الطريق
الخميس 9 مايو 2024 09:51 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

في يوم ميلاده.. خبراء: مصر في عهد السيسي دولة لا تتبع أحدا

الرئيس عبد الفتاح السيسي
الرئيس عبد الفتاح السيسي

يشهد عصر السيسي الذي نحيا فيه الآن، العديد من القرارات الصارمة في مصير الدولة، وفي يوم ميلاد رئيس الجمهورية، الموافق 19 من نوفمبر، يستعرض "الطريق"، المواقف التي تبرز وتدل على نجاح حكمه.

لهجةٌ حادة، وردٌ قوي، وغضب واسع وموقف تاريخي، أبدته مصر ردًا على القرار الذي أصدره البرلمان الأوروبي، بشأن ملف حقوق الإنسان في مصر، موقف بدأه مجلس النواب بردٍ قويٍ على البرلمان الأوروبي، واستكملته باقي المؤسسات الحقوقية والرسمية في مصر، الموقف الذي يعبر عن السياسة التي تتبناها مصر من أكثر من 7 سنوات، موقف يتماشى مع النهج الذي تسير عليه الدولة منذ ثورة 30 يونيو، وصعود الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى سطح الأحداث وتوليه زمام القيادة، على المستوى العسكري كوزير للدفاع، ثم على كافة المستويات كرئيس للجمهورية، نهج الدولة التي لا تخشى أحدًا، وتقف ندًا للجميع وتتعامل بمبدأ القوة وليس التبعية.

"عدم تنصيب نفسه ‏وصيًا على مصر، والنأي عن تسييس قضايا حقوق الإنسان لخدمة ‏أغراض سياسية أو انتخابية، والنظر بموضوعية لواقع الأمور في مصر، ‏والابتعاد عن ازدواجية المعايير" كلماتٌ قويةٌ وجهها مجلس النواب غلى البرلمان الأوروبي، تعبر عن ذلك النهج المصري خلال الفترة الحالية، النهج الذي ينبع من منطلق القوة وعدم الاستكانة أو التبعية لأحد، ردٌ أتبعه توجيهٌ للبرلمان الأوروبي من مجلس النواب الذي قال إنه كان الأولى أن يوجه البرلمان الأوروبي ‏نظرة موضوعية للجهود المصرية في حفظ الأمن والاستقرار ليس على المستوى ‏الداخلي فقط وإنما على المستوى الإقليمي أيضا، خاصة في مجالي مكافحة الإرهاب ‏والهجرة غير الشرعية في ظل ظروف إقليمية شديدة الاضطراب والتعقيد، وأيضا ‏الجهود المصرية الواضحة والعميقة لتحسين معيشة المواطن المصري في ظل ما ‏تشهده الدولة من طفرة تنموية لم تتوقف حتى في أثناء مجابهة جائحة ‏كورونا.

اقرأ أيضًا: في عيد ميلاده.. خبراء: السيسي قائد عصر القوة

سياسة بدأت منذ 7 سنوات

 

الرد المصري القوي على البرلمان الأوروبي نتاج سياسة قوية بدأت منذ 7 سنوات، ونمت ونضجت حتى وصلت إلى القمة خلال الفترة الحالية، فالتوجه المصري منذ ثورة 30 يونيو كانت أولويته الأولى عدم التبعية، والوقوف ندًا بند، وتبني سياسة خارجية تضع مصر في مكانة وسط الكبار، وليس تابعًا لأحدهم، وهو ما ظهر جليًا في الأحداث التي تلت إقصاء جماعة الإخوان الإرهابية عن حكم مصر، فالجماعة كانت تحظى بدعم من الحزب الديمقراطي الحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية حينها بقيادة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.

في أكتوبر من عام 2013، وعقب خلع حليف أمريكا من مصر، قررت الولايات المتحدة الأمريكية استخدام ساسة "لي الذراع" لحماية حلفائها، في محاولة لخلق مكان لهم في النظام المصري الجديد والدولة الحديثة التي بدأت مصر في التوجه نحوها، حيث قررت تجميد جزء من مساعداتها العسكرية المقدمة لمصر والتي تصل قيمتها إلى 1.3 مليار دولار، وقالت الخارجية الأمريكية إن هذا الاجراء يشمل تجميد تقديم المعدات العسكرية الثقيلة وجزءً من المساعدة المالية المقدمة للحكومة المصرية، حتى إحراز "تقدم ذي صدقية" نحو حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا، حسب وصفها في ذلك التوقيت.

