الطريق
جريدة الطريق

«بيشتروا الهوا».. لماذا امتلأت الفضائيات ببرامج الطبخ؟

تعبيرية
أحمد الضبع -

أفردت العديد من وسائل الإعلام المرئيّة، خلال الفترة الماضية، مساحات كبيرة لبرامج الطبخ، بطريقة تجاوزت الحدَّ على حساب البرامج التِقنيَّة والتثقيفية التي تعد جزءًا أصيلًا من وظائف الإعلام، التي تتجسد في الإخبار والتعليم والتثقيف والترفيه، فضلًا عن الرقابة على أجهزة الدولة.

اِستفزَّت برامج الطبخ التي طغت على المحتوى المرئيّ، في وسائل إعلام عدة، الرئيس عبد الفتاح السيسي الّذي علق على الأمر خلال افتتاح عدد من المشروعات الرقميّة ساخرًا: «كل ما أدوّر التليفزيون ألاقي المطبخ.. أنا مش ضد.. هاتوا حاجة كده وحاجة كده.. علشان ننقل ونقدر نغير الثقافة للمواطنين.. إحنا بنتكلم كده وقعدنا ولسه هنتكلم تاني.. علشان لازم نغير الواقع اللي إحنا فيه.. انتوا بتتكلموا على الأكل؟!.. إحنا مستنيين حد يعلمنا نأكل!».

وتعليقًا على ذلك، قال الدكتور صابر حارص، أستاذ الإعلام والرأي العام، إنّ انتشار برامج الطبخ في القنوات الفضائية، يرجع إلى سببين لهما علاقة ببعضهما أحدهما يتعلق بالمصدر الذي يتمثل في مذيعي الطبخ والشيفات، والآخر يخص المتلقي (المرأة أو ربات البيوت).

أسباب انتشار برامج الطبخ

وبيّن «حارص» خلال تصريحات خاصة لـ«الطريق» أنّه مع انتشار ثقافة التفاهة (ما لا أهمِّيَّة له ولا جدوى) في العقدين الأخيرين أصبح الجمهور العام من النساء يميل إلى التسطيح، وبطبيعة الحال حينما يكون الإنسان فارغًا وسطحيًا، يسعى أشخاص على الطرف الآخر إلى التفكير في كيفية استغلال هذا الفراغ الّذي تعاني منه المرأة المصرية، ويستغلون ذلك من خلال برامج الطبخ.

وأضاف أستاذ الإعلام والرأي العام، أنه كُلَّما كانت المادة المُقدمة أكثر تفاهة وسطحية ولا تحتاج إلى جهد ذهني ولا تُخاطب العقول ولا الوجدان ولا النفوس كُلَّما كان الإقبال أكثر، مشيرًا إلى أنه مع انتشار هذه الثقافة أصبح هناك نساء ورجال يصطادون في هذا المناخ قطاعات من الجماهير لكي يروجون لها ثقافة الطبخ التي لا يحتاجها المجتمع.

فراغ

وتابع «حارص» أنّ اهتمام النساء ببرامج الطبخ يدل على الفراغ الذي تعاني منه المرأة المصرية، وخاصة ربات البيوت، لافتا إلى أنّ الإقبال على مثل هذه الأنواع من البرامج يشكل خطرًا على الأسرة، لأنّه يستحوذ على رَكيزة التربية في المجتمع سواء الأم أو الفتيات اللاتي يعتبرن أمهات المستقبل.

وأردف أستاذ الإعلام والرأي العام: «حينما تكون اهتمامات المرأة المصرية الحالية والمستقبلية على هذا النحو فبالتأكيد أعتبر هذا من حروب الجيل الرابع، التي تدمر فيها المجتمعات نفسها من الداخل من خلال الإقبال على ثقافة الإلهاء وترك الوعي الحقيقيّ»، مضيفًا: «أتفق مع الرئيس عبد الفتاح السيسي تمامًا لأنه يعبر عنا جميعًا بين الحين والآخر، في انتقاد شيء في الإعلام المصري، وتحدث من قبل عن أهمية الوعي للمصريين، والآن يتحدث عن برامج الطبخ التي تؤدي إلى تسطيح ثقافة الأمهات».



ودعا «حارص» الهيئة الوطنية لتنظيم الإعلام، إلى ضرورة التدخل لوضع حدّ لانتشار برامج الطبخ في القنوات الفضائية لأنها أحد المنافذ التي تنفذ منها حروب الجيل الرابع؛ لإحداث أضرار بالغة بالمجتمع المصري، مع أهمية وجود إعلام مضاد لتوعية المصريين بخطورة هذا الأمر.

وأوضح أستاذ الإعلام والرأي العام، أنّ إقبال الجمهور على برامج الطبخ ليس احتياجًا لكنه فراغًا يحاول الإعلام إشباعه، ويساعده على ذلك، الهرولة نحو ثقافة التفاهة.

تجارة الإعلام

ولفت «حارص» الانتباه إلى أنّ صناعة الإعلام في مصر أضحت تجارة بشكل مُطلَّق، وكُلّ من يفكر في امتلاك وسيلة إعلامية لا ينظر لها باعتبارها وسيلة توعية وتثقيف وتنوير، لكنه يتعامل معها كسلعة، وهذا أمر لا يخفى على أحد، مردفًا أنّ عددًا كبيرًا من المستثمرين الذين تأثروا خلال السنوات الماضية بالأزمة الاقتصادية اتجهوا إلى صناعة الإعلام وهم لا يعلمون عنها شيئًا.

واختتم أستاذ الإعلام والرأي العام تصريحاته قائلًا: «أصاب بالذهول حينما أجد مستثمري العقارات يمتلكون مساحات على الهواء ويديرون عمل الإعلاميين والصحفيين والمخرجين، لملء ساعات الهواء، في حين أنّ المستثمر لا يخسر شيئًا لأنه يؤجر مساحة من البث، وبذلك أضحت المسألة تجارة ودخل فيها من لا يعيها مطلقًا».

اقرأ أيضًا: محامي نيرة أشرف يفتح النار على فريد الديب ويطالب بإعدام القاتل على الهواء