في ذكرى وفاته.. يوسف وهبي وقصة ”المذكرات الجريئة” عن مغامراته

في مثل هذا اليوم 14 يوليو تمر ذكرى ميلاد عميد المسرح العربي، الفنان يوسف وهبي، والذي كان له دور كبير وهام في الحياة الفنية، خاصة المسرح المصري والعربي، كما أنه أعطى الكثير للفن فى كل مجالاته تمثيل وتأليف وإنتاج وإخراج وقضى عمره عاشقا للفن حتى آخر لحظات حياته.

طول قامته، وملامحه الحادة، ونبرات صوته القوية، وأصوله الارستقراطية التي مكنته من أداء الأدوار الارستقراطية أو صاحبة النفوذ، كما أنه برع في تقمص أدوار الطبقة الفقيرة والأوساط الشعبية، بالإضافة إلى إجادة عدة لغات، وهو ما هيأه للإطلاع على كثير من الثقافات، وخاصة المسرح العالمي، لذا فإن حياة يوسف وهبي اختلفت عن حياة أغلب الفنانين، فكانت شديدة الصخب والثراء والتمرد.

ومن على شاطئ بحر يوسف، ولد يوسف وهبي، ووالده عبدالله باشا وهبى الذي كان يعمل مفتشًا للري بالفيوم، وهو الذي حفر ترعة عبدالله وهبى هناك، وأنشأ مسجدًا يحمل اسمه في مدينة الفيوم، وفي عمرا صغير خاض مسيرته في عالم الفن، في العشرينيات، حتى أصبح النجم الأول في الثلاثينيات والأربعينيات بأفلام حققت نجاحًا كبيرًا.

جلب العار لأسرته بدخوله الفن

أسرته رأت في دخوله عالم الفن جلب العار لهم وحاولوا إبعاده عن هذا المجال، حيث أنه بدأ هوايته بإلقاء المونولوجات وأداء التمثيليات بالنادي الأهلي والمدرسة، لكن أصر على موقفه والتحق بالعمل فى السيرك، حيث عمل مصارعًا في سيرك الحاج سليمان ليصير أحد المشخصاتية الذين لم يكن معترفًا بشهادتهم أمام المحاكم.

وبعد أن علم والده عمله في السيرك، طرده من البيت، وسافر بعدها يوسف وهبي إلى إيطاليا وفي روما عمل جرسونا بأحد مطاعمها، ثم عمل "شيال" ثم فراشًا في المسرح، وأقنعه صديقه المخرج محمد كريم بأنها فرصة لدراسة التمثيل، فدرس التمثيل على يد الفنان الإيطالى كيانتوني.

وعاد لمصر في ١٩٢١بعد وفاة والده، وبدأ حياته المسرحية بالتمثيل فى فرقتي حسن فايق وعزيز، عيد وبعد حصوله على ميراث والده أسس فرقة رمسيس، التى قدمت ما يقرب من 300 مسرحية، وكان أول عرض لفرقته في ١٩٢٣هو "المجنون"، ومن مسرحيتها أيضا راسبوتين، بنات الشوارع، وبيومي أفندي، هارون الرشيد، صلاح الدين الأيوبي، وكانت معظم مسرحياته في بدايات حياته مترجمة عن أعمال عالمية لشكسبير وموليير وإبسن.

خلال مسيرته الفنية الحافلة، التي استمرت لـ60 عامًا، قدم عميد المسرح العربي، أكثر من 123ما بين المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون.

 

في عام 1930، أنشأ "وهبي" مع صديقه المخرج محمد كريم شركة سينمائية باسم "رمسيس فيلم"، وقدمت أول أعمالها زينب سنة 1930، ثم توالت الأفلام التي قدمها كمنتج، إلى جانب مشاركته كممثل و مؤلف ومخرج.

أراد تجسيد حياة النبي

تعاقد الفنان يوسف فهمي عام 1926 على بطولة فيلم يجسد من خلاله شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والفيلم إنتاج تركي مصري مشترك، واشتعت ضده ثورة في الصحف والمجلات، حتى أن شيخ الأزهر أرسل خطابًا إلى وزارة الداخلية في اليوم يطالبها فيه بالتحقيق في الأمر، وهدده الملك أحمد فؤاد وقتها بحرمانه من الجنسية المصرية، إلا أنه قدم اعتذارا نشر وقتها بالجرائد المصرية.

مذاكرته الأجرأ في تاريخ الفن

مذكرات يوسف وهبي بعنوان "عشت ألف عام"، تعتبر الأجرأ في تاريخ الفن،ومع ذلك يقول بعض النقاد أنه أخفى الكثير منها، ولم تنشر، وجاء في رواية "إبراهيم العريس"، "أن النجم الكبير اعترف بأنه أقام علاقة مع صديقة والدته، وهو شاب في المدرسة"، وكانت تلك من أجرأ الاعترافات التي أعترف بها في مذكراته.

قال أيضا "وهبي" في مذكراته بأنه خلال سفره إلى إيطاليا، انضم لـ"المافيا"، وسبب ظروفه العصبة التي عاني منها منذ بداية سفره، اضطر للإقامة مع فتاة إيطالية في شقة دعارة بميلانو، حتى اتهمه البوليس بقتلها، وأظهرت التحريات بعدها براءته.

وخلال مذاكراته اعترف أيضًا بأنه كان مدمنًا للقمار، وأضاع الثروة التي ورثها عن والده ، وبعد أن عاش حياة المماليك اضطرته الظروف لأن ينام في غرفة صغيرة على السطوح.

وفي مذكراته كتب: "أنا لا أدعي أنني كنت قديسًا أو راهبًا أعيش في محراب أو متصوفًا في صومعة أو معصومًا من الخطأ والشهوات، لكنني كغيري أيام الشباب والفتوة كنت استجيب أحيانًا للإغراء والجمال في شيء منه إلا أنني لم أشرب الخمر ولم أتعاطي المخدرات ولم ارتكب موبقات سوى حبي السابق للقمار الذي سلبني عشرات الآلاف من الجنيهات".

وفاته

توفى يوسف بيك وهبي، في 17 أكتوبر عام 1982، بعد تعرضه لوعكة صحية إثر إصابته بكسر في عظام الحوض نتيجة سقوطه في الحمام، ودخل المستشفى ورحل عن عالمنا خلال علاجه إثر إصابته بسكتة قلبية مفاجئة.