أيمن رفعت المحجوب: التحول من حضارة اللفظ ( عند العرب)....!!!! إلي حضارة الأداء ( مثل الغرب)

كنت قد أشرت في مقال سابق بـ الأهرام إلي التحول الذي ينبغي أن تحدثه الامة العربية في نفسها بغية التقدم واستعادة مكانتها التاريخية بين باقي شعوب الأرض ، وانتهيت بطرح سؤال عن طبيعة هذا التحول المطلوب.
وإذا سلمنا بأن عصرنا هذا هو عصر التحول، فمن حقنا أن نعيد طرح السؤال:
تحول من ماذا وإلي ماذا؟؟؟؟؟؟
والجواب هو:
من حضارة اللفظ إلي حضارة الأداء ، أي الانتقال من ثقافة الكلمة إلي ثقافة العلم المؤدي إلي عمل، والعمل هذا
لم يعد يترك علي إطلاقه ، وإنما هو عمل محدد الخصائص .
فالامة المعاصرة، هي التي يكون عملها في دنيا الصناعة بمعناها الآلي الحديث، هذا هو طابع التحول التقدمي، الصناعة القائمة علي علوم وعلي تقنيات لا القائمة علي
خبرة العامل الذي مهر في مهنته أو نقل عن غيره دون فهم
أو تطوير.......!!!!
وان كان التاريخ قد دون أن قتل قابيل لأخيه هابيل ـ كما قيل ـ رمز علي الزارع قتل الراعي ، في مرحلة الحضارة الزراعية ، فنحن اليوم نريد من ينهض ، ليقتل قابيل الزراعة حتي يخلي المكان لمرحلة ثالثة هي مرحلة الصناعة
الآلية .
فالتقدم أينما حدث في عالمنا المعاصر خطوطه محتومة وهي: علوم فتصنيع فتهذيب للتقنيات يترك للآلة ان تسير الآلة حتي ان كانت زراعة في زراعة تقوم عليه الالات ، إلا أني أري ان هذه الحتمية في هذا التطور كما أشار إليها "كارل ماركس" في كتابة أوائل القرن الماضي .
أمر فيه كثير من التشكيك فهو في حسبانه ان التحول امر محتوم اراده الناس أم لم يريدوه ، والصحيح كما أراه في توضيح له ما يصوغه من ضآلة علمي بأطراف الموضوع
وتفصيلاته ، هو أن التحول مرهون بأن يختاره الناس لانفسهم ويريدوه ليعملوا علي حدوثه.
وياليته امر محتوم كما ظن ماركس اذن لاستراحت
الامة العربية في تواكلها التقليدي وتراخيها بعد طول مجد وتاريخ.......!!!!
ولكن واأسفاه.....!!!
التحول مرهون بارادتنا وعملنا.....!!!!!!!!
فما لم نعمل علي استحداثه ، لبثنا حيث نحن ، نزرع ونقلع ، ننقل ونقلد ، نسمع المذياع ونشاهد التليفزيون و نستعمل التلفون المحمول و نستخدم والحواسب الآلية، ونمكث
في مقاعد المتفرجين متمسكين بما نحن فيه من قرون.
ان عصر التحول يجب أن يكون عصرنا ، ولاتحول لنا إذا
اقتلعنا بالسفن عن شطا ليس فيه إلا ذرابة اللسان وصناعة الكلام ، لنقصد شط آخر تقوم فيه لا أقول مهارة الايدي ، فمهارة الايدي ذهب زمانها أو وشك ، بل تقوم فيه الاجهزة الآلية بكل ما تقتضيه من علم وكفاءة عند الانسان الواقف خلفها.
ولولا خشيتي سوء التأويل ، لعارضت أمير الشعراء
"أحــــمد بك شــــوقـي" في قوله ؛
وإنما الأمم الاخلاق ما بقيت ، فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا ......!!!!!!!
لأقول:
انما الامم في عصرنا التقنيات ما أطردت وتغلغت فان هم انعدمت علومهم وصناعتهم وتقنياتهم إلي حيث لا أمل ولا رجاء ..........!!!!!
اللهم إذا فهمنا الاخلاق بمعني يجعل منها ان نعرف كيف نضغط علي الأزرة ومتي ، ولا أقصد هنا ان سابقات التحول هي خليقة يجب ان يقذف بها في النار ، وحسبي هذا القدر
من الاعتدال في الوصل بين جديد وقديم ، حتي نصبح أمة متحضرة ، متقدمة لها وزن نسبي وصوت يسمع في كل أرجاء المعمورة.