الطريق
الثلاثاء 6 مايو 2025 12:18 مـ 9 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
مدحت بركات: تعديل قانون الإيجار القديم خطوة لإعادة التوازن إلى السوق العقاري مصر تسرّع إجراءات التأشيرة لجذب المزيد من السياحI فيديو قرار جمهوري بتعيين الدكتورة جيهان الخضري عميدا لكلية العلوم جامعة دمنهور الحق مشوارك.. كثافات مرورية بشوارع القاهرة والجيزة اليوم الثلاثاء مصر تفوز بكأس البطولة الأفريقية للووشو كونغ فو بعد حصد 50 ميدالية كلية القرآن الكريم بطنطا تحتفي بأبنائها الخريجين من الأئمة الجدد دفعة الإمام محمد عبده فعاليات المؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية حول ”التواصل والتمكين والحماية للنساء والفتيات من العنف السيبراني محافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يشهدان ندوة عن ” البناء الفكري وتصحيح المفاهيم” محافظ دمياط يزور قرية الوسطاني ويشهد توزيع المساعدات على المواطنين المتضررين من الأمطار إسرائيل على شفا الانقسام.. تصدعات داخل الجيش والمجتمع ضد سياسة نتنياهو لميس الحديدي ترد على منتقدي موقفها من أزمة الكلاب الضالة: لدينا قانون ولن أغير موقفي منتخب البرازيل يصل القاهرة لمواجهة فراعنة اليد ودياً

وفاء أبو السعود تكتب: لاعتبارات أخرى

وفاء أبو السعود
وفاء أبو السعود

جميعا يحتفظ في خزائن قلبة بكثير من الذكريات والمواقف التي تظل عالقة بالأذهان والمشاعر والأحاسيس مهما مر عليها من زمن قليل كان أو كثير، تُطل علينا تلك الذكريات بين الحين والآخر، منها ذكريات تابي أن تتأكل أو يصبها الفتور، وتجد ذكرى أخرى يتلاشى بعضها شيء فشيء فيستهلكها الزمن ومرور الأيام وتتابع الأحداث، لتصبح ذكرى باهتة مشوشة غير محددة المعالم، وما يتبقى منها إلا القليل.

وهناك ذكري ما أن تطفوا على سطح الذاكرة حتى تسعى وبكل قوتك جاهدا هربا من مواجهتها، لما تركته في نفسك من آثارا سلبية وآلام متجددة وهناك ذكريات تتمنى أن لو قمت بحذفها من سجلات حياتك أو أن يصيب ذاكرتك داء النسيان فلا تتذاكر منها شيئا أو تمحوها فلا يبقى لها أثر.

وهناك ذكريات تقف أنت لها بالمرصاد، رافضا كل الرفض أن تغادر عالمك، تتمسك بها وتعض عليها بالنواجذ، حتى لا تتفلت من بين يديك مع مرور الزمن وهناك ذكرى بيضاء ترفرف على جناح يمامة بيضاء فيُستعصى على ذاكرتك نسيانها.

لذا فإن هناك ذكرى تهرب منها وأخرى تهرب إليها.

وقد كان من ضمن متغيرات العصر ووجود مواقع التواصل الاجتماعي أن يعيد لك أحداث العام الماضي أو ما قبله فتاتي الذكرى كاملة إلى الأذهان، محملة بكم من الصور، فالصورة ذكرى صامته تحكي تفاصيل الحدث بكل جوانبه دون صوت ومحملة كذلك بكم من الأحاسيس.

فان كانت ذكرى جميلة، فإنها تُحيي قلبك وتشعل حواسك بروح الحياة، فتتجدد روحك وتسعد بها، وتظل تبحث في خزائنك عن ثناياها، لعلك تعيش لحظة سعادتها، وتجد نفسك تبتسم لها وكأنك تعيشها وتتمنى لو دامت تلك اللحظات طويلا، ولكن سريعا ما تأسى على أنها انقضت وتلاشت.

وأن كانت ذكرى مؤلمة وقد حاولت نسيانها أو تناسيتها فتطفوا بكل قوة إلى سطح الذاكرة، فتُشعل القلب والنفس احتراقا من لهيبها، لهيب يصعب إخماده فتشعر بانكسار الروح وكسر الخاطر وهزيمة الإحساس الصادق، فتقضيها ليله عاتمة حزينة بقلب عليل يتألم ولا يتكلم، يان من الألم ولا هناك من يسمع أنينه، ينادي في صمت لتلك الذكريات الجريحة لعلها ترأف بحاله وتلملم أشلائها وترحل عنه بلا عودة، ولكنها لم تُعير ذاك النداء من هذا القلب الجريح أي اهتمام وكأنها تقتنص تلك الفرصة لتقتص لنفسها من قلة حيلته صاحبها وغبائه.

يالها من ذكرى متنمرة تستمتع بالألم وتتشوق لسماع تنهيداته، وتتشفى في جراحة، وتُعلن لك وبأعلى الصوت أنك لن تنساني.

حينما تعود لك الذكرى مع الفيس بوك، تجد نفسك في حيرة تزيد من المك ووحشة نفسك حتى تمقط تلك اللحظة التي سطرت يداك فيها تفاصيل الحدث، وتتمني لو أن تلك اللحظات لم تكن، وياليت يداك ما قامت بتوثيقها.

إلا أنها تأتي ومعها جزء من الحقيقة التي كانت خافية عليك في وقتها فتكتشف أن فكرك وقتها كان قاصر وأنك لم تستوعب التفاصيل وكأنك كنت تعيش في عالم آخر قد يكون أقرب إلى الخيال، ترى كم من الأيام لا تستطيع عدها تسللت من بين يديك وترى حلم تائه بين عثرات السنين وترى كم من الحقائق التي لم تكن تعلمها وكأنه قد كُشف عنك الحجاب لتقرأ الواقع بمنظور آخر وبشكل مختلف.

ترى أن هناك من غادر عالمك للآبد ولا فرصة للرجوع، وترى صديق غادر ودع حياتك بين طرفة عين، وحبيب الأمس قد أصبح عدو اليوم، ترى أن سلة أصدقائك قد اقتربت على أن تكون خاوية وأن الدنيا قد باعدت بين الكثيرين وقربت آخرين تعيش في حيرة أنت نفسك لا تستطيع أن تصدقها فبين النور والعتمة ضاعت سنوات كثيره طواها الزمن وطواها الأنين.

أن ذكريات الفيس بوك تأتي كاشفة لمتغيرات الحياة ولتقلبات الزمن، ولتغييرات الإنسان ولتتابع وتسلسل الأحداث التي لم تكن تتوقعها ولا يمكن لخيالك أن يدرك بعضها، كاشفة كذلك لما يخفيه أو يبتدع في إخفائه الآخرون.

لذا فلا توثق أي مواقف أو ذكريات إلا أن كانت يقينيه وهذا أيضا ضرب من الخيال لم ولن يحدث، فلايقين مع إنسان كاد أن يتأكل ولا يقين في دنيا فانية، حتى لا تتجرع مرارة الذكرى أن كانت سيئة ولا تأسى على ذكرى كانت سعيدة وتلاشت فتتأسى على انقضائها، لا تضع نفسك في المواجهة مع مواقف أنت أقل قدرة على استيعابها أوً احتمال آلامها.

تلك الذكريات التي قد تحرمك أن تعيش الحاضر وتستمع به فلا تُحمل يومك وغدك الآم الماضي والذكرى ولا تطعن روحك بنفس السلاح في كل مرة تتذكر فيها الحدث.