الطريق
الجمعة 2 مايو 2025 01:39 مـ 5 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
جمال عبد الرحيم: إقبال كثيف على انتخابات نقابة الصحفيين ومد التسجيل حتى الواحدة ظهرًا اتحاد السلة يعلن تفاصيل بطولة مصر الدولية 3X3 المؤهلة لكأس روسيا ‏أونروا: استمرار حصار غزة يقتل مزيدًا من الأطفال والنساء يوميًا رئيس جامعة القاهرة: نقدم الجوائز لتحفيز الابتكار وتعزيز التصنيف الدولي في أولى حلقات أحمد حسن على dmc+.. وائل جمعة يكشف أسرار جديدة عن الملاعب في ”الكابتن بلس” لأول مرة اتحاد السلة يعلن تشكيل لجنة المسابقات فيديو صادم لسرقة بالإكراه على الدائري يكشف واقعة.. والأمن يضبط عصابة سطت على شركة بالزيتون شاهد| من اللهجة لثعبان ”حكيم باشا”.. سهر الصايغ ترد على الانتقادات إصابة 6 أشخاص في حادثي تصادم وانقلاب بسبب السرعة بالمنيا انتخابات الصحفيين.. بدء تسجيل الحضور لأعمال الجمعية العمومية للنقابة بحضور عدد من قيادات البترول اجتماع موسع في موقع المستودعات الاستراتيجيه بمنطقه عجرود الأهلي وسبورتنج في نهائي كأس مصر لكرة السلة سيدات

الجمال والماء وبابور الجاز في استكهولم

فى أغسطس 1973 .. قام مجرم اسمه جان إيريك أولسون مع زميل سابق له فى الزنزانة اسمه كلارك أوفلسون باقتحام أحد بنوك مدينة استكهولم بغرض السرقة المسلحة .. ولم تكتمل السرقة واضطر جان للاحتفاظ برجل وثلاثة نساء كرهائن لمدة 6 أيام فى قبو البنك .. وبعد نجاح البوليس فى القبض عليهما .. رفض الضحايا الإدلاء بأى أقوال ضد جان وكلارك بل أسهموا أيضا فى نفقات الدفاع عنهما .. وربطت صداقة بين كريستين إنمارك التى كانت ضمن الرهائن والخاطف أوفلسون .. وابتكر بعدها الطبيب النفسى السويدى نيلس بيروت تعبير متلازمة ميدان نورمالام لوصف هذه الصداقة بين كريستين وأوفلسون .. فالبنك الذى شهد ذلك كان فى ميدان نورمالام .. وبعد قليل تغير الإسم ليصبح متلازمة استكهولم التى تعنى وقوع المخطوفين فى غرام الخاطفين مثلما جرى بين كريستين وأوفلسون .. واشتهر هذا المصطلح عالميا وأصبحت متلازمة استكهولم تعنى الوقوع فى غرام أو إعجاب وتعلق أى أحد بمن يؤذيه أو يعذبه أو يسىء معاملته ويقسو عليه .. ورغم معارضة أطباء نفسيين كبار فى أوروبا والولايات المتحدة لهذا التعبير أو التفسير وعدم اعترافهم بكل ما قيل عن كريستين وأوفلسون .. ظلت متلازمة استكهولم مصطلحا يتم استخدامه غالبا لتفسير الحب رغم العذاب والفرحة وسط الأشواك

وحاولت وأنا فى استكهولم اختراع متلازمة جديدة على العكس تماما من ملازمة استكهولم .. وهى بالتأكيد قديمة لكننى أقنعت نفسى بأنها جديدة .. وهى أن يكون سبب عدم حبك لإنسان ما أنه مثالى جدا بلا أخطاء أو نقاط ضعف .. وتكره شيئا فقط لأنه جميل جدا وليست فيه عيوب .. ووفقا لهذه المتلازمة الجديدة أو القديمة .. لم أحب استكهولم .. ليس لأننى صادفت فيها مشكلة أو أزمة ولكن لأنها جميلة جدا ونظيفة جدا وهادئة جدا .. فهى مدينة تسكن ضفاف بحر البلطيق وبحيرة مالارين .. ومن بين 30 ألف جزيرة يحيطون باستكهولم .. تم بناؤها فوق 14 جزيرة يربط بينها 57 جسرا .. فالماء فى استكهولم فى كل مكان .. حولها ووسطها وداخلها بشكل أجمل حتى من فينسيا كمدينة وحيدة فى العالم تسكن وسط الماء .. والفارق بين استكهولم وفينسيا هو الصراع بين الماء والأرض فى فينسيا الذى يتحول للقاء جميل ودائم وهادىء فى استكهولم .. والماء الذى يفرض