الطريق
الأربعاء 24 أبريل 2024 04:55 مـ 15 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

اقتصاديات المطر كنز السماء المهدر.. كيف تستفيد مصر منه؟

أمطار
أمطار

تجد الأرض تشقق وجهها، والنبات مال عوده وثقلت غصونه، واستندت كل نبتة إلى أختها، ثم يأتي المطر، فتسترد الأرض نُضرة وجهها، وتستحيل شيخوخة الغصون شبابًا مفتول الأوراق، حينذاك تعودُ الحياة، إذ يقول تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾.

المطر واقتصادات الزراعة

تأتي الزراعة على رأس الأنشطة البشرية، وتعتبر المصدر الرئيسي للحصول على الطعام، ويشكل المطر جوهر عملية الزراعة بإمداد التربة بحاجتها من المياه، وفي مصر يشارك المطر في عملية ري الأراضي الزراعية في الوجه البحري بنسبة أكبر كثيرًا من نظيراتها في وجه قبلي.

وتواجه مصر تحديات بيئية كبيرة للحفاظ على كميات الأمطار الموسمية، واستخدمها الاستخدام الأمثل، ويشكل التلوث البيئي رأس التحديات بسبب انتشار المصانع العشوائية، وعدم إحكام الرقابة على نسب ثاني أكسيد الكبريت والكربون في الهواء، وكذلك حرائق قش الأرز، ففي دراسة، نشرها موقع (CEPR)، قدم ديفيد نيوبري نتائج بحثه الأخير في الآثار الاقتصادية للأمطار، والبروفيسور نيوبري هو مدير قسم الاقتصاد التطبيقي، بجامعة كامبريدج، وأكد نيوبري أن انتشار ثاني أكسيد الكبريت بسبب استخدام الفحم في الصناعة وحرائق فضلات الزراعة يسبب انخفاض منسوب الأمطار ما يشكل كارثة بيئية، تُزيد من تلوث الهواء بشكل ضخم وتساعد على إزدياد حرائق الأراضي الزراعية، مما يؤثر على ري الأراضي وقلة الإنتاج الزراعي، مما يسبب أزمة على صعيد الإقتصاد الكُلي.

كما يؤكد تقرير نُشر على موقع البنك الدولي العام 2019، أن الأمطار تؤثر على النشاط الإقتصادي الكلي بشكل محسوس في الدول النامية، وتاتي هذه النتيجة طبقًا لدراسة بدات عام 1990 وأنتهت العام 2014.

فوائد مياه الأمطار للمحاصيل الزراعية

في تقرير لها أكدت وزارة الزراعة المصرية على أن مياه الأمطار لها فوائد عدة إذا أحسن المزارع استغلالها منها:

تُنقي مياه الأمطار المحصول الزراعي الشتوي من جميع ما يعلق به من جراثيم وآفات

تؤدي الرياح المحملة بالغبار إلى القضاء على كثير من الحشرات الضارة بالنبات

توفر أمطار الشتاء ريه كاملة للمحصول الشتوي

تساعد الأمطار على نبات الأعشاب البرية التي تفيد في رعي الأغنام

المطر واقتصادات الشحن البحري والتجارة الدولية

يشغل الشحن البحري جزءً كبيرًا من حجم التجارة الدولية، إذ وصل عام 2020 بحسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة إلى 83% من حجم التجارة الدولية، ولكن التغيرات المناخية الحادة في السنوات الأخيرة، صعبت كثيرًا من عمليات الشحن وتأخير البضائع والخامات، ما أدى إلى عدد من الأعطال المؤثرة في قطاعات هامة في عدد من البلدان وقد انكمش الشحن البحري بنسبة 4% العام 2020.

وصرح المتحدث باسم مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد) في وقتً سابق: "التغيرات المناخية أدت إلى إغلاق العديد من الموانئ ما سبب مشاكل تجارية وعُمالية عدة".

هل تستفيد مصر من مياه الأمطار

وفي تصريح خاص لـ"الطريق"، أكد وزير الري والموارد المائية السابق الدكتور محمد نصرالدين علام أن مياه الأمطار لن تستطيع أن تسُد احتياجات مصر من المياه التي ستفقدها بسبب بناء سد النهضة الإثيوبي، وأن من يقول غير ذلك غير مؤهل علميًا، مشيرا إلى أن مصر لا تعتبر دولة مطيرة؛ لأن حجم الأمطار بها ضئيل، ويصعب استغلاله كذلك لسبب رئيسي وهو مشكلة عدم التوقع، لأن الامطار موسمية غير محددة التوقيت، ولكن يمكن استغلال جزء منها عن طريق استغلال آبار منطقة الفرافرة ومنطقة سيوة واللذان يحتاجان لبنية تحتية تستطيع استغلال تلك الأمطار العشوائية.

أقرأ أيضًا: طقس الغد.. معتدل نهارا والعظمى بالقاهرة 27 درجة

والواقع، أن بلد كمصر حتى الأن ليس لديها نظام استغلال لمياه الأمطار وتوجيهها، ولكن الأمطار حال هطولها، تتسرب في الآبار الجوفية وحول حواف نهر النيل والمناطق الساحلية، فتشكل خزان جوفي طبيعي، ليس للحكومة يد في تكوينه او حتى استغلال تلك الآبار حتى الأن.

وتوجد في مصر العديد من الآبار الجوفية العملاقة والتي شكلت الأمطار جزء كبير من مياهها وهي كالتالي:

- الحوض النوبي العميق: ويُعد أكبر حوض جوفي في العالم ويشمل أربع بُلدان حدودية ( مصر – السودان – ليبيا – تشاد)، ويعود تكونه إلى 600000 عام مضت

- حوض نهر النيل

- حوض الأحجار المُشققة

- حوض المغرة

- الحوض الجيري

- الأحواض الساحلية المتعددة

وفي دراسة نشرتها مجلة "Earth and Planetary Science Letters"، أكدت أن مياه الخزان الجوفي النوبي يمكن أن توفر لمصر وحدها المياه العذبة لمدة تقارب الـ 500 عام، غير أن المشكلة تكمن في ارتفاع استخراج المياه بسبب العمق الشديد للبئر.

الدول الأكثر استفادة من مياه الأمطار

على المستوى العربي تأتي الأردن على رأس القائمة حيث سنت تشريعًا يجعل بكل منزل خزان مياه جوفي عميق.

وتسعى الصين لجعل المدن الصينية مُدن اسفنجية تمتص مياه الأمطار وتخزنها للإستخدام المستقبلي.

والبرازيل قدمت ابتكارات هندسية على شكل ممرات مائية لتخزين واستغلال مياه الأمطار.

أستراليا استخدمات تكنولوجيا البالوعات الذكية التي تستقبل مياه المطر وتخزنه.

فرنسا و المانيا استخدموا المواسير المُجمعة والمُصرفة لمياه الأمطار والتي تستخدم في استصلاح الأراضي الزراعية.