السيسي يرد على أمريكا بشكل عملي

 

الرد المصري على قرارات الولايات المتحدة الأمريكية وتدخلاتها المستمرة في الشأن المصري ودعم جماعة الإخوان الإرهابية، جاء بشكل عملي، حين قرر المشير عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع والقائد العام للقوات لمسلحة حينها، التوجه نحو الشرق، واختيار الدب الروسي كأول محطة خارجية له وأول دولة يطير إليها في زيارة خارجية، كرسالة واضحة وصريحة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مفادها أن عصر "لي الذراع" والاستجابة للضغوط وقبول التدخلات ولّى بلا عودة، وأن مصر أصبحت تلك الدولة التي لا تهاب ولا تخاف أحدًا، وأنها ليست المتحكم الوحيد في أوراق اللعبة، حيث مثلت الزيارة حينها انطلاقة جديدة في العلاقات المصرية الروسية وفتحت آفاقً جديدة للتعاون بينهما، ووضعت صيغةً للتعاون العسكري والتقني العسكري بين البلدين.

التقارب المصري الروسي لم يكن مجرد تهديد للولايات المتحدة الأمريكية أو رسالة ضغط، إلا أنه أصبح واقعًا مفروضًا لم تجد أمريكا نفسها إلا مجبرةً على قبوله، فعلى مدار السنوات الستة الأخيرة، تعددت الزيارات المتبادلة لكل من الرئيسين عبدالفتاح السيسي وفلاديمير بوتين حتى وصل عدد اللقاءات بينهما إلى 12 لقاءً، وتوطدت العلاقة وتحولت إلى شراكةٍ قويةٍ، وفرضت نفسها على ساحة الأحداث، ووجدت أمريكا نفسها متفرجًا بعد أن كانت لاعبًا أساسيًا ومتحكمًا.

تنويع مصادر التسليح

 

تنويع مصادر التسليح، منهجٌ إتبعته مصر في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، حتى وصلت إلى تحقيق طفرة تاريخية في تسليح الجيش المصري لا ينكرها أحد، فمصر في عهد السيسي إتجهت إلى فتح منابع عديدة للتسليح ومصادر متعددة أخرجتها من تحت عباءة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث لإتجهت إلى عدة دول أخرى لإجراء صفقات تسليح مثل روسيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، في طفرة لم تشهدها مصر في تاريخها الحديث.

وتمكنت مصر من عقد صفقات تسليح كبرى مع روسيا مثل حصولها على مقاتلات "ميج-29" النسخة الحديثة، ومروحيات "كا-52" المشهورة بالتمساح، ومروحيات "مي-24" الهجومية، بالإضافة إلى طائرات "إيل-76" العملاقة، ومنظومات الدفاع الجوي "إس-300" و"بوك إم 2" و"تور إم 2"، بالإضافة إلى الحديث عن حصولها على منظومات "باستيون" الساحلية، ومقاتلات "سوخوي-35".

ومع فرنسا، عقدت مصر العديد من صفقات التسليح غير المسبوقة في تاريخها، شملت مقاتلات "رافال" الفرنسية المنافسة لمقاتلات "إف-35" الأمريكية، وفرقاطات "جوويند"، وحاملات المروحيات الأولى في تاريخ مصر وهي "ميسترال"، ومن ألمانيا، تمكنت مصر من الحصول على غواصات "تايب" الألمانية ذات القدرات الفريدة، والتي أحدثت قلقًا كبيرًا وحالة من الجدل الواسع داخل إسرائيل بسبب حصول مصر عليها، أما الصفقة الأخيرة مع إيطاليا، وصفت بالصفقة الكبرى، لأن مصر ترغب في الحصول على 4 فرقاطات طراز فريم سيتم بناؤها خصيصا لها، و20 سفينة مهام متعددة ساحلية ونقل التقنية للبناء محليا بالترسانة البحرية المصرية، وحسب العقد سيتم إمداد الجيش المصري بـ24 مقاتلة يوروفايتر تايفون متعددة المهام، و24 طائرة إيرماكي إم-346 للقتال الخفيف والتدريب المتقدم، بالإضافة إلى قمر صناعي للاستطلاع والتصوير الراداري.

