الطريق
الثلاثاء 17 يونيو 2025 09:36 مـ 21 ذو الحجة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
وزير التموين يلتقي بعدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ لتعزيز سبل التعاون المشترك رئيس جامعة دمنهور يستقبل رئيس المكتب الثقافي بسفارة الكويت بالقاهرة ”البحوث الزراعية” بسخا تستقبل سفير سنغافورة للإطلاع على تجارب زراعة الأرز رئيس الجيزة التجارية يؤكد جاهزية الغرفة لدعم الشراكات الاستراتيجية وزارة الأوقاف تطلق دورة متخصصة في العلاقات العامة والمراسم التعليم العالي: فتح باب التقدم للمنح المصرية الفرنسية لطلاب الدكتوراه للعام الجامعي ٢٠٢٥/٢٠٢٦ لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة.. محافظ الوادي الجديد يتابع أعمال إنشاء مبنى خدمي استثماري إزالة 9 مزارع سمكية فى شمال سهل الحسينية على مساحة 380 فدان ببورسعيد محافظ الشرقية يشهد تسلّم أُولى دفعات لحوم صكوك الأضاحي لهذا العام السفير المصري في بغداد يلتقي مع رئيس جمهورية العراق محافظ كفر الشيخ: توزيع 2 طن لحوم صكوك أضاحي للأسر الأولى بالرعاية بمراكز المحافظة رئيس الوزراء يُلقي كلمة خلال منتدى الأعمال المصري - الصربي

ثقافة اللفظ وثقافة العلم

د. أيمن رفعت المحجوب
د. أيمن رفعت المحجوب

يقول 'هربرت ماركوز' إن الانتقال الانقلابي العميق الذي انتقل به الإنسان المعاصر في الدول المتقدمة علما وتقنية وصناعة من عهود طويلة كانت معرفته خلالها كلاما في كلام، وانتقلت إلي عصره هذا الذي أصبحت فيه المعرفة التي تستحق هذه التسمية أجهزة بالغة الدقة، مقياس
الانتقال والسرعة وضبط الاتجاهات، ولنقل الصوت والضوء والصورة، ولتحريك الطائرات والغائصات والصواريخ، واختصارا قد انتقل إنسان هذا العصر من معرفة 'اللفظ' إلي معرفة 'الأداء'.
لم يكن العالم في السابق يبلغ من علمه حدا يجاوز إحسانه للكتابة والقراءة ولا يغير من هذه الحقيقة البسيطة أن يكون الموضوع المكتوب أو المقروء فلسفة قيمة أو أدبا رائعا فلا تكاد تجد فرقا ظاهرا من حيث القدرة علي تغير وجه الأرض بحضارة جديدة بين تلاميذ المدارس وكبار المفكرين فكلا الفريقين علي حد سواء يكتب ويقرأ لكن لا تحركت طائرة بتلك الكتابة والقراءة ولا غاصت غائصة ولا نطق مذياع أو ظهرت صورة والتفرقة بين نوعي المعرفة تصدق علينا نحن العرب ألف مرة إذا صدقت علي شعوب أخري مرة واحدة لأن عبقرية العرب كانت في لسانهم لم تكن اللغة في ثقافة العرب أداة للثقافة بل كانت هي الثقافة نفسها فأنت مثقف بلغ القمة إذا أنت أجدت الإلمام باللغة في مفرداتها وفي نحوها وصرفها وفي رواية نثرها وشعرها فإذا جاء علينا عصر يركز ثقافته في أجهزة وأنابيب ومعامل ومصانع أسقط في أيدينا لأن بضاعتنا شعر ونثر ونحو وصرف ومفردات لغوية ومترادفات وهي كلها أدوات لا تقوي علي صنع إبرة في جهاز صغير جدا.
والمشكلة الآن هي كيف نتحول من ثقافة 'اللفظ' إلي ثقافة 'العلم' والتقنية والصناعة.
وأوضح أن ذلك لم يكن بالرجوع إلي التراث القديم لسبب بسيط وهو أنه مثل هذه التحديات لم تصادف أسلافنا حتي نتوقع منهم أن يضعوا لها تصورات فالموضوعات التي تدور حول أرجاء الحياة المعاصرة لم تكن موضوع النظر عند الأقدمين.
وإنه لبعثرة للجهد أن نحلل الماضي كله لالتماس الجواب ولكن يجب أن نضع صوب أعيننا هذا السؤال: إلي أي حد نستطيع أن نجد العون علي حل معضلاتنا العصرية عند أسلافنا؟ ولو وجد أنه لا عون يمكن أن يستمد من هؤلاء الأسلاف، يصح هنا قول الغزالي إن أدوية الشفاء تختلف باختلاف الداء وكم من دواء ينتفع به مريض ويستضر به آخر وكانت الدعوة إلي إحياء التراث دعوة تغري السامع بنغمتها الجذابة لكنها لا تنطوي علي نتيجة عملية سوي ما يجده محترفو الدراسة الأكاديمية النظرية فيها من رياضة للذهن والحفاظ علي الأثر بعد العين.
ولكن ولكي نطرق كل الأبواب يجب أن لا نستبعد كل أفكار الأسلاف حتي ولو كانت وليدة مشكلاتهم، في تراثهم أفكارا يمكن أن نبتعثها ونعلق بها الرجاء معتمدين علي شرائح زمنية ارتفعت فيها ثقافة السلف إلي أوجها.
ففي بعض الظروف قد يكون هناك مطمع في الرجوع إلي الماضي بعد مفارقته.