نفسه على الجميع فى فينسيا يصبح أكثر خجلا وتهذيبا ووقارا فى استكهولم .. وجعلها الماء والأرض والبيوت والشوارع بين الإثنين إحدى أجمل مدن العالم .. كما أنها من أكثر مدن العالم نظافة وترتيبا ولا تعرف التلوث إلا نادرا .. حتى المياة فى بحيراتها وقلبها يبقى ماؤها نظيفا وصافيا لدرجة أنه صالح للشرب وليس فقط السباحة أو الصيد .. وبالتأكيد ستكون هناك استثناءات لكل ذلك .. فليست هناك قاعدة لا استثناءات لها .. لكننى أتحدث عن استكهولم كما رأيتها ولماذا لم أقع فى غرامها
ولم تكتف استكهولم بجمالها ونظافتها .. لكنها تمارس فى معظم أوقاتها الاستفزاز أيضا .. فهى تدعوك مثلا لزيارة ميدان ستورتورجيت وتخبرك أنه منذ سنين كان من الأحياء الفقيرة فى المدينة وأصبح الآن يمتلىء بالسائحين والألوان الزاهية .. وكيف كان شاهدا على إعدام النبلاء السويديين وتفيض أركانه بدمائهم ليصبح الآن ساحة للبهجة والمتعة .. أو تدعوك استكهولم لزيارة جاملا ستان .. أو القلب التاريخى للمدينة .. حيث لا يزال هناك شارع أو حارة مورتن تروتزيجز الذى يربط بين شارعى بريستجوتن وفيستيرلونجوتن .. وحافظت استوكهولم على هذا الشارع كنوع من الذكرى لما كانت عليه الشوارع القديمة الضيقة .. فالشارع عرضه أقل من المتر ولهذا اعتبرته استكهولم فرجة تستحق الزيارة والدعاية والتقاط الصور مع قليل من الدهشة وكثير من الإعجاب .. ولا أسخر من استكهولم أو أقلل من قيمتها ومكانة أهلها .. لكننى فقط أتحدث عن مدينة لم أر فيها ما رأيته فى مدن العالم الكبرى من نيويورك إلى لندن وباريس وروما وبرلين وبوينس آيريس وسول وطهران وغيرها .. والقاهرة بالتأكيد .. حيث يتجاور الجمال والقبح ويتعايش النظام مع الفوضى ويتصالح الجديد مع القديم .. ويبقى هناك ما تعتز به كل مدينة وما تخجل منه أيضا .. وقد تكون استكهولم مثلهم .. وبالتأكيد سأجد سكانا أو زوارا فى استكهولم عاشوا فيها تجارب سيئة ومزعجة وصادفتهم مشكلة أو أزمة .. لكننى فقط حاولت أن أشرح لماذا لم احب استكهولم وأؤسس متلازمة جديدة تختلف عن متلازمة استكهولم
وإذا كنت لم أحب استكهولم .. فقد أحببت فى المقابل أهل استكهولم وكل السويديين .. وأحببت اعتزازهم بأسمائهم .. فأشهر وأرقى جوائز العالم سواء فى الطب والعلوم او الكيمياء والفيزياء أو الاقتصاد والأدب والسلام .. هى التى تحمل اسم المخترع السويدى ألفريد نوبل المولود فى استكهولم .. وشركة إريكسون للاتصالات التى تأسست فى استوكهولم وكانت فى يوم ما كانت رائدة العالم فى صناعة التليفونات المحمولة حملت اسم مؤسسها لارس ماجنس إريكسون .. وشركة إيكيا للأثاث الجاهز وأدوات المنزل والمطبخ يشير اسمها إلى مؤسسها السويدى إنجفار كامبراد وأضيف حرفان آخران .. الأول من إيلمتريد الذى هو اسم مزرعة العائلة والثانى هو اسم قرية أجينوريد وهى مدينة فى جنوب السويد حيث ولد إنجفار .. وشركة إتش أند إم للملابس الجاهزة أسسها فى البداية إيرلينج بيرسون لملابس النساء بإسم هينز أى لها باللغة السويدية .. وحين شارك موريتز ويدفورس لإضافة ملابس الرجال .. أصر موريتز على إضافة اسمه فتحول اسم الشركة من هينز إلى هينز وموريتز وبعدها تم اختصار الإسم إلى إتش أند إم .. أما أشهر فريق غنائى سويدى وأحد اهم فرق العالم فى القرن العشرين الذى حمل اسم آبا .. إيه بى بى إيه .. وهى الأربعة حروف الأولى من أسماء الأربعة أعضاء فى الفريق .. أجنيثا فلتسكوج وبيورن أولفيوس وبنى أندرسون وأنى فريدا لينجستاد .. وكنت أحد الذين أحبوا هذا الفريق وأغانيه .. واترلو .. أعرفنى وأعرفك .. ماما ميا .. وأغان أخرى كثيرة وجميلة لكننى أحببت جدا أغنية الفائز يأخذ كل شىء .. لعبت بكل أوراقى .. ولم يعد هناك ما يقال .. وأوراق أخرى يمكن الفوز بها .. فالفائز يأخذ كل شىء .. والخاسر يبقى على الأرض .. والمتفرجون يبقون على الحياد
