الطريق
الأربعاء 7 مايو 2025 12:11 صـ 9 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
سجون الاحتلال .. هنا المكان الذي يعجز فيه الذكاء الاصطناعي عن مجاراة وسائل التعذيب ضياء رشوان: ”الإخوان.. إعلام ما بعد السقوط” يناقش ماكينة الدعاية للجماعة بعد انهيارها إسرائيل تدمر مطار صنعاء ومرافق حيوية دون إصابات شاهد| وزير الزراعة: خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح وتعزيز الصادرات الزراعية إطلاق اسم الشيخ عبد الحميد الأطرش على معهد بني هلال الابتدائى الأزهرى تخليدًا لذكراه وزير الثقافة يستعرض مشروع القرار الوزارى بفتح باب الترشح لمنصب رئيس أكاديمية الفنون الأهلي يفوز على سبورتنج ويتأهل لنهائي كأس مصر لكرة السلة منى الشاذلي تحتفي بأبطال منتخب مصر للجودو غدًا كشف ملابسات واقعة التعدى بوحشة على فتاة بالعاشر من رمضان وزير التربية والتعليم يترأس اجتماع المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي لمناقشة خطة العام الدراسي 2025 / 2026 وزيرة التنمية المحلية تتابع مع قيادات الوزارة سير العمل في 16 مركز تكنولوجي بـ9 محافظات على مستوى الجمهورية ︎”الصحة” توقع بروتوكول تعاون مع ”ميرك ليميتد” لتصميم برامج تدريبية للأطقم الطبية

تامر أفندي: مصر بين «جورج هوليوك» و«علي عبد الرازق»

ليس هناك شئ بمعزل عن آخر، كل شئ في الدنيا حلقات متصلة، وهذا ربما يُفسر حالة التيه التي نحن فيها، فنحن نقرأ السطر من أخره وننتزع الحكاية من سياقها، ونبني أحكامنا على «اللحظة»، لذا يتم التلاعب بنا في فضاء العالم الافتراضي حيث ينتشر بيع تلك السلعة «ثقافة التيك أوي»، ننفعل ونصرخ ونضحك ونبكي وربما نتقاتل فيقتل بعضنا البعض دون تبين وتثبت، وننقل كل تلك التجربة بسوءاتها على كل المستويات، بالأمس قال لي أحد الأصدقاء: «تركيا جابت ورا معانا خافت نضربها وأمريكا خايفة تدخل حرب معانا» تبسمت وقلت له لا شك إن القوة العسكرية مهمة لكنها ليست كل شئ يا صاح ولو أردت لعددت لك أمم كانت لها جيوش جبارة سقطت إنما السر الأهم هي «الخلطة المصرية» الذي يحاول الغرب وتحاول أمريكا وتحاول تركيا الوصول إلى مكوناتها لتمسخيها ومحوها لكنهم كلما ظنوا أنهم استطاعوا فعل ذلك اكتشفوا غيهم وضلالهم حاصرونا في الحرب المعلوماتية وأمدونا بالزيف لخلق أمية معلوماتية حرفوا سطور التاريخ ودسوا ما أرادوا للقضاء على شعور الوطنية كلما أطفأنا ناراً للفتنة أشعلوها، في لحظة من اللحظات تقول بكل ثقة لقد نجحوا في تشويه الشخصية المصرية، ولكنك تتفاجأ بنفسك قبل غيرك حينما تجد "مصر" في خطر أهذا الذي كان يشكو فقراً ووهناً ويملأ الدنيا ضجيجاً بشكواه، فجأة ينزع عنه الخط الوريدي المحمل بالدماء وبدلاً من صراخه لأوجاعه يصرخ نصرة لبلاده، لا تفسير منطقياً لما يحدث سوى أنها جينات أو خلطة خاصة ربانية لمصر وشعبها حتى ما يجر على البلدان والشعوب الأخرى لا يجر بنفس الطريقة على شعبها فها أنت ترى تلك البلاد التي أُحتلت تنطق بلغة مُحتليها أما مصر فمُحتلها هو الذي نطق بلغتها بل بلهجتها.
ليس هذا كل ما في الأمور لكن هناك أمور كثيرة وقعت عيني على إحداها أمس وأنا أقرأ مذكرات المفكر الكبير أحمد أمين، إذ أن أحد الفقرات في كتابه دفعت فضولي للبحث وعقد مقارنة بين تجربة العلمانية في تركيا والعلمانية في مصر؟ وتساءلت نحن نقول على تركيا علمانية والبعض يتخذها رمزاً دينياً فهل هي علمانية أم دينية؟ والأهم ما هو الوصف الذي ينطبق على مصر أيمكن الجزم بأنها دولة دينية إذ أننا لا نستطيع أن نصفها بالدولة العلمانية «كتالوج العلمانية» واحد كما طبقه مصطفى كمال أتاتورك وكما نقله «أحمد أمين» في مذكراته:
«كان في تركيا أن ألغت وزارة الأوقاف، وجعلت تدبيرها لرئيس الأمور الدينية وهيئة علمية استشارية بجانبه، وألغت المحاكم الشرعية، ووحدت القضاء، وألغت المدارس الدينية ووحدت المدارس، وقد كانت المدارس الدينية كثيرة منتشرة متنوعة في البلاد، وكان بعضها يتبع وزارة الأوقاف وبعضها يتبع وزارة الشئون الشرعية فجعلتها كلها تابعة لوزارة المعارف، تعلم تعليما مدنيا واحدا، ومن شاء أن يعلم ابنه تعليما دينيا فليتكفل بذلك على نفقته، وقصرت التعليم الديني على كلية اللاهوت التي تتبع الجامعة، وهذه هي التي تخرج رجال الدين.

