كيف ساهمت الطاقة الشمسية في تحويل مزراعي أفغانستان إلي بائعي أفيون؟

"هلمند".. أخطر أقليم في دولة أفغانستان، حيث أن جميع البريطانيين الذين قتلوا خلال الصراع في أفغانستان وعددهم 454 جنديًا سقطوا داخل هلمند.
يقع "هلمند" في قلب المنطقة الأكثر زاعة للأفيون على وجه كوكب الأرض، وهناك يتم تحويل الأفيون إلي الهيروين، وهو أحد أكثر أنواع المخدرات إدمانًا.
ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة فإن نحو 80 % من الأفيون الأفغاني مصدره جنوب غرب أفغانستان وتحديدًا هلمند.
في عام 2016 لمح ريتشارد بريتان، الضابط الإنجليزي السابق، وخبير المخدرات في أفغانستان أول لوح طاقة شمسية في أركان أغلب مجمعات المزارعين.
وقام بريتان من خلال شركته التي تدعي "ألسيس" المتخصصة في تحليل صور الأقمار الأصطناعية، اكتشف أحد مخارج صحراء هلمند والتي كانت خاوية منذ سنوات، بها مزارع محاطة بالحقول والألواح الشمسية.
ورأي بريتان أن هذه التكنولوجيا الجديدة تتطور بسرعة فائقة، يقول:"هذه هي طريقة زراعة الخشخاش الآن، حيث يقوم المزارعين بالحفر إلي عمق 100 متر، حتي الوصول إلي المياة الجوفية، ومن ثم يتم وضع مضخة كهربائية وربطها بعدد من الألواح ثم تبدأ عملية المياه في الجريان".
وبحلول عام 2019 أحصى فريق بريتان 67 ألف مجموعة ألواح في وادي هلمند وحده، ورأي أنه في سوق "لاشكرغاه" عاصمة إقليم هلمند تتكدس الألواح الشمسية على ارتفاع ثلاثة طوابق.
,اوضح الدكتور مانسفيلد، الذي يدرس إنتاج الأفيون في أفغانستان لأكثر من 25 عاماً، إن إدخال التكنولوجيا الشمسية هي أكبر تغير تكنولوجي رأه هناك، وأن شراء وقود الديزل اللازم لتشغيل مضخات المياه الأرضية هو الأمر الأكثر كلفة بالنسبة للمزارعين.
ويؤكد مانسفيلد أن استخدام الطاقة الشمسية يعني أن المزارعين صار بإمكانهم زرع الخشخاش في مناطق لم يخطر على بالهم العمل بها من قبل.
واشار بريتان أن عدد السكان في المنطقة الصحراوية ازداد و يقدر بنصف مليون شخص قد هاجروا إلى هذه المناطق في هلمند خلال السنوات الخمس الماضية فقط، وقد أحصى فريقه 48 ألف منزل إضافي تم بناؤه خلال تلك الفترة.
في عام 2012، قبل دخول الطاقة الشمسية هذا الميدان انتجت أفغانستان 3700 طن من الأفيون وبحلول عام 2016 وصل الإنتاج إلي 4800 طن.
وكانت قفزة الإنتاج الوفير في عام 2017 حيث بلغ 9000 طن من الأفيون وبالتالي تدهورت أسعار الأفيون بسبب كثرة العرض.
ما حدث بعد ذلك كان مثيرًا للاهتمام للغاية ففي عامي 2018 و 2019 انخفضت مساحة الأرض المزروعة بالخشخاش في معظم أفغانستان، باستثناء الجنوب الغربي حيث قام المزارعون بهذا الاستثمار الكبير في مجال تقنية الطاقة الشمسية.
وفي عام 2019 بلغ إنتاج الأفيون في المنطقة ما يقرب من 5000 طن من أصل 6400 طن أنتجتها البلاد بأكملها.
تعتقد أورزالا نعمت التي تدير وحدة البحث والتقييم في أفغانستان، أكبر مركز أبحاث في البلاد أن هذه الطفرة لن تستمر لأكثر من 10 سنوات.
وتضيف إن ذلك لن يؤثر فقط على الأشخاص الذين انتقلوا إلى المناطق الصحراوية بل على المنطقة بأكملها، مما سيضر اكثر من 1.5 مليون شخص إلى الهجرة.
وتري أورزالا أن البعض سينتقل إلى مناطق أخرى في أفغانستان، لكن الكثيرين سيحاولون مغادرة البلاد والسفر إلى أوروبا وأمريكا حيث يعتقدون أن فرصهم ستكون أفضل هناك.
وتضيف:"ليس لدي أي شك في التداعيات الكبيرة للأزمة المتوقعة مستقبلاً، تقول ستكون أزمة كبيرة".