الطريق
جريدة الطريق

”شيرلوك هولمز” مصر.. حل جميع الألغاز ومات على مكتبه

شيرلوك هولمز مصر الأميرلاي أحمد عبدالرحمن بك
سعيد محمود -

يعرف الجميع شخصية المخبر السري الإنجليزي حاد الذكاء "شيرلوك هولمز"، والتي أبدعها خيال الكاتب البريطاني "سير آرثر كونان دويل"، وحققت مبيعات خرافية ونجاحا كبيرا، قبل أن تنتقل من الورق إلى الشاشة لتحقق النجاح نفسه، لكن الكثير لا يعلم عن "شيرلوك هولمز المصري"، الأميرلاي أحمد عبدالرحمن بك، ذلك الضابط الذي تميز بعقلية بوليسية تضاهي في عبقريتها موهبة رجال "سكوتلانديارد".

اقرأ أيضا: صدق أو لا تصدق.. مصري ينشيء مدرسة البوليس الإنجليزي

”شيرلوك هولمز” مصر

ففي عدد مجلة المصور بتاريخ السادس من مايو عام 1949، وبعد وفاته بيوم واحد، نعت المجلة الأميرلاي أحمد عبدالرحمن بك، الضابط العبقري الذي عاش ومات على مكتبه.

وذكرت العديد من القضايا الغامضة التي كشفها بذكاء شديد، مثل قضية عقد شقيقة إمبراطور إيران، الأميرة "أشرف الملوك"، والذي كان يتكون من 300 فص من الزمرد الثمين، حيث ظل الرجل يبحث عنه إلى يوم وفاته، وتمكن من القبض على جميع مرتكبي جريمة السرقة الذي وصل عددهم إلى 20 متهما، وعثر على 79 فصا من العقد، قبل أن يدركه قدر الله وتصعد روحه إلى بارئها.

اقرأ أيضا: البوليس المصري.. حكايات من دفتر الأحوال

قدرات خارقة

وعن مميزات الضابط الشهير قالت "المصور" إنه كان يتمتع بقدرة خارقة في السيطرة على أعصابه والتحكم فيها، حيث كان عندما يشرف على التحقيق في إحدى القضايا الخطرة التي يطول التحقيق فيها أياما متصلة، لا ينصرف من مكان التحقيق، بل يغفو على مقعده بجوار وكيل النيابة لدقائق قليلة، ثم يصحو من نومه بكامل نشاطة، وفي أوقات كثيرة كان يستيقظ من غفوته القصيرة ومعه حل لغز الجريمة بالكامل.

شيرلوك هولمز مصر

وكان الأميرلاي أحمد عبدالرحمن بك يتمتع أيضا بذاكرة حادة لا تخطئ، ويتذكر الأسماء والوقائع والزمان والمكان بدقة تضاهي أجهزة الكمبيوتر اليوم، كما برع في فنون التحقيق الجنائي ولذلك أطلقوا عليه لقب "شيرلوك هولمز المصري"، وفي إحدى القضايا التي أشرف على التحقيق فيها، كانت السرقة في مصنع من مصانع الألومنيوم، وحامت الشكوك حول عمال المصنع الذين وصل عددهم وقتها إلى أكثر من100 عامل، لكنه بذكاء شديد تأمل آثار الأقدام على مسحوق الألومنيوم المتناثر على الأرض من مخلفات العمال، ثم أكد أن مرتكب السرقة أعرج، وبالفعل كان هناك اثنين من العمال يعانيان من العرج في السير، وبمجرد أن شاهدهما يسيران أشار إلى أحدهما مؤكدا أنه السارق، وعندما سألوه عن سر اكتشافه قال إن أثر إحدى القدمين غائر في المسحوق، بينما الآخر سطحي، أي أن السارق يعتمد في السير على قدم أكثر من الأخرى، ولما كان العاملان يعاني كل منهما من العرج في قدم مختلفة عن الآخر، سهل ذلك من مهمة أحمد عبدالرحمن بك.

اقرأ أيضا: في عيد الشرطة الـ 69.. تعرف على الدور المجتمعي للبوليس المصري في الخمسينيات

عايز أموت على مكتبي

أما عن وفاة الضابط العبقري، فلها قصة تبين مدى إخلاصه لعمله ووطنه، حيث كتبت "المصور" أنه في أواخر عام 1949، أصيب بمرض "الفالج" (الشلل النصفي)، وظل طريح الفراح لأكثر من شهر، وعندما أحس أنه يقوى على الحركة، تحامل على نفسه وأصر على الذهاب إلى مكتبه لمواصلة عمله الشاق والعنيف، وكان يقول دائما "أنا قضيت عمري كله على المكتب ده وعاوز أموت عليه"، وهو ما تحقق بالفعل، فقد ظل ثلاث سنوات يصارع المرض حتى فارق ربه يوم الخميس الموافق 5 نوفمبر عام 1949.