الطريق
الإثنين 29 أبريل 2024 10:55 صـ 20 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

بعد 48 عامًا على حرب أكتوبر.. هل يعرف شبابُنا عنها ما يكفي؟

جميعنا -مَن عاصروا الحرب ومَن وُلدوا بعدها بسنوات- يعتز بها ويرى فيها انتصارًا للأمة العربية وليس المصرية فقط، وقد تربَّينا على الأفلام والأغاني التي تروي الحكاية، وقرأنا الكتب والروايات التي تكشف كيف فاق الجندي المصري التوقّعات وحقق ما رآه كثيرون مستحيلًا، لكن.. كيف يرى الجيلُ الأصغرُ الحربَ، الشباب من سن 15 حتى 18 عامًا، هل حكى لهم آباؤهم ما جرى؟ هل هم مهتمون بمشاهدة أفلام الحرب وقراءة الكتب التي أرَّخت لها؟ هل، وسط انشغالهم الساحق بالتكنولوجيا، يهتمون بقراءة تاريخ بلدهم؟

يقول حسام محمود، 15 عامًا: "أعرف حرب أكتوبر بالتأكيد، في كل عام يُذيع التليفزيون أفلامًا وأغاني عن الأمر، لكني لا أهتم بمشاهدتها، فهي أفلام قديمة وغير مثيرة بالنسبة لي".

وتابع: "في المدرسة أيضًا كان مدرس اللغة العربية يطالبنا بكتابة موضوع تعبير عن الحرب، لكن الحقيقة كنت أجد صعوبة في ذلك، فكنت أكتب كلامًا عامًا".

مرام حسني، 17 عامًا، كانت أكثر وعيًا قليلًا بحُكم أن والدها كان من أبطال أكتوبر، تقول: "أحب أكتوبر وأتابع الاحتفالات به كل عام، فقد حكى لي والدي كثيرًا عنه، وجعلني أعيش اللحظة كأنني كنت معهم. هذه حرب عظيمة يجب أن نظل نتذكَّرها بكل فخر طوال العمر".

لكنها ذكرت أن الأفلام العربية التي تُعرض بهذه المناسبة، لا تثير اهتمامها ولا تجد نفسها فيها، وبصفة عامة فإنها تفضل قراءة الكتب الإنجليزية على العربية، ولم يقع تحت يدها حتى الآن كتاب إنجليزي عن أكتوبر، وقالت إنها لو عثرت عليه فسوف تقرأه.

ويؤكد عادل أسعد، 18 عامًا، أنه لا يعرف عن أكتوبر غير التاريخ وبعض المعلومات المتفرّقة "المحفوظة" التي تتناثر في الإعلام، ولم يهتم يومًا بمعرفة مزيد عن الأمر، وتابع: "لا أحب أخبار الحروب ولا أتابع أي شيء يخصها، أكتوبر بالتأكيد مختلفة لأننا استرددنا من خلالها أرضنا المنهوبة، لكني غير مهتم بمتابعة أي شيء يخص الحروب عمومًا".

وعما إذا كان أحدٌ في منزله يحدّثه عن أكتوبر، قال: "يوم 6 أكتوبر، في الغالب ما تشاهد أمي بعض الأفلام التي يعرضها التليفزيون، لكن هذا ليس دائمًا، وأحيانًا ما يمر اليوم دون أن يتذكّر أحدنا شيئًا عنه إذا لم يكن التليفزيون مفتوحًا، أو لم أجد إشارة له على فيس بوك".

وذكرت منار عزت، 16 سنة، أن حرب أكتوبر حرب "جميلة" لأن مصر انتصرت فيها، لكنها لا تعرف عنها معلومات كثيرة، تابعت: "التليفزيون يذيع أفلامًا عنها وأغاني يوم 6 أكتوبر، أتابع بعض هذه الأفلام أحيانًا عندما لا يكون ورائي ما أفعله، أحب ملابس الممثلات في هذه الفترة وموضتها، وقرأت رواية "الرصاصة لا تزال في جيبي" لإحسان عبد القدوس عندما وجدتُها يومًا في منزلنا، أحببتها ولم أحب الفيلم لأني لم أقتنع بأداء الممثلين، أحسستُ أنه مبالغ فيه".

أحمد المصري، 16 سنة، قال إنه يفخر بيوم 6 أكتوبر، وعندما كان بصحبة والده في الخليج، كان يحرص على الاحتفال به وتعريف زملائه في المدرسة بأهميته، واستطرد: "كنت أذهب إلى المدرسة في هذا اليوم بالعلم المصري، وكان أصدقائي يسعدون بحكايات أكتوبر التي كنت أستمع إليها من أبي وأعيد إنتاجها لهم".

وقالت هدير بسيوني، 18 سنة، إن فيلمها المفضل عن حرب أكتوبر "الطريق إلى إيلات"، وعندما ذكرناها أنه ليس عن أكتوبر ولكن حرب الاستنزاف التي سبقته، قالت إن هذا ليس مهما، المهم أنه فيلم حربي "لطيف" عن بطولات الجيش المصري، وتابعت: "أتمنى أن أرى أفلاما حديثة عن حرب أكتوبر، وأن يعرض الفيلم على نتفلكس".

وابتسم عادل فخري، 15 سنة، عندما سألناه عن أكتوبر، وقال إنه لا يعرف شيئًا عن الأمر، ثم استطرد: "تقريبا الأمر له علاقة بسيناء" ثم لم يضف، وكان هذا تقريبا موقف مينا ذكري، 16 عامًا، الذي قال إنه يذكر أن حرب أكتوبر كانت بين مصر وإسرائيل لكن هذا كل ما يعرفه عن الأمر!

كانت إجابات بعض الشباب صادمة وغير مُتوقَّعة بالمرّة، خاصة الذين يدرسون في المدارس الدولية، حتى لتشعر أنهم ليسوا مصريين إلا بالأسماء والملامح فقط! ما يدقّ جرس إنذار ويشير إلى ضرورة الاعتراف بأن الأجيال الجديدة لا تعرف كثيرًا عن تاريخنا، سواء بسبب تقصيرنا في انتهاز المناسبات للحديث إليهم بشأنه -فالأب والأم مربوطان طوال اليوم في دوامة الطلبات اليومية!- أو عدم تقديمه لهم بشكل جذاب يناسب استهلاكهم العصري للثقافة والذي يختلف عن استهلاكنا تمامًا، ما يعني أهمية التفكير جديًا في تضافر جهود الدولة لاستغلال كم الحقائق الذي أصبح معروفًا اليوم والتقدم التكنولوجي الضخم، لإعادة تقديم التاريخ بشكل قادر على استقطاب هؤلاء الشباب وجذبهم للمعرفة، هذا ملمحٌ مهم وفارق في تشكيل الوعي ومد الجسور بين أبنائنا وماضيهم، وصولًا لتحضيرهم لمستقبل يعتمد على التراكم المعرفي والتواصل بين الماضي والحاضر لتحقيق الإنجازات وصنع الحضارة.

اقرأ أيضًا: ”الله والإنسان”.. كيف ألحد الدكتور مصطفى محمود على سجادة صلاة؟