الطريق
الثلاثاء 6 مايو 2025 12:50 مـ 9 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
الحكومة تطور المطارات بالشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز تجربة المسافرين نتنياهو: نواصل التصدي بقوة لأي تهديد لإسرائيل بعد متابعة قصف الحوثيين مفتي الجمهورية: نرحب بتوسيع وتعزيز التعاون مع الأوقاف القطرية مدحت بركات: تعديل قانون الإيجار القديم خطوة لإعادة التوازن إلى السوق العقاري مصر تسرّع إجراءات التأشيرة لجذب المزيد من السياحI فيديو قرار جمهوري بتعيين الدكتورة جيهان الخضري عميدا لكلية العلوم جامعة دمنهور الحق مشوارك.. كثافات مرورية بشوارع القاهرة والجيزة اليوم الثلاثاء مصر تفوز بكأس البطولة الأفريقية للووشو كونغ فو بعد حصد 50 ميدالية كلية القرآن الكريم بطنطا تحتفي بأبنائها الخريجين من الأئمة الجدد دفعة الإمام محمد عبده فعاليات المؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية حول ”التواصل والتمكين والحماية للنساء والفتيات من العنف السيبراني محافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يشهدان ندوة عن ” البناء الفكري وتصحيح المفاهيم” محافظ دمياط يزور قرية الوسطاني ويشهد توزيع المساعدات على المواطنين المتضررين من الأمطار

شحاتة زكريا يكتب: التاريخ لا يغفر.. فهل نتعلم؟

شحاته زكريا
شحاته زكريا

التاريخ لا يُعيد نفسه لكنه لا يغفر أيضا لمن يكرر أخطاءه. الذين يظنون أن بوسعهم القفز فوق الحقائق ، أو دفن القضايا العادلة تحت أنقاض النسيان لا يدركون أن الزمن قد يكون بطيئا في استرداد الحقوق ، لكنه لا يتوقف عن المطالبة بها. والعدالة، مهما تأخرت، تجد طريقها في النهاية.

نحن اليوم أمام مرحلة فارقة، حيث تختلط الحسابات السياسية بالمآسي الإنسانية وحيث يُعاد رسم الخرائط ليس بالحوار بل بالنار. هناك من يظن أن بإمكانه فرض واقع جديد بقوة السلاح وهناك من يراهن على ضعف الذاكرة الجماعية وهناك أيضا من يحاول إقناعنا بأن المصالحة لا تحتاج إلى إنصاف وأن إعادة الإعمار يمكن أن تُبنى فوق جراح مفتوحة دون أن تلتئم.

لكن هل يمكن إعادة الإعمار قبل أن تتحقق العدالة؟ هل يمكن أن نتحدث عن تعافٍ حقيقي دون أن نحدد أولا من كان السبب في الكارثة؟ أم أن المطلوب هو طي الصفحة قبل قراءتها والتظاهر بأن شيئا لم يحدث، وكأن التاريخ بلا ذاكرة؟

إن مشاهد الدمار التي تملأ العيون اليوم ليست مجرد أنقاض مبانٍ بل هي شواهد على عجز العالم عن فرض قواعد عادلة. وعندما يصبح القتل مسألة أرقام، والخسائر مجرد بيانات، والمجازر تُناقش ببرود شديد كأنها قضايا تقنية ، ندرك أن الضمير الإنساني ليس في أفضل حالاته.

لكن مهما حاولوا لا يمكن تطبيع الألم ، ولا يمكن أن يصبح القهر مشهدا عاديا في نشرات الأخبار. لن يكون هناك استقرار حقيقي ما لم تكن هناك عدالة حقيقية. الذين يتحدثون عن إعادة الإعمار عليهم أولا أن يسألوا أنفسهم: لمن سنعيد البناء؟ لمن ستُفتح الطرقات من جديد؟ ومن الذي يضمن ألا يُهدم كل شيء مرة أخرى عندما تتغير الموازين؟

هناك من يظن أن السياسة فن الممكن وأن القفز فوق المبادئ مهارة ضرورية لمن يريد البقاء. لكن هؤلاء ينسون أن كل خطوة تُتخذ بعيدا عن العدالة تخلق ثغرة في المستقبل ، وكل قرار يتجاهل الحقائق يؤسس لجولة جديدة من الفوضى.

نحن لسنا بحاجة إلى خطابات مطمئنة بقدر ما نحتاج إلى قرارات صادقة. ولسنا بحاجة إلى مسكنات مؤقتة بقدر ما نحتاج إلى حلول جذرية. قد يكون من السهل عقد المؤتمرات وإصدار البيانات لكن السؤال الأهم: ماذا بعد؟ كيف نضمن أن ما نُعيد بناءه اليوم لن يُهدم غدًا؟ كيف نحول العدالة من شعار إلى واقع؟ وكيف نجعل التاريخ شاهدًا على تصحيح المسار، لا على تكرار الأخطاء؟

التاريخ كما قلنا لا يغفر والتحدي الحقيقي ليس في إعادة الإعمار ، بل في إعادة الحقوق إلى أصحابها ، وإعادة الاعتبار للعدالة، وإعادة الثقة في أن هذا العالم لا يزال قادرا على أن يكون أكثر إنسانية.