أيمن رفعت المحجوب يكتب: قصة حقيقية.. لا للشاي والكيك في الحرم الجامعي

على مدار ثلاثين عام من التدريس ، مررت بطرائف وعجائب فى تعاملي مع أبنائي الطلاب بكليات الاقتصاد والتجارة والحقوق بجامعة القاهرة و جامعات مصر وأمريكا وأوروبا ،
وخاصة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية (جامعة القاهرة) منزلي الذي افخر ان انتمي إليه.
إلا أن هذا العام حدث لى موقف لم يحدث من قبل طوال أربعة و ثلاثين عام ( تاريخي التدريسي ) ...!!!
حيث اتي لى طالب الفرقة الأولى من أحد الكليات التي ادرس بها و معه تقريبا خمسة من الزملاء ،
ولكن هو من تقدم وحدة و دخل مكتبي لينوب عن والآخرين الذين ظلوا فى الطرقات خارج المكتب ،
وحاول أن يغلق الباب ليتحدث معي فى خصوصية .
و كنت قد تعلمت من والدى الاستاذ الجامعي الحكيم
د. رفعت المحجوب ، رحمه الله علية، ان لا أغلق باب مكتبي ابدا مع طالب أو طالبة، طالما انهم اقل من فردين، تجنبا للقيل والقال.. !
فطلبت منه بأدب الأب والأستاذ ان يترك باب الغرفة مفتوح للتهويه . !!
و بعد أن جلس ، سمحت له بالكلام و الحديث ، حيث كنت انهي تحضير أوراق المحاضرة المقبله.
وقال ابني الطالب العزيز :
نحن نحبك اوى يا دكتور و سعداء انك تدرس لنا و عاوزين نتعلم منك اقتصاد أكثر وأكثر فهو علم شيق
رحبت طبعا وقلت:
فى اى وقت انا مكتبي مفتوح لكل الطلاب .
فقال :
ولكن نحن نريد أن نركز أكثر ، ونود ان نكون عدد اقل
فقلت ولما لا :
كل لما يكون عندكم وقت بين المحاضرات ، اهلا وسهلا بكم فى مكتبي بالكلية لنتناقش ، فهذا حقكم علي ، وعلى اى أساتذ.
فقال في صوت منخفض قليلا :
لا هو احنا عاوزين نجلس مع حضرتك لوحدنا .. !!
فقلت باستغراب :
نحن سوف نكون فى مكتب الجامعة طبعا لوحدنا....!!
فقال بصوت أكثر انخفاض :
لا احنا عاوزين حضرتك تجلس معنا فى البيت...!!!
فهمت على الفور المعني الذي بين السطور، و قررت أن العب معه مبارة فى الخبث...!!
و قلت :
بيت مين ..!!
فقال :
عندنا أو عند حضرتك، كيفما تريد...!!
فقلت :
وعلي اي اساس تدخلوا بيتي أو ادخل بيتكم ....!!
فقال بحرج شديد وكأنه يهمس فى أذني :
يعني درس خصوصي يا دكتور وكده...!!!
يقصد بمقابل مادى $$$$$$
فقلت وانا مازلت أمارس لعبه الخبث:
وهل تقدروا على تكلفتي...!!
فقال ببراءة الأطفال:
عاوز كام يعني حضرتك ...!!
قلت وانا ابتسم :
تقريبا تقريبا عشرة الاف دولار أمريكي من كل طالب ...!!
فأصاب الطالب الاندهاش وقال :
لا لا دة كتيير اوى....!!
فقلت بصوت الأب:
اسمع يا ابني نحن هنا فى الجامعة وليس المدرسة ، وهنا الاستاذ هو من يضع الامتحانات وليس مثل المدرسة( مجموعات تقوية)
إذا لا يصح يصح اخلاقيا ان يسأل الطلاب استاذة عن درس خصوصي ابدا ، وذلك لعدة اعتبارات دعني أعلمك أيها حتي لا تقع مرة ثانية فى تلك الخطأ الغير مقبول أدبيا وأخلاقية ودينيا...!
ووقفت و تدريجيا اصطحبتة إلى باب الغرفة ،
وأكملت:
الطلاب اما ان تفهم من الاستاذ داخل قاعة الدرس
( اي المدرج ) ، وهنا هم ليس فى حاجه الي درس خصوصي،
او انهم لا يفهموا داخل المدرج من الاستاذ ( و ذلك لعدم قدرة الاستاذ على توصيل العلم ) ،
وبالتالي لن يفهموا منه أيضا فى المنزل من خلال الدرس الخاص ....!!!
و بالتالى عليهم ان يبذلون جهد أكبر باي طريقة لتحصيل العلم بعيدا عن ان يطلبوا درس من واضع الامتحان من قريب أو بعيد ( لأنها رشوة يعاقب عليها القانون )
ولا القصة هى أنكم تريدون الدرس من اجل ان اعطيكم الإمتحان...!!
و كنا قد وصلنا إلى باب الغرفة .
فرد وقال :
لا والله مش انا بل هم من صدروني لذلك الطلب
يا دكتور ، ونظر إلى الخلف فوجدهم يركودوا إلى خارج الكلية ، في هرولت السارق ....!!!
تذكرت يومها فلم الممثل الكوميدي الخفيف الظل
"محمد هنيدى" " رمضان مبروك ابو العلمين حمودة"
و تمنيت أن أعود إلى منزلى وحدى لكي أتناول الشاى والكيكه مع حفيدتي.
بارك الله فى طلاب الجامعة وأحسن تعليمهم بالدراسة والجد والبحث العلمي ، وليس العبث والدروس والغش.
فقد قال من قبل عميد الادب العربي طه حسين
" تحصيل الكفاءة لا يأتي إلا بالمجموع "