وألغت الطرق الصوفية وأغلقت الزوايا والتكايا، وحرمت الألقاب الصوفية من درويش ومريد وأستاذ وسيد وشلبي ونقيب.. إلخ، وحرمت العرافة والسحر والتنجيم وكتابة التعاويذ والأحجبة وأعمال كشف الغيب والإخبار بالمستقبل، وحددت الزي الديني فلم تسمح به إلا لطائفة خاصة كرئيس الأمور الدينية.
وحررت المرأة من حيث سفورها ومساواتها بالرجل سياسياً واجتماعياً ومدنياً وفتح لها مجال الكسب والتوظف في الوظائف ولم يكن السفور بقانون، وإنما كان دعوة دعا إليها مصطفى كمال وألح فيها، فاستجابت المرأة إليه، أما مساواتها بالرجل اجتماعياً فقد شرعت في القانون المدني، فسوي بينها وبين الرجل في الميراث، واعتبر الزواج شركة تتألف من جزءين متساويين.

وأخيراً شرع للمرأة مساواتها بالرجل في الحقوق السياسية، من إعطائها حق أن تنتخب وتنتخب وعني بتعليمها، وتوسع في ذلك توسع تعليم الذكور وفصل الدين عن الدولة، فلم يستخدم الدين في التشريع ولا في الحكم ولا في الإدارة ونحي رجال الدين عن أي تدخل في الشئون الدنيوية وغيرت كتابة اللغة التركية من الحروف العربية إلى الحروف اللاتينية».

وبعد سنة من إلغاء الخلافة على يد الكماليين، كانت هناك أصوات بإعادتها وبدأ الملوك العرب يطمحون في لقب الخليفة، فخرج في مصر كتاب "الإسلام وأصول الحكم"، للشيخ "علي عبد الرازق"، والذي اعتبر أن الخلافة ليست «من الدين في شئ »، هوجم الرجل ووصفوه بأنه من الخوارج وصدرت العديد من الكٌتب رداً عليه، وكانت الخلاصة التاريخية التي نراها اليوم أن مصر وحدها تختار أيهما يصلح لها وأيهما لا يصلح، فلا هي سارت في فلك «جورج هوليوك» و«أتاتورك» ولا هي انساقت وراء أحلام «أردوغان» بإعادة الخلافة لا هي ألغت الطرق الصوفية ولا هي غيرت العربية إلى لاتينية لا هي أنكرت العمامة ولا هي شرعنة السفور لو طبقت مصر نموذجاً أياً ما كان «بحذافيره» لما كانت أم الدنيا ففيها يستطيع أن يعيش الشئ ونقيضه دون اقتتال دون مذابح أو حرائق أو صلب أو حصار.

وللحديث بقية.

موضوعات متعلقة