الطريق
الخميس 9 مايو 2024 07:00 صـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

راجعين يا حيفا.. 73 عاما على سقوط المدينة الشاهدة على إجرام جيش الصهيونية

سقوط حيفا
سقوط حيفا

73 عامًا مرت على سقوط مدينة حيفا في أيدي عصابة الهاجاناه الصهيونية الإرهابية، حيث شهد مثل هذا اليوم عام 1948 واحدةً من المجازر التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني في طريقه نحو بناء دولة لليهود على أرض فلسطين، أنهارٌ من دماء الفلسطينيين سالت على أيدي الإرهابيين الصهاينة، سقطت بعدها المدينة الحصينة في أيديهم، لتبدأ عهدًا جديدًا تحولت فيه العصابات الإرهابية غلى جيش نظامي، لتظل حيفا شاهدةً على أكبر عملية "بلطجة" وسرقة في التاريخ، تلك العملية التي سرقت فيها دولة من أبنائها ويسيطر عليها الإرهابيون القتلة السفاحون.

الحكاية لم تبدأ في عام 1948، حيث بدأت قبل ذلك بكثير، ففي ظل سعي اليهود لبناء وطن لهم في فلسطين، جاءت الثورة العربية في فلسطين عام 1920، حسب المعلومات الوطني الفلسطيني، تؤكد لليهود أن بريطانيا وحدها غير قادرة على حمايتهم.

بداية عصابات الهجاناه

بعد تلك الثورة، اهتزّت ثقة الزعماء اليهود في قدرة منظمة هاشومير "منظمة صهيونية بريطانية لحماية اليهود"، ليؤسسوا جهازا عسكريا خاصا في 1921 تحلّ محل الهاشومير، أطلقوا عليها إسم منظمة "الهاجاناه" بتجهيزات وقدرات أعلى من الهاشومير.

كانت المنظمة أو العصابة الجديدة عبارة عن تكتل عسكري إرهابي، وكانت في البداية قادرة على تأمين لصهاينة، وكانت تُدار من إدارة مدنية على رأسها يسرائيل جاليلي، وفي 1929 جاءت الثورة العربية والتي خلّفت 130 قتيلا صهيونيا، لينضمّ إلى المنظمة الآلاف من الشباب الصهيوني المتطرّف وشرعوا في استيراد السلاح من الخارج وإنشاء الورَش لصناعة القنابل اليدوية والمعدّات العسكرية الخفيفة وتحوّلت إلى جيش نظامي فعلي بعد أن كانت مجرّد ميليشيات ذات تدريب بدائي.

العلاقة بين عصابات الهجاناه وبريطانيا

وفي عام 1936، حدثت مواجهة مع الثوّار الفلسطينيين، التي بلغ خلالها عدد مقاتلي الهجانة نحو 10 آلاف مقاتل بالإضافة إلى 40 ألف من قوات الاحتياط، وخلال ثورة 1936 أقدمت عصابة الهجاناه على حماية المصالح البريطانية في فلسطين وقمع الثوار الفلسطينيين، وعلى الرغم من عدم اعتراف القيادة البريطانية بالهجانة إلا أن الجيش البريطاني أبدى تعاونا كبيرا فى أمور القتال والتأمين.

ومرت العلاقة بين عصابات الهجاناه الإرهابية ودولة بريطانيا العظمي بمراحل من التذبذب والصعود والهبوط والتعاون والفتور، فيعد ثورة 1936 زاد التعاون بينهما، حتى هزيمة رومل في الحرب العالمية الثانية التي تراجع بعدها التعاون، لتبدأ عصابة الهجانا في تهريب المهاجرين الصهاينة إلى فلسطين بأعداد كبيرة.

مجزرة حيفا

وخلال تلك السنوات نفذت عصابات الهجاناه الإرهابية عمليات تطهير عرقي كثيرة في فلسطين، حتى جاء تاريخ 22 أبريل 1948 حين هاجمت قوات العصابات والمستوطنون الصهاينة مدينة حيفا في منتصف الليل واحتلّوها وقتلوا عدداً كبيراً من أهلها، فهرع الفلسطينيون العزل الباقون للهرب عن طريق مرفأ المدينة فتبعهم اليهود وأطلقوا عليهم النيران، وكانت حصيلة هذه المذبحة أكثر من 150 قتيلا و40 جريحا.

اقرأ أيضا: إسرائيل تعلن عن وصول أول سفينة شحن ‎بحرينية إلى ميناء ‎حيفا

الصهاينة أطلقوا على عملية احتلال حيفا وذبح أهلها اسم عملية "بيعور حميتس" أي "التطهير في الفصح"، وكان سقوط حيفا أهم أحداث المراحل الأخيرة من حرب التطهير العرقي في فلسطين، والتي كانت شرارة حرب عام 1948 بين العرب والصهاينة، حيث كانت المدينة الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسّط عند الحافة الشمالية الغربية من سهل شارون، موقعا استراتيجيا في فلسطين، وكانت قبل السقوط مدينة مختلطة، مقسّمة بين اليهود الفلسطينيين، والعرب الفلسطينيين، ومنذ مطلع عام 1948 بدأت النسبة العربية للسكان تتضاءل.

عملية سقوط حيفا سبقها بعض المقدمات في الأشهر الأولى من عام 1948، ففي مارس عام 1948، لقيَ محمّد بن حمد الحنيطي، قائد القوات العربية في البلدة، مصرعه في كمين نصبته الهجانة لقافلة تجلب 15 طنا من الأسلحة والمتفجرات، كما أن الحامية العربية للمناطق العربية الفلسطينية من المدينة كان يقودها النقيب أمين عز الدين واستنزفت قوّته الأصلية التي تبلغ 450 بسبب الفرار حتى لم تعد قوّة مقاتلة.

تحول عصابة الهجانا إلى جيش الدفاع الإسرائيلي

في ظل تلك المعطيات، أصبح الطريق مفتوحا نحو حيفا ويافا، ليجتمع قادة العصابة الصهيونية آرئيل شارون وإسحق رابين ورحبعان زئيفى، وألقوا خطابا على عشرة آلاف مقاتل صهيوني، لينفذوا في مثل هذا اليوم مذبجة لمئات المواطنين العرب، وطرد وهجِر غالبية سكان حيفا العرب منها، فاستحالوا لاجئين حيث لم يسمح إلا للقليل منهم بالعودة إلى مدينتهم، في حين صادرت عصابات الهجانة البيوت العربية التي هجرت من أهلها.

بعد سقوط حيفا، هدمت البلدية الصهيونية لها مئات البيوت والمباني العربية في معظم الأحياء العربية التي استولت عليها عصابة رابين وشارون لمنع عودة الحيفاويين إلى مدينتهم، كما تم أيضاً هدم الحسبة بكاملها وهي المنطقة التي كانت الملجأ الأمين لأهالي حيفا العرب، وأصدر بن غوريون أوامره بعدم هدم الأماكن المقدّسة لإظهار احترام اليهود لها، بالإضافة إلى كل ذلك، فلم يتم بناء أي حيّ عربي جديد في حيفا منذ 1948، في حين تمّ بناء المئات من الأحياء اليهودية.

عصابة الهجاناه الإرهابية تحولت إلى جيش الدفاع الإسرائيلي في 28 مايو 1948، عندما أعلنت الحكومة الإسرائيلية المؤقتة إنشاء جيش لإسرائيل يُسمّى جيش الدفاع الإسرائيلى، ومنعت الحكومة المؤقتة أية تشكيلات أخرى بخلاف القوّة الإسرائيلية.