اقرأ أيضًا: صحة وإسكان وتعليم.. 7 سنوات من بناء الإنسان في عهد السيسي

القوة العسكرية تمنح قوة سياسية وديبلوماسية

 

قوة مصر العسكرية الحديثة، واعتمادها على مصادر تسليح مختلفة، منحها القوة السياسية والدبلوماسية، وأصبحت مواقفها تخرج دون حسابات أخرى، لأنها لم تعد تحت رحمة أحد، ففي عام 2017، تحدثت بعض التقارير الأمريكية عن عزم الولايات المتحدة الأمريكية وقف معونات عسكرية مخصصة لمصر تصل قيمتها إلى 152 مليون دولار واعتزامها قطع معونات أخرى تبلغ قيمتها 96 مليون دولار، لتخرج وزارة الخارجية المصرية لانتقاد الولايات المتحدة الأمريكية ووصفها الأمر أنه "افتقارا للحكمة"، كما ألغت الخارجية المصرية لقاءً كان مقررًا بين وزير الخارجية سامح شكري، ووفد أمريكي بقيادة جاريد كوشنر كبير مستشاري دونالد ترامب، في موقف يعكس أن الدولة المصرية أصبحت تتعامل كندٍ للقوى العالمية الكبرى.

موقفٌ آخر يثبت أن مصر في عهد السيسي لا تخشى أعتى القوى، تمثل في تجاهل التهديدات الأمريكية المستمرة على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو، ووزير دفاعها مايك إسبر، بفرض عقوبات على مصر حال امتلاكها المقاتلة "سوخوي-35"، وفقا لقانون مكافحة خصوم أمريكا، حيث قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن إسبر، وبومبيو، حذرا مصر من شراء المقاتلات الروسية، وذكرت الصحيفة أن الوزيرين قالا في تحذير أرسلاه إلى القاهرة، إن صفقات الأسلحة الجديدة والكبيرة مع روسيا ستؤثر، على الأقل، على اتفاقيات التعاون في مجال الدفاع مستقبلا بين الولايات المتحدة ومصر، وعلى المساعدات العسكرية لمصر.

مصر تتجاهل تهديدات أمريكا بفرض عقوبات

 

مصر تجاهلت التهديدات حتى خرجت بشكل رسمي، حين أكد مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية والعسكرية، رينيه كلارك كوبر، في معرض دبي للطيران، أن مصر تدرك مخاطر الصفقة، لترد لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، قائلة إن ضغوط واشنطن بشأن سياستنا الخارجية والرغبة بتطوير التعاون العسكري مع روسيا تنتهك المعايير الدبلوماسية، وأن هذا الأمر يشكل تدخلا غير مقبول في شؤون مصر، وأن الحديث عن فرض عقوبات أمريكية على مصر بسبب التعاون العسكري مع روسيا، وإبرام صفقات الأسلحة ودخول مقاتلات جديدة في الجيش المصري، تدخل غير مقبول في الشؤون الداخلية لمصر، والتأكيد على أن مصر دولة ذات سيادة تتخذ قرارات مستقلة بشأن آليات التعاون العسكري التقني مع مختلف دول العالم، وهذا يتوقف على الاحتياجات في حماية مصالحها، واستراتيجية مصر هي تنويع مصادر أسلحتها، ووفقا له تتعاون مصر في هذا المجال مع روسيا والصين وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.

الملف الحقوقي، واحدٌ من الملفات التي تعتبر منفذًا مهمًا للخارج للتدخل في الشأن الداخلي المصري، إلا أن مصر عملت طوال السنوات على غلق هذا المنفذ وعدم السماح بالدخول منه، حيث واجهت مصر جميع التقارير المشبوهة طوال السنوات الماضية بحسم وحزم وقوة وعدم خوف منها، وكان آخرها مواجهة قرار البرلمان الأوروبي، وقبلها رفض الخارجية المصرية ما تضمنه بيان أصدرته فرنسا من تدخل في شأن داخلي مصري ومحاولة التأثير على التحقيقات التي تجريها النيابة العامة مع أحد المواطنين، مؤكدة أن المواطن المصري يواجه اتهامات في قضية منظورة أمام القضاء المصري، ومصر تتمسك بمبدأ الامتناع عن التدخل أو التعليق على الإجراءات التي تتخذها سلطات إنفاذ القانون في الدول الأخرى بما فيها فرنسا.

المعاملة من منطلق القوة والندية ظهرت كذلك في ملف قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في مصر عام 2016، حيث رفضت مصر طوال تلك السنوات جميع الضغوط التي مورست عليها لإدانة مسؤولين مصريين في قتلة، متمسكةً بالتحقيق في القضية وفقًا للأدلة المصرية، كما أن القضية لم تؤثر في موقف مصر من قضية الآثار المهربة لإيطاليا من خلال القنصل الإيطالي السابق في مصر، حيث استطاعت مصر استعادة القطع الأثرية المهربة، وتم الحكم على المتورطين في القضية بالسجن، كما طالب الإنتربول المصري مؤخرا بتسليم القنصل الإيطالي السابق لمصر.