وكانت صديقتى هيلين ألبرج .. موظفة الفندق الذى أقمت فيه قرب ماريا تورجت فى استكهولم .. تتخيل أنها تساعدنى على حب استكهولم حين كانت تخبرنى إلى أين أذهب والضرورى الذى لابد أن أراه فى مدينتها .. وكل المشاوير كانت جميلة بالفعل وأجملها رحلة طويلة بالمراكب فى مياة استكهولم تيدا من كوبرى أمام التاون هول .. ومسرح دورتينجهولم الذى هو أقدم مسرح فى العالم لا يزال يعمل .. وسفينة فاسا التى غرقت 1628 وظلت فى الماء حتى استخراجها سليمة فى 1961 وتم الاحتفاظ بها فى متحف يحكى الكثير عن غضب البحار وغرق السفن .. ومتحف جوائز نوبل وصور وحكايات الفائزين بهذه الجائزة فى مختلف مجالاتها .. وكل نصائح هيلين كانت أيضا صادقة ومهمة ساعدتنى على رؤية الكثير فى استكهولم وتفاصيل وحكايات كانت ترويها لى قبل وبعد الرؤية .. لكننى رغم ذلك بقيت عاجزا عن حب استكهولم .. مدينة ولد أو عاش فيها بيورن بورج وأنجريد برجمان وجريتا جاربو وكثيرون غيرهم مثل فرانس فيلهيلم ليندكفيست الذى أظن أن كثيرين فى مصر الآن لا يعرفون هذا الرجل وما قدمه لمصر .. ففى 1892 قام فرانس بابتكار بابور الجاز فى مصنعه فى أمستردام .. وبعد قرابة ثلاثين عاما .. نجح رجل أعمال أرمنى اسمه نارسيس تشيكجيان فى استيراد هذا البابور وإدخاله مصر .. وبات بابور الجاز بريموس منذ 1930 فى كل بيت فى مصر .. سواء بيوت أغنياء أو فقراء وفى المطاعم ومحلات الطعام .. ووقع كثيرون فى غرام صوت هذا البابور السويدى الذى بقى فترة طويلة من أهم مكونات البيت المصرى .. وفى زمانه .. كان بابور بريموس أهم اختراع سويدى بالنسبة للمصريين .. لكنه لم يعد كذلك الآن وأصبح أهم وأشهر منه فى مصر والعالم كله موقع سبوتى فاى للأغانى الذى يدار من استكهولم .. وسيارات فولفو التى عاشت السويد طويلا تفخر وتعتز بها وتعتبرها رمزا للقوة والمتانة ودقة الصناعة السويدية لكن فى النهاية بيعت لشركة فورد الأمريكية ثم أصبحت تملكها الآن شركة جيلى الصينية
ويبقى محمد حسن أحد أكثر المصريين نجاحا فى استكهولم .. فقد كان خراطا هاجر فى 1960 إلى ألمانيا وعانى كثيرا من العنصرية لكنه احترف الملاكمة ونجح ولعب بطولات دولية بإسم ألمانيا .. وهو الذى قدم الراحل أحمد زكى حكايته فى فيلم النمر الأسود .. لكن الفيلم غير الحقيقة .. فلم يبق محمد حسن فى ألمانيا بعد اعتزال الملاكمة .. فقد تزوج من سويدية وأقام فى استكهولم وأصبح من أشهر وأنجح رجال الأعمال هناك .. واعتاد المجىء للقاهرة بين حين وأخر لزيارة شقيقته .. والمرة الأخيرة كانت فى 2014 حين غادر بيت شقيقته ليسقط تحت عجلات مترو الأنفاق فى محطة محمد نجيب ويموت .. أما أول مصرى رددت استكهلم اسمه فكان محمد حسنين باشا الذى كان لاعبا لسلاح الشيش قبل أن يصبح رئيسا لديوان الملك فاروق .. وفى دورة استكهولم الأوليمبية 1912 .. سافر أحمد حسنين لتمثيل مصر وأصبح أول لاعب مصرى يشارك فى دورة أوليمبية وباتت استكهولم أول مدينة فى العالم يرتفع فيها علم مصر فى مناسبة أو بطولة رياضية