للرئيس ماكرون دور في إرجاع رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري من الرياض إلى لبنان مما يؤكد أن هناك حوار مشترك بين الطرفين بخصوص لبنان.

ويضيف: السعودية حاليا تعارض تمويل الحكومة اللبنانية حتى لا يقع التمويل في يد حزب الله الذي ترفضه المملكة العربية السعودية كما ترفضه حكومة إيمانويل ماكرون، لذا قد يتفق ماركون والأمير محمد بن سلمان على تفعيل دور دول المانحين لـ لبنان، وإعادة الاستثمار وتعبئة خزائن البنوك اللبنانية الفارغة، وهذا لن يحدث إلا بتنصيب حكومة لبنانية تمثل الشعب اللبناني، وليس بعض الطوائف اللبنانية التي تنتمي لتيار حزب الله الذراع الضارب لإيران، وهذا ما ترفضه الرياض وباريس، إذا الملف بيد المملكة العربية السعودية، لدعوة الأطراف المتصارعة للجلوس لطاولة المفاوضات بضغط من طرف محمد بن سلمان وإيمانويل ماكرون.

بن سلمان الوسيط الأنسب بين روسيا وأوكرانيا

و بشأن احتمال دفع باريس السعودية للوساطة بين روسيا وأوكرانيا، يعتقد الباحث قويدرشيشي توفيق: أن إيمانويل ماكرون سيطلب من ولي العهد السعودي القيام بدور الوسيط بين فلوديمير زلينسكي وفلاديمير بوتين، لأن التوجه الجديد للملكة فيما يخص التطبيع مع إيران برعاية صينية، والاتفاق فيما يخص أوبك بلس وتحديد حصة الإنتاج لكل دولة، يجعل ماكرون يراهن على الدور السعودي في الوساطة، لأن المملكة لديها كل المعطيات والمميزات التي تسمح للأمير بن سلمان أن يتوسط مباشرة للجلوس مع بوتين وزلينسكي.

ووفقا للباحث الجزائري: بن سلمان لديه الحكمة والجرأة لطرح الأوراق مباشرة ومناقشة قضايا مثل شبه جزيرة القرم ومسألة الجسور والأراضي التي استولت عليها روسيا، وكذلك يمكن أن يقدم الدعم الذي يراه مناسبا وضروريا لحكومة كييف، لأن هذه الأريحية المتاحة للمملكة لفتح هذا الملف ليست متاحة لاي دولة، لأن المملكة لم تصطف مع أي دولة والتزمت الحياد الإيجابي ودعت الأطراف المتنازعة إلى الحوار والجنوح إلى العقل، وهذا ما يريده ماكرون من بن سلمان باعتباره وسيطا موثوقا به وحياديا.

عمرو الديب: الجزائر تتحدى «القائمة السوداء» وروسيا تريد عالمًا لا يعتمد